ابنا : وقد سمي هذا الحدث في (4تشرين الثاني/نوفمبر عام 1979) بـ " اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار" الذي سيطر الطلاب على وكر التجسس الاميركي وحصلوا على وثائق كشفت الوجه الواقعي لقوى الغطرسة واثبتوا ان عهد فرض الهيمنة الاميركية على الشعوب الحرة بذرائع واهية قد انتهى ولن يستسلم الشعب الايراني امام الضغوطات الغربية مهما كان ثمنها.
ولم يكن يعتقد الرئيس الاميركي الاسبق آنذاك جيمي كارتر ان ينهزم في الانتخابات الرئاسية الاميركية تحت تاثير هذا الحدث بالضبط بعد عام واحد اي في الرابع من نوفمبر عام 1980حيث قال كارتر في وقت لاحق في كتاب مذكراته ان هذا الحدث اصبح تاريخاً لن تنساه ذاكرتي و ذاكرة التاريخ.ويقول قي كتابه :" في الأيام الأولى كنت أعتقد أن الرهائن سيطلق سراحهم قريبا ، ولكن بعد فشل الجهود للافراج عنهم ، تزايدت المخاوف...."
ولم تؤد السيطرة على وكر التجسس الاميركي فقط إلى هزيمة جيمي كارتر بل اصبحت نقطة عطف وركيزة أحداث التي كسرت الهيمنة والجبروة الاميركية حيث اعتبر الامام الخميني الراحل هذا اليوم بـ "الثورة الثانية".
ومنذ ذلك الحين ،بات انتصار الثورة الاسلامية تحدياً لنظام الغطرسة وانتشر شعار "لا شرقياً ولا غربياً " في المجتمع الدولي حيث انعكس صداه في كل ارجاء العالم الاسلامي.
منذ 31 عاما حتى يومنا هذا تصدر خبر استيلاء على السفارة الاميركية في طهران على عناوين الصحف العالمية ومازال الصراع الفكري والأيديولوجي والسياسي بين ايران والولايات المتحدة مستمر دون انقطاع حيث قام الكثير من المحللين بتحليل هذا الحدث التاريخي من شتى الأبعاد والزوايا. لكن ما يثير النقاش ان الاميركان لم يتلقوا الدروس والعبر من الماضي في مواجهة جمهورية ايران الاسلامية .
استولى الطلاب الايرانيون على السفارة الاميركية في ظروف كانت الولايات المتحدة تعتبر احدى القوتين العظميين في نظام القطبية الثنائية في ذلك الوقت.
ولم تتجرأ اية دولة او حكومة في جميع أنحاء العالم ان تواجه او تقف امام الاطماع التوسعية للولايات المتحدة في تلك الظروف فكانت السيطرة على الوكر التجسس الاميركي تعتبر اول توبيخ للولايات المتحدة بايدي الايرانيين.واستمرت مدة اعتقال الاميركيين كرهائن اكثر من 444 يوم بالرغم التهديدات الاميركية الكثيرة حتى القى الامام الخميني الراحل (ره) الجملة التاريخية حيث قال : ان الولايات المتحدة لن تجرؤ ابداً على المساس و ارتكاب اية حماقة ضد الشعب الايراني .
فقد قامت القوات الكوماندوز ودلتا الأرض الاميركية بعمليات في صحراء طبس الايرانية لاطلاق سراح الرهائن الاميركيين لكنهم فشلوا فشلاً تاريخياً بتورطهم في رمال الصحراء و تحطم المروحيات وطائراتهم.
بالطبع ، يمكن القول بعبارة أخرى ، انه على مدى العقود الثلاثة الماضية كانت حسابات الاميركيين في مواجهة الجمهورية الاسلامية خاطئة حيث كانت تقديراتهم وحساباتهم بالنسبة الى قدرات إيران الواقعية غير صحيحة.
وقد استمرت ومازالت تواصل الولايات المتحدة ارتكاب هذا الخطأ تجاه ايران ولم تتلق درساً من خطاياها.
فقد لجأت الولايات المتحدة الى الخيار العسكري ضد ايران واستخدمت صدام المعدوم بالوكالة لهذا الغرض لشن هجوم ضد الجمهورية الاسلامية، لكنهم تجاهلوا الواقع الايراني بان هذا البلد ليس بنما التي شنت القوات الاميركية هجوماً عليها والقت القبض على الرئيس البنمي مانويل نورييغا ونقلته كسجين الى الولايات المتحدة.
و ليست ايران الاسلامية مثل أفغانستان وفلسطين والعراق حتى تكون لقمة سهلة للقوى الكبرى و تاريخ هذا البلد قد اثبت هذا المدعاة .
لقد استخدمت الولايات المتحدة القانون الداماتو ضد ايران و فرضت موجة من العقوبات ضدها كما قد كانت تستخدم الضغط الاقتصادي ضد ايران طوال السنوات الثلاثين الماضية لكنهم فشلوا في تطبيق مخططاتهم لتركيع طهران بحيث حتى المحللون و وسائل الاعلام الغربية اعترفت بعدم التاثير العقوبات المفروضة ضد ايران.
وقد اعترفت الصحف الغربية كـ نيويورك تايمز ، واشنطن تايمز ، وول ستريت جورنال ،واشنطن بوست و حتى الصحف لاسرائيلية كـ جيروزاليم بوست ، يديعوت آحارونوت و... بعدم التاثير وفشل فرض العقوبات ضد ايران الاسلامية.
و ما يثير الاستغراب هو اعتراف مجلة "فوربس" الاميركية المتخصصة في القضايا السياسية والاقتصادية بفشل استراتيجية اميركا الاخيرة تجاه ايران بحظر الاولى البنزين على الاخيرة حيث قالت المجلة "ان الحظر الاميركي لوقف طهران انشطتها النووية ادى الى الاكتفاء الذاتي الايراني في انتاج البنزين و قيام طهران بتطبيق اجراءات في ادارة البلاد حيث ليس بعيداً ان تصبح مصدرة مثالية في المستقبل."
لقد اختبر الاميركيون خيارات وتكتيكات مختلفة وجربوا اختبارات وأخطاء كثيرة تجاه ايران و توسلوا الى الغزو الثقافي والحرب الناعمة بهدف اسقاط واطاحة النظام الايراني بصورة صامتة لكنهم فشلوا في كل ذلك.
على الرغم من تواصل الهجمة الاميركية الناعمة ضد الجمهورية الاسلامية ،انهم لا يزالون يخافون من قوة إيران المتنامية في المعادلات الإقليمية والدولية.
وازداد خوف الاميركيين من ايران في السنوات الاخيرة بحيث اعلنت وزيرة الخارجية ادارة بوش كوندوليزا رايس قبل عامين وبشكل واضح "ان نفوذ ايران اكثر خطورة من قضيتها النووية."
ويؤمي هذا التصريح الاميركي ضمناً الى ان الموضوع النووي الايراني و قضايا كحقوق الانسان و امثالها ما هي الا حجة ومبرر للحيلولة دون نفوذ ايران في المنطقة و العالم.
و ما يستغرب ان صحيفة هافينغتن الاميركية اعترفت في تقرير لها بان قوة الجمهورية الاسلامية الناعمة هي تعتبر واحدة من علامات التفوق الايراني على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مبررة بانه كانت وماتزال تكون لايران حلفاء أقوياء لها قواعد ودعامة شعبية قادرة ان تفوز في اية انتخابات وتغير معادلات المنطقة .
وفي هذا الصدد ، حتى رئيس الوزراء الاسرائيلي المتشدد بنيامين نتنياهو المعروف بخصومته ضد ايران يقر ويعترف بقدرة ايران حيث يقول "اننا نرى اليوم نفوذ وتاثير الايراني في غزة ، لبنان ، أفغانستان ، العراق وحتى في اميركا الجنوبية و افريقيا."
و يطرح دوماً هذا السؤال لماذا تصر الولايات المتحدة على حيلها الرثة و تكتيكاتها المتكررة ضد ايران رغم انها تعرف ان ايران ليست مثل غيرها من بلدان تنهزم وتستسلم بسهولة بل هي قدرة تتمكن ان تغير المعادلات لا فقط في منطقة الشرق الاوسط بل حتى في عقر دار الولايات المتحدة.
ويقول الخبير و السياسي البارز الاميركي نعوم تشومسكي ان " أميركا لا تستطيع ان تفرض مطالبها على إيران". حسنا ، بهذا الوضع كيف يحلل ويفسر خطأ التعامل الاميركي مع ايران الاسلامية ؟
الجواب البسيط هو أن الأميركيين لم يدركوا لحد الان ان قدرة ايران دعامتها تتمثل في طابعها وهويتها الدينية التي تنبعث من الاسلام واصبحت هذه القوة منشأ حركة الصحوة الإسلامية في المنطقة .
وهل يتدبر ويفهم الساسة وأمراء الحرب الاميركيون والدنيويون الذين لا فن لهم الا شن الحروب ونهب خيرات الشعوب بان عهد الغطرسة والبلطجة و السيطرة على الشعوب انتهى و كما قال ووعد الامام الخميني الراحل (ره) بان "هذا القرن هو سيكون قرن تغلب المستضعفين على الظالمين."
فليعلم الاميركان انهم يجب ان يعيدوا النظر في تصرفاتها و سياساتها الخاطئة تجاه ايران الاسلامية لان القدرات الرئيسية للجمهورية الإسلامية ، بالإضافة إلى القوة العسكرية ، و السياسية والدبلوماسية والاقتصادية ترجع الى طابعها الديني و الإيديولوجي حيث امتدت الى اقصى الارض ولن تنثني امام الضغوطات و العقوبات.
انتهی/137