ابنا : و إلى هذه الحقيقة تشير الأحاديث المتواترة التي ذكرها غير واحد من المفسرين و المحدثين و المؤرخين ، و نحن نكتفي هنا بذكر مثال واحد من هذه الأحاديث و هو ما رواه ابن حجر [2]عن ابن عباس قال : لما أنزل الله تعالى﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [3]، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : " هم أنت و شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، و يأتي عدوّك غِضابا مقمحين[4]فالشيعة هم أتباع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، و هم الذين صمدوا في إتِّباع الأئمة المعصومين من ذرية علي ( عليهم السلام[5]نسبة المذهب إلى الإمام جعفر الصادق ( عليه السَّلاملم تتوفر الشروط اللازمة و الظروف الملائمة لطرح أفكار أئمة أهل البيتعليهم السلام ) و إبراز معالم مدرستهم في عصر الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) و إبنيه الحسنين ( عليهما السلام ) و حفيده الإمام علي بن الحسين السجاد ( عليه السَّلام ) كما توفرت في عهد الإمام الباقر ( عليه السَّلام ) و من بعده و بصورة أوسع في عصر الإمام الصادق ( عليه السَّلام ، حيث أن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) عاش المرحلة الانتقالية بين دولتين ظالمتين ، سقوط الدولة الأموية من جانب و قيام الدولة العباسية من جانب آخر الأمر الذي اتاح له القيام بطرح الفكر الاسلامي الاصيل المتمثل في مدرسة أهل البيت ( عليهم السلامو من إيجابيات هذه المرحلة إنشغال أبو العباس السفاح أول حكَّام بني العباس عن الشيعة و عن أهل البيت ( عليهم السلام ) بملاحقة بني أمية ، و تمكن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) من إستغلال هذه الفرصة أحسن إستغلال لنشر العلوم الإسلامية و تربية عدد كبير من العلماء الفقهاء و المفسرين و المتكلمينيقول الحسن بن عليّ الوشَّاء : أدركت في هذا المسجد ( مسجد الكوفة ) تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر بن محمّد [6]و جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات ـ على اختلاف آرائهم و مقالاتهم ـ فكانوا أربعـة آلاف رجل [7]نعم استغلّ الإمام هذه الفرصة لنشر أحاديث و علوم جدّه المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ، و آبائه ( عليهم السلام ) فتربّى على يديه آلاف المحدّثين و الفقهاءو بما أن مثل هذه الظروف الملائمة لم تتوفر لأي واحدٍ من آبائه أو أبنائه فإن المذهب الشيعي إزدهر في ذلك العصر فعُرف منذ ذلك العصر بالمذهب الجعفري ، و ما هو في صميمه طبعاً إلا مذهب علي و أهل بيته ( عليهم السلام ، إلا أن تسميته بالجعفري إنما جاءت بإعتبار كون الإمام جعفر الصادقعليه السَّلام ) صاحب مدرسةٍ عظيمة تكفلت ببيان السنة المحمدية الصحيحة ، و الفقه الإسلامي الصحيح ، مضافاً إلى المنهاج السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في عصر تزاحمت فيه المدارس الفكرية المختلفة ، مضافاً الى ان هذه التسمية جاءت للتمييز بين هذا المذهب و غيره من المذاهب المعاصرة له آنذاك________________________________________[1]الجعفري : نسبة إلى الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، المولود سنة : 83 و المستشهد سنة هجرية[2]أي أحمد بن حجر الهيثمي ، المتوفى سنة : 974 هجرية[3]القران الكريمسورة البينة، الآية : 7 ، الصفحة598[4]الصواعق المحرقة : باب 11 ، الفصل الأول ، الآية : 11 ، طبعة : بيروتلبنان ، نقلاً عن كتاب التشيع للسيد عبد الله الغريفي : 36 ، الطبعة السادسة ، 1417 هجرية / 1997 ميلادية[5]الأئمة المعصومون من أهل البيت ( عليهم السلام ) بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) حسب تسلسل إمامتهم همالإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلامالإمام الحسن بن علي ( عليه السلامالإمام الحسين بن علي ( عليه السلامالإمام علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلامالإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السلامالإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلامالإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السلامالإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلامالإمام محمد بن علي الجواد ( عليه السلامالإمام علي بن محمد الهادي ( عليه السلامالإمام الحسن بن علي العسكري ( عليه السلامالإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر ( عجل الله ظهوره[6]الرجال للنجاشي : 139 برقم 79[7]الإرشاد : 270، و المناقب لابن شهر آشوب : 4 / 257 ، نقلاً عن كتاب الأئمة الإثنا عشر : 80 ، لأية الله المحقق الشيخ جعفر السبحاني
انتهی/158