وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : تبیان
الجمعة

١ أكتوبر ٢٠١٠

٨:٣٠:٠٠ م
207210

براعة اللغة العربية (لغة القرآن)

تعد اللغة العربية أقدم اللغات الحية على وجه الأرض، و على اختلاف بين الباحثين حول عمر هذه اللغة؛ لا نجد شكاً في أن العربية التي نستخدمها اليوم أمضت ما يزيد على ألف وستمائة سنة، وقد تكفّل الله – سبحانه و تعالى- بحفظ هذه اللغة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فقال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون)، و مذ عصور الإسلام الأولى انتشرت العربية في معظم أرجاء المعمورة وبلغت ما بلغه الإسلام وارتبطت بحياة المسلمين فأصبحت لغة العلم و الأدب والسياسة و الحضارة فضلاً عن كونها لغة الدين والعبادة.

وكما أن العربية لغة البيان والبلاغة والبراعة فسوف أسرد عليكم بعض جمل وأبيات الشعر التي برزت فيها براعة العربية فلتغوصوا معي في بحر العربية البليغ ولنصطاد من درره:

لنشاهد هذه المجموعة الغريبة والطريفة من الأبيات، لنرى مدى مرونة وثراء العربية:

بيتان غريبان:

- هذا البيت لا يتحرك اللسان بقراءته ‎:

آب همي وهم بي أحبابي

 همهم ما بهم وهمي مابي

- وهذا البيت لا تتحرك بقراءته الشفتان‎:

قطعنا على قطع القطا قطع ليلة‎

 سراعا على الخيل العتاق اللاحقي

أغرب شعر:

هذه أبيات من الشعر لكن فيها العجب العجاب و فيها أحتراف وصناعة للشعر:

ألوم صديقي وهذا محال

 صديقي أحبه كلام يقال

وهذا كلام بليغ الجمال

 محال يقال الجمال خيال

الغريب في هذه الأبيات …..أنك تستطيع قراءتها .أفقيا ورأسياً .!

مودته تدوم لكل هول

 وهل كل مودته تدوم

إقرأ البيت بالمقلوب حرفا حرفا واكتشف الإبداع …

حيث إن هذا البيت يقرا من الجهتين كلمة كلمة!!

حلموا فما ساءَت لهم شيم

 سمحوا فما شحّت لهم مننُ

سلموا فلا زلّت لهم قـدمُ 

  رشدوا فلا ضلّت لهم سننُ

لقد استطاعت اللغة العربية أن تستوعب الحضارات المختلفة؛ العربية، والفارسية، واليونانية، والهندية، المعاصرة لها في ذلك الوقت، و أن تجعل منها حضارة واحدة، عالمية المنزع، إنسانية الرؤية، وذلك لأول مرّة في التاريخ، ففي ظل القرآن الكريم أصبحت اللغة العربية لغة عالمية، واللغة الأم لبلاد كثيرة. إن أهمية اللغة العربية تنبع من نواحٍ عدّة؛ أهمها: ارتباطها الوثيق بالدين الإسلامي و القرآن الكريم، فقد اصطفى الله هذه اللغة من بين لغات العالم لتكون لغة كتابه العظيم و لتنزل بها الرسالة الخاتمة ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )، و من هذا المنطلق ندرك عميق الصلة بين العربية و الإسلام، كما نجد تلك العلاقة على لسان العديد من العلماء ومنهم ابن تيمية حين قال: ” إن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب و السنة فرضٌ، و لا يفهم إلا باللغة العربية، ومالا يتم الواجب إلا به، فهو واجب “، ويقول الإمام الشافعي في معرض حديثه عن الابتداع في الدين ” ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب “، وقال الحسن البصري – رحمه الله- في المبتدعة ” أهلكتهم العجمة “.

كما تتجلى أهمية العربية في أنها المفتاح إلى الثقافة الإسلامية و العربية، ذلك أنها تتيح لمتعلمها الإطلاع على كم حضاري و فكري لأمّة تربّعت على عرش الدنيا عدّة قرون،وخلّفت إرثاً حضارياً ضخما في مختلف الفنون و شتى العلوم.

وتنبع أهمية العربية في أنها من أقوى الروابط و الصلات بين المسلمين، ذلك أن اللغة من أهم مقوّمات الوحدة بين المجتمعات. وقد دأبت الأمة منذ القدم على الحرص على تعليم لغتها و نشرها للراغبين فيها على اختلاف أجناسهم و ألوانهم وما زالت، فالعربية لم تعد لغة خاصة بالعرب وحدهم، بل أضحت لغة عالمية يطلبها ملايين المسلمين في العالم اليوم لارتباطها بدينهم و ثقافتهم الإسلامية، كما أننا نشهد رغبة في تعلم اللغة من غير المسلمين للتواصل مع أهل اللغة من جانب و للتواصل مع التراث العربي و الإسلامي من جهة أخرى.

إن تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها يعد مجالاً خصباً؛ لكثرة الطلب على اللغة من جانب، ولقلّة الجهود المبذولة في هذا الميدان من جانب آخر، و قد سعت العديد من المؤسسات الرسمية و الهيئات التعليمة إلى تقديم شيء في هذا الميدان إلا أن الطلب على اللغة العربية لا يمكن مقارنته بالجهود المبذولة، فمهما قدّمت الجامعات في الدول العربية و المنظمات الرسمية من جهد يظل بحاجة إلى المزيد و المزيد.انتهی/125