ابداء الرأي عند السيد القائد :
يبدي السيد القائد اراءه بعمق ودقة ، مراعياً في ذلك العدل والانصاف . كنا نشاهد نوعاً من الاعتدال الناشئ من التعقل والتأني في اتخاذ المواقف المناسبة ، بمعنى انه لايوجد في مواقفه وقراراته اِفراط أوتفريط . وهو ليس من المتسرعين في ابداء رأيه في الاشخاص . فهو لايمدح ويرفع من شأن احد ٍ بمجرد موقف مشرف واحد صدر منه، ولايدين آخر بمجرد خطأ او سيئة ما . للسيد القائد مواقف حازمة في ابداء رأيه في الاشخاص، وفي الوقت نفسه يراعي الاحتياط تجاه حقوق الآخرين . انا وخلال 30 سنة من معرفتي به ادركت بأن تصرفاته ومواقفه تشبه تصرفات ومواقف الامام الخميني (قدس) .
اقتراحات السيد القائد حول تأليف الكتب المدرسية :
كنت استلهم من افكار وآراء السيد القائد في تأليف المنهج الدراسي ، بالاخص في قسم التاريخ والادب والتربية الدينية . فبعد ارتحال الامام الخميني (قدس) وتحمله مسؤلية القيادة ، اصبحت علاقتنا وارتباطنا معاً اكثر من ذي قبل . من جملة الامور التي استطعت من خلالها ان استلهم من افكاره وآراءه تأليف وتدوين الاجزاء الاربعة من كتاب ( دروس من القرآن الكريم ) . بعد ان حاولت اِدخال هذه الدروس في المنهج الدراسي ، انتخبت بعض الآيات القرآنية وشرحها لتكون ضمن المنهج الذي يُدَرس في المدارس ، وقي اثاء ذلك كنت استعين بافكار السيد القائد وارشاداته في انتخاب هذه الآيات وشرحها .
معروفاً ان هذه الاجزاء الاربعة هي عبارة عن عدد من الدروس القرآنية كُتِبت بناءً على توصيات وارشاداته ، وسأشير الى البعض منها ، علماً بان هذه الدروس كانت ضمن المنهج الدراسي وذلك في العقد السابع من السنة الايرانية الشمسية ، اما الآن فلم تعد ضمن المنهج المقرر. وقد كتبت هذه الاجزاء الاربعة في كتاب واحد تحت عنوان ( دروس من القرآن الكريم ) .
من الدروس التي اوصى السيد القائد بأن اجعلها ضمن هذه المؤلفة ، قصة طالوت وجالوت . قال السيد ، اِن هذه القصة تشير الى معايير القيادة في المجتمع الديني، وذلك عندما طلب أشراف بني اسرائيل من نبيهم بأن يجعل لهم ملكا وقائدا سياسيا انتخب نبيهم آنذاك فردا معينا من قبل الله سبحانه وتعالى ، لكن بني اسرائيل اعترضوالأن هذا الشخص كان لايملك ثروة ومالاً وشهرة ً... " ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا " ( البقرة 24) .
اوصى السيد القائد بأن أجعل هذه القصة ضمن المنهج الدراسي ، كما اوصى بأن اجعل قصة النبي يوسف (ع) ضمن المنهج المقرر للسنة الاخيرة من المرحلة الاعدادية . فقلت له نحن قد وضعنا قصة السيدة مريم (ع) ، فأجاب : ان قصة السيدة مريم (ع) هي نموذج للعفاف الانثوي والمحافطة عليه، اما قصة النبي يوسف (ع ) فتعتبر درساً ونموذجاً للذكور من الشباب في التعفف والكف عن المحارم ، فأجبته : ان الذكور يواجهون مشاكل عديدة في الحياة العامة فكيف اذا قرأوا قصة النبي يوسف (ع) وتعرفوا عليها؟ ! ثم قرآت له الشعر الذي معناه ( لاتعلم الارتعاش للشخص المصاب بالزكام ) . ضحك السيد القائد وقال : ان الصبيان او الذكور في هذا السن يواجهون مشاكل معينة عدة ، فهم امام هذه الصعوبات والمشاكل سواء اطّلعوا على هذه القصة القصة ام لم يطّلعوا عليها ، من الافضل ان يعرفوا هذه القصة لانها تعتبر نموذجا بارزا للتقوى والمحافظة على العفة . انا بدوري رأيت هذه الالتفاته دقيقة وصائبة ، لذا قررت حينها وضع هذه القصة ضمن المنهج الدراسي المقرر .
رأي السيد القائد بالسيد سروش :
كانت هناك عدة ظروف وامور ادت الى اتصالي المتكرر مع السيد القائد ، وكانت مؤسسة دائرة المعارف الاسلامية احدى هذه الامور .
ليس من الصواب ان يلجأ الباحثون والمؤلفون عندنا الى كتب دائرة المعارف الاوربية او كتب دائرة المعارف التي كتبها مسيحيون عرب في بيروت من اجل الاطلاع على معلومات تخص العالم الاسلامي . لقد اشار السيد القائد بأنه حان الوقت ليكون لنا دائرة معارف اسلامية نكتبها نحن من وجهة نطرنا . حينها تمَ تشكيل مجلس أمناء كان كل من السادة الواردة اسماءهم عضوا قي هذا المجلس، وهم : المرحوم الدكتور شهيدي ، الدكتور مهدي محقق ، الدكتور ابو القاسم كرجي . فهؤلاء السادة الكرام كانوا اكبر الاعضاءسناً في المجلس. والسادة الاخرون هم : السيد شيرازيان ، حيث كان يعرف السيد القائد منذ المرحلة الدراسية في الحوزة العلمية ،السيد المهندس مير سليم ، الدكتور بوجوادي والدكتور سروش وانا . بقي الدكتورسروش عضواً في مجلس الامناء حتى سنتين خلت . ونتيجة للمواقف التي كانت للسيد سروش حذّر بعض الافراد من وجوده في مجلس الامناء هذا وتساءلوا عمَا اذا كان سيبقى عضوا في المجلس او لا ، فأجاب السيد القائد قائلا : من الافضل ان لايصدر أي قرار يوحي الى التفرقة ، وان لانكون نحن سببها . فقد كان السيد القائد حريصا اشد الحرص على عدم تشتيت الكوادر وطردها . لكن فيما بعد وصلت الامور والمواقف التي اتخذها السيد سروش الى حد اوصلته ان يقدم هو بنفسه على قطع صلاته وعلاقاته مع من هم ارفع وابعد من السيد القائد ، فكيف مع السيد القائد نفسه .
الشعر والادب عند السيد القائد:
قليل من شخصيات الثورة الاسلامية البارزين من كان كالسيد القائد ملما باللغة والادب والتاريخ وانماط الادب الفارسي وشعراءه الى جانب اللغة العربية وآدابها. ان السيد القائد يحب اللغة العربية وآدابها وشعرها ، ويجيد هذه اللغة بصورة جيدة ويصيغ عباراتها بطريقة وسبك ادبي حديث ، بعيدة عن الطرق والاساليب القديمة في استعمال العبارات وطرحها .
من الاسباب التي جعلتني دائم الاتصال به ، هو ذوقه الادبي وتمكنه من الانواع الادبية ، بالاخص في مجال نقد الشعر . فأنا بدوري املك نوعاً من الحس الادبي في الشعر واستطيع ان اقول ان للسيد القائد فضلاً كبيراً علي في هذا المجال
شعر السيد حداد عادل في السيد القائد :
بعد ان اصبح آية الله السيد علي الخامنه اي قائداً للأمة الاسلامية ، تعرّفت على خصوصياته الروحية والمعنوية وقدراته ومهاراته السياسية وحذاقته في تميز الامور اكثر مما كنت اعرفه سابقا. وبناء على هذا زاد تعلقي به ونمت محبتي له. فاحببت ان اسرد شعراَ بحقه ، لانني كنت قد نظمت شعرا في بعض الشخصيات من معارفي واقاربي ومن افراد الاسرة ، فسألت نفسي قائلا : لماذا لااكتب شعراً بحق السيد القائد ، الشخص الذي اكن له كل هذه المحبه ؟ ! ولم اكن ابغي من كتابه هذه الابيات الاعلام او الشهرة . بل احببت ان اكتب شعرا لاعبر فيه عن مودتي ومحبتي ، فلقد وجدت ان من الواجب علي ان ابيح واعلن عن تأييدي وولائي لجانبه الكريم ، حيث ان كل فرد او اي انسان يستطيع ان يؤدي واجبه ويعبر عن مواقفه بالطريقة التي يجدها مناسبة .لذلك الّفت شعرا ًغزليا بحق السيد القائد ، وفي نهاية احدى اجتماعاتي مع السيد ، خاطبته قائلا : "سيدي قد ألّفت شعرا غزليا بحقك ، فارجو من جانبكم تلبية طلبي قبل قراءتي للشعر . فأنا اعلم بأنك لاتحب ولاترغب في المديح والثناء بحقك ، وبالاخص اذا كان هذا المديح او الثناء شعراً غزلياً . لكنني اتمنى من حضرتكم بأن تفصلوا بين الجانب الروحي والمعنوي لجانبكم وبين المعايير الادبية التي تمتاز بها هذه الابيات .والله شاهد بيننا ... ارجو ان لا تقلل من اهمية ومستوى هذه الابيات الشعرية مقابل مراعاة الجانب المعنوي او الترفع الاخلاقي ".
وحتى انني اتذكر بأن السيد القائد تعجب من قولي : ( الله شاهد بيننا) . بعدها ضحك وقال : ( لابأس ) . عندما سردت الابيات الشعرية قال : " في الحقيقة ان الشعر جيد ، مايعيبه هو انك ذكرته بحقي ". كما انني طلبت من السيد القائد ان يقدّر الشعر بعيدا عنمن قيل به ......
بعد ان أيّد السيد القائد هذا الشعر قلت : ( أن كل شاعر مقابل ماينظمه ويسرده من الابيات الشعرية ، يرغب في ذكرى توصله وتذكره بصاحب الشعر . فقال السيد : ( ماذا تريد ) . قلت : " أريد واحدة من عباءاتك" . بعد مرور اسبوع او اسبوعين ، اتصل السيد محمد گلپايگاني متحدثاً معي بشأن العباءة وقال: " اتصلت بشأن العباءة التي طلبتها من السيد.
اما شعري فهو :
يامن نور عينه مصباح لليلنا القاتم الطويل
فاشعة وجهك هي شمس غدنا
يامن بحر قلبه ملاذ وراحة لمن ابحر
نور عينك دليل هادي في بحر نفوسنا
ضحكاتك المتناثرة كضحكات شمس الصباح
آهتك صوتك المرتجف قبس ونبراس لليالينا
نداءاتك المحبه كقطرات النور الممطرة
وكلامك الصارم كجذوة نار توقظ الجميع
قامتك كنخل باسق بين ورود الحرية
انت كشجر الصفصاف اليافع لاتغيب عن عيوننا
اذا سألني احد عنك وعن عنوانك فسأقول له
البيت الكائن في زقاق القلب يستقبل الجميع
ورود العمر تفنى اذا غاب عنها نسيم وجهك المورد
وجهك كالورد الذي يتجمل به ربيع العالم اجمع
بساطة العيش
لاتوجد اخبار كثيرة توصف بساطة العيش والزهد عند السيد القائد . لان من لوازم وشروط الزهد وبساطة العيش ان تكون بعيدة عن انظار ومسامع الآخرين . ليس من زهد المعيشة ان يتباهى الزاهد ويبوح امام اعين الآخرين.بل ان البوح غالباً ما يكون من جانب الذين يطلعون عليه .
لقد سمعنا عن حياة السيد القائد وتصرفاته قبل الثورة الاسلامية ، كلها تشير الى ان هذا الرجل كان حراً طليقاً بعيداً عن الالتزامات الدنيوية وتعلقاتها . وكلما كنا نتعرف عليه اكثر كنا نكتشف هذه الصفة فيه اكثر من قبل . وربما انا وبسبب علاقتي العائلية مع جنابه فقد تسنى لي من المعلومات ماهو اوسع وادق حول حياته الكريمة . علماً بأنني لاأقدر أن اقول ان معلوماتي دقيقة وكاملة ، لانني لست من الاشخاص الذين يتتبعون دقائق الامور عن الاشخاص ، ولاكذلك صهري الذي هو ابن السيد القائد يتكلم كثيرا حول هذا الموضوع .
اود ان اذكر واحدة من الذكريات التي مرَت بالسيد القائد قبل انتصار الثورة الاسلامية ، حيث حكاها لي شخصياً عندما كان رئيساً للجمهورية . ينقل السيد القائد قائلاً : " انا والسيد رفسنجاني كنَا مطاردين من قبل السافاك ( المخابرات الايرانية زمان الشاه) ، لذلك كنَا متخفين في بيت يقع في شارع يسمى (كوته) . وقتها لم نكن نملك نقوداً كافية ، فكنا نواجه صعوبات شديدة . كان في زقاق بيتنا دكان صغير كنَا نهئ مايلزمنا من هذا الدكان الصغير ، ولكن وبسبب تركم الديون غالباً ما كنّا نخجل الشراء منه بالدين .
المقصود من هذا الكلام ان السيد القائد كان يعيش قبل انتصار الثورة الاسلامية حياة بسيطة ، زاهدة ، وحتى بعد انتصار الثورة الاسلامية لم يتغير السيد القائد ، بل بقى على ما هو عليه من بساطة العيش والزهد .
في سنة 1980 ومع بداية انتصار الثورة الاسلامية ، وفي اوائل فترة رئاسة الجمهورية للسيد القائد ، كنت عنده وكنَا نتكلم ، كلامنا استمرَ فترة طويلة ، لذلك طلب مني ان ابقى لاشاركه العشاء ! ، فتصورت مثل بقية الاماكن سوف يتصل تلفونيا وتنصب لنا مائدة طعام كاملة ، لكن ماحدث غير الذي كنت اتوقعه ، حيث اتصل هاتفيا بالمنزل وقال لزوجته: ان فلان ضيفنا اليوم فما هو عشاءنا ؟ ، لم ا