الكتاب نزل الى المطبعة في نهاية تموز (يوليو) ـ والرئيس اوباما اثبت منذئذ أنه يمكن احيانا دحض التوقعات المتشائمة في الشرق الاوسط. ولكن التغيير التكتيكي (الانتقال من محادثات غير مباشرة الى مباشرة، بضغط أمريكي نشط) لا يبشر بالضرورة بتغيير استراتيجي. في نظر خبراء المعهد، ان الفوارق في المواقف بين الطرفين لا تزال كبيرة فيما أن مسألة التزام الزعيمين، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) تبقى في اطار المجهول.
رئيس المعهد د. عوديد عيران يقول لـ 'هآرتس' انه يجد صعوبة في أن يرى كيف ستنجح اسرائيل والفلسطينيون في جَسر الفوارق في المواقف بينهما في مسائل النزاع الجوهرية: القدس، الحدود واللاجئين. وبرأيه، اذا لم ينجح الطرفان في الوصول الى تسوية انتقالية متفق عليها، يصرحان فيها بانها ستؤدي لاحقا الى حل الدولتين، فقد يكون بالذات تدهور في الوضع. يتحدثون عن أن بنيامين نتنياهو قطع الروفيكون في موقفه من التسوية مع الفلسطينيين. انا لست واثقا من أن قطع الروفيكون معناه ان بيبي مستعد لان يقترح ما اقترحه اولمرت. انا في شك. ما كان يمكن لأي رئيس وزراء اسرائيلي آخر أن يصل الى ما اقترحه اولمرت. النتيجة الاهم من القمة ستكون اذا ما اتفقت الاطراف على المبدأ في أنه في غياب حل كامل، لا يجب هجر المفاوضات مثلما جرى في كامب ديفيد قبل عقد بل مواصلة الاتصالات.
العميد احتياط شلومو بروم الذي حرر كتاب المقالات مع د. عنات كورتس، يذكر أن الوزير ميخائيل ايتان 'ادعى في رسالة الى اعضاء الليكود قبل بضعة اسابيع بان نتنياهو في واقع الامر قرر في صالح الاتفاق. ولكن المفاوضات مع الفلسطينيين ليست امرا سهلا، حتى لو اردت ان تصل الى اتفاق. في كامب ديفيد ايهود باراك اراد ولم يحصل على اتفاق'. كورتس لم تقتنع من تصريحات نتنياهو السلمية، ولا من خطاب الدولتين الذي القاه في جامعة بل ايلان قبل اكثر من سنة. وهي تقول: 'أتوقع أن يعطي رئيس الوزراء تعبيرا لفظيا عن ذلك مع ترجمة عملية. عند فحص فرص التسوية، الضعف الداخلي في الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني، مقلق جدا'.
قراءة في الكتاب الجديد للمعهد هي تجربة بشعة بعض الشيء. في المقدمة للمقالات كتبت كورتس وبروم: 'في السنة السابقة لم يطرأ اختراق يسمح لاسرائيل بتصدّ ٍ افضل للتحديات في محيطها الاستراتيجي. فضلا عن ذلك، فان ميول التهديد تعاظمت. المسيرة السياسية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية تقف أمام مأزق... الحصار على غزة لم يحقق الامل باضعاف حماس بقدر يسهل على السلطة الفلسطينية ادارة مفاوضات ملموسة مع اسرائيل وبات بؤرة لانتقاد دولي فظ ضد اسرائيل، يخلق اجواء من الحصار الدبلوماسي'. وكتب الباحثان يقولان ان حزب الله يواصل التسلح وتعزيز قوته السياسية في لبنان. 'على خلفية الجمود في المسيرة السياسية بين اسرائيل وسورية وتعاظم قوة حزب الله يبدو أنه في شمال اسرائيل تتبلور جبهة مهددة اكثر مما كانت في السنوات السابقة'.
اما ايران فتوجد في ذروة عملية استكمال برنامج نووي عسكري والرسوخ كرأس حربة للمعسكر المناهض لاسرائيل في المنطقة. 'لهذا المعسكر انضمت بقدر ما تركيا ايضا... في خلفية منظومة التهديدات هذه تلقي بظلها عملية نزع الشرعية المتواصلة عن اسرائيل.
كما أنهما يتعاطيان مع حملة (رصاص مصبوب) التي يحرص قادة الدولة والجيش على الانفعال علنا بآثارها، يتعاطيان بشك. 'صحيح أن اسرائيل اثبتت في السنوات الاخيرة قدرة مثيرة للانطباع في نقل رسالة عسكرية رادعة، ولكن ترافق مع هذا الانجاز ثمن سياسي باهظ. الانتقاد الدولي على قوة رد اسرائيل سيمنعها من خطوات مصممة لاستئناف الردع حين ينتهي مفعوله'. اما المقال الختامي للكتاب فقد توج بعنوان 'سحب متكدرة في الافق'.
انتهی/137