الواقع أن هناك مسألة مهمة، وهي: أن العلماء لا يعتبرون أن كل ما جاء في (نهج البلاغة) موثوق من حيث الصدور عن الإمام(ع). ولذا كتب كثير من العلماء في مصادر نهج البلاغة، فأرجعوا ما في نهج البلاغة إلى مصادره، كما درسوا ما فيه من المضامين، وربما طرحوا بعض الكلمات. ومن ذلك، مثلاً، كلمة: "المرأة شرّ كلها وشر ما فيها أنه لابد منها"؛ فهي لا تتناسب مع العقيدة الإسلامية؛ لأنّ المرأة ليست شراً كلها، وإلا فكيف يعاقبها الله تعالى؟! المرأة قد يصدر منها الخير، وقد يصدر منها الشر، كما أن الرجل قد يصدر منه الخير، وقد يصدر منه الشر.
وإذا كان البعض يقول: المرأة شر كلها، بمعنى أنها هي التي تثير الشهوات، فكذلك الرجل، ويمكن أن تكون أغلب النساء ممن يعمل الرجال على تضليلهن، هذا أوّلاً. وثانياً، ما هو معنى: "وشر ما فيها أنه لابد منها"، فهل معناه أنّ الشيء إذا كان ضرورة، فشرّه أنّه لا بدّ منه، فالعالم لا بد منه، وشر ما فيه أنه لابد منه، أو شر ما في القادة أنهم لابد منهم. هذا كلام لا يليق أن يصدر من الإمام(ع). وقد عثرنا على هذه الكلمة من بين كلمات (للمأمون) جاءت بطريقة أخرى، وقد نقلها (بهجة المجالس): "النساء شرار كلهن وشر ما فيهن أنه لابد منهن". ولكننا لا نقول إن نهج البلاغة ـ كما يقول البعض ـ مما وضعه الشريف الرضي! في حين أن كثيراً من خطب نهج البلاغة موجود قبل أن يولد الشريف الرضي. ولذلك فإن نهج البلاغة اشتمل على مجموعة كبيرة من كلمات الإمام، ولكن لا يعتبر كل كلمة فيه حجة شرعية.
انتهی/125