وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الجمعة

١٧ سبتمبر ٢٠١٠

٧:٣٠:٠٠ م
195531

بمناسبة ولادته المبارکة(ع)

سیرة الامام الحسین(علیه السلام)

الولید المبارک

ووضعت سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) وليدها العظيم في الثالث من شعبان السنة الرابعة من الهجرة ، وزفّت البشري الي الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم)، فأسرع الي دار عليّ والزهراء (عليهما السلام)، فقال لأسماء بنت عميس: «يا أسماء هاتي ابني، فحملته إليه وقد لُفّ في خرقة بيضاء، فاستبشر النبي (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) وضمّه إليه، وأذّن في اُذنه اليمني وأقام في اليسري، ثمّ وضعه في حجره وبكي، فقالت أسماء: فداك أبي واُمي، ممّ بكاؤك؟ قال (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم): من ابني هذا. قالت: إنّه ولد الساعة، قال (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم): يا أسماء! تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم اللّه‏ شفاعتي...»1. ثمّ إنّ الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) قال لعليّ (عليه السلام): «أيّ شيء سمّيت ابني؟ فأجابه عليّ (عليه السلام): «ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول اللّه‏». وهنا نزل الوحي علي حبيب اللّه‏ محمّد (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) حاملاً اسم الوليد من اللّه‏ تعالي، وبعد أن تلقّي الرسول أمر اللّه‏ بتسمية وليده الميمون، التفت الي عليّ (عليه السلام) قائلاً: سمّه حسينا». وفي اليوم السابع أسرع الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) الي بيت الزهراء (عليها السلام) فعقّ عن سبطه الحسين كبشاً، وأمر بحلق رأسه والتصدّق بزنة شعره فضّة، كما أمر بختنه2. وهكذا أجري للحسين السبط ما أجري لأخيه الحسن السبط من مراسم.

 

کنیته و ألقابه (علیه السلام)

أمّا كنيته فهي : أبو عبداللّه‏ . وأمّا ألقابه فهي : الرشيد، والوفي، والطيّب، والسيّد، والزكيّ، والمبارك، والتابع لمرضاة اللّه‏، والدليل علي ذات اللّه‏، والسبط. وأشهرها رتبةً ما لقّبه به جدّه (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) في قوله عنه وعن أخيه : «أنّهما سيّدا شباب أهل الجنة»3. وكذلك السبط لقوله (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم): «حسين سبط من الأسباط»4.

 

مکانة الامام حسین (ع) لدی خاتم المرسلین

لقد خصّ الرسول الأعظم حفيديه الحسن والحسين (عليهما السلام) بأوصاف تنبئ عن عظم منزلتهما

لديه، فهما: 1 ـ ريحانتاه من الدنيا وريحانتاه من هذه الأمّة5. 2 ـ وهما خير أهل الأرض6. 3 ـ وهما سيّدا شباب أهل الجنّة7. 4 ـ وهما إمامان قاما أو قعدا8. 5 ـ وهما من العترة (أهل البيت) التي لا تفترق عن القرآن الي يوم القيامة، ولن تضلّ اُمّة تمسّكت بهما9. 6 ـ كما أنّهما من أهل البيت الذين يضمنون لراكبي سفينتهم النجاة من الغرق10. 7 ـ وهما ممّن قال عنهم جدّهم: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف»11. 8 ـ وقد استفاض الحديث عن مجموعةٍ من أصحاب الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) أنّهم قد سمعوا مقالته فيما يخصّ الحسنين (عليهما السلام) : «اللهمّ إنّك تعلم أ نّي اُحبُّهما فأحبَّهما وأحبّ من يحبّهما»12.

 

مکانة الإمام حسین(ع) لدی معاصریه

1ـ قال عمر بن الخطاب للحسين (عليه السلام) : فإنّما أنبت ما تري في رؤوسنا اللّه‏ ثم أنتم13. 2 ـ قال عثمان بن عفان في الحسن والحسين (عليهما السلام) وعبداللّه‏ بن جعفر: فطموا العلم فطما14 وحازوا الخير والحكمة15. 3 ـ قال أبو هريرة: دخل الحسين بن عليّ وهو معتمٌّ، فظننت أنّ النبيّ قد بعث16. وكان (عليه السلام) في جنازةٍ فأعيي، وقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال له: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا، فقال له: دعني، فواللّه‏ لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك علي رقابهم17. 4 ـ أخذ عبداللّه‏ بن عباس بركاب الحسن والحسين (عليهما السلام) ، فعوتب في ذلك، وقيل له: أنت أسنّ منهما! فقال: إنّ هذين ابنا رسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم)، أفليس من سعادتي أن آخذ بركابهما18 ؟ وقال له معاوية بعد وفاة الحسن (عليه السلام): يا ابن عباس أصبحت سيّد قومك، فقال: أمّا ما أبقي اللّه‏ أبا عبداللّه‏ الحسين فلا19. 5 ـ قال أنس بن مالك ـ وكان قد رأي الحسين (عليه السلام) ـ : كان أشبههم برسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم)20. 6 ـ قال زيد بن‏أرقم لابن زيادـ حين كان يضرب شفتيالحسين (عليه السلام) ـ : اعل بهذا القضيب، فواللّه‏ الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) علي هاتين الشفتين يقبّلهما، ثم بكي. قال له ابن زياد: أبكي اللّه‏ عينك، فواللّه‏ لولا أنّك شيخ قد خرفت لضربت عنقك، فخرج وهو يقول: أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم! قتلتم الحسين ابن فاطمة وأمّرتم ابن مرجانة! فهو يقتل خياركم ويستبقي شراركم21. 7 ـ قال أبو برزة الأسلمي ليزيد حينما رآه ينكث ثغر الحسين (عليه السلام) : أتنكث بقضيبك في ثغرالحسين؟! أما لقد أخذ قضيبك في ثغره مأخذاً لربّما رأيت رسول اللّه‏ صلي اللّه‏ عليه وآله يرشفه. أما إنّك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك! ويجيء هذا ومحمّد شفيعه22.

 

الإمام حسین (ع) عبر القرون و الاجیال

1ـ قال الربيع بن خيثم لبعض من شهد قتل الحسين (عليه السلام): واللّه‏ لقد قتلتم صفوةً لو أدركهم رسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) لقبّل أفواههم، وأجلسهم في حجره23. 2 ـ قال ابن سيرين: لم تبك السماء علي أحد بعد يحيي بن زكريا إلاّ علي الحسين (عليه السلام)، ولمّا قتل اسودّت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتّي رؤيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الأحمر، ومكثت السماء سبعة أيام بلياليها كأنّها علقة24. 3 ـ قال علي جلال الحسيني: السيّد الزكي الإمام أبو عبداللّه‏ الحسين (عليه السلام) ابن بنت رسول اللّه‏ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) وريحانته، وابن أمير المؤمنين عليّ كرم اللّه‏ وجهه، وشأن بيت النبوّة له أشرف نسب وأكمل نفس، جمع الفضائل ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، من علوّ الهمّة، ومنتهي الشجاعة، وأقصي غاية الجود، وأسرار العلم، وفصاحة اللسان، ونصرة الحقّ، والنهي عن المنكر، وجهاد الظلم، والتواضع عن عزٍّ، والعدل، والصبر، والحلم، والعفاف، والمروءة، والورع وغيرها. واختصّ بسلامة الفطرة، وجمال الخلقة، ورجاحة العقل، وقوة الجسم، وأضاف الي هذه المحامد كثرة العبادة وأفعال الخير، كالصلاة والحجّ والجهاد في سبيل اللّه‏ والإحسان. وكان إذا أقام بالمدينة أو غيرها مفيداً بعلمه، مرشداً بعمله، مهذّباً بكريم أخلاقه، ومؤدّباً ببليغ بيانه، سخيّاً بماله، متواضعاً للفقراء، معظّماً عند الخلفاء، موصلاً للصدقة علي الأيتام والمساكين، منتصفاً للمظلومين، مشتغلاً بعبادته، مشي من المدينة علي قدميه الي مكّة حاجّاً خمساً وعشرين مرّة25... كان الحسين في وقته علم المهتدين ونور الأرض، فأخبار حياته فيها هديً للمسترشدين بأنوار محاسنه المقتفين آثار فضله26.

 

الامام الحسین (ع) من الولادة إلی الامامة

الإمام الحسين (عليه السلام) في عهد الرسول (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) في حياة النبيّ (صلي

اللّه‏ عليه وآله وسلم) والرسالة الإسلامية مساحة واسعة لبيت عليّ وفاطمة وأبنائهما (عليهم السلام) ومعانٍ ودلالاتٌ عميقةٌ حيث إنّه البيت الذي سيحتضن الرسالة ويتحمّل عب‏ء الخلافة ومسؤولية صيانة الدين والأُمّة. وكان لابدّ لهذا البيت أن ينال القسط الأوفي والحظّ الأوفر من فيض حبّ النبيّ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) ورعايته واُبوّته، فلم يدّخر النبيّ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) وسعاً أن يروّي شجرته المباركة في بيت عليّ (عليه السلام) ويتعهّدها صباح مساء مبيّناً أنّ مصير الأُمّة مرهون بسلامة هذا البيت وطاعة أهله كما يتجلّي ذلك في قوله (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم): «إنّ علياً راية الهدي بعدي وإمام أوليائي ونور من أطاعني»27. وحين أشرقت الدنيا بولادة الحسين (عليه السلام)؛ أخذ مكانته السامية في قلب النبيّ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) وموضعه الرفيع في حياة الرسالة. وبعين الخبير البصير والمعصوم المسدّد من السماء وجد النبيّ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) في الوليد الجديد وريثاً للرسالة بعد حين، ثائراً في الأُمّة بعد زيغ وسكون، مصلحاً في الدين بعد انحراف واندثار، محيياً للسنّة بعد تضييع وإنكار، فراح النبيّ (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) يهيّئه ويعدّه لحمل الرسالة الكبري مستعيناً في ذلك بعواطفه وساعات يومه، وبهديه وعلمه؛ إذ عمّا قليلٍ سيضطلع بمهام الإمامة في الرسالة الخاتمة بأمر اللّه‏ تعالي. فها هو (صلي اللّه‏ عليه وآله وسلم) يقول: «الحسن والحسين ابناي من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه اللّه‏، ومن أحبّه اللّه‏ أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه اللّه‏، ومن أبغضه اللّ