مخلص عن دعبل الخزاعی
1ـ تاریخه: ولد دعبل فی الكوفة سنة 148هـ / 765 م. صاحب الشطّاروالصعالیك فنشأ نشأة سوء.
قصد بغداد فنال عند الرشید حظوة و تشجیعا. كان علویا متعصبا لآل البیت فهجا العباسییّن؛ و قد أكثر من التجول ، وفي ولّی علی أسوان. وفی سنة 246 هـ / 860 م قتل بسبب سلاطة لسانه.
2ـ أدبه: له شعرمبثوث في كتب الأدب و أكثره فی الهجاء و فی مدح اهل البیت و رثائهم.
3ـ شاعرالهجاء: كان دعبل مبغضا لخلفاء بنی العباس و لأعداء آل البیت (ع).
4ـ شاعر المدح و الرثاء: أجمل شعره المدحیّ و الرثائی فی آل البیت؛ و هو یذوب رقّة و سلاسة و صدق عاطفة.
5ـ قیمة شعره: دعبل نزاع الی البادیة و أسالیبه ، و شعره حافل بالسلاسة و الإنسجام و السهولة. و هو لا یخلو من التصنیع و التنمیق.
دعبل الخزاعی شاعر المدح و الرثاء
1ــ تاریخه:
هو دعبل بن علیّ بن رزین الخزاعیّ الأزدریّ، و كنیته أبوعلیّ. ولد فی الكوفة سنة 148 هـ / 765 م، و تخرّج فی الشعر علی مسلم بن الولید، ونحا ناحیة بغداد و اتّصل بالرّشید فلقی لدیه حظوة و تشجیعاعلی قول الشعر. و بعد موت الرشید لم یتّصل دعبل بأحد من الخلفاء العباسیین ، بل عاداهم و هجاهم لأنه كان علویّا و یرید الإمامة للعلویین، و قضی حیاته قلقا ناقما ینتقل من مكان الی مكان ، و فی نحو سنة 815 ذهب الی الحجّ ثم الی مصر حیث آواه أمیرها المطّلب بن عبدالله بن مالك الخزاعی وولاّه علی مدینة أسوان ثم طردّه بعدما بلغه أنه هجاه، وممّا جاء فی ذلك الهجاء:
أمـــطلب أنـت مســتعذب سمسام الأفاعی و مستقبل
ستأتیك إماوردت العراق صــحائف یأثــرها دعبــل
مــنــمقة بــــین أثنائـــــها مــخاز تــخط فــلا ترحـل
وظلّ دعبل علی هذه الحال لا یسلم أعداء آل البیت (ع) من هجائه سواء أحسن إلیه أو لم یحین الی أن قتل سنة 246 هـ / 860 م.
2ــ أدبه:
جاء فی معجم الأدباء لیاقوت أن لدعبل كتاب « طبقات الشعراء » و دیوان شعر. ولكنّ هذا الدیوان لم یصل إلینا منه إلا بعض الهجاء و الرثاء و المدح و بعض
المقطوعات المختلفة الموضوعات.
3ــ شاعر المدح و الرّثاء:
أكثر مدح دعبل فی آل البیت (ع) من العلویین ، و كان مدحه ورثاؤه لهم حافلین بالعاطفة الصادقة، حافلین بالتوجّع، نتصاعد من أوزانها و قوافیها موسیقی لیّنة تفیض حنانا. و من أشهر شعره فیهم قصیدته التّائیّة، و هی من أشهر الشعر و أحسنه ، قال فیها راثیا و مادحا:
مدارس آیات خلت من تلاوة، و منزل وحی مقفر العرصات...
قفا نسأل الدّارالتی خفّ أهلها، متی عهدها بالصوم والصّلوات؟
وأین الألی شطّت بهم غربة النوی أفــانین فـی الآفــاق مـفترقات
هم أهل میراث النبی إذاعتزلوا و هم خیر قادات و خیر حماة...
جاء فی معجم الأدباء: « قصیدته التّائیة فی أهل البیت من أحسن الشعر و أسنی المدائح ، قصد بها أبا علّی بن موسی الرّضا بخراسان فأعطاه عشرة آلاف درهم و خلع علیه بردة من ثیابه... و یقال إنه كتب القصیدة فی ثوب و أحرم فیه و أوصی بأن یكون في أكفانه.»
4ــ قیمة شعره:
دعبل نزّاع أبدا الی البادیة بأسلوبه، و كلامه علی حدّ قول البحتری « أدخل في كلام العرب من كلام مسلم بن الولید، ومذهبه أشبه بمذاهبهم.»
و دعبل ذو قریحة فیّاضة، توسل الشعر ممتثلا بالسلاسة و الإنسجام و السهولة ، و هو ذو حیویّة نبّاضة تبعث فی شعره حیاة و حركة . و هو، علی تبدّیه ، لا یهمل فی شعره جانب التصنیع ، فیعمد الی البدیع و یوشّی به أقواله فی اقتصاد واتزان.
دعبل الخزاعی و مكانته الادبیة و الشعریة
لا یزید ما تبقی فی أیدینا من شعر دعبل بن علی الخزاعی الی الیوم عن الالف بیت و هو قدر ضئیل إذا قیس الی مجموع شعره الذی صنعه فی نهایات القرن الثالث و اوائل القرن الرابع صائع الدواوبین المعروف ابوبكربن یحیی الصولی ( ت 220 هـ )، فی ثلاثمائة ورقة علی ما یقول ابن الندیم صاحب الفهرست (227)، عدّة أبیاتها نحو من عشرة آلاف بیت. و اكثر ما تبقی منها الیوم مقطعات قومه من الیمانیة ، و استثنینا معهما قصائد اخری قلیلة لا یبعد أن یكون بعضها اجتزئ اجتزاء من الدیوان أو نقل من الختیار الذی صنعه ابن طیفور احمد بن أبی طاهر (ت: 280هـ) فی النصف الثانی من القرن الثالث ، أو إجتزئ منه ایضا. و نرجح ان تكون نسخة من نسخ الدیوان الذی صنعه الصولی ، غیر بعیدة من حیاة دعبل التی انتهت فی منتصف القرن الثالث (246هـ)، انتهت الی صلبه، مع نسخة من كتابه المعروف (طبقات الشعراء). وأشار إلیهما فهرس الكتب الذی ضمّ ما یقرب من اسماء الف كتاب انتخبها صانعه المجهول، لخرم وقع في اولی صفحاته، مما وجده في خزائن الكتب بحلب أواخر القرن السابع (694هـ) و سمّاه (المنتخب مما في خزائن الكتب بحلب)، ونشره أحد المستشرقین في القاهرة (paulslath) سنة 1945 م و لا یبعد كثیرا فی رأینا أن نقع علی هذه النسخة من الدیوان، فی یوم من الایام ، في إحدی خزائن الكتب، في الشرق أو الغرب، وقد نقع معها علی نسخة كتابه في (طبقات الشعراء). و حینذاك ینفع المجموع الذی صنفّناه في هذا القرن من شعر دعبل،و من مقطّعات كتابه (طبقات الشعراء) فی التوثیق و الموازنة. فأما الیوم فلا مفرّ من أن نكتفی بهذا القدر المجموع من شعر الإشارات التی نقع علیها فی مصادرنا الأدبیة، إلی كتابه الآخر ( الواحدة فی مناقب العرب و مثالبها ).
في درس هذا الشاعر و فی تحدید مكانته الادبیة و الشعریة بین أدباء العرب و هو موضوع كلامنا الیوم علی أننا ینبغی ــ لمّا نذكر من ضیاع شعره و كتبه ــ أن نتحوّط في أحكامنا، و إن كنا بصورة عامة نقترب فیها كثیرا من احكام القثدامی الذین كان مجموع شعر الشاعر و كتبه في أیدیهم . ومن هنا تكتب بعض احكام القدامی اهمیتها فی الدرس الیوم.