هناك أمور وآداب تزيد في الرزق، وهناك أمور أخرى تورث الفقر نتناولها جميعاً في عددين متتاليين إن شاء الله تعالى. فقد ورد في النصوص الشريفة عن ممارسات وأخلاقيات ومستحبات لها آثارها الغيبية التي رُبما نُخمِّن بعضها أو نحلل سبب تأثيرها... ويبقى السر أولاً وأخيراً في علم الله سبحانه جلَّ جلاله، وهو القائل:
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الروم: 37).
فمما يزيد في الرزق:
.1 الصَدَقة
وكثير من الناس يظنون خطأً أن البذل يُنقص المال، والواقع يشهد أنه يزيد في المال.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «اسْتنزلوا الرزق بالصَدَقةِ».
.2 الشكر
لقول الله تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَكُمْ).
والشكر يعني معرفة وإدراك قيمة النِعم... وتعبير للمنعِم جلَّ وعلا.
عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: «مَنْ شكر اسْتَحقَّ الزيادةَ».
ومَنْ شكرَ دامتْ نعمتُه.
ومن شكرَ الله زادَه.
ومن شكرَ بِجِنانه اسْتحقّ المزيدَ قبل أنْ يَظْهرَ على لسانه.
وعنه أنه قال: اُشكُرْ تُزَدْ.
وشُكْرُ الإله يُدِرّ النِعَمَ.
والشُكْرُ زيادة
وثمرةُ الشُكْر زيادةُ النِعَمِ.
وكافِلُ المزيد، الشُكْرُ.
وأحق الناس بزيادة النِعمة أشكَرُهم لما أُعطيَ منها. وعن الإمام الحسين السبط الشهيد (عليه السلام) أنه قال: «شكرك لنعمةٍ سالفةٍ يقتضي نعمةً آنفةً».
.3 البُكُور في طلب الرزق، فإنه مُبارَك (أي الخروج إلى العمل بُكْرة، أي أوّل النهار) ويزيدُ في كثير من النِعَم خصوصاً في الرزق.
وهذا ما كانت عليه عامة مجتمعات الأمة، وحتى أمد قريب، قبل أن تُغيِّر عاداتها وتُبتلى بالسهر المُضر الذي لا بركة فيه، وبنوم الضُحى الذي لم نكن نعرفه.
ويُوضِّح أَبُو عَبْدِ الله (ع) الأمر بقوله:
«أَقْرِئوا مَنْ لَقِيتُمْ مِنْ أَصْحَابِكُمُ السَّلاَمَ، وَقُولُوا لَهُمْ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ يُقْرِئُكُمُ السَّلاَمَ، وَقُولُوا لَهُمْ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا يُنَالُ بِهِ مَا عِنْدَ اللهِ، إِنِّي وَالله مَا آمُرُكُمْ إِلاَّ بِمَا نَأْمُرُ بِهِ أَنْفُسَنَا، فَعَلَيْكُمْ بِالْجِدِّ وَالاجْتِهَادِ، وَإِذَا صَلَّيْتُمُ الصُّبْحَ وَانْصَرَفْتُمْ فَبَكِّرُوا فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، وَاطْلُبُوا الْحَلاَلَ، فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ سَيَرْزُقُكُمْ وَيُعِينُكُمْ عَلَيْهِ».
وما من دابة إلاّ وهي تُسائل كلَّ صباح «اللهم ارزقني».
.4 الاستغفار
قال الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) (نوح: 10 12).
فالإستغفار بركة نبوية موروثة ينبغي أن تُلازم المؤمن في حِلِّه وترحاله.