یستفاد من بعض الآیات الکریمة ـ في القرآن ـ أنّ تعظیم قبور المؤمنین کان أمراً شائعاً بین الأمم الّتي سبقت ظهور الإسلام ، فبالنسبة إلی أصحاب الکهف ـ بعد ما انتشر خبرهم بین الناس و هرعوا إلی الکهف لمشاهدتهم ـ وقع الخلاف و النزاع حول مدفنهم و انقسموا قسمین ، فقال أحدهما :
« ابنوا علیهم بنیانا».
و قال الآخر:
« لنتخذنّ علیهم مسجداً».
هنا نلاحظ أنّ القرآن الکریم یذکر لنا هذین الرأیین ، من دون أن ینتقدهما، و علی هذا یمکن القول بأنّه لو کان الرأیان باطلین لا نتقدهما، أو قصّ ، قصّتهما بأسلوب رافضِ مستنکر.
و یقول المفسّرون : إنّ النزاع ـ حول مدفن أصحاب الکهف ـ إنّما وقع بین المؤمنین و الکافرین ، أمّا الکافرون فقالوا :
« ابنوا علیهم بنیانا»
و المؤمنون قالوا:
« لنتّخذنّ علیهم مسجداً» (الکهف :21).
و کانت الغلبة مع المؤمنین حیث قال سبحانه:
« قال الذین غلبوا علی أمرهم لنتّخذنّ علیهم مسجدا»
و بني المسجد و صارت قبور أصحاب الکهف مرکزاً للتعظیم و الاحترام.
و هکذا یظهر لنا أنّ الهدف من البناء علی قبور أصحاب الکهف إنّما کان نوعاً من التعظیم لأولیاء الله الصالحین.
إذن، لا یمکن القول بحرمة البناء علی قبور أولیاء الله و لا بکراهته بأيّ وجه ، بل یمکن اعتباره نوعا من تعظیم شعائر الله و مظهراً من مظاهر المودّة للقربی.
انتهی/125