وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ahmadzamani
الاثنين

١٧ مايو ٢٠١٠

٧:٣٠:٠٠ م
180112

الوحدة فی سیرة الرسول الأعظم (ص)

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الّذی لم یلد و لم یولد و لم یکن له کفواً أحد، الصلاة و السلام علی رسوله المنتجب، المحبوب المحمود و الحبل الممدود الّذی أمر الله – عزّ و جلّ – الأمّة بالاعتصام به ،‌لاستخلاصهم عن الظلمة و الأزمات الطاحنة و المتاعب الشدیدة ، و حذّرهم عن التفرّد و التفرّق لکی لایحکم علیهم الطواغیت و الملحدون و شرار الناس و لایسرقوا ثرواتهم المعنویة و المادیة.

و الصلاة و السلام علی خلفاءه الصالحین و أوصیائه المرضیین الّذین أذهب الله عنهم الرجس أهل البیت و یطهّرهم تطهیراً لا سیّما الإمام المنتظر – عج – الّذی سیضع الله یده علی رؤوس العباد ؛ یجمع به الکلم و یملّک به خزائن الأرض و یملأ الأرض قسطاً و عدلاً بعد ما ملئت ظلماً و جوراً.

التمهید

امّا بعد: الوحدة هی جوهرة ثمینة و قضیة هامّة و استراتیجیة و لها اهداف قیّمة حیث سعی الرسول الأعظم – ص – و منذ ثلاث و عشرین عاماً فی سبیل تکوینها و تعمیقها بین الناس فی کلّ مکان و هذه هی وحدة فکریّة عقائدیة و ثقافیة ؛ و ذلک خلال بعثته الإلهیة فی مکة المکرّمة و المدینة المنوّرة و قد نظّم – ص- مختلف شؤون الحیاة الاجتماعیة و الاقتصادیة و السیاسیة علی هذا المنهج القیّم.

و سنسلّط الضوء هنا حول کیفیة نشوء الوحدة الإسلامیة فی عصر النبوّه و الخطوات الّتی قام بها الرسول الأعظم – ص- فی حرکته الرسالیّة لتشدید صرح هذه الوحدة.

قال الله - عز و جل- فی القرآن الکریم:

« کان الناس أمة واحدة فبعث الله النبیین مبشّرین و منذرین و أنزل معهم الکتاب بالحق لیحکم بین الناس فیما اختلفوا فیه من الحقّ بإذنه و الله یهدی من یشاء إلی صراط مستقیم.»(۱)

الوحدة الاسلامیة و مسألة التوحید

الحجر الاساس للدعوة المحمدیة هو الوحدة بین الأمة و بین الشعوب العالمیة حیث انّ النبی - صلی الله علیه و آله و سلم - منبعث من الله الواحد الذی یتمحور حوله کل شئ و إنّه - ص - دعا الناس إلی الطاعة و الانقیاد أمام ربّ العالمین کما نزّل علیه الایة الکریمة التالیة فی مکة المکرمة:

«قل یا ایها الناس إنّی رسول الله إلیکم جمیعا الذی له ملک السماوات و الارض لا اله إلّا هو یحیی و یمیت فآمنوا بالله و رسوله النبی الأمی الذی یؤمن بالله و بکلماته و اتبعوه لعلکم تهتدون.»(۲) 

المخاطب فی الآیة جمیع الناس علی وجه الارض من الأحمرو الأسود و الأبیض و … و التفاتهم إلی خالقهم الوحید الذی بیده حیاة الأشیاء و مماتها ، ثمّ ان الله - عزوجل - یطلب منهم الالتزام و الاعتقاد بما صدّق الرسول و اتباع کلمته . فتدعوا لناس من الجنسیات المختلفه إلی ترک العصبیّة و العنصریة الفاسدة الّتی انهمکت و انغمرت إلی تخیلات واهیة فأهلکت أسرة العرب حینما ظلّت علیهم الحروب الداخلیة بین القبائل و بین الآحاد منهم سنوات عدیده ظل العار.

القرآن الکریم

نزول الآیات الکریمة فی بدایة الرسالة فی أم القری و استمرارها فی المدینة خلال ۲۳ سنة، تحکی عن تنظیم و تشکیل مجتمع واحد من الناس باسم «أمّة واحدة» علی الأرض من الأجیال المتقدمة و المتأخرة و أراد أن یعطی زمام هذه الأمّة الی رب العالمین و خالق الکونین الّذی بیده ملکوت کلّ شیء و له سلطنة کاملة تشمل حیاة الموجودات و مماتها و حرکاتها و سکونها من البدایة إلی النهایة، و حیث تقاد هذه الأمّة بالقوانین الصادرة من المبدأ الاعلی تنتهی حرکتهم الی الکمال المطلق و هو الوصول الی الله – عز وجل- و السعادة الأبدیة. هذا من جهة و من جهة أخری أن القرآن الکریم یکرم و یؤیّد ما صدر من الأنبیاء ‌و الرسل الالهیة و یذکرها بالبر و الإکرام و اراد أن یجتمع تحت لواء واحد و کلمة واحدة و هی التوحید و العبودیة أمام ربّ العالمین و خالقهم و رازقهم و مبدئهم و معیدهم ….

فعلی هذا یقول الله – عز و جل- فی کتابه العزیز:

« إِنَّ هذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ أَنَا رَبُّکُمْ فَاعْبُدُونِ»(۳) 

و ایضاً یقول – عزّ من قائل- فی آیة أخری:

«یا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّکُمُ الَّذِی خَلَقَکُمْ وَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ (*) الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الأَْرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَکُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»(۴) 

فعلی هذا للقرآن دور خاص و ممیّز لتنظیم «الوحدة بین الامم» و تطهیرهم عن العنصریة الفاسدة الّتی تنتهی الی فوارق موهنة و استثمار الطوائف و الاختلاف فی اللون و الجنس و الحدود الجغرافیة و فی التالی اختلاف فی العیش من بلد الی بلد آخر کما نری هذه الهتافات من الرأسمالیة و الاشتراکیة فی الغرب و الشرق…

قال الله – عز و جل- :

«یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناکُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ»(۵) 

هذه نموذج من دعوة القرآن لتوحید الکلمة و الاتّحاد.

سقوط التمییز العنصری

أجاب دعوة الرسول - ص- رجال و نساء من أجناس مختلفة و بلاد بعیدة کما رواه المجاهد قال : أوّل من أظهر الاسلام سبعة : رسول الله - ص- ابوبکر ، خبّاب ، صهیب ، بلال ، عمار ، سمیّه ( أمّ عمّار )(۱۴) 

 و ایضاً روی احمد بن حنبل عن عبد الله بن مسعود قال : اوّل من اظهر الاسلام سبعة رسول الله - ص-  خدیجة ،  بلال ،  ابوبکر ، عمار ، سمیّه ( امّ عمّار ) و صهیب.(۱۵) 

و کذا رواه احمد بن حنبل سند اخر عن ابن عباس و اضاف فیه : اوّل من أسلم بعد خدیجه علی بن ابی طالب (ع).(۱۶) 

و نقل بصورة أخری و هی : اوّل من أظهر الاسلام سبعة : رسول الله –ص- خدیجه ، بلال ،  ابوبکر ، عمار ، سمیّه ( امّ عمّار ) ، صهیب ، مقداد بن الاسود.

فهولاء الرجال کل واحد منهم من بقعه خاصه و بعیده ، جذبه النبی (ص) فنری انّ بلال حبشی و صهیب رومی و خبّاب نبط