خطبة الشيخ الدكتور محمد العريفي في صلاة الجمعة في جامع البواردي بالرياض والتي أفرغ فيها اسفافاته ضد الرمزين الدينيين السيد علي السيستاني والسيد بدر الدين الحوثي تمثّل شهادة زور في بقعة مقدّسة وعلى منبر شريف. أن يكذب العريفي، فقد سمعناه مراراً يتفنن الكذب على بعض القنوات الفضائية مثل القطرية والسعودية ومن أشهرها الحوار الذي دار بينه وبين جني، والذي كاد أن يتحوّل وهابياً لولا الخوف من القتل على أيدي رؤوسائه من الجن!(يبدو أن إعلان الحرب على الارهاب سيشمل الجن في المرحلة المقبلة).
العريفي تقلّب في عدد من المناصب الدينية/ الدعوية مثل عضو مجلس الأمناء بالهيئة العليا للإعلام الاسلامي التابعة لرابطة العالم الاسلامي، وعضو في عدد من المكاتب الدعوية والهيئات الاسلامية ومستشار فيها، ومحاضر غير متفرّغ لعدد من الجامعات الدينية في الداخل والخارج، إضافة الى كونه عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود، وخطيب جامع البواردي بالرياض. بكلام آخر، أن العريفي ليس سوى الإبن البار للمؤسسة الدينية الرسمية، وأن كل ما خرج من حنجرته من أكاذيب تمثّل (الأمانة) التي حملها على عاتقه، لأن هناك في تعاليم الدعوة السلفية ما يجيز له الكذب على الخصوم، بعد أن أسقط كل محرّم يحول دون النيل من كل من يعتبره كافراً أو مشركاً.
العريفي في خطبته غير العصماء، لا يهدم صورته الدعوية فحسب، بل وحتى الأكاديمية، إذ أن من أبسط شروط البحث ثبت المصدر والحياد العلمي. وإذا كان العريفي قد برع في استيعاب أهل دعوته داخل وهم التخاطب مع الجن، فذاك شأنه ومن يستمع إليه (وليته لم يستعن بآية "فاستخف قومه فأطاعوه" لأنه أحد مصاديقها)، ولكن أن تكذب بعد أن لجمت إسمك بمقام أكاديمي وأنت تفتقر إلى أبسط شروط العمل الأكاديمي. تقول في خطبتك بأن السيد بدر الدين الحوثي (إدّعى خلال التظاهرات الامامة ثم المهدية وقيل أنه ادعى النبوّة ايضاً). وسأتوقف هنا عند هذه الفقرة وأطلب منه مصدراً واحداً يثبت ما يدّعيه، ولن يقدر بل ليأخذها مني مقدّماً بأنه يكذب. ثم يقول (هؤلاء السفهاء قال لهم بدر الدين الحوثي أنه قال لهم إمام قالوا صدقت، بل أنا المهدي قالوا صدقت بل قال لهم أنا نبي قالوا صدقت)، وهذه كذبة أخرى، وليس له الا الكذب وهماً ومصدراً على دعوته. ولكن خذ ياعريفي إليك نصّاً وتأمّل فيه حتى ترى من كان يدّعى النبوة. فقد كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أهالي الدرعيّة وكان يمنّ عليهم بالإسلام والهداية على يده قائلاً (فالرجل ـ يقصد نفسه ـ الذي هداكم الله به لهذا إن كنتم صادقين لو يكون أحب إليكم من أموالكم لم يكن كثيراً). أنظر ابن غنام، روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام، الجزء الأول ص 146)، وإن شئت مزيداً فانظر كتاب حسن فرحان المالكي (داعية وليس نبياً).
أن يكذب العريفي فذاك وجه لجهله، ولكن أن يسوّق ما يكذب وكأنه قناعة شخصية راسخة فذاك عقل يفكر فيه ولكنه لا ينتج إلا جهلاً وتجهيلاً. يقول العريفي (خلال المراسلات بين الحوثيين والحكومة اليمنية أصروا على أن يكون السيستاني هو الذي يحل المشكلة) ويعلّق (ما بحثوا عن من يجمع المسلمون على اعتبارهم مشايخ ودعاة وأهل علم) في إشارة الى هيئة كبار علماء نجد، فاختار القذف سبيلاً بوصف السيد السيستاني بأنه (شيخ كبير زنديق فاجر في طرف من أطراف العراق). وحتى لا يحرم نفسه ومأمويه من فضيلة الاستغفار أنهى خطبته (اقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم). هنيئاً لك هلوسة استغفارية لا تحجبك عن الخوض في الحرام!
في كلامه عن شرط الحوثيين وساطة السيد السيستاني لم يقل به حتى الجن الذين يحاورهم العريفي في منامه، ولم يسمع من راقب عن كثب كل ما يجري في اليمن أن السيستاني طلب التدخّل وهو الذي نأى بنفسه عن التدخل في الخلافات السياسية داخل العراق، فكيف يطلب أو يطلب منه التدخل في شأن اليمن. قاتل الله الطائفية التي تحوّلت الى أحد أخطر مصادر الجهل والتجهيل.
وإذا كان ديدن العريفي الكذب وهو الشيخ والداعية والدكتور ويفعل ما يفعل في المسجد وخطبة صلاة الجمعة، فكيف يؤتمن على معرفة ودعوة، فلبئس العلم ينشره العريفي.
انتهی/137