وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الخميس

١٨ مارس ٢٠١٠

٨:٣٠:٠٠ م
173414

ولایة الفقیه

من نافلة القول الحدیث عن لزوم وجود ولي أمر للمجتمع ینهض بأعباء رسالته ، ویحقق طموحاته ، و یوفق بین متناقضاته ، و یعید الخارجین منه عن المسیرة إلی جادة الصواب ، و یتحمل مسؤولیة ما یجري علی الصعید العام.

و لا بدّ لولي الأمر هذا من امتلاک حق الطاعة و الفصل في الامور الأمر الذي یعمم قراراته علی الجمیع ، و یحقق الغرض المنشودة من الحکومة الصحیحة.

أدلة ولایة الفقیه:

لا یمکننا هنا أن نستدل بالتفصیل علی هذا المبدأ المهم ، و إنما نکتفي بالإشارة إلی بعض ما یذکر في هذا الصدد.

فأولا یقال بأن الاسلام منح الفقیه:

أـ المرجعیة في الفتوی.

ب ـ المرجعیة في القضاء.

ج ـ المقدار الذي یثبت له من الولایة بمقتضی النصوص.

و کل هذا یحقق للفقیه النیابة عن المعصوم (ع) في مختلف الشؤون الاجتماعیة و تأمر الآیة القرآنیة الکریمة بإطاعة الله و إطاعة الرسول و أولي الامر « أطیعوا الله و أطیعوا الرسول و أولي الامر منکم» . و یستفاد منها لزوم إطاعة الفقیه الجامع للشرائط کامتداد لإطاعة المعصوم. و بما إنّا نفسر أولي الامر بخصوص أهل البیت ، فإن العرف یفهم منها أن لهم ولایة أصلیة للأمر ، و أنّه یمکن أن یکون من دونهم من نوابهم ولاة بالنیابة عنهم.

و ثانیا: الروایات الواردة في هذا الصدد( و فیها ما صدر عن المعصوم و هو في حالة غیبیة کان یتوقع لها أن تدوم طویلا) و هذه الروایات تجعل الفقهاء هم الامناء و الحجج علی الامة ، و هي علی نحوین :

الف ـ ما ثبتت صحته و قوة دلالته من مثل ما روي عن الامام المهدي (عج) قوله :

« و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها الی رواة أحادیثنا ، فإنهم حجتي علیکم ، و أنا حجة الله».

و لا ریب في ان المقصود من (الرواة ) هم الفقهاء العبّرون عن خط المعصوم و قیادته.

کما یلاحظ أن هذا التقارن بین الحجیة التي یملکها الفقیه و الحجیة التي یملکها الامام یوضح المدی الذي یملکه الفقیه من ولایة شرعیة.

باءـ ما استفاض النقل فیه و کثر مما قد یغنینا عن ملاحظة السند و ذلک من مثل قوله (ص):

« اللهم ارحم خلفائي» قیل : یا رسول الله ، و من خلفاؤک ؟ قال : « الذین یأتون من بعدي یروون حدیثي و سنّتي».

و روایة الحسین (ع) عن الامام علي (ع) في کتاب « تحف العقول» :

« مجاري الامور و الأحکام علی أیدي العلماء بالله ، الأمناء علی حلاله و حرامه» .

و قوله (ص) : « العلماء ورثة الانبیاء».

و قوله (ص): « الفقهاء أمناء الرسل، ما لم یدخلوا في الدنیا».

و قول الامام علي (ع) : « العلماء حکام علی الناس».

و ینبغي أن یلاحظ هنا أنه لا ریب في لزوم قیام حکم إسلامي حال غیاب المعصوم ، کما لا ریب في لزوم ولایة شرعیة لمثل هذه الحکومة . فإذا علمنا بهذا و رجعنا إلی النصوص ، لم نجد فیها أطروحة للولایة سوی (ولایة الفقیه) طبعا مع إیماننا بأن الشوری لا تنتج ولایة.

و إذا ما رجعنا إلی الفتاوی المشهورة في عصرنا هذا فإنا نجد فریقا من أعاظم العلماء یقولون بهذه الولایة ، و علی رأسهم الامام الخمینی (دام ظله ) علی رؤوس المسلمین ، إذ یقول في کتاب البیع مانصه:

« فللفقیه العادل جمیع ما للرسول و الأئمة علیهم السلام مما یرجع إلی الحکومة و السیاسة» ، کذا المرحوم الشهید الصدر (قدس سره) و غیرهما من الاعاظم.

و هناک قسم من العلماء لا یری ذلک و لکنه یفتي بلزوم قیام الفقیه بحمل عبء الأعمال الضروریة في المجتمع، کالامور الحسبیة و أمثالها ، و حینئذ یقترب في النتیجة من الرأي الاول.

و الواقع أن نفي وجود أیة ولایة شرعیة یعني بالتالي نفي إمکان قیام حکومة إسلامیة ؛ لتلازم الأمرین کما هو واضح للمتأمل.

و لایة الفقیه و النصوص

من الملاحظ أن علماء السنة في بحوثهم عن النظام السیاسي و بالخصوص في بحوثهم عن الإمام و شروطه ، قلیلا ما یستندون إلی النصوص في ذلک ، و إنّما یرکزون علی الدلیل العقلي الذي سنتحدث عنه . إلا أننا نستطیع أن نفترض بحوثا نصیة نافعة علی ضوء الروایات التي تمنح العلماء و الفقهاء مقامات رفیعة في المجتمع الاسلامي فتجعلهم ورثة الانبیاء ، و تجعلهم خلفاء الرسول(ص)، تأمر باتّباعهم و تکریمهم ، و تحمّلهم مسؤولیة هدایة المجتمع ، و بالتالي قیادته . و من هذه الروایات : الحدیث المشهور« العلماء ورثة الانبیاء» و هو مسلّم لدیهم إذ رواه البخاري في صحیحه في کتاب العلم ، کما رواه أبو داود و الترمذي و غیرهم . و بالرغم من أن الحدیث یذکر في مجال العلم و تعلّمه ، إلّا أن هذا التعبیر تعبیر مقامي یشعر بأحقیّتهم بالجلوس في مقام الأنبیاء ، و حملهم الرسالة التي حملوها، و ما کانت مجرد تعلّم و تعلیم ، بل کانت تستبطن قیادة و هدایة و بناء للمجتمع.

و من تلک الأحادیث حدیث الخلفاء إذ جاء فیه :

« رحم الله خلفائي ، قالت الصحابة : ألسنا خلفائک یا رسول الله ؟ قال : أنتم أصحابي ، و إنما خلفائي الذین یأتون بعدي ، و یتعلمون سنّتي ، و یعلّمونها الناس» و هذا الحدیث نقله بعض العلماء دون اعتراض و ضعفه بعضهم.

إلّا أن اشتهاره بین علماء الفریقین (الشیعة و السنّة ) یعطیه قوة و اعتبارا.

فإذا تمّ ذلک ، کان أکثر دلالة من سابقه علی کون العلماء هم الذین یحملون مشعل النبوّة في قیادة الحیاة الاسلامیة.

ألا أنّنا نعتقد أن هذه الاحادیث إنما یمکنها أن تؤکّد الدلیل العقلي الآتي ذکره .

فالأولی إذن الترکیز علی الایات القرآنیة الکریمة :

« ... أطیعوا الله و أطیعوا الرّسول و أولي الأمر منکم...»

فالقرآن الکریم یرکّز علی وجود منصبین للرسول الأکرم هما:

وظیفة التبلیغ:

« ... و أنزلنا إلیک الذّکر لتبیّن