جاء هذا الكتاب ليسلط الضوء على مفردة مهمة، طالما دار الخلاف فيها بين السنة والشيعة ، وهي مسألة عدالة جميع الصحابة، وللأسف نجد أن هناك من وظفها لإثارة الأحقاد والعصبيات المذهبية وتعبئة أهل السنة على مذهب الإمامية الاثنا عشرية، ليخلقوا بذلك الحواجز النفسية والنعرات الطائفية بين المسلمين؛ بحجة أن هناك من يسب الصحابة، وهي تُهم جزافية لا نصيب لها من الواقع. ولكن مهما فعلوا فان الحقيقة لا يمكن أن تغيب أو تشوّه بسبك العبارات ونظمها، فمسألة الصحابة ووجوب اتباعهم للنبي الأكرم’ لابد أن نخضعها للقانون الإلهي الرباني وهو (التقوى والعمل الصالح) فهذه هي المرجعية الربانية لهذا الأمر المهم.
فجاء هذا الكتاب ليفكك بين مرجعيتين ومدرستين بل بين ثلاثة مدارس في الحقيقة، بين المدرسة السنية والمدرسة الشيعة من جهة ، والتي نشترك معها في نقاط كثيرة، ودائرة الخلاف تكاد تنحسر بينهما، وبين المدرسة السلفية الوهابية من جهة أخرى، والكلام مع هذا الفكر بشكل خاص ، فقسّم المؤلف كتابه الى خمسة فصول ، الفصل الأول: بحوث تمهيدية لأهمية الوحدة الإسلامية ، وأسباب الفرقة والخلاف بين المسلمين مما أدى الى نشوء مدرستين فكريتين، ثم بيّن خطة وأهداف البحث .
وجاء الفصل الثاني: لبيان ومناقشة الأدلة التي فُرضت لعدالة جميع الصحابة فجاء على شكل حوار هادئ وعلمي وموضوعي ووفق الرؤية التي يؤمن بها الطرف الآخر - من باب قاعدة الإلزام ، أضف إلى ذلك كان خطاب المؤلف وفق منهجهم ورؤيتهم في علم الجرح والتعديل، فترجم لبعض الصحابة من الكتب المعتبرة كالإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر، وسير أعلام النبلاء للذهبي وغيرها من المصادر من المصادر والمراجع المعتبرة. لتكون أدلته موثقة بهذه الشهادات التي لا يمكن الخدش أو التشكيك فيها، ثم ذكر الآيات الدالة على ذم بعض الصحابة، وأيدَّ ذلك بأقوال علماء السنة الذامة لبعضهم، ثم عطف بحثه حول حديث الحوض المشهور.
والفصل الثالث: اعتدال و وسطية، ذكر فيه رأي المدرسة الشيعية، وأقوال بعض علماء السّنة المطابق لرأي الشيعة، ومن ثم وقف مع شبهات طرحها الدكتور الغامدي والجواب عنها.
والفصل الرابع : بعد أن طرح وسطية واعتدال مذهب التشيع في هذه المسألة المهمة، تحدث حول مرجعية ووسطية مذهب أهل البيت عليهم السلام، فهذه الوسطية من هم دعاتها ؟ومن هو المرجع لها ومن أين ورثوها؟ وكذلك لبيان أن هذه المرجعية هي الأولى في الإتباع ؛ وذلك من خلال طرح بعض النصوص الصحيحة بين الفريقين التي أشارت إلى التمسك بالعترة الطاهرة، ومن تلك النصوص والأحاديث، حديث الثقلين والغدير والسفينة وحديث عدم التقدم عليهم والتقصير عنهم وحديث الإقتداء والموالاة، وحديث الأمان لأهل الأرض وحديث نفي التحريف عن الدين، وغيرها..
والفصل الخامس: جاء لبيان آفاق الوحدة بين المسلمين التي تدعوا لها هذه المرجعية الإلهية، برغم الاختلاف بين معالم المدرستين، من خلال تنوع مفهوم الوحدة في القرآن الكريم والسنة الشريفة، ثم انتقل إلى بيان مبادئ وأسس تحقيق الوحدة الإسلامية، ووثقها من خلال أقوال علماء السّنة الذين يثنون على مذهب الشيعة والتعبد به، ثم عطف البحث وختمه حول ميثاق الوحدة عند الإمام علي عليه السلام. وهذا الميثاق يعتبر شهادة تقريبية بين المسلمين بكل طوائفهم وأعراقهم.
يحيى الدوخي
أنتهی/125