وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ایکنا
الاثنين

١٥ يونيو ٢٠٠٩

٧:٣٠:٠٠ م
169435

آية الله الخامنئی وظف القلم لصالح الطبقات المحرومة فی العالم

آية الله العظمى الخامنئی سحابة تسقی الأرواح بمزن الربيع، شلال فكر يمزق حجب الظلام، وظف القلم لصالح الطبقات المحرومة فی العالم، ريشة قلمه رسمت لوحات صادقة، مزجت الدم بالفداء، كلماته تهتف: استعمار اليوم أشد سوءاً من استعمار الأمس، استعمار الأمس كان عسكرياً، واستعمار اليوم أضحى اقتصادياً وسياسياً ونفسياً.

و تعيش البشرية فی الوقت الحاضر فترة من بين عالمين: عالم سافر عنا بعد أن عاش نصف قرن من الزمن، وسادت فيه الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتی والولايات المتحدة الأمريكية، وكانت لحظات السفر تحمل معها انكفاء الاتحاد السوفيتی على نفسه والانسحاب عن دوره المتقدم فی السياسة العالمية، ومحاولة الولايات المتحدة فرض نفسها على العالم وإعادة الكرة الأرضية إلى عهود التيه والظلام والعبودية، عبر الاعتداء على حرية المجموعات البشرية، وفرض التحكم فی وجودها وجعلها خاضعة سياسياً واقتصادياً وثقافياً للإدارة الأمريكية ولشركاتها الكبرى وبنوكها الاحتكارية.

أما العالم الذی تنتظره البشرية فهو عالم الانتصار على الشر والعدوان، عالم يبتعد عنه شبح الفناء النووی الذی يهدد الإنسانية جمعاء، عالم يتم فيه القضاء على الجوع والجفاف والمرض، فالجوع وحده أودى بحياة ملايين البشر خلال عقد الثمانيات فی إفريقيا، فی حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغنية الأخرى ترمی فائض قمحها فی البحر، رافضة إطعام الأفواه الجائعة التی طرق أبوابها الجوع والجفاف والمرض.

إن البشرية تقف الآن على شاطئ المستقبل، وهی تحاول معرفة آراء المفكرين والسياسيين العالميين حول طبيعة العلاقات الدولية الجديدة ومن هنا حاولت دراسة ورؤى آية الله العظمى الخامنئی باعتباره مفكراً وسياسياً عالمياً ومرجعاً دينياً كبيراً ويمتلك القدرة الإبداعية على تصور النظام الدولی الجديد.

إن هذا الشعاع يحتوی على خطوط واضحة تسعى إلى شرح رؤية آية الله العظمى الخامنئی للعلاقات الدولية الجديدة، وتتسم تلك الرؤية بأهمية عظيمة بالنسبة إلى شعوب القارات الخمس لأنها تساهم فی إشعال جذوة النضال ضد قوى التسلط والعدوان والتوسع الجغرافی والثقافی والاقتصادی والإيديولوجی، وتحاول تعميق التحولات الفكرية والاجتماعية التی يشهدها عالمنا المعاصر وبناء مستقبل وضاء لجميع الشعوب الحرة، وجميع الناس على الأرض.

رؤى آية الله العظمى الخامنئی ترتكز على الآتی

1- نقل الجمهورية الإسلامية فی إيران من التبعية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية إلى الاستقلال التام وجعل إيران الجديدة نموذجاً يقتدى بها فی العالم الثالث.

2- تنتقل رؤية آية الله العظمى الخامنئی بعد ذلك إلى مشاكل الشرق الأوسط والعالم الإسلامی، وفی مقدمة تلك المشاكل مشكلة فلسطين والتی هی جوهر مشاكل المنطقة وأساسها، فبقاء إسرائيل يعرض العالم الإسلامی إلى مخاطر أمنية كبرى لذلك ربطت الجمهورية الإسلامية فی إيران أمنها القومی بأمن القضية الفلسطينية، وسعت إلى نقل الشرق الأوسط من بؤرة الحرب إلى بر السلام الدائم وإن نيران الحرب التی لا تنطفئ إلا عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلی، ويرى آية الله العظمى الخامنئی أن النضال الفلسطينی سيؤدی إلى انبثاق الدولة الفلسطينية المستقلة، ويحقق مطالب الشعب الفلسطينی المشروعة والعادلة، ويهزم المشروع الاستيطانی الصهيونی.

وتستدل رؤية آية الله الخامنئی بإمكانية تحقيق هذا الأمر بالنضال الذی قام به الشعب اللبنانی ضد الاحتلال الإسرائيلی والأطلسی لمجمل الأراضی اللبنانية فی عامی 1982- 1983. وقد تحول ذلك الاحتلال إلى هزيمة لإسرائيل سياسياً وعسكرياً ومعنوياً، وعلى هذا الأساس فإن بإمكان النضال أن يحقق انتصارات كبرى على مختلف الجبهات وأن يقيم مرة ثانية وطناً للشعب الفلسطينی على كامل ترابه الوطنی.

3- من أجل إنهاء الحجج القائلة بأن التاريخ التوراتی يجب أن يطغى على القانون الدولی، سعت الجمهورية الإسلامية فی إيران إلى محاصرة المصالح الإسرائيلية فی آسيا وإفريقيا، وانبثقت معركة دبلوماسية بين إيران والدول العربية من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى فی العديد من البلدان الأفرو- آسيوية.

4- ركزت رؤية آية الله العظمى الخامنئی على التماثل بين الكيان الاستيطانی الإسرائيلی والكيان الاستيطانی فی جنوب إفريقيا، وتنبت بانهيار الأنظمة العنصرية، ونادت بالنضال الشامل ضد تلك الأنظمة لأنه يشكل إسهاماً فی نضال الإنسانية كلها، ويوطد الحرية والعدالة والسلام فی جميع القارات.

5- تنتقل رؤية آية الله العظمى الخامنئی من مشاكل الشرق الأوسط إلى مشاكل كتلة عدم الانحياز والتی تضم أكثر من مئة دولة، وتقوم الرؤية على أساس أن حل تلك المشاكل يتطلب موقفاً إنسانياً وأخلاقياً وحضارياً من قادة عدم الانحياز عبر الابتعاد عن جر بلدانهم إلى مدار السياسة الأمريكية وتحويل أراضيهم ومياههم الإقليمية إلى مسرح دائم للقواعد الأجنبية.

6- تنتقل رؤية آية الله العظمى الخامنئی بعد ذلك إلى الآثار السلبية لنظام القطبية الثنائية الذی ساد العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والذی أقيم على أساس الهيمنة والتسلط، والتحفيز على سباق التسلح، وتصعيد الخطر على السلام فی العالم بأسره من خلال الحروب الإقليمية والأهلية التی اندلعت فی آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعبر تدهور الاقتصاد والتجارة الدولية وعبر موجات الحلل الأخلاقی.

7- بعد انهيار سلطة الحزب الشيوعی فی الاتحاد السوفيتی وانتهاء نظام القطبية الثنائية فی العالم، ترى نظرية آية الله العظمى الخامنئی أن النظام الدولی القائم على أساس القطب الواحد سوف يؤجج خطر الكارثة فی العالم ويؤدی بالإنسانية إلى الهلاك الشامل، وعلى هذا الأساس يتنبأ آية الله العظمى الخامنئی بحدوث هزة داخلية كبرى فی الولايات المتحدة على غرار الهزة السياسية السوفيتية، وسوف تزيل النظام الرأسمالی من جذوره مثلما أزالت الهزة السوفيتية النظام الشيوعی من جذوره.

8- لم تغفل رؤية آية الله العظمى الخامنئی دور الإعلام فی العالم، وطالبت أصحاب الفكر والقلم والموقف الشريف بحماية القيم الإيمانية للشعوب والوقوف أمام إعلام الدول الاستعمارية، وتندت بتشكيل جبهة إنسانية سلاحها الكلمة الصادق ومدادها العلم والحضارة الأصيلة.

9- توضح رؤية آية الله العظمى الخامنئی ملامح النظام العالمی الجديد والقائم على أعمدة الحوار المتكافئ والجدی بين العالم الإسلامی وأوربا الموحدة وعلى انبثاق محاور عالمية جديدة بعيد عن التسلط والاحتكار وشن الحروب، وفی طليعة تلك المحاور: مشاركة دول عدم الانحياز فی إقامة نظام اقتصادی عالمی جديد والقيام بدور أكبر فی الحياة السياسية العالمية، وإنهاء المساعی المحمومة للدول الاستعمارية القاضية بتقويض الإنجازات التی حققتها البلدان المستقلة والبلدان النامية.

إن صاحب النظرية والرؤية يمثل دائرة معارف حضارية حية، فهو فقيه وأصولی ومفسر للقرآن الكريم وسياسی عالمی، وهو من الرجال الأفذاذ. والرجال الأفذاذ هم القادة الحقيقيون للأمم، يصنعون الأحداث بوعی، يطرزون التاريخ بزهور الربيع، يصبحون كواكب فی سماء المعالين يحركون الزمان والمكان، يحركون البشر نحو المركز المضیء نحو الخير المطلق، نحو خالق الكون يرسلون أشعة نور بخط مستقيم، لا يعرفون الاعوجاج فی الحياة، يزرعون الطمأنينة فی قلوب الناس، يجعلون المدن ملئية بأشجار النصر، نظيفة مثل ضفاف الأنهار الزرق.

علی الخامنئی من أولئك الرجال الأفذاذ تتجلى فی جزء من فكره أخلاق الأنبياء، وتتجسد فی روحه ثورة الإسلام، القنابل أينعت فی يديه نخيلاً من الدماء أثمرت رطباً جنياً، أثمرت صموداً رائعاً، غابة الآلام حولها إلى تحد للحكومات الغربية، السماء قبل الأرض اختارت له المقام الأول: المقام الذی يأخذ بيد النجوم إلى الفجر، يأخذ بيد الوطن إلى البساتين المخضوضرة: بساتين مزهوة بالمجد، مزدهرة بالكلمة، مشعة بالطاقات النابعة من الخصوصية للإسلام.

فی غابة السنديان ينسل شذى آية الله العظمى الخامنئی، ينساب عبر ذكريات البطولة، لم يكترث لسياط السافاك، لم يخف من الخناجر التی تزاحمت عليه، فی السجون المظلمة تفجرت فيه روح المقاومة، كان يقول للجلادين: "أرض إيران مكفنة بالصور الملونة لجنكيز خان، لرضا خان، لمحمد رضا خان، هؤلاء جعلوا الوطن رمالاً وسراباً، سيهدم عرش طغيانكم روح الله، سيكتب الزمن الآتی على شفاه الأجيال، سيكتب اسم النصر على محاريب الجوامع، فوق أكواخ الفلاحين فی سواعد الثوار".

آية الله العظمى الخامنئی نموذج للأخلاق الفاضلة، جامعة للعطاء، كان من حواری روح الله، من تلاميذه الذين أضحوا عاصفة خير، عاصفة هبت على دنيا الإسلام، أشعلوا قناديل النصر، أيقظوا ضمير الأمة، جعلوا الفجر ينهض كسرب حمائم، استبدلوا الزمن السیء بزمن الكرامة، زرعوا حقول الأجيال بثياب القرنفل، أعادوا للمصابيح المنطقة أنوارها، أعادوا لثورة الإسلام شعاع الشمس، هدموا قصور المترفين، أشادوا دولة العدل.

انتهی / 115