إن من نعم الله علينا في هذا الزمان رعاية ولي الله الأعظم لنا، حيث أنه منشأ الفيوض الإلهية - المادية والمعنوية -، يقول أحد علماء الأخلاق:
«إن الأرزاق المادية والمعنوية في عصر الغيبة يجريها الرازق على يدي وليه المنتظر ، كما هو مقتضى النصوص المباركة.. وعليه فإن الارتباط به عاطفة وعقيدة وسلوكاً لمن موجبات مضاعفة تلك الأرزاق ومباركتها»[1] .
من هنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي:
كيف نرتبط بالإمام ؟ وكيف نوطد هذه العلاقة به ؟
وقبل الإجابة على هذا التساؤل نقول: إنه من الواجب على الشخص – ولو من ناحية أخلاقية – أن يلحظ ويراعي من يعتقد فيه مقاماً معيناً ولو في غيبته، بل ينبغي أن تكون هذه الملاحظة والرعاية أكبر وأعظم حال غيبته منها في حال ظهوره.
وبعد ذلك: نشير لبعض الوسائل المعينة على هذا الارتباط على سبيل المثال لا الحصر:
الاغتمام لفراقه ومظلوميته
عن الصادق أنه قال: " نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح "[2] .
انتظار فرجه والبكاء على فراقه ومصيبته
عن الصادق : " من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كان كمن هو مع القائم في فسطاطه "[3] .
كما روي عنه : " والله ليغيبن إمامكم سنيناً من دهركم، ولتمحصن حتى يقال مات أو هلك، بأي وادٍ سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين "[4] .
أن نصله بأموالنا
قد يقال: إنه من الممكن صلة الإمام بالمال حال ظهوره، أما حال غيبته فكيف يكون ذلك؟
ونقول: من الممكن ذلك بصلة الموالين لهم ، أو صرف المال فيما يحرز فيه رضاه ، فقد ورد عن الكاظم أنه قال: " من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي موالينا يكتب له ثواب صلتنا "[5] .
طلب معرفته من الله عز وجل والتوسل به في المهمات والاستغاثة به
ورد عن الإمام الصادق الدعاء المعروف: " اللهم عرفني نفسك.. إلى أن يقول: اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني "[6] .
إهداء ثواب الأعمال الصالحة له وزيارته
وهذا الأمر وإن كان غير مختص به ، بل يشمل جميع المعصومين، بل وكذا الأولياء الصالحين كأبي الفضل العباس والسيدة زينب ، لكنه وبالخصوص في زمن الغيبة الكبرى يكون من موارد توطيد العلاقة به .
الدعاء لتعجيل ظهوره وطلب النصر له
فقد ورد في التوقيع الشريف الصادر عنه : " وأكثروا من الدعاء بتعجيل الفرج فإن في ذلك فرجكم "[7] .
وورد عن أبيه العسكري : " والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه "[8] .
وفي الختام: أعود لأؤكد أن ما ذكر من وسائل توطيد العلاقة معه كان على سبيل المثال، وإلا فإن هناك الكثير من الوسائل التي لا تقل أهمية عمَّا ذكرناه أعرضنا عن ذكرها اعتماداً على فطنة الأخوة المؤمنين وفقهم الله تعالى، كرد المظالم للعباد والمداومة على بعض الصلوات والأوراد الخاصة، والثبات على الحق وعدم اتباع الدعوات الباطلة التي تخرج من هنا وهناك، والبراءة من أعداء آل محمد .
اللهم أرنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة، وأكحل نواظرنا بنظرة منا إليه، إنك أرحم الراحمين، وصل اللهم على محمد وآله الطاهرين، وألعن أعدائهم أجمعين.
[1] الوصايا الأربعون، الشيخ حبيب الكاظمي ص13
[2] الكافي ج2ص226 ح1
[3] البحار ج52 ص 126 ح18
[4] كمال الدين ج2 ص347 ح 35
[5] كامل الزيارات 319
[6] الكافي 1/272 ح 5 وكذلك يمكن مراجعة كمال الدين 2/342 ح 24، البحار 53 / 146 ح70، البحار 52/366 ح 146، غيبة النعماني 320 ح 10
[7] الاحتجاج 2 / 284
[8] كمال الدين 2/384 ح1 وهو حديث طويل
انتهی/125