وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : مجلة العصر
الاثنين

١٥ يونيو ٢٠٠٩

٧:٣٠:٠٠ م
156279

ما بين حزب الله والنظام المصري

يتساءل الكثيرون عن أهداف النظام المصري من توقيت الإعلان عمن يصفهم بـ"خلية حزب الله"، فيذهب بعض المحللين إلى أن هدف النظام هو ترهيب حماس والضغط عليها، لتقبل بما هو معروض عليها وتستسلم في الجولة القادمة من الحوار. بينما يذهب آخرون إلى أن مقصوده هو تشويه صورة الحزب، والخصم من رصيده لدي الشارع العربي، لأن رصيده هو رصيد للمقاومة، وبالضرورة فإن الإضافة إلى رصيد المقاومة هو خصم من رصيد الأنظمة والعكس بالعكس.

 وبالتأكيد، فإن كلا الهدفين صحيح، إلا أن هناك هدفا آخر، وهو الأكثر ارتباطا بالتوقيت، ألا وهو محاولة التأثير في نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية القادمة، وذلك من خلال تشويه الحزب ورميه بالنقائص، وهذه عادة النظام المصري وقدراته مع من يفترضهم أعداؤه. فهو لا يستطيع التأثير إيجابيا في الانتخابات اللبنانية لصالح شركائه، ويحاول التأثير سلبيا في صف من يعتقدهم أعدائه. أصبح من شبة المؤكد لدى مراكز قرار عالمية عديدة، أن المعارضة في لبنان في طريقها للفوز في الانتخابات القادمة، وليس أدل علي ذلك من خطوات الخارجية البريطانية المعلنة، وهناك الكثير من التحركات الخفية. والنظام المصري منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة، يجد نفسه في مأزق حقيقي، ويعتقد أن فوز المعارضة اللبنانية في الانتخابات سيكون مقدمة لفوز حماس ثانية في الانتخابات القادمة، وعندها سيكون من الصعب عليه داخليا، التمادي في إلغاء المعارضة المصرية الحقيقية، وسيكون ملزم بمشاركتها وإدماجها في النظام السياسي، وخارجيا سيتهاوى على يديه ما بات يعرف بمحور "الاعتدال". ومن هذا المنظور، يستطيع المرء أن يتفهم دوافع النظام المصري في متابعته للصغائر. وبالعودة إلى الاتهامات الموجهة إلى من يفترض أنهم أعضاء "خلية حزب الله"، يلزم بداية أن نستعرض قناعات حزب الله فيما يخص إدخال السلاح إلى غزة، كما يلزم التنويه إلى فتوى العديد من دوائر الإفتاء، وعلى سبيل المثال الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بحرمة هدم الأنفاق ومحاربة إدخال السلاح إلى غزة، كما يلزم التنويه إلى أن المقاومة التي صمدت وجه أبشع قوة حربية في المنطقة، إنما قاومت لأنها مسلحة، والسلاح الذي يدخل إليها، دافعت به عن شعبها ونفسها. وبالنظر إلي خبرة حزب الله وقدراته فمن المؤكد أنه توقع حرب غزة الأخيرة كما أعتقد أنه علي علم بقدرات واحتياجات المقاومة فرأي وجوب مساعدتها وإدخال السلاح إليها. كما أنه ليس خافيا أن الطريق الوحيد لإدخال السلاح هو عبر مصر. ومن هذا المنظور يستطيع المرء أن يتفهم تكليف حزب الله لأحد عناصره بالعمل علي إدخال السلاح إلي غزة ودعم المقاومة لوجستيا. أما عن الاتهامات الموجة إلى الحزب وأمينة العام السيد حسن نصر الله، فلنتعامل معها منطقيا: من العجب أن يغيب عن تلك الاتهامات "العمل على إدخال السلاح إلى غزة"، ولا يخفى سبب ذلك، لأن ذكر السبب يهدم المخطط رأساً على عقب، في حين يتقدمها "التحضير لعمليات عدائية ضد مصر"، و"تهديد الأمن القومي" و"بث روح الفتنة" و"العمل علي تشيع المجتمع" و"...". يستطيع النظام أن يدعي على الحزب بما شاء، مثل زعمه أنه يعمل لصالح إسرائيل متحالفا معها ضد مصر! وغير ذلك من الادعاءات، وذلك نظراً لعداء النظام للحزب. ومن المؤكد أن هذه الادعاءات وغيرها قد فقدت، ومنذ زمن بعيد، مضمونها ومعانيها عندما تصدر عن النظام المصري، فمن يزعم مثلا أن الإخوان المسلمين أعداء، ويعمل ليل نهار علي تجريدهم من حقوقهم واعتقالهم ومحاكمتهم عسكريا ومصادرة أموالهم، ومن يرى في حماس عدوا، لدرجة أن يقوم بتفتيش قادتها (الذين يحاورهم) ذاتيا، ومصادرة ما بصحبتهم من مال يسعون به للتخفيف عن شعبهم، في حين يرى أن إسرائيل جارة وصديقه، يستطيع أن يدعي ما يشاء، ولكن من دون أدنى مصداقية. وعلى الطرف الآخر، فإن من يحرر أرضة وشعبة بالقوة، ويفرض على عدوة وعدو الأمة معادلاته، ويضحي بنفسه وولده وماله، ويتحدث بقدر قوته ... أجدر بأن ينصت إليه ويستمع منه. فأمين عام حزب الله، عندما أقر بأن اللبناني المعتقل لدى السلطات المصرية هو أحد عناصر حزب الله، وكان يعمل لدعم المقاومة في غزة لوجستيا، وأنه ليس لدى الحزب أي نية عدائية ضد أي من الأنظمة العربية، قد أقر واقعا وصدق حالا. تزداد الصورة وضوحا عند الإجابة على بعض الأسئلة الحائرة، فمثلا هل قامت هذه المجموعة بأي من تلك الأعمال المدعاة؟ أم أنه يعتقد أن لديها النية؟ ما مصلحة حزب بحجم حزب الله (الذي هزم إسرائيل) في أن يقدم على أعمال عدائية ضد بلدان عربية؟ لماذا يرمي النظام المصري حزب الله بتلك التهم؟ هل كان لحماس سيطرة على غزة، أو لحزب الله خلية في مصر، منذ ست وخمس وأربع سنوات عندما وقعت العمليات الإرهابية في سيناء؟.... وأخيرا يتفهم الكثيرون ضرورات حماس التي تدفعها إلى بعض تصريحاتها الإعلامية، كتلك المتعلقة بـ"خلية حزب الله"، نذكرها هنا بأن المرونة الزائدة مدعاة لإعادة التشكيل، كما أن الصلابة الزائدة مدعاة للتحطيم، ولنا في ذلك مقال خاص.

انتهى / 131