وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ مدد البرلمان الهندي الموعد النهائي للجنة البرلمانية المشتركة لمراجعة مشروع قانون قدمته حكومة حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم، يهدف إلى تعديل قانون الوقف الخاص بالمسلمين في البلاد، الذي يُعد إطارًا لإدارة ممتلكات الوقف التي تشمل المساجد، والمقابر، والأضرحة، والمدارس، والمؤسسات الصحية وغيرها من الممتلكات.
وقد أثار المشروع، الذي قُدم إلى البرلمان في أغسطس/آب، معارضة شديدة من أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني الهندي، والحزب الشيوعي الهندي، وحزب المؤتمر "ترينامول"، كما واجه رفضًا من منظمات المجتمع المدني الإسلامية، التي اتهمت الحكومة بمحاولة تمكين نفسها وجهات أخرى من المطالبة بملكية ممتلكات الوقف.
وإثر هذه المعارضة، تمت إحالة المشروع إلى لجنة برلمانية مشتركة لمراجعته، ضمت برلمانيين من الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة، في محاولة للتوصل إلى توافق بشأن المشروع الذي أثار قلقًا واسعًا بين أطياف المعارضة والمجتمع المسلم.
محاولات قديمة
قالت فاطمة مظفر، عضو مجلس الأوقاف في ولاية تاميل نادو، للجزيرة نت إن "التاريخ الموثق لنظام الوقف في الهند يعود إلى عهد السلطان معز الدين بهرام، أحد حكام الهند في القرن الـ13 من سلالة المماليك، وبعد استقلال الهند عن الحكم البريطاني، صدر أول قانون للوقف عام 1954، وتلاه قانونان آخران في عامي 1995 و2013، وجميعها جاءت متوافقة مع متطلبات العصر".
وأضافت مظفر إنه "وفقًا لقانون الوقف، أنشأت كل ولاية في الهند مجلسًا لإدارة ممتلكات الوقف، وتعمل هذه المجالس تحت إشراف مجلس الوقف المركزي، الذي يتبع وزارة شؤون الأقليات، ومع ذلك، فإن ممتلكات الوقف ليست حكومية، بل هي ممتلكات خاصة تُدار وفقًا لأحكام الوقف".
من جهته، قال النائب البرلماني المعارض من حزب المؤتمر الوطني الهندي الدكتور سيد ناصر حسين، للجزيرة نت، إن "المشروع كان سيئ التخطيط والصياغة، ويفتقر إلى المنطق القانوني، وتم تقديمه بشكل عاجل إلى البرلمان دون التشاور مع أصحاب المصلحة"، وأكد غياب حاجة ملحة له، حيث لم تُسجل أي شكاوى جوهرية أو تحريض قضائي بشأن قانون الوقف أو تعديلاته.
التعديلات الأخطر
يتضمن مشروع القانون الذي اقترحه حزب بهاراتيا جاناتا أكثر من 40 تعديلاً على قانون الوقف الحالي، وهو ما أثار جدلاً واسعًا، ويؤكد القادة المسلمون أن معظم هذه التعديلات تحمل تداعيات سلبية على ممتلكات الوقف، مما يثير مخاوف بشأن حماية هذه الأصول ذات الطابع الديني والاجتماعي.
وتعليقًا على بند في مشروع القانون المقترح الذي يقضي بتعيين غير المسلمين في مجالس الأوقاف، قال النائب نصير حسين للجزيرة نت إنه "من المثالي في دولة علمانية تعيين أي مسؤول من أي دين في أي إدارة، ولا أجد مشكلة في ذلك شخصيا، ولكن القوانين التي تحكم وظائف مجالس الأوقاف الهندوسية وصناديق المعابد في جميع أنحاء البلاد تنص صراحة على أنه لا يمكن إلا للهندوسي أن يكون عضوًا في مجلس الإدارة أو الصندوق"، متسائلا "لماذا يتم استخدام معيار مختلف في إدارة الأوقاف الإسلامية؟".
من جهتها، ترى عضوة مجلس الأوقاف فاطمة مظفر أن "أخطر ما في مشروع القانون الجديد هو أنه يلغي المادة 40 من قانون الوقف الحالي، التي تمنح مجلس الأوقاف سلطة تحديد وصيانة وحماية ممتلكات الأوقاف، وبدلاً من ذلك، يعطي مشروع القانون هذه المسؤولية لمفوض المنطقة، الذي يُعد أعلى موظف مدني في كل منطقة ويتم تعيينه من قِبل الحكومة".
وتضيف مظفر للجزيرة نت أن المشروع يثير تساؤلات حول كيفية إدارة ممتلكات الأوقاف بشكل مستقل، خصوصًا في حال حدوث نزاع، "فعلى سبيل المثال، في العاصمة دلهي، هناك حوالي 200 عقار وقفي، تحتوي على مكاتب حكومية، وإذا نشب نزاع حول هذه الممتلكات، ألا يكون من المحتمل أن يتخذ المفوض قرارًا يصب في صالح الحكومة؟".
وفي السياق، أضاف النائب نصير حسين أن "النزاعات حول ممتلكات الأوقاف تدور في الأساس بين مجالس الأوقاف وحكومات الولايات، وفي مثل هذه الحالات، لا يعد من المنطقي أن يكون مفوض المنطقة طرفًا في القضية عندما يكون ممثلًا للحكومة"، موضحا أن المحكمة العليا أيدت هذا الموقف وأصدرت حكمًا يقضي بعدم جواز نظر المفوض في الدعاوى المتعلقة بملكية الأراضي، مشيرة إلى تعارض ذلك مع مبدأ الحيادية.
وفي تعليقه على الشرط الذي ينص على "ضرورة أن يكون المسلم ممارسًا لشعائره الدينية لمدة 5 سنوات على الأقل ليتمكن من التبرع بوقف"، قال النائب "إن هذا الشرط يتناقض مع التقاليد العلمانية والليبرالية في الهند"، مؤكدا أنه ينبغي السماح لأي مواطن بالتبرع لأي شخص أو مؤسسة دينية بغض النظر عن الدين.
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن التاريخ الهندي يشهد على العديد من التبرعات السخية التي قدمها أتباع ديانات مختلفة لدعم مؤسسات دينية تخص ديانات أخرى، وكان من بينهم الملوك والسلاطين في العصور الماضية.
أما بخصوص المادة التي تنص على "ضرورة إشراك امرأتين في مجالس الأوقاف"، قال النائب "أغرب ما في هذه الأحكام أن وزير شؤون الأقليات كيرين ريجيجو أظهر جهله عندما ذكر هذا في البرلمان، حيث وصفه بأنه إجراء لتمكين المرأة، ولكن قانون عام 2013 نص بالفعل على هذا، حيث تضم جميع مجالس الأوقاف في البلاد امرأتين في كل منها، ومن الواضح أن الوزير لم يطلع على هذا القانون".
مخاوف وتداعيات
وسبق أن قال رئيس الوزراء ناريندرا مودي مؤخرًا لأنصار حزبه في احتفالات الفوز في الانتخابات التشريعية في ولاية غوجارات، إن "مجالس الأوقاف تعارض الدستور الهندي"، وأضاف أن "حزب المؤتمر أصدر قوانين بهدف الاسترضاء وزيادة بنك الأصوات".
وعلى هذه الخلفية، يحذر الزعماء المسلمون من أن تمرير مشروع القانون في البرلمان ستكون له آثار كبيرة على المسلمين، مما يعقّد الأوضاع السياسية والدينية في البلاد.
ونظرًا للتداعيات المحتملة على الممتلكات الدينية والاجتماعية للمسلمين، سارعت العديد من المنظمات الإسلامية إلى تقديم مقترحاتها للجنة البرلمانية المشتركة، وتضمنت هذه المنظمات هيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند، وجمعية علماء الهند، والجماعة الإسلامية، بالإضافة إلى عدد من مجالس الأوقاف الإقليمية.
ويؤكد النائب نصير حسين للجزيرة نت أنه "إذا أصبح هذا المشروع قانونًا، فمن المحتمل أن يؤدي إلى إشعال الانقسامات الدينية في جميع أنحاء البلاد، وسيكون من الممكن لأي شخص أن يثير الشكوك حول منشأ المعالم التاريخية وملكية الأراضي، مما يؤدي إلى نزاعات طائفية كبيرة، وسيتسبب بالتقاضي على أسس طائفية، واستغلاله للاستقطاب" لذا فإن المشروع يشكل "تهديدًا خطيرًا للنسيج العلماني الديمقراطي للبلاد"، حسب قوله.
..................
انتهى / 232
وقد أثار المشروع، الذي قُدم إلى البرلمان في أغسطس/آب، معارضة شديدة من أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني الهندي، والحزب الشيوعي الهندي، وحزب المؤتمر "ترينامول"، كما واجه رفضًا من منظمات المجتمع المدني الإسلامية، التي اتهمت الحكومة بمحاولة تمكين نفسها وجهات أخرى من المطالبة بملكية ممتلكات الوقف.
وإثر هذه المعارضة، تمت إحالة المشروع إلى لجنة برلمانية مشتركة لمراجعته، ضمت برلمانيين من الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة، في محاولة للتوصل إلى توافق بشأن المشروع الذي أثار قلقًا واسعًا بين أطياف المعارضة والمجتمع المسلم.
محاولات قديمة
قالت فاطمة مظفر، عضو مجلس الأوقاف في ولاية تاميل نادو، للجزيرة نت إن "التاريخ الموثق لنظام الوقف في الهند يعود إلى عهد السلطان معز الدين بهرام، أحد حكام الهند في القرن الـ13 من سلالة المماليك، وبعد استقلال الهند عن الحكم البريطاني، صدر أول قانون للوقف عام 1954، وتلاه قانونان آخران في عامي 1995 و2013، وجميعها جاءت متوافقة مع متطلبات العصر".
وأضافت مظفر إنه "وفقًا لقانون الوقف، أنشأت كل ولاية في الهند مجلسًا لإدارة ممتلكات الوقف، وتعمل هذه المجالس تحت إشراف مجلس الوقف المركزي، الذي يتبع وزارة شؤون الأقليات، ومع ذلك، فإن ممتلكات الوقف ليست حكومية، بل هي ممتلكات خاصة تُدار وفقًا لأحكام الوقف".
من جهته، قال النائب البرلماني المعارض من حزب المؤتمر الوطني الهندي الدكتور سيد ناصر حسين، للجزيرة نت، إن "المشروع كان سيئ التخطيط والصياغة، ويفتقر إلى المنطق القانوني، وتم تقديمه بشكل عاجل إلى البرلمان دون التشاور مع أصحاب المصلحة"، وأكد غياب حاجة ملحة له، حيث لم تُسجل أي شكاوى جوهرية أو تحريض قضائي بشأن قانون الوقف أو تعديلاته.
التعديلات الأخطر
يتضمن مشروع القانون الذي اقترحه حزب بهاراتيا جاناتا أكثر من 40 تعديلاً على قانون الوقف الحالي، وهو ما أثار جدلاً واسعًا، ويؤكد القادة المسلمون أن معظم هذه التعديلات تحمل تداعيات سلبية على ممتلكات الوقف، مما يثير مخاوف بشأن حماية هذه الأصول ذات الطابع الديني والاجتماعي.
وتعليقًا على بند في مشروع القانون المقترح الذي يقضي بتعيين غير المسلمين في مجالس الأوقاف، قال النائب نصير حسين للجزيرة نت إنه "من المثالي في دولة علمانية تعيين أي مسؤول من أي دين في أي إدارة، ولا أجد مشكلة في ذلك شخصيا، ولكن القوانين التي تحكم وظائف مجالس الأوقاف الهندوسية وصناديق المعابد في جميع أنحاء البلاد تنص صراحة على أنه لا يمكن إلا للهندوسي أن يكون عضوًا في مجلس الإدارة أو الصندوق"، متسائلا "لماذا يتم استخدام معيار مختلف في إدارة الأوقاف الإسلامية؟".
من جهتها، ترى عضوة مجلس الأوقاف فاطمة مظفر أن "أخطر ما في مشروع القانون الجديد هو أنه يلغي المادة 40 من قانون الوقف الحالي، التي تمنح مجلس الأوقاف سلطة تحديد وصيانة وحماية ممتلكات الأوقاف، وبدلاً من ذلك، يعطي مشروع القانون هذه المسؤولية لمفوض المنطقة، الذي يُعد أعلى موظف مدني في كل منطقة ويتم تعيينه من قِبل الحكومة".
وتضيف مظفر للجزيرة نت أن المشروع يثير تساؤلات حول كيفية إدارة ممتلكات الأوقاف بشكل مستقل، خصوصًا في حال حدوث نزاع، "فعلى سبيل المثال، في العاصمة دلهي، هناك حوالي 200 عقار وقفي، تحتوي على مكاتب حكومية، وإذا نشب نزاع حول هذه الممتلكات، ألا يكون من المحتمل أن يتخذ المفوض قرارًا يصب في صالح الحكومة؟".
وفي السياق، أضاف النائب نصير حسين أن "النزاعات حول ممتلكات الأوقاف تدور في الأساس بين مجالس الأوقاف وحكومات الولايات، وفي مثل هذه الحالات، لا يعد من المنطقي أن يكون مفوض المنطقة طرفًا في القضية عندما يكون ممثلًا للحكومة"، موضحا أن المحكمة العليا أيدت هذا الموقف وأصدرت حكمًا يقضي بعدم جواز نظر المفوض في الدعاوى المتعلقة بملكية الأراضي، مشيرة إلى تعارض ذلك مع مبدأ الحيادية.
وفي تعليقه على الشرط الذي ينص على "ضرورة أن يكون المسلم ممارسًا لشعائره الدينية لمدة 5 سنوات على الأقل ليتمكن من التبرع بوقف"، قال النائب "إن هذا الشرط يتناقض مع التقاليد العلمانية والليبرالية في الهند"، مؤكدا أنه ينبغي السماح لأي مواطن بالتبرع لأي شخص أو مؤسسة دينية بغض النظر عن الدين.
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن التاريخ الهندي يشهد على العديد من التبرعات السخية التي قدمها أتباع ديانات مختلفة لدعم مؤسسات دينية تخص ديانات أخرى، وكان من بينهم الملوك والسلاطين في العصور الماضية.
أما بخصوص المادة التي تنص على "ضرورة إشراك امرأتين في مجالس الأوقاف"، قال النائب "أغرب ما في هذه الأحكام أن وزير شؤون الأقليات كيرين ريجيجو أظهر جهله عندما ذكر هذا في البرلمان، حيث وصفه بأنه إجراء لتمكين المرأة، ولكن قانون عام 2013 نص بالفعل على هذا، حيث تضم جميع مجالس الأوقاف في البلاد امرأتين في كل منها، ومن الواضح أن الوزير لم يطلع على هذا القانون".
مخاوف وتداعيات
وسبق أن قال رئيس الوزراء ناريندرا مودي مؤخرًا لأنصار حزبه في احتفالات الفوز في الانتخابات التشريعية في ولاية غوجارات، إن "مجالس الأوقاف تعارض الدستور الهندي"، وأضاف أن "حزب المؤتمر أصدر قوانين بهدف الاسترضاء وزيادة بنك الأصوات".
وعلى هذه الخلفية، يحذر الزعماء المسلمون من أن تمرير مشروع القانون في البرلمان ستكون له آثار كبيرة على المسلمين، مما يعقّد الأوضاع السياسية والدينية في البلاد.
ونظرًا للتداعيات المحتملة على الممتلكات الدينية والاجتماعية للمسلمين، سارعت العديد من المنظمات الإسلامية إلى تقديم مقترحاتها للجنة البرلمانية المشتركة، وتضمنت هذه المنظمات هيئة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعموم الهند، وجمعية علماء الهند، والجماعة الإسلامية، بالإضافة إلى عدد من مجالس الأوقاف الإقليمية.
ويؤكد النائب نصير حسين للجزيرة نت أنه "إذا أصبح هذا المشروع قانونًا، فمن المحتمل أن يؤدي إلى إشعال الانقسامات الدينية في جميع أنحاء البلاد، وسيكون من الممكن لأي شخص أن يثير الشكوك حول منشأ المعالم التاريخية وملكية الأراضي، مما يؤدي إلى نزاعات طائفية كبيرة، وسيتسبب بالتقاضي على أسس طائفية، واستغلاله للاستقطاب" لذا فإن المشروع يشكل "تهديدًا خطيرًا للنسيج العلماني الديمقراطي للبلاد"، حسب قوله.
..................
انتهى / 232