وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الاثنين

٢١ أكتوبر ٢٠٢٤

٨:٥٠:٤٨ ص
1496731

كتاب "المنافقون ودورهم في نكبات الأمة" يكشف عن خطورة المنافقين في المجتمع على طول التاريخ

والوقائع تثبت يوما بعد يوم أن نكبة الأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات، وأن نكايتهم فيها وجنایتهم عليها تزيد على كل النكايات والجنايات؛ فالكفر الظاهر على خطره وضرره يعجز في كل مرة يواجه فيها أمة الإسلام أن ينفرد بإحراز انتصار شامل عليها، ما لم يكن مسنودا بطابور خامس من داخل أوطان المسلمين، ويتسمى بأسماء المسلمين، يمد الأعداء بالعون، ويخلص لهم بالنصيحة، ويزيل من أمامهم العقبات، ويفتح البوابات.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ تحدّث رئيس المكتب السياسي لتيار العمل الإسلامي في البحرين الدكتور "راشد الراشد"، عن كتاب "المنافقون ودورهم في نكبات الأمة" في حوار مع وكالة "أبنا" للأنباء الدولية، قال موضحا: رأينا ذلك في عصرنا وسمعنا عنه قبل عصرنا؛ فمنذ أن افتتح (ابن سلول) طريق النفاق، سارت فيه من بعده أفواج المنافقين عبر التاريخ، وفي عصرنا الراهن لا تخطئ العين ملامح النفاق الظاهر المتظاهر مع الكافرين في القضايا الكبرى من قضايا المسلمين.

نص الحوار الذي أجراه مراسل وكالة "أبنا" للأنباء مع رئيس المكتب السياسي لتيار العمل الإسلامي في البحرين الدكتور "راشد الراشد":

1. ما هو الهدف من تأليف الكتاب الذي احتوى على موضوع المنافقين؟
لقد كانت فكرة دراسة دور المنافقين في نكبات الأمة تراودني منذ أمد بعيد تصل إلى بدايات انتصار الثورة الإسلامية في ايران حيث كان للمنافقين دورهم الوظيفي الخطير على مستقبل الثورة والأمة الإسلامية، وأقول دورهم الوظيفي لقناعة وصلتُ إليها بأن المنافقين إنما يخدمون أجندات مشغليهم ويصبحون أدوات طيعة في يد الأعداء لتوجيه ضربات موجعة ومؤلمة للأمة في قتل قياداتها أو في زرع الفتنة وقيادة حروب التشكيك حول الهوية والمرتكزات الفكرية وحتى الدينية والعقائدية التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي. ووجدت في حركة المنافقين في المجتمع الإيراني دورا هدّاماً خطيراً علي مستقبل الثورة الإسلامية ووحدة الأمة تجاه فكر الثورة وقياداتها.
ثم بمتابعات قريبة في عدد من البلدان الإسلامية كلبنان والعراق واليمن والبحرين وغيرها حيث ينشط المنافقون في زوايا ومساحات المجتمع سياسياً وثقافياً وفكرياً وحتى أمنياً حيث يتعاون المنافقون مع أجهزة المخابرات الأجنبية ليكونوا الذراع الخفي للأعداء في ضرب الأمة في هويتها وفكرها وقياداتها.
وقد ثارت لدي تساؤلات عدة حول موضوع دور المنافقين في نكبات الأمة ولم أجد في مكتبتنا الإسلامية ولا وسائل إعلامنا أي تغطية مناسبة لفضح ما يقوم به المنافقون من دور في تدمير الأمة وهدم ثوابتها،
بينما وجدت في كتاب الله المجيد ما كنت أبحث عنه، سورة مخصصة حول المنافقين تشرح خطورتهم في مجتمع الإيمان ووسائلهم في التخفي والتمظهر الايماني ليمرروا أجندة أعداء الأمة، وكيف أن القرآن يحذر منهم ويعتبرهم أشد خطراً وفتكاً بالأمة حتى من الأعداء الظاهرين.
ثم وجدت أيضاً خطبة رائعة للإمام علي بن أبي طالب ”عليه السلام“ حول صفات المنافقين وكانت هي واحدة من أعظم خطبة، وقد دفعني ذلك للتفكير في إعداد بحث يطرح موضوع المنافقين والتعريف بهم وبخطورتهم على الأمة ومناقشة خططهم وأساليبهم في توجيه ضرباتهم للهوية وثوابت الأمة، وبحث سبل مواجهتهم وإثارة فكرة ضرورة التعريف بالمنافقين وفضح أساليبهم وتبيان خطورة ما يقومون به من دور في التخريب والتدمير لكل عناصر القوة في المجتمعات الدينية.
وكان هذا البحث نتيجة لتلك الفكرة، خاصة مع موجات المجابهات الأمنية والسياسية والفكرية والعقائدية التي يزدهر فيها اليوم نشاط المنافقين في كل الجبهات ومنها جبهات التشكيك والتضليل والتزييف من خلال الهجمة المسعورة التي نشاهدها ونلمس آثارها في كل إتجاه، كالعولمة، والمثلية، والإباحية، وغيرها من عناوين الهدف الأساسي منها إحداث الخلخلة في هويتنا وفكر أجيالنا المعاصرة.

ما هي صفات المنافقين برأيكم ؟ ولماذا ذكرهم القرآن الكريم أنهم أشد من الكفار؟
كما جاء في القرآن الكريم فإن خطر المنافقين أخطر من دور الكافرين، لأنهم يتحركون في وسط الناس بمظاهر خادعة، فيظهرون أنفسهم كمتدينين، ويلتزمون الصلاة في المساجد، ويشاركون في صلاة الجماعة، وحضور المحافل الدينية، ويتحلون كما وصفهم القرآن الكريم بأنهم يجيدون الكلام ويحسنون المعاشرة، ولكنهم يخفون حقيقة أمرهم عن المجتمع، أما الكافرون فهم واضحون وتشخيصهم ليس صعباً، ولذلك ليس من السهل كشف حقيقتهم وهم يتمظهرون في المجتمع الإيماني بمظاهر التقي والتدين، ويكون خطرهم كبير بسبب معرفتهم القريبة بكل التفاصيل التي ترتبط بالمجتمع ورموزه ونشطائه وكوادره، وكذلك تقع في أيديهم كثير من الخطط وتفاصيل البرامج التي يفكر بها الناس في المجتمع الإيماني.
كما أن تواجدهم في وسط المجتمع يسهل عمليات الاختراق التي يقوم الأعداء من خلالهم لسهولة التواصل معهم ونقل المعلومات والتفاصيل المتعلقة بواقع مراكز القوة والحركة في المجتمع، حيث يسهل بعد ذلك توجيه الضربات الموجعة للأمة.
ولذلك نجد أن خطاب الله سبحانه وتعالى حول المنافقين كان شديداً وقد حذر سبحانه وتعالى نبينا الأعظم ”صلى الله عليه وآله“ من خطورتهم وأشار إلى أنه بسبب مكرهم وخداعهم وتضليلهم بالتمظهر الإيماني إلي الدرجة التي يكون الصعب على المؤمنين معرفتهم وتشخيص نواياهم الشريرة ضد الأمة والدين والعقيدة.
وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى في الآية ١٠٩ من سورة التوبة: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ ٱلْأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُوا۟ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ).

ما نوع الضربات وجهها المنافقون في الدول الاسلامية على جسد الأمة الاسلامية في الوقت الحاضر؟
في وقتنا الراهن فإن حركة المنافقين واسعة وشاملة بسبب التوظيفات السياسية للدول الإستكبارية، ولديهم إمكانات هائلة لأداء مهام الخطيرة ضد الأمة وهويتها وثوابتها.
وبوسعنا القول بأن التطورات التقنية والتكنولوجية والمعرفية زادت من شراسة المواجهة، وهناك جيش وطوابير هائلة من المنافقين يتم توظيفهم لخدمة الأجندات الخاصة بأعداء الأمة الإسلامية.
 ولم تقتصر حركة المنافقين في وقتنا المعاصر على الوسائل والطرق القديمة في الاختراق وضرب المجتمع وتدمير نقاط القوة فيه والتشكيك في قياداته ومرجعياته وإنما بسبب الإمكانات التقنية والفنية والإستخباراتية التي تمتلكه الدول اليوم تقوم بتوظيف وتشغيل الآلاف ليقوموا بدور النفاق في الأمة من خلال الاغداق المالي والفني عليهم، بل يمكننا الإدعاء أن هناك مئات بل آلاف الغرف السوداء التي تقوم بالمتابعة والتخطيط والتنفيذ في هذا الملف وله من الإمكانيات الضخمة ما يساعدها على شراء الذمم الرخيصة بالمال السياسي للقيام بما يطلب منها في جسد الأمة.
وقد ذكرت في بحثي بأن حركة النفاق أصبحت ظاهرة منظمة ولها أطباء ومهندسون ومحامون وكتاب ومفكرون وإعلاميون ورياضيون وطاقات من مختلف المجالات، والأهم أن لديها بالإضافة إلى الإمكانات المالية والفنية الهائلة عندها ماكنة إعلامية ضخمة تحمل مشاريع هدّامة يتم التخطيط والعمل عليها وفق أجندات خاصة وتغذي حركة النفاق بما تحتاجه من تغطية فكرية وسياسية ونفسية.

ما هي العلاقة بين تواجد المنافقين في البلدان الاسلامية وإحداث الفتن الداخلية فيها برأيكم؟
لعل خلق الفتن داخل المجتمعات الإسلامية والتركيز علي الشحن النفسي والتطرف في مكونات المجتمع الإسلامي هي واحدة من أهم وأخطر أهداف حركة النفاق والمنافقين في العالم الإسلامي اليوم. وأينما تم توقع أن تكون هناك نهضة حضارية وفكرية في أي بقعة من عالمنا الإسلامي نجد هناك من يتحرك ليغذي الفتنه ويوقظ أبواب لم تكن مفتوحة من ذي قبل. وها هي معظم شعوبنا ومجتمعاتنا الإسلامية دفعت أثمان باهظة نتيجة الصراعات البينية المفتعلة في جسد الأمة، وها هو التطرف والعصبيات المختلفة يتم استحضارها في كل مرة تحاول فيها الأمة النهضة مجدداً. كما أن موجات عاتية من الأفكار المضادة للإسلام العظيم يتم تحريكها لإثارة الفتنة والتشكيل بكل ما يتصل بأفكارنا ورؤيتنا للنهوض وبناء حضارتنا الإنسانية وفق مفاهيمنا الخاصة وما يعبر عن هويتنا.

كيف تستغل أمريكا والكيان الصهيوني من المنافقين لتحقيق أهدافهم ؟
لا شك أن أحد أهم وأخطر الأدوار الذي يقوم به المنافقون في المجتمع هو تقديمهم للمعلومات السرية والخاصة عن المجتمع، وليس خافياً أو مخفياً كيف تستفيد الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية من حركة المنافقين في المجتمعات الإسلامية، بل لا نحتاج إلى جهد كبير للوقوف على حقيقية خططهم في تجنيد المنافقين بل وصناعة أجيال جديدة منهم تحت عناوين التطوير والتدريب والتنمية، بل لقد تجاوزت الحال إلى صناعة وتجنيد دول بأكملها ليقوموا بحركة النفاق في قلب العالم الإسلامي، وكمثال على ذلك، تنامي مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني وما يعنيه من إيجاد قواعد انطلاق وتسهيلات وغرف عمليات مهمة وخطيرة في قلب العالم الإسلامي، تقوم بدورها في تجنيد وصناعة المنافقين وتعمل على تنمية حركتها في تدمير نقاط القوة في المجتمع.

ما العلاقة بين اغتيال قيادات المقاومة والمنافقين في الدول الإسلامية؟
في مراحل المجابهات الساخنة والفتنوية القصوى يكون المنافقون هم الأدوات والأيادي الأكثر خطورة وفتكاً بالأمة، لقربهم ووجودهم داخل المجتمع ومعرفتهم بالكثير من بتفاصيل كثير من الأسرار والمعلومات حول المجتمع وقادته ورموزه وكوادره.
أما المدربون منهم في هذه الأيام فهم يصلون بطرقهم الخاصة إلى عمق أروقة القرار في المجتمع، ويصلون إلى مراكز حساسة ومهمة من جسم الدولة والمؤسسات الحساسة والمهمة لها.
ومن الواضح أن حركة الإغتيالات في تاريخنا الإسلامي الكبير ومنذ اللحظات الأولى لتأسيس حركة الإسلام كان للمنافقين دورهم الأساسي في الوصول إلى قتل العديد من قادة الأمة، من حيث التنفيذ كما فعل المنافقين في الصدر الأول من الإسلام، أو في تزويد الأعداء بالمعلومات الخاصة والسرية بتحركاتهم وأماكن تواجدهم.
وتكرر هذا عندما قام أبن ملجم في قتل الإمام علي بن أبي طالب ”عليه السلام“ ومن بطن المسجد، فقد تمظهر اللعين بمظهر المصلين وكان متواجداً دائماً يصلي صلاة الجماعة في المسجد بحيث أستطاع أن يخفي حقيقته وحقيقة توجهاته بين مجتمع الإيمان، وهكذا تسنى له تنفيذ جريمته البشعة في تصفية رمزاً وقائداً بحجم وقامة الإمام علي ”عليه السلام“، وتتواصل حركة المنافقين في الأمة حسب مستويات الصراع القائمة ويقومون بأدوارهم الخبيثة في إثارة التشكيكات والفتن وصولاً إلى المساهمة في تصفية القيادات والكوادر الأمامية في صفوف الأمة، وفي الأحداث المؤلمة  والمؤسفة الأخيرة التي تمكنت فيها الصهيونية العالمية من تصفية عشرات القيادات الرسالية والمجاهدة في لبنان وفلسطين وعلى رأسها سيد المقاومة الشهيد العظيم السيد حسن نصر الله ”رضوان الله تعالى عليه“ فمن المؤكد بأن فاجعة الوصول إليه كانت بيد المنافقين الذين تتعدد مواقع نفوذهم وطرق وصولهم إلي المعلومات الحساسة والخطيرة في رصد القادة والرموز. وهنا وبعد تمكن الصهيونية العالمية من الوصول إلى عدد كبير من قيادات الصف الأول من المقاومة الإسلامية لابد من إتخاذ موقف حاسم وصريح تجاه حركة المنافقين في الأمة، ولابد من أن يعضده حركة ثقافية كبرى للتعريف بالمنافقين وخطرهم في الأمة، وهذا ما حاولناه في كتابنا الذي صدر مؤخراً ”المنافقون ودورهم في نكبات الأمة“ أن تكون محاولة في طريق شاق وطويل لتحريك موضوع المنافقين وإعطائه الأهمية اللازمة لتحصين الأمة وإفشال مخططات أعداء الأمة للنيل من مقدساتها ورموزها وهويتها وفكرها وثقافتها ووحدتها من خلال المجندين والتافهين من المنافقين والمنافقات، والذي نأمل أن تتواصل وتستمر لتغذية الأمة بما تحتاجه من رؤية وبصيرة في هذا الاتجاه.

كيف يجب على نخب المجتمع الكشف عن المنافقين وأعمالهم للناس؟
في مواجهة حركة النفاق المحلية والعالمية لابد من العمل على تحصين الأمة وحمايتها فكرياً وعقائدياً من خطر الوقوع في حركة النفاق من خلال حملات فكرية موجهة مكثفة ومتواصلة للتعريف بخطر حركة النفاق والمنافقين في الأمة وتحذيرهم من خطر السقوط في أفخاخ المنافقين. وها هو القرآن الكريم يتحدث إلينا بصيغة الجمع ويدعونا لأخذ كامل الحيطة والحذر، إذ يقول سبحانه وتعالى في الآية ٧١ من سورة النساء بشكل قاطع وحاسم وواضح:  ”يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ خُذُوا۟ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُوا۟ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُوا۟ جَمِيعًا“.
فالأمة الإسلامية في حالة مجابهة ومواجهة مستمرة مع الأعداء في الداخل والخارج، فلابد من التفكير والتخطيط الشامل، وجعل مجابهة المنافقين في الأولويات القصوى، لحماية الأمة والكيان الإسلامي ومحاصرة الأخطار المتوقعة من حركة المنافقين في الأمة، وحيث يستفيد أعداء الخارج من إمكاناته وقدراته المالية والفنية في تجنيد وصناعة المزيد من المنافقين في الأمة وتدريبهم وتزويدهم بالمادة الفكرية اللازمة للتحرك والانطلاق على قاعدة من القناعة الفكرية بما يقومون به من دور في ضرب الأمة وإضعافها. أما عن أساليب مواجهتهم فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبينا الأعظم بضرورة مجاهدة المنافقين على حد سواء في صف مجاهدة الكفار ومنازلتهم ودعا بوضوح شديد إلى القسوة والغلظة عليهم بقوله تعالى في الآيه ٧٣ من سورة التوبة ”يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ جَٰاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَىٰهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ“.

.....................

انتهى / 323