وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ إثر الأحداث المؤسفة والانتهاكات الجسيمة التي ارتكب الكيان الصهيوني في غزة و لبنان، أصدر المرجع الديني آية الله جوادي الآملي بيانًا شديد اللهجة، أكد فيه أن الكيان الصهيوني يقف ضد أصول الإسلام ومخالف لوجود الإسلام.
وأضاف: إن الصراع الدائر ليس صراعًا طائفيًا ولا مذهبيًا، بل هو صراع حق وباطل، أي صراع إسلامي بامتياز. فكل الدول الإسلامية في خندق واحد ضد الكيان الصهيوني الذي يغتصب أراضي المسلمين، ويتعارض مع مبدأ أساسي في الإسلام وهو وجوب طرد الغزاة، إذ يقرر الإسلام وجوب طرد أي جماعة تستولي على أراضي دولة أخرى بغير حق.
إذن، المسألة ليست مسألة مذهب، أو شيعية أو سنية، أو إيران أو لبنان، أو عرب أو عجم، بل هي مسألة قرآن وغير قرآن. فكل ما يجري الآن هو صراع بين القرآن وبين من يعاديه وبين اسرائيل وأصحاب الكفر.
والأمر الثاني هو أنه إذا لم يسارع قادة الدول الإسلامية إلى نصرة هذه الحركة، فإنهم سيتعرضون لمخاطر مماثلة من إسرائيل في المستقبل. وليس الأمر كذلك، فإذا لم يساندوا هذه الحركة اليوم، فلن يكونوا في مأمن غداً، لأنهم يعيشون هم أنفسهم تحت ظل الإسلام.
تسعى إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة للصمود، ذلك أن وجودها ككل مهدد بالزوال. فإذا ما انهارت إسرائيل، فلن تجد ملاذًا لها، فلن تقبلها الدول الأخرى، ولن تستطيع البقاء في هذه الأراضي المحتلة.
ولهذا السبب تشعر إسرائيل بخطر داهم يهدد وجودها بالكامل. فالأمر لا يشبه الحروب التي نخوضها نحن، حيث يدافع أبناؤنا عنا إذا استشهدنا. إن إسرائيل تدرك جيدًا أنها محتلة وأنها يجب أن ترحل، ولذلك فهي تقاوم بكل ما أوتيت من قوة. فهي لا تفكر في أن تنتقم أبناؤها وأحفادها، بل هي تعلم أن المسلمين سيطردونها نهائيًا من هذه الأراضي.
والأمر الأهم هو أن المعركة ليست بين ايران ولبنان وحزب الله وبينهم، بل هي معركة دينية. فإذا كان الدين معنا، فلا يجب أن نشك في قدرتنا، لأن الله تعالى وعدنا بنصرته لأنه قال (هو معكم). وإذا كان الله معنا كما كان مع الثورة الإسلامية، فمن المستحيل أن نهزم، ولا حتى بنسبة ضئيلة.
أقترح على قادة الدول الإسلامية وعلمائها وشعوبها المؤمنة أن يعودوا إلى القرآن الكريم، لنتأمل ما جاء فيه عن اليهود وإسرائيل أولا، وبالتالي ما هي مسؤوليتنا تجاههم وأن القرآن الكريم يبيّن حقيقة الصهاينة ويوضح من هم وماذا يرتكبون من انتهاكات.
الأمر الثاني أن هؤلاء الذين قضوا تحت الأنقاض، حالهم مبين في القرآن الكريم، فهو يخبرنا بأنهم في نعيم، وأن صراخنا عليهم هو من باب الشفقة الإنسانية، ولكنهم في الحقيقة ينعمون برحمة الله. وهذا ما أكده سيدنا الأستاذ العلامة الطباطبائي رحمه الله، حيث قال: إن الذين يرون الشهداء يصرعون في ميادين القتال يعتقدون خطأً أنهم يعانون من آلام ومعاناة، في حين أنهم يستمتعون بلذة عظمى، كمن يسبح في ماء بارد في يوم حار، فهم في نعيم عظيم.
فيؤكد هذا القول النوراني مستندا إلى القرآن الكريم بأن الموت نوعان: موت يترافق بالألم والعناء، وموت يكون فيه النشاط والسرور، حتى وإن كنا نراه من الخارج موتًا مؤلمًا، كما لو كان الشخص يخرج من تحت الأنقاض.
هاهنا امور، الأول: «الاسرائيل ما هو؟» قد بيّن الله تعالى لرسوله الكريم أن هذه الأمة ليست أمة عادية، وقد ذكر ذلك في سورة المائدة الآية الثالثة عشر ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾ فأنت تواجه عدواً لا يعرف سوى الخيانة والغدر والتجسس، يمارس هذه الأفعال يومياً بلا هوادة… ﴿لا تَزالُ﴾! من هو الخصم الذي تواجهونه؟ من تريدون محاربته؟ أتريدون محاربة من يقبلون الصلح والاتفاقات؟ إنهم ليسوا كذلك. أنت نبي وهم يكذبون عليك ويخونونك باستمرار.” فكلمة لاتزال تفيد الاستمرار . كل يوم مؤامرة جديدة، كل يوم سياسة معوجة، كل يوم فساد وتجاوزات. هذه هي القاعدة السائدة. يجب أن تعرفوا جيداً من تتعاملون معه.
فالأصل الأول هو معرفة من نواجه. والأصل الثاني الذي يرتقي بنا إلى عالم الغيب ويقول: أنكم ترون قومًا يموتون في نعيم ظاهر، ولكن الأمر ليس كذلك، وترون آخرين ينتشلون من تحت الأنقاض، ولكن الأمر ليس كذلك أيضًا. فالإنسان في الدنيا له حکم، ولكن عند انتقاله إلى البرزخ يختلف حال المؤمن عن حال الكافر، وهذا ما بيّنه القرآن الكريم في آيات عديدة.
يقول القرآن عن الكفار أنهم: (إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبَارَهُمْ). ترون شخصًا يموت على فراشه، لكنكم لا تعلمون ما يحدث له من عذاب ملائكة الموت. إنها ليست وفاة عادية، بل هي ضرب وعذاب:” يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبَارَهُمْ”. “لماذا؟ لأنهم همّوا بارتكاب مثل تلك الخيانات في السابق، فاقترفوا جريمة جسيمة ألا وهي قتل الأنبياء ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ﴾. فنحن نقول إنهم قتلوا عدة من مسلمي حزب الله الشيعة في لبنان؟ بل إنهم قتلوا السيد الكبير سيد شهداء لبنان! نعم، رضوان الله تعالى عليهم. ولكن القرآن الكريم يذكر أنهم قتلوا الأنبياء بغير حق، فهم ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ فكيف نتوقع منهم أن يعاملوا المؤمنين معاملة حسنة؟”
قال تعالى عن هذه الفئة: إنهم حين يموتون تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبَارَهُمْ﴾. فأنتم ترونهم على أسرّتهم، ولكنكم لا ترون العذاب الإلهي الذي ينزل بهم. إن هذا العذاب جزاء لمن سلك طريق الضلال والظلم وقتل المسلمين.”
أما القسم التالي، فهم الذين يخرجون من تحت الأنقاض، صحيح أنهم مجروحون مصابون ظاهرياً، ولكن الملائكة تأتي إليهم. عندما ﴿الَّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبينَ﴾ فماذا تفعل الملائكة: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدين﴾
لو قيل لنا: عرضوا أعمالكم وأقوالكم وأفعالكم وشؤونكم السياسية والاجتماعية على القرآن، لوجدنا في هذا الكتاب أن عدوكم هو من يمكر بالمسلمين والإسلام كل يوم: ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾، واعلموا أن من يفعل هذا لا يخشى أحدًا: ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾. أنتم تقولون إنهم استشهدوا حزب الله؟ من يقتل الأنبياء بغير حق ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾، لا يفرق بين حزب الله وغيره!”
إن هذه الأمور ينبغي أن تلفت نظر كل المسؤولين في الدول الإسلامية، سواء كانوا متوليي بيت الله الحرام في الحجاز أو مسؤولي دول أخرى، بل حتى غير المسلمين. فليتذكروا قول الله تعالى: ﴿إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ وَ كُنْتُمْ لَا تَخَافُونَ الْمَعَادَ فَكُونُوا أَحْرَاراً فِي دُنْيَاكُمْ﴾؛ فليتخذوا هذا المبدأ.”
قال تعالى: ﴿مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾ أي من أصدق من الله قولا؟ وإذا قال تعالى: ﴿مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾، قال أيضًا: ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾. فهؤلاء هم الذين ﴿يَقْتُلونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾، فما هو توقعكم؟ ومع من تريدون أن تصالحوا؟ سوف تصلون إلى أسوأ حال في النهاية. فكروا بأنفسكم! نعم، حزب الله ينصره الله، ولكن فكروا بأنفسكم! وإذا أرادوا أن يضروا إيران، فهل سيمنعكم جيشكم من الرد، وهل سيمنع صواريخكم من الوصول إلى هدفها؟”
وأسأل الله تعالى أن يتغمد روح السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) بواسع رحمته، فهو من كبار شهداء عصرنا، ونتقدم بخالص العزاء والمواساة لأهله ومحبيه، ولسائر شهداء منطقة لبنان و غزة و غير ذلك، ونؤكد إيماننا بأنهم منتصرون لا محالة.”
ولكن واجبنا أن نبذل قصارى جهدنا، مع احترامنا لمسؤولي الدول الإسلامية وعلمائها وجميع إخواننا المؤمنين شيعة وسنة، نقول إن واجبنا الأول هو أن نقارن أنفسنا بالقرآن الكريم. هذه الأمور ليست معقدة ولا صعبة، فقد قال تعالى: “کذلک یبین الله لکم ایاته لعلکم تعقلون”. أما تفاصيلها وباطنها فقد لا يستطيع الجميع فهمها، ولكننا نفهم معنى قوله تعالى: ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾، ونفهم معنى قوله تعالى: ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾، ونفهم معنى قوله تعالى: ﴿إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِکةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ﴾، ونفهم معنى قوله تعالى: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدين﴾.”
لذلك، لا يجوز لأي عالم من علماء الإسلام، ولا لأي مسؤول من مسؤولي الدول الإسلامية، عربًا كانوا أو عجمًا، شرقيين كانوا أو غربيين، أن يسكتوا! وهذا ما يدل عليه الحديث الشريف: “الساكت عن الحق شيطان أخرس”. أي أن من كتم الحق فهو كالشيطان الأخرس، فالشيطان قد يضلل الناس بالكلام، وقد يضللهم بالسكون عن الحق حيث يجب عليه الإنكار. وقد نسب هذا الحديث الشريف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان هناك بعض الخلاف حول سنده، إلا أن معناه صحيح.”
الخلاصة، ينبغي علينا القيام بهذين الأمرين: الأول، مقارنة أعمالنا وأقوالنا بالقرآن الكريم. والثاني، مواكبة الأحداث الجارية وتفسيرها على ضوء القرآن.
نرجو من الله تعالى أن لا يطول بنا الانتظار حتى يشملنا جميعًا نصره الإلهي، وأن يجزي الله خيرًا كل من ساهم في هذا الجهد المبارك، ولا سيما القائد المحترم الذي ألقى خطبة عظيمة في تلك الصلاة التي كانت فخرًا للإسلام. إن ما يحدث ليس أمراً عاديًا، بل هو حرب شاملة. ليس الأمر مقتصرًا على إسرائيل فقط، بل إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكل الدول الغربية تدعمهم. هذا يشبه حرب الأحزاب، فما هي الدولة التي لم تقدم المساعدة لهم؟”
لا خوف على انتصار الإسلام وأهله. سلموا على القائد وشكروه، ونسأل الله تعالى أن يتقبل جهوده. ونرجو منكم أن تنقلوا سلامنا وتعازينا ودعائنا إلى جميع الإخوة المصابين.
..........
انتهى/ 278
وأضاف: إن الصراع الدائر ليس صراعًا طائفيًا ولا مذهبيًا، بل هو صراع حق وباطل، أي صراع إسلامي بامتياز. فكل الدول الإسلامية في خندق واحد ضد الكيان الصهيوني الذي يغتصب أراضي المسلمين، ويتعارض مع مبدأ أساسي في الإسلام وهو وجوب طرد الغزاة، إذ يقرر الإسلام وجوب طرد أي جماعة تستولي على أراضي دولة أخرى بغير حق.
إذن، المسألة ليست مسألة مذهب، أو شيعية أو سنية، أو إيران أو لبنان، أو عرب أو عجم، بل هي مسألة قرآن وغير قرآن. فكل ما يجري الآن هو صراع بين القرآن وبين من يعاديه وبين اسرائيل وأصحاب الكفر.
والأمر الثاني هو أنه إذا لم يسارع قادة الدول الإسلامية إلى نصرة هذه الحركة، فإنهم سيتعرضون لمخاطر مماثلة من إسرائيل في المستقبل. وليس الأمر كذلك، فإذا لم يساندوا هذه الحركة اليوم، فلن يكونوا في مأمن غداً، لأنهم يعيشون هم أنفسهم تحت ظل الإسلام.
تسعى إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة للصمود، ذلك أن وجودها ككل مهدد بالزوال. فإذا ما انهارت إسرائيل، فلن تجد ملاذًا لها، فلن تقبلها الدول الأخرى، ولن تستطيع البقاء في هذه الأراضي المحتلة.
ولهذا السبب تشعر إسرائيل بخطر داهم يهدد وجودها بالكامل. فالأمر لا يشبه الحروب التي نخوضها نحن، حيث يدافع أبناؤنا عنا إذا استشهدنا. إن إسرائيل تدرك جيدًا أنها محتلة وأنها يجب أن ترحل، ولذلك فهي تقاوم بكل ما أوتيت من قوة. فهي لا تفكر في أن تنتقم أبناؤها وأحفادها، بل هي تعلم أن المسلمين سيطردونها نهائيًا من هذه الأراضي.
والأمر الأهم هو أن المعركة ليست بين ايران ولبنان وحزب الله وبينهم، بل هي معركة دينية. فإذا كان الدين معنا، فلا يجب أن نشك في قدرتنا، لأن الله تعالى وعدنا بنصرته لأنه قال (هو معكم). وإذا كان الله معنا كما كان مع الثورة الإسلامية، فمن المستحيل أن نهزم، ولا حتى بنسبة ضئيلة.
أقترح على قادة الدول الإسلامية وعلمائها وشعوبها المؤمنة أن يعودوا إلى القرآن الكريم، لنتأمل ما جاء فيه عن اليهود وإسرائيل أولا، وبالتالي ما هي مسؤوليتنا تجاههم وأن القرآن الكريم يبيّن حقيقة الصهاينة ويوضح من هم وماذا يرتكبون من انتهاكات.
الأمر الثاني أن هؤلاء الذين قضوا تحت الأنقاض، حالهم مبين في القرآن الكريم، فهو يخبرنا بأنهم في نعيم، وأن صراخنا عليهم هو من باب الشفقة الإنسانية، ولكنهم في الحقيقة ينعمون برحمة الله. وهذا ما أكده سيدنا الأستاذ العلامة الطباطبائي رحمه الله، حيث قال: إن الذين يرون الشهداء يصرعون في ميادين القتال يعتقدون خطأً أنهم يعانون من آلام ومعاناة، في حين أنهم يستمتعون بلذة عظمى، كمن يسبح في ماء بارد في يوم حار، فهم في نعيم عظيم.
فيؤكد هذا القول النوراني مستندا إلى القرآن الكريم بأن الموت نوعان: موت يترافق بالألم والعناء، وموت يكون فيه النشاط والسرور، حتى وإن كنا نراه من الخارج موتًا مؤلمًا، كما لو كان الشخص يخرج من تحت الأنقاض.
هاهنا امور، الأول: «الاسرائيل ما هو؟» قد بيّن الله تعالى لرسوله الكريم أن هذه الأمة ليست أمة عادية، وقد ذكر ذلك في سورة المائدة الآية الثالثة عشر ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾ فأنت تواجه عدواً لا يعرف سوى الخيانة والغدر والتجسس، يمارس هذه الأفعال يومياً بلا هوادة… ﴿لا تَزالُ﴾! من هو الخصم الذي تواجهونه؟ من تريدون محاربته؟ أتريدون محاربة من يقبلون الصلح والاتفاقات؟ إنهم ليسوا كذلك. أنت نبي وهم يكذبون عليك ويخونونك باستمرار.” فكلمة لاتزال تفيد الاستمرار . كل يوم مؤامرة جديدة، كل يوم سياسة معوجة، كل يوم فساد وتجاوزات. هذه هي القاعدة السائدة. يجب أن تعرفوا جيداً من تتعاملون معه.
فالأصل الأول هو معرفة من نواجه. والأصل الثاني الذي يرتقي بنا إلى عالم الغيب ويقول: أنكم ترون قومًا يموتون في نعيم ظاهر، ولكن الأمر ليس كذلك، وترون آخرين ينتشلون من تحت الأنقاض، ولكن الأمر ليس كذلك أيضًا. فالإنسان في الدنيا له حکم، ولكن عند انتقاله إلى البرزخ يختلف حال المؤمن عن حال الكافر، وهذا ما بيّنه القرآن الكريم في آيات عديدة.
يقول القرآن عن الكفار أنهم: (إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبَارَهُمْ). ترون شخصًا يموت على فراشه، لكنكم لا تعلمون ما يحدث له من عذاب ملائكة الموت. إنها ليست وفاة عادية، بل هي ضرب وعذاب:” يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبَارَهُمْ”. “لماذا؟ لأنهم همّوا بارتكاب مثل تلك الخيانات في السابق، فاقترفوا جريمة جسيمة ألا وهي قتل الأنبياء ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ﴾. فنحن نقول إنهم قتلوا عدة من مسلمي حزب الله الشيعة في لبنان؟ بل إنهم قتلوا السيد الكبير سيد شهداء لبنان! نعم، رضوان الله تعالى عليهم. ولكن القرآن الكريم يذكر أنهم قتلوا الأنبياء بغير حق، فهم ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ فكيف نتوقع منهم أن يعاملوا المؤمنين معاملة حسنة؟”
قال تعالى عن هذه الفئة: إنهم حين يموتون تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبَارَهُمْ﴾. فأنتم ترونهم على أسرّتهم، ولكنكم لا ترون العذاب الإلهي الذي ينزل بهم. إن هذا العذاب جزاء لمن سلك طريق الضلال والظلم وقتل المسلمين.”
أما القسم التالي، فهم الذين يخرجون من تحت الأنقاض، صحيح أنهم مجروحون مصابون ظاهرياً، ولكن الملائكة تأتي إليهم. عندما ﴿الَّذينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبينَ﴾ فماذا تفعل الملائكة: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدين﴾
لو قيل لنا: عرضوا أعمالكم وأقوالكم وأفعالكم وشؤونكم السياسية والاجتماعية على القرآن، لوجدنا في هذا الكتاب أن عدوكم هو من يمكر بالمسلمين والإسلام كل يوم: ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾، واعلموا أن من يفعل هذا لا يخشى أحدًا: ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾. أنتم تقولون إنهم استشهدوا حزب الله؟ من يقتل الأنبياء بغير حق ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾، لا يفرق بين حزب الله وغيره!”
إن هذه الأمور ينبغي أن تلفت نظر كل المسؤولين في الدول الإسلامية، سواء كانوا متوليي بيت الله الحرام في الحجاز أو مسؤولي دول أخرى، بل حتى غير المسلمين. فليتذكروا قول الله تعالى: ﴿إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ وَ كُنْتُمْ لَا تَخَافُونَ الْمَعَادَ فَكُونُوا أَحْرَاراً فِي دُنْيَاكُمْ﴾؛ فليتخذوا هذا المبدأ.”
قال تعالى: ﴿مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾ أي من أصدق من الله قولا؟ وإذا قال تعالى: ﴿مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾، قال أيضًا: ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾. فهؤلاء هم الذين ﴿يَقْتُلونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾، فما هو توقعكم؟ ومع من تريدون أن تصالحوا؟ سوف تصلون إلى أسوأ حال في النهاية. فكروا بأنفسكم! نعم، حزب الله ينصره الله، ولكن فكروا بأنفسكم! وإذا أرادوا أن يضروا إيران، فهل سيمنعكم جيشكم من الرد، وهل سيمنع صواريخكم من الوصول إلى هدفها؟”
وأسأل الله تعالى أن يتغمد روح السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) بواسع رحمته، فهو من كبار شهداء عصرنا، ونتقدم بخالص العزاء والمواساة لأهله ومحبيه، ولسائر شهداء منطقة لبنان و غزة و غير ذلك، ونؤكد إيماننا بأنهم منتصرون لا محالة.”
ولكن واجبنا أن نبذل قصارى جهدنا، مع احترامنا لمسؤولي الدول الإسلامية وعلمائها وجميع إخواننا المؤمنين شيعة وسنة، نقول إن واجبنا الأول هو أن نقارن أنفسنا بالقرآن الكريم. هذه الأمور ليست معقدة ولا صعبة، فقد قال تعالى: “کذلک یبین الله لکم ایاته لعلکم تعقلون”. أما تفاصيلها وباطنها فقد لا يستطيع الجميع فهمها، ولكننا نفهم معنى قوله تعالى: ﴿يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾، ونفهم معنى قوله تعالى: ﴿لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلي خائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾، ونفهم معنى قوله تعالى: ﴿إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِکةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ﴾، ونفهم معنى قوله تعالى: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدين﴾.”
لذلك، لا يجوز لأي عالم من علماء الإسلام، ولا لأي مسؤول من مسؤولي الدول الإسلامية، عربًا كانوا أو عجمًا، شرقيين كانوا أو غربيين، أن يسكتوا! وهذا ما يدل عليه الحديث الشريف: “الساكت عن الحق شيطان أخرس”. أي أن من كتم الحق فهو كالشيطان الأخرس، فالشيطان قد يضلل الناس بالكلام، وقد يضللهم بالسكون عن الحق حيث يجب عليه الإنكار. وقد نسب هذا الحديث الشريف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان هناك بعض الخلاف حول سنده، إلا أن معناه صحيح.”
الخلاصة، ينبغي علينا القيام بهذين الأمرين: الأول، مقارنة أعمالنا وأقوالنا بالقرآن الكريم. والثاني، مواكبة الأحداث الجارية وتفسيرها على ضوء القرآن.
نرجو من الله تعالى أن لا يطول بنا الانتظار حتى يشملنا جميعًا نصره الإلهي، وأن يجزي الله خيرًا كل من ساهم في هذا الجهد المبارك، ولا سيما القائد المحترم الذي ألقى خطبة عظيمة في تلك الصلاة التي كانت فخرًا للإسلام. إن ما يحدث ليس أمراً عاديًا، بل هو حرب شاملة. ليس الأمر مقتصرًا على إسرائيل فقط، بل إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكل الدول الغربية تدعمهم. هذا يشبه حرب الأحزاب، فما هي الدولة التي لم تقدم المساعدة لهم؟”
لا خوف على انتصار الإسلام وأهله. سلموا على القائد وشكروه، ونسأل الله تعالى أن يتقبل جهوده. ونرجو منكم أن تنقلوا سلامنا وتعازينا ودعائنا إلى جميع الإخوة المصابين.
..........
انتهى/ 278