فبينما يواجه "الجيش" الإسرائيلي مقاومة أسطورية في الجنوب اللبناني، تُفشل تقدمه وتمنعه من التثبيت منذ أسبوعين، لا تزال الحرب الأميركية على إيران هي الهدف الاستراتيجي الكبير المطلوب من نتنياهو.
مقاربة الحرب برمّتها (حرب الإبادة ضد غزة والإرهاب ضد لبنان) تستوجب النظر دائماً إلى هذه النقطة كمعطى محوري.
قدرة الأميركيين والإيرانيين (مع العداء المستمر وانعدام الثقة في الدور الأميركي) على تجنب الحرب حتى الآن لافتة جداً، خصوصاً بعد الاستفزازات الهستيرية التي قام بها نتنياهو، وابتزازه لكل من واشنطن وطهران، وتآمر الأولى معه ضد الثانية، وبموازاة دقة الموقف الإيراني حيال التعامل مع الحرب القاسية على حلفائها. فكيف تعاطت طهران مع هذه الحسابات؟
الرد الإيراني السابق عدّل الكثير في المشهد، الآن الكرة في ملعب نتنياهو، وهو بتأخير رده على الهجوم الصاروخي شديد التأثير وبالغ الدلالة كان يحاول كسب الوقت، للحصول على الرد الإيراني الجديد قبل الانتخابات الأميركية، وهذا يقود إلى افتراض أن يتجاوز رده على إيران ما هو متفق عليه مع الأميركيين، لتحقيق غرض الاستفزاز المطلوب. فالأميركيون في حسابات نتنياهو شركاء متآمرون، ومتآمَر عليهم في الوقت نفسه، لإدخالهم الحرب.
لكن، أمام نتنياهو مشكلة هنا…
فماذا لو رفع هو مستوى الاستفزاز، فامتص الإيرانيون الضربة لأيام أو أسابيع (وهي كل ما يملك نتنياهو من الوقت)، ثم قلبوا الطاولة برمّتها وردوا بتدمير ركائز قوة "إسرائيل" ووفّروا صورة خرابٍ كبير تودي بنتنياهو، في لحظة تغيّر الإدارة في واشنطن؟
هنا، تبدو مصلحة واشنطن في منع توسع الصراع إلى حدود الحرب الإقليمية من جهة، ومساعدة "إسرائيل" (وخصوصاً إظهار دعم الإدارة الديمقراطية لها) على اقتناص كل ما يمكن اقتناصه من "إنجازاتٍ" في المنطقة في الوقت المتبقي قبل الانتخابات.
لكن، بعد استخدام نتنياهو "أوراقه القوية" في الاغتيالات الكبرى وتفجير أجهزة النداء، تبدو مهمته في الجنوب شديدة التعقيد، وقياساً إلى أهدافه من الحرب على غزة، لا يُتوقع أن ينجح في تحقيق نصرٍ على المقاومة في لبنان، بل إن مجريات الميدان تشير إلى أنه سيتلقى هناك ضرباتٍ قاسية ومتصاعدة.
إذاً، إلى أي هدف يتطلع نتنياهو من الاستمرار في محاولة الدخول البري؟ ولماذا حرّك قطعة التوغل في الجولان؟ وما معنى تصريح الرئيس التركي حول نية نتنياهو إسقاط دمشق؟
في جنوب سوريا كما في لبنان، يبدو نتنياهو ساعياً (مع اقتراب الانتخابات الأميركية) إلى إظهار قوة التهديدات للكيان وأنه يعاني. أي تثبيت الفكرة المركزية منذ السابع من أكتوبر، بأنها حرب وجود، وبأنه محاطٌ بأعداء من كل صوب، يواجههم في أكثر من جبهة، وهو لا يستطيع الانتصار عليهم منفرداً، خصوصاً مع تصاعد ضربات المقاومة اللبنانية لـ"جيشه"، والرد الإيراني الجديد (الذي يتوقعه بعد الرد الإسرائيلي على الهجوم السابق)، وأن ذلك كله يتطلب دخول أميركا مباشرةً إلى حربٍ على "رأس الأخطبوط" في إيران. هكذا يكون قد اقترب من الهدف الكبير.
حسناً، ماذا عن سوريا؟ وموقف موسكو؟
مع الأخذ بالاعتبار سعي القوى الكبرى لتجنب أن تبدأ الحرب العالمية في ساحتها المباشرة، فإن اتجاه نتنياهو نحو الساحة السورية يفترض أن يقرع جرس الإنذار في موسكو قبل أي مكان آخر.
يجري ذلك في ظل توتر متصاعد في جوار الصين، حيث أعلنت تايوان حالة التأهب بعدما (قالت إنها) رصدت حاملة طائراتٍ صينية إلى الجنوب من الجزيرة. ثم إن الوضع بين الكوريتين متأزم فوق التأزم السابق.
حسابات روسيا معقدة جداً، فهي تدير المواجهة في أوكرانيا بحذرٍ شديد، بما يبقي الحرب في دائرة استنزاف الغرب من دون الاضطرار إلى مواجهته مباشرةً، نظراً إلى حجم قوة "الناتو"، وفي الوقت نفسه بما يتيح لها الحفاظ على القدر الوافر من قدراتها لهذه الحرب الكبرى التي يمكن أن تدفع بها إدارة الديمقراطيين (لو فازت هاريس).
وبما يخص الشرق الأوسط، فإن ذلك يعني تجنب التحرك في سوريا قبل تبيّن أن "إسرائيل" تسعى فعلاً إلى إسقاط دمشق، ولا تناور في الجبهات للضغط على إيران وحلفائها. فما العمل؟
في جميع الأحوال، الاستفزاز الإسرائيلي في جنوب سوريا يفضي إلى أنه إذا كانت روسيا لا تستعجل الدخول في هذه المواجهة قبل التأكد من أنها تحولت بالفعل إلى ساحة الحرب العالمية الثالثة، فإنها مع ذلك تخاطر بالوقت الثمين، خصوصاً أن نتنياهو أثبت سرعةً في تحقيق خطوات دراماتيكية. لا مكان للخطأ الاستراتيجي هنا.
وروسيا وقعت في السباق في أخطاء استراتيجية في ليبيا (قرار مجلس رقم 1973) وأوكرانيا (الاتفاق مع زيلينسكي على ضمانات مقابل فك الحصار عن كييف في بداية الحرب)، وقد كلفتها هذه الأخطاء دخولها في حرب أوكرانيا وكل ما تدرّج من جرّائها.
الآن، تعزز روسيا علاقاتها مع إيران، خصوصاً في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وتبدو موسكو معنيةً أكثر من أي وقتٍ مضى بأن تضمن ألّا يتحول الوضع بصورةٍ فجائية إلى موقف يخاطر فيه بخسارة طهران ودمشق في مفاجأةٍ أميركية-إسرائيلية صادمة على نسق مفاجآت الأسابيع الأخيرة في لبنان.
في خلاصة هذه النقطة، روسيا ستتحرك لمنع ذلك، لكن التوقيت هنا مصيري في تحديد مدى نجاح هذه المقاربة.
ماذا عن الموقف التركي المفاجىء؟
تصريح إردوغان حول نية "إسرائيل" احتلال دمشق، وقوله إن ذلك سيجعل "جيشها على حدود تركيا"، وسوف يؤدي إلى "تمزق الخريطة السورية" خطر جداً، فهو يلمح إلى أن ضرورةً جديدةً تتشكل، عنوانها مواجهة التوسع الإسرائيلي من خلال الدخول إلى الشمال السوري.
وربما كان هذا التصريح من باب الضغط على الرئيس السوري لتسريع تطبيع العلاقات وقبول عقد لقاءٍ على مستوى رئاسي بين البلدين، والحصول على تنازلاتٍ سورية في هذا السياق، بعد أن كانت المبادرة في هذا الشأن في يد الرئيس السوري قبل أسابيع قليلة فقط.
وفي ظل هذه الصورة، كيف يمكن أن تجري الأحداث؟
الأسابيع الثلاثة المقبلة هي الأخطر منذ السابع من أكتوبر. كل التقديرات الاستراتيجية رُسمت على هذا التوقيت تحديداً، لأن معه سوف يظهر اتجاه قوة الحرب الأولى في العالم وخيارها لساحة المواجهة.
وفي هذا السياق، كان التقدير الاستراتيجي للمحور، بما يشمل الصبر الاستراتيجي والاستنزاف لأشهر، صحيحاً تماماً. مع إن القول بذلك سيبدو مزعجاً جداً لجماهير المحور التواقة للتعبير عن قوته المتراكمة، والتي كانت وما زالت تنتظر أن تظهر هذه القدرات في قلب "إسرائيل".
التقدير كان صحيحاً، والصبر كان في مكانه، لكن ما هزّ هذه القناعة وغيّر الصورة هو الخلل الأمني الفادح منذ اغتيال هنية وشكر، والذي أدى إلى خسارات عظيمة أبرزها السيد نصرالله.
ولولا هذا الخلل بالتحديد، والذي لم يكن معلوماً عند وضع التقدير الاستراتيجي لجبهات الإسناد، لكانت الصورة مختلفة تماماً. ماذا عن اليوم؟
حدث ما حدث، والصراع لن يقف عند محطة واحدة مهما كانت كبيرة. الآن، يبدو صحيحاً ما أشرنا إليه مراراً حول قبول البيئة الاستراتيجية العالمية لحركة الحدود، وللتغيرات الكبرى في الخرائط.
وهذا بالضبط ما يغذّي الغطرسة في خطاب نتنياهو ومجموعته بعد الضربات التي حققوها، ليتحدثوا عن توسع "إسرائيل"، وليرفعوا سقف مطالبهم إلى أقصاه من الجميع، عارضين الاستسلام في صيغة عروض وقف إطلاق النار.
ثم إن تعاطيهم مع الأمم المتحدة وأمينها العام كارثةٌ دبلوماسية عالمية لم يوفها أحدٌ حقّها من الاهتمام.
أعلنت "إسرائيل" غوتيريش شخصاً غير مرغوبٍ فيه، وهو إجراء يتخذ بحق سفراء الدول ودبلوماسييها عند توتر العلاقات، وهو مستهجنٌ أشد الاستهجان حين يطال رأس المنظمة الأممية الأهم التي ترعى الأمن والسلم الدوليين، والتي وللمفارقة، فإن "إسرائيل" هي الوحيدة في العالم التي تبقى عضويتها فيها مشروطة! ماذا يعني ذلك؟
هذا يعني أن "إسرائيل" خرجت رسمياً من الشرعية الدولية، وهي التي مزق سفيرها ميثاق الأمم المتحدة، وأن من يحميها الآن هو فقط القوة، والأقلية العالمية، وهذا خطرٌ جداً على العالم!
تخيّل أن تندلع الحرب العالمية الثالثة، وهو أمر بات مرجّحاً، ثم أن تتصرف الدول كما تتصرف "إسرائيل"، تحديداً منذ السابع من أكتوبر! أي أن تتجاهل وتعادي الأمم المتحدة وأغلبية العالم، وأن تحوّل المجازر إلى يوميات عادية لا غرابةً ولا مفاجأة فيها، وأن تستخدم في يومياتها للإبادة أنواع الأسلحة المتاحة كلها من دون ضوابط أو موانع!
سترى حينها شكل العالم المروّع، وسينكشف حينها فقط المعنى الحقيقي للصمت عن جريمة الإبادة المستمرة. فالقبول بجريمة، يؤسس لسابقة، والسابقة تؤسس للتطبع ثم لحقٍ جماعي وفردي لأي كان باستخدام الوسيلة نفسها، وهكذا سيكون استخدام الأسلحة النووية عادياً جداً خلال أشهر فقط!
هذه خطورة "إسرائيل" على العالم، والتي لا يزال هناك أمل ضئيل في أن أحداً سيتبيّن فداحة هذا الخطر ويوقفه.
ماذا عن الخطوة التالية؟
سيحاول نتنياهو استغلال الأسابيع الثلاثة المقبلة لممارسة استفزازٍ كبير لإيران، يجعلها ترد بما لا يترك مجالاً لأميركا أن تبقى خارج اللعبة. الهامش الذي نجحت طهران وواشنطن في خلقه، كل واحدة من موقعها، سيحاول نتنياهو مسحه بضربةٍ تستوجب ضربةً مضادة. والبحث فقط يدور حول "عيار" هذه الضربة، والتنبؤ بالعيار القابل للتحمل من الضربة الإيرانية المضادة، لكن بما يوفر له ورقة عنوانها "إسرائيل التي تعاني والمعرضة للخسارة"، وهذه الصورة إذا توفرت، سوف تؤدي إلى أن الديمقراطيين والجمهوريين سيهرعون للنجدة، وسيتخلون عن أي نية باتفاق نووي جديد، أو مفاوضات واقعية مع طهران على حدود المصالح في المنطقة.
وسبب التأخر في الرد الإسرائيلي، فيما الهدوء النسبي في الضاحية يأتي في سياق قرب الرد الإسرائيلي على إيران، واستجابةً للضغط الذي أفرزته خصوصية لبنان في اهتمامات الدول الأخرى، وخطورة التركيبة الداخلية اللبنانية، وفي هذه النقطة الأخيرة تفاصيل لافتة على الأرض، تحمل الكثير من المعاني لكن ذكرها غير مفيد تماماً في هذا السياق.
ماذا عن استجابة إيران لذلك؟
مع هذا الاتجاه، يبدو مرجحاً أن تنتظر إيران تبيّن حجم الرد الإسرائيلي، والتصرف على أساسه، لكن كلما مر يومٌ من الأسابيع الثلاثة المتبقية على الانتخابات الأميركية، تطلق يد إيران أكثر.
الأكيد هنا، وعلى العكس من المتحمسين من حلفاء الغرب، خصوصاً في لبنان، فإن الموقف الإيراني بالغ القوة، ويختزن أوراقاً متنوعة وفاعلة.
وبعيداً من تفاصيل الحديث عن تغيير العقيدة النووية، أو انتظار الرد المناسب لأي ضربة إسرائيلية، فإن مدى الموقف الإيراني في ظل إطلاق أميركا يد "إسرائيل" قبل الانتخابات، أصبح مريحاً وقادراً على تحقيق الردع، إذا لم تحدث مفاجآت أمنية في الداخل شبيهة بما حصل في لبنان.
قوة الموقف الإيراني ظهرت في تصريح وزير الخارجية عباس عراقتشي حول عدم وجود خطوط حمر لدى طهران في الدفاع عن شعبها ومصالحها. كما ظهرت في موقف القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي عن الاستعداد لحرب واسعة النطاق مع الولايات المتحدة الأميركية لفترة طويلة، وإشعال المنطقة بالكامل في حال اندلعت الحرب.
الأميركيون والإسرائيليون والمتناغمون معهم يراهنون على تغييرات داخل النظام السياسي الإيراني، لكن لا مؤشرات أبداً على تغييرات تخدم التراجع في مواجهة "إسرائيل"، بل إن الاتجاه يشير إلى عكس ذلك.
الأكيد أن إيران لن تقبل ضربةً مؤثرة بشكلٍ حيوي. وضربةٌ على قطاع الطاقة أو المفاعلات سيرد عليها بالتأكيد بصورةٍ متناسبة، وهكذا فإن الدوامة لن تتوقف إذا لم تمنع واشنطن انطلاقها. فماذا عن لبنان؟
الآن، يترك الأميركيون الكلمة للميدان أيضاً، ويضعون ضوابط محدودة لمنع انزلاقٍ غير محسوب للأحداث. في المقابل، يراهن فريق المقاومة على الميدان أيضاً، لصنع معادلة جديدة تساعد في رسم صورة ما بعد الحرب.
والتقدیر أن الاتفاق السياسي الشامل بخصوص غزة ولبنان سيؤدي إلى تغيير المشهد السابق، لكن المراهنات المتسرعة على إنهاء المقاومة والحديث عمّا بعدها، خفّة سياسية بالمعنيين، فهي استبساط طفولي لمشهد معقد من ناحية، ومحاولات احتيالٍ وألعاب خفّة من ناحيةٍ ثانية.
الميدان والطاولة هما ما يحدد شكل المستقبل، ومن لا يثبت في الميدان لا مكان له على الطاولة. والثبات ليس فقط في القتال، إنما في حمل الخيار وحفظه، رغم الألم والشدة.
فهل تطول الحرب على لبنان كما على غزة؟
استعادت المقاومة (وتستعيد) استقرار منظومتها ورفضت ما عرض من شروطٍ انهزامية، وأظهر مقاتلوها بسالةً في الميدان لم تشهد لها الحروب مثيلاً (كما في غزة).
ومع ذلك، فإن لبنان ليس غزة -وإن كان التشابه كبيراً من ناحية الإيمان بالعقيدة والأرض والاستعداد للبذل- من ناحية التعقيدات الداخلية والخريطتين الجغرافية والسياسية، والدور والأهمية عند دول العالم، والاحتمالات التي يفتحها سيناريو غزة في لبنان على التركيبة الداخلية وعلى المنطقة، كلها معطياتٌ تظهر فوارق شاسعة، لا تسمح بنتيجتها باستمرار هذه الحرب لأشهر وسنوات.
البحث في المسار السياسي لا يزال بعيداً من تحقيق نتيجة. الولايات المتحدة تقدّم أولوية إظهار الدعم لـ"إسرائيل" خلال الأسابيع الثلاثة المتبقية قبل الانتخابات، على مسألة الوصول إلى وقف إطلاق النار.
على أن تكون هذه الفترة فرصة لنتنياهو ليظهر قدرته على تحييد المقاومة، وهو أمر مستحيل بطبيعة الحال.
المقاومة، من جهتها، ترفع نسق الضربات وتنوعها، وتصيب بشدة وفاعلية عالية، وهذا واضح رغم سياسة القيود على النشر والتعتيم على الحقائق التي سوف يصدم المجتمع الإسرائيلي عندما تكشف أرقامها بعد هدوء الجبهات.
الصواريخ الدقيقة لم تستخدم بعد، والحديث عن تحييدها بمجملها خيالٌ لا يدخل العقل. ثم إن التقدم في البر يبدو شديد الصعوبة، ونسخة جنوب لبنان تؤكد ذلك بعد نسخة أوكرانيا.
المقاومة تمنع الإسرائيلي من التقدم، وتدفع في سبيل ذلك تضحيات كبيرة، لا يتصورن أحدٌ أن الأمر سهل. لكن ظروف القتال تؤكد أن ما من قوة تحرر أخرى في العالم تستطيع إيقاف جيش مدجج ومتطور مثل هذا "الجيش" إذا لم توقفه المقاومة في لبنان، خصوصاً مع توفر سلاحه الأكثر فتكاً وهو التسامح العالمي مع المجازر اليومية.
لم تُتح لجيش آخر في العالم فرصة ارتكاب إبادة يومية ومجازر يومية روتينية من دون إدانة أو منع. هذه حالة فريدة في العالم.
لبنان، وعلى الرغم من الفاتورة العالية، يحتاج إلى الأسابيع الثلاثة ليعمّق فاتورة الاحتلال ويزيد من خساراته، ويرغمه هو والوسطاء على سماع الحقائق، بدلاً من تقديم الإملاءات على شكل مبادرات.
أسابيع ثلاثة ستشهد تصعيداً مؤكداً، لكن ستقلب الصورة بعدها. فإما التسوية التي ستوقف النار في لبنان، أو أن الحرب ستتوسع وسيكون الشرق الأوسط ساحةً لسنوات عديدة للحرب العالمية، التي سيتخللها على الأرجح استخدام القنابل النووية.
العالم يسير في هذا الاتجاه، لكن الساحة لم تُحسم بعد. ولدى لبنان فرصة بعد أسابيع. ولديه ورقتا قوة، الثبات في الميدان، والثبات على الطاولة.
وفي ساحتي الثبات هاتين، تمتلك المقاومة الأسود والثعالب الضروريين لتصنع مصيرها.