وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : اكنا
الأحد

١٣ أكتوبر ٢٠٢٤

١٠:٥٢:٥٨ ص
1494206

الطاعة لله ودورها في نجاح وسعادة الدارين

إن الطاعة لله هي مفتاح النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة، وهي علامة على الإيمان الصادق المستقِرِ، والنفس المطيعة تحظى بالكرامة عند الله تعالى، لأنها تعكس أسمى درجات الخضوع له، وتحقِّق الهدف الأساسي من وجود الإنسان وهو عبادة الله وطاعته.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "لَيْسَ عَلى وَجْهِ الْأَرْضِ أَكْرَمُ عَلى اللّهِ مِنَ النَّفْسِ الْمُطيعَةِ لِأَمْرِه".
 
تعكس هذه الجوهرة العلوية الكريمة مضموناً دينياً وأخلاقياً عميقاً يتناول علاقة الإنسان بربه وأهمية الطاعة لأوامر الله عز وجل.

الطاعة لله هي مفتاح النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة، وهي علامة على الإيمان الصادق المستقِرِ، والنفس المطيعة تحظى بالكرامة عند الله تعالى، لأنها تعكس أسمى درجات الخضوع له، وتحقِّق الهدف الأساسي من وجود الإنسان وهو عبادة الله وطاعته. لذا، يجب على الإنسان أن يسعى دائماً ليكون من أصحاب النفوس المطيعة، حتى ينال الكرامة والرفعة عند الله.

ومِمّا لا شك فيه أن لله تعالى حُقَّ الطاعة على خلقه، باعتباره خالقاً لهم، ومدبراً لأمورهم، ورازقاً لهم، ومُنعِماً عليهم، ولطيفاً بهم، وهو الحكيم الذي خلقهم لغاية، وجعل تلك الغاية تكاملهم في مختلف أبعادهم الوجودية، وجعل الطريق إلى تلك الغاية دينه وشريعته، والالتزام بما تضمَّنه الدّين هو الطاعة التي تجعل الإنسان أكرم الناس عند الله تعالى، قال سبحانه: "... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ..."﴿13/ الحُجُرات﴾.
 
ومِمّا لا شكَّ فيه ايضاً أن مردود الطاعة يرجع إلى العبد المطيع، ولا يفيد الله في شيء، لأنه سبحانه غَنِيٌّ في ذاته، يحتاج الخلق إليه في وجودهم وفي كل آنٍ من آنائه، لا يملكون من دونه حياة ولا موتاً، أما هو سبحانه فغني عنهم، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴿15﴾ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿16﴾ وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴿17/ فاطر﴾.

إن الله تعالى يُذَكّرنا نحن الناس بهذه الحقيقة في مَعْرِض دعوتنا إلى طاعته، يُذَكِّرنا بأننا فقراء إليه، وأنه حين يدعونا إلى طاعته وعبادته فإنه غني عن جميع ذلك، ونحن لا نُعجِزُه، ولا نعُزَّ عليه، فهو إن شاء أن يذهب بنا جميعاً ويأتي بخلق جديد من جنسنا أو من جنس آخر يخلُفنا في الأرض فإن ذلك عليه سهلٌ يسير.

ورُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ لِأَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ وَلَا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ".

وإذاً: إن الطاعة لله تحتَلُّ مكانةً مركزيةً في الإسلام، وهي علامة على الإيمان الكامل والاستسلام لله، الطاعة تعني الالتزام بأوامر الله ونواهيه، سواء في العبادات أو في الأخلاق والسلوك، والقرآن الكريم والأحاديث النبوية والإمامية الشريفة يحثّان المسلم على طاعة الله ورسوله كما في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ"﴿59/ النساء﴾.  

ولا تقتصر الطاعة على العبادات المفروضة الظاهرة من صلاة، وصيام، وحجٍّ، وزكاةٍ، بل تشمل أيضًا الالتزام القلبي والعقلي بما أمر الله، أي الإلتزام العَقَدي، وهو الأَهَمُّ، لأنه إذا صَحَّت العقيدة صحَّت العبادات، وإذا فسَدَت فسَدَت.

والكرامة عند الله ليست مرتبطة بالجنس أو العِرق أو الطبقة الاجتماعية، بل هي مرتبطة بالعمل الصالح والتقوى، والنفس المطيعة تتمتع بمكانة عالية عند الله لأنها تعبّر عن حالة الانقياد التام لإرادته، وتمثل أسمى درجات العلاقة بين الخالق والمخلوق، حيث يسعى الإنسان لمرضاة الله في كل ما يقوم به.

نتائج الطاعة وآثارها

الطاعة لله تجلب للإنسان الكثير من الفوائد الروحية والمعنوية الدنيوية والأخروية، منها:

الرِّضا الإلهي: الإنسان الذي يطيع الله يعيش في طمأنينة وسكينة لأنه يعلم أنه يسير على الطريق الصحيح فينال بذلك رضوان الله.
التوفيق في الدنيا والآخرة: من يُطِع الله يوَفِّقه في أعماله ويحظى بالأجر والثواب في الدنيا والآخرة.
تحقيق السعادة النفسية: الطاعة تولّد شعوراً بالسعادة والراحة النفسية، حيث إن الطاعة تجعل الإنسان متوافقاً مع الفطرة السليمة التي خلقها الله.
التقرب من الله: بالطاعة يتقرّب العبد من الله ويزداد في محبته وذكره، مِمّا يجعله في مكانة رفيعة عند الله.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
............
انتهى/ 278