وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : الجزيرة
الأربعاء

٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤

٦:٤٦:٠٢ ص
1488320

تقرير يكشف عن تكتم شديد وتعتيم كبير على الأضرار والخسائر التي تتكبدها دولة الاحتلال الصهيونية

توافقت قراءات المحللين فيما بينها بأن هناك تباينا بالقدرات والترسانة ما بين حركة حماس وحزب الله الذي يُبدي تفوقا استخباراتيا بالحرب، وهو التفوق الذي أدى إلى نتيجة مهمة جدا، وهي مسألة تحدي ما يسمى بـ"العقل الإسرائيلي الذي لا يهزم".

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ وظّفت دولة الاحتلال الصهيونية الرقابة العسكرية المشددة للتكتم والتعتيم على الأضرار والخسائر التي تتكبدها الجبهة الداخلية الإسرائيلية في الشمال، منذ إطلاق المقاومة الاسلامية اللبنانية عملية "الحساب المفتوح"، في وقت تتعمد فيه المؤسسة الإسرائيلية وأذرعها الإعلامية تسليط الضوء على الهجمات التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت ويستهدف من خلال المدنيين البرياء.
وخلافا لما كان سائدا على الجبهة مع قطاع غزة -حيث يسمح جيش الاحتلال الصهيوني بنشر الخسائر والأضرار المدنية والعسكرية جراء القصف الصاروخي لحركة حماس الاسلامية والهجمات التي تشنها فصائل المقاومة الفلسطينية - ترفض دولة الاحتلال الصهيونية الكشف عن خسائر قصف المقاومة الاسلامية اللبنانية.

مقص الرقيب
وأمام مقص الرقيب العسكري الصهيوني، فإن سير وتطورات الحرب على الجبهة الشمالية، أظهرت أن حزب الله لديه استخبارات يبدو أنها متفوقة، وليست أدنى من حيث القدرة والتفعيل من سلاح استخبارات جيش الاحتلال الصهيوني، وفقا لقراءات المحللين السياسيين والباحثين بالشأن الإسرائيلي.
وتوافقت قراءات المحللين فيما بينها بأن هناك تباينا بالقدرات والترسانة ما بين حركة حماس وحزب الله الذي يُبدي تفوقا استخباراتيا بالحرب، وهو التفوق الذي أدى إلى نتيجة مهمة جدا، وهي مسألة تحدي ما يسمى بـ"العقل الإسرائيلي الذي لا يهزم".
ورجحت تقديرات المحللين أن جهاز استخبارات الاحتلال الصهيوني الذي لطالما تباهى أنه يتفوق إقليما وعالميا ويخوض المعارك بكل مكان، يعتمد أسلوب الرقابة العسكرية بهذه المرحلة للتقليل من تداعيات الهزيمة، قبالة عقل استخباراتي آخر هو حزب الله، الذي يحسن التخطيط والوصول للمعلومات وتوجيه الضربات بالوقت الملائم والمناسب.

ضربة قاسية
يعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أنه منذ بدء التصعيد على الجبهة الشمالية، تُفرض رقابة عسكرية مشددة بصورة أكثر على تطورات الأحداث على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ويتم استخدام القوة على مستويين: الأول خارجي انعكس بالإبادة الجماعية في غزة ومحاولة نقله إلى لبنان، والمستوى الثاني داخلي بفرض الرقابة على الأخبار والوقائع وحرية الرأي.


أنطوان شلحت: هناك الكثير من الخسائر والأضرار المسكوت عنها في الجانب الإسرائيلي

وأوضح شلحت للجزيرة نت أن فرض الرقابة العسكرية تفاقم أكثر مع اندلاع الحرب على لبنان، وبدء العملية العسكرية التي سماها جيش الاحتلال "سهام الشمال"، بالمقارنة مع ما كان ساريا على جبهة الحرب على غزة، وذلك في محاولة لإحداث فوارق في المرحلة الحالية على الجبهة الشمالية.
ويؤكد الباحث بالشأن الإسرائيلي أن هناك الكثير من التطورات والخسائر والأضرار المسكوت عنها على الجبهة الشمالية في أراضي محتلة بفلسطين، بعد الضربة القاسية التي لحقت بدولة الاحتلال الصهيونية خلال جولات التصعيد مع المقاومة الاسلامية اللبنانية.
وعزا شلحت فرض الرقابة والتشدد بها إلى نجاح المقاومة الاسلامية على الجبهة مع لبنان بإقامة حزام أمني داخل المناطق والأراضي المتواجدة تحت سيطرة الاحتلال الصهيونية، وذلك لأول مرة منذ النكبة، وهو ما شكل ضربة للعقيدة الأمنية الإسرائيلية، التي تعتمد على مبدأ "نقل المعركة إلى أرض العدو"، بينما في هذه الحرب تدور المعركة في الساحة الصهيونية نفسها.
ولا يقلل شلحت من حجم الخسائر والأضرار البشرية وبالممتلكات في الجانب اللبناني جراء الهجوم الصهيوني الوحشي، لكنه يؤكد "أنه قد نشأ واقع جديد وغير مسبوق في المناطق الشمالية الإسرائيلية مع نزوح قرابة 100 ألف إسرائيلي".
ولفت الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أن المناطق والبلدات الحدودية التي شهدت نزوح الإسرائيليين هي مناطق مدمرة كليا، وتوقفت بها الحياة والدورة الاقتصادية بالكامل، كما أن البلدات التي يتم إخلاؤها من سكانها مع توسيع المقاومة الاسلامية اللبنانية نطاق إطلاق الصواريخ، لحقها الضرر والخسائر مع التكتم على حقيقة ما يجري هناك.
ومقابل التعتيم والتكتم وتشديد الرقابة على ما تشهده ساحتها، يقول شلحت إن دولة الاحتلال تسلط الضوء على ما يحصل في لبنان، سعيا لتدعيم حالة النشوة التي يعيشها الرأي العام الصهيوني، عقب الإنجازات التكتيكية التي يروج لها جيش الاحتلال والمستوى السياسي.
وفسر شلحت هذا السلوك الصهيوني بالقول إن تشديد الرقابة يعود بالأساس إلى ما يمتلكه حزب الله من ترسانة وأسلحة، والتي هي أضعاف مضاعفة من ترسانة حركة حماس، إلى جانب ما ثبت خلال الحرب أن حزب الله لديه معلومات استخباراتية عن مواقع إسرائيلية، في وقت تتباهى فيه تل أبيب بأن لديها أفضل سلاحين على مستوى العالم هما الجو والاستخبارات، إضافة للمنظومات الدفاعية.

الحالة النفسية
وعزا الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول، السلوك الإسرائيلي بتشديد الرقابة إلى التعتيم على بنك الاستهدافات، وكذلك إلى تدعيم الحالة النفسية للإسرائيليين، خصوصا وأن رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تمادى بالترويج إلى أن حزب الله يهدد (الكيان المحتل) وجوديا، وذلك من أجل تبرير حرب لبنان الثالثة.


ويقول مخول الباحث بمركز "التقدم العربي للسياسات"، للجزيرة نت، إن هذا التهديد لم يكن موجودا بالعقلية الإسرائيلية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بالتالي فإن الترويج له في هذه المرحلة هو محاولة من نتنياهو للإظهار للمجتمع الإسرائيلي أنه يتم ردع حزب الله ويتم تقويض قدراته العسكرية، بهدف ترسيخ ذلك بالعقلية الإسرائيلية.
كما يعتقد أن دولة الاحتلال من خلال تشديد الرقابة على مجريات الحرب تظن أن العامل النفسي مهم جدا لرفع معنويات الجمهور الإسرائيلي من خلال التكتم والتعتيم على الوقائع وحقيقة ما تتعرض له الجبهة الداخلية في الشمال على اراضي فلسطين المحتلة.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال بهذا السلوك تتعمد تسليط الضوء على هجماتها على لبنان والاستهدافات والاغتيالات التي تقوم بها، والتي طالت قيادات سياسية وعسكرية من حزب الله، وإلى ترسيخ مشاهد نزوح اللبنانيين مقابل قضية نزوح إسرائيليين من بلدات الشمال، وخلق شريط أمني فارغ من المدنيين في جنوب لبنان.
وقدر مخول أنه بتشديد الرقابة التي يعتمدها جيش الاحتلال الإسرائيلي والتكتم على سير وتطورات المعارك والواقع الميداني، يتم تكريس أن الغالبية العظمى من المناطق التي تستهدفها صواريخ حزب الله هي عسكرية، وبالتالي فهي تخضع ضمنا للرقابة.
ولفت المحلل السياسي إلى أن ما يساعد على التكتم على خسائر قصف حزب الله هو نهج الإعلام الإسرائيلي الذي يعيش حالة من "النشوة" كما في كل حرب، ويمتنع عن طرح الأسئلة الصعبة، لا سيما وأن الحرب على لبنان تحظى في هذه المرحلة بإجماع الخارطة السياسية الصهيونية.

..................

انتهى / 232