وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ قامت وكالة "أبنا" للأنباء الدولية بسلسلة حوارات مع شخصيات علمائية وأصحاب مواكب بمناسبة أربعينية الإمام الحسين(ع) حيث تشهد مشاركة ملايين الزوار في مشاية الأربعين يأتون من مختلف بلدان العالم.
وحاورت وكالة "أبنا" خادم أهل البيت (ع) الحاج «جواد الکاشي» (ابوزهرة) من أهالي مدينة النجف الأشرف حول زيارة أربعينية الإمام الحسين(ع).
وهو نجل المرحوم الشهيد الحاج "عبد الزهرة الكاشي، وله عشرة أشقاء وخمس شقيقات، وأنهى دراسته في الابتدائية، وخدم في الجيش 4 سنوات، وشهرين في النجف الأشرف.
في بداية اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، طالبوه بالمشاركة في الحرب، ولكنه هَرب الى سوريا، بعد ان قضى 6 أيام في الصحراء حتى وصل الى الحدود السورية، وأقام قرابة سنة في سوريا، هاجر بعد ذلك الى إيران، واستقر فيها وتزوج وله أبنان وبنتان.
وتابع الحاج«جواد الکاشي» (ابوزهرة) بالقول ان السلطات البعثية قد صادرت ممتلكات شخصية تعود لأسرته وقال: ان السلطات الأمنية قامت بمصادرة جميع أثاث المنزل وكل ما نملكه، من معمل ثلج وبيت، وقد حولوه فيما بعد الى مخفر للشرطة وفترة الى مركز اعتقال الإيرانيين الذين يسفرونهم الى جمهورية إيران الاسلامية.
وأضاف (ابوزهرة) في جزء آخر من حديثه فيما يتعلق بزيارة الأربعين وكيف كان يعدّ العدة قبل إنطلاق المشاية: كنا مثل باقي أصحاب مواكب نستعد لنخدم الزوار، وكنا آنذاك 15 نفرا الى 20 نفرا في موكب واحد وننطلق نحو كربلاء المقدسة، وكان كل موكب يتبع مجموعة، وكنت أنفق من أموالي الخاصة ونوزع الحليب والخبز والسكر بين الزوار ونخدمهم، كما كانت المواكب الأخرى تفعل ذلك، وكل ما يملكونه ينفقونه في سبيل خدمة الزائر وبأحسن شكل ممكن وبأكبر قدر من ادخار جمعوه في صندوق خاص خلال سنة. وكان في أغلب دكاكين مدينة النجف صندق خاص يجمع فيه الدخل الشخصي من أجل أنفاقه في خدمة زوار الإمام الحسين (ع) في أربعينيته (ع) بأحسن صورة.
وتابع (أبوزهرة) قائلا: كانت هناك مواكب تأتي من جنوب العراق، والتي تشاهدها الآن، ولم تكن موجودة آنذاك، وكانت أكثر المواكب لأهل النجف الأشرف، ومواكب أهل الجنوب يلتحقون بالنجفيين ويتجهون الى مدينة كربلاء المقدسة. وكان أغلب المشاركين من أهالي مدينة الكوفة. وكنت أتذكر جعل جرات فيه الماء في باطن الأرض ثم تغطيتها بحصيرة، لكي يبرد الماء الذي في الجرات في الرمال، ويضعون أقداحا حولها، وكانت هذه الجرات موجودة في جميع الطرق، والمواكب تنطلق من النجف بأجراء مراسمها حتى مدينة كربلاء.
وأضاف (أبوزهرة): ان مراسم الأربعين في الوقت الحاضر أخذت تكبر والخدمات تتسع. واليوم ترى أهالي البصرة والناصرية وغيرهم يقومون بالخدمات في هذه المراسم. وهناك مائدة لأهالي الناصرية في طريق النجف الأشرف طولها يصل الى الفي متر، أعدت من أجل خدمة زوار أبي عبد الله الحسين(ع).
وأشار (أبو زهرة) الى فترة من ذكرياته كانت محفورة في داخله وانه كان في بداية عقده الثاني من عمره (12) تقريبا، بدأ يخدم زوار الإمام الحسين(ع) وكان له موكب اسمه «خدمة الزهراء سلام الله علیها»، وعربة صغيرة يحمل عليها الخبز والحليب والسكر، واللافت في الأمر انه كان يوزع نحو 140 كليو من الحليب بين الزوار، منطلقا من النجف وعند الصبح في منطقة "خان الربع" كان يقدم وجبات الفطور للزوار، وفي "خان النص" كذلك، ومازال يخدم زوار ابي عبد الله (ع) في مراسم زيارة الأربعين.
وقال (أبوزهرة) النجفي: لقد تحققت أمنيتي لأخدم زوار الإمام الحسين(ع) في أحد مجالس عزاء يوم استشهاد أمير المؤمنين(ع)، حيث كنت ألطم على صدري وسألت الامام علي (ع) أن يجعلني استمر في خدمة زوار الإمام الحسين(ع)، وقد رزقني الله تعالى ذلك الى اليوم وأحمده على هذه النعمة العظمة. ويشهد الناس كافة، وخاصة أهالي النجف الأشرف، على سجل خدمتي في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ومجالسه وجميع الأئمة (عليهم السلام) ومراقدهم المقدسة من سامراء إلى الكاظمين وكربلاء والنجف إلى مرقد مسلم بن عقيل (ع)، وقد دخلت في مراقدهم المقدسة وقمت بتنظيفها، وافتخر بذلك، كما أشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة التي وهبها لي، وسأواصل وأطفالي ان شاء الله تعالى في خدمة زوار ابي عبد الله الحسين(ع) مادمت حيا، وقد أكرمني الله تعالى أن أحد أطفالي الصغير يخدم في مجالس الامام الحسين(ع) بتوزيع الماء بين المعزين.
وقد ذكر الحاج (أبوزهرة) قصة تخص شقيقه أكبر منه، كان يعاني من اضطرابات نفسية طول الوقت، ولم يكون دواء لداءه قائلا: أينما ذهبنا لعلاج مرضه لم يفتح لنا بابٌ، وعندما قصدتُ الذهاب الى كربلاء مع موكب قلت له: يا أخي علي، تعال معي لنذهب سويا مشيا على الأقدام إلى كربلاء، ومع أنه كان مريضا جاء معي، وفي الطريق قام علي بمسح أحذية الزوار، ووصلنا الى كربلاء، وبعد زيارة الإمام الحسين(ع)، قد احتضنني وبدأ يبكي وقال: أخي العزيز الحمد لله لقد شُفيت ولا حاجة لي الى الطبيب، ثم رجع علي الى النجف لوحده، وكنا خائفين عليه ان يرجع لوحده الى النجف، ولكن قد نال شفاءه في خدمة زوار الأربعين، والحمد لله تعافى وكان بصحة جيدة قبل أن يعتقله البعثيون ويسجنونه.
وكذلك من ذكريات زيارة الأربعين، التي تحقق فيه المراد، قال الحاج (أبوزهرة): كانت أمي تعاني من ألم مُزم شديد في قدمها، وكانت تتألم وتشكو، لبست جورب مترب لأحد الزوار، ونالت الشفاء وزالت آلامها، بلا حاجة الى طبيب.
ومن كرامات أخرى لزيارة الأربعين قال (أبو زهرة): كانت الساعة تشير الى ثانية ونصف بعد منتصف الليل، قال أحد أصحاب مواكب كان يريد أن يطبخ ليوم غد: لا يوجد لدينا شيء لطبخه، وكنا جالسين في الخيمة، وإذا سيد طويل دخل الخيمة والقى تحية، وسأل: ما مقدار لحم تريدونه ؟ وأردف قائلا: سأجلب لكم نعجة، عندها خرجنا من الخيمة ورأينا شاحنة كبيرة واقفة تحمل نعاجا، وأخذ منها سبع نعاج على حب أبي الفضل العباس(ع)، ووضعها في المطبخ، عندها، تسائلنا من هذا السيد ؟ ومن أين كانت هذه النعاج ؟ أن يأتي شخص ويحيينا ثم يهدي كل هذه النعاج !
وقال (أبو زهرة) فيما يتعلق بعهد نظام البعث القمعي: لقد منع النظام البعثي المقبور كل ما يتعلق بمجالس عزاء للإمام الحسين (ع) التي كانت تقام في مناسبات عدة، وكان يعتبر صدام اللعين ان مدينة النجف الأشرف رأس الأفعى بالعراق، فإذا قضى عليه، فأنه يتمكن من القضاء على باقي المواكب والهيئات الحسينية التي تقيم مجالس العزاء، وكان النظام يعتقل كل من يقيم مجالس عزاء أو يذهب ماشيا الى كربلاء، أو يلبس ثوبا أسود، أو يكون ملتحيا، وقد اعتقلتني القوات الأمنية في تلك الفترة وسجنتني لفترة، وقد قمع النظام انتفاضة عام 1977 التي اندلعت في النجف الأشرف، استخدم فيها طائرات ودبابات وقوات مسلحة، لمنع الناس من إقامة شعائر حسينية في مناسبات تخص الأئمة (ع)، وأعدم النظام الكثيريين الذين كانوا يشاركون في مشاية ابي عبد الله الحسين (ع) ومجالسه.
وختم حديثه (ابوزهرة) بالقول: بعد الشكر والامتنان لجميع المواكب والهيئات الحسينية التي تخدم زوار الإمام الحسين(ع) في زيارة الأربعين، أوصي الزوار ان لا يرتدوا ثيابا ملونة فأنها لا تتناسب مع موسم الأربعين الحسيني، وعليهم ارتداء ثيابا سوداء فقط، وعلى أصحاب المواكب أن يخدموا الزوار بنية خالصة ومن صميم فؤادهم والحزن بادية على وجههم لأن هذه الأيام، أيام حزن وبكاء وليس الفرح والسعادة، وكانت العادة في النجف الأشرف انهم لا يتناولون المكسرات الخاصة بالأعياد ومناسبات الفرح والنزهة في أيام شهر محرم حتى انتهاء شهر صفر، وكانت دكاكين المدينة التي تبيع المكسرات تغلق أبوابها ولا تبيع؛ لذلك أوصي الزائرين جميعا ان يضعوا فرحهم جانبا ويعيشوا مصائب وحزن آل البيت (ع)، فهذا الطريق طريق زينب (ع) وطريق أصحاب الامام الحسين(ع) فالذي يسير الى الإمام الحسين (ع) ماشيا فهو يسير الى الجنة.
..................
انتهى / 232
وحاورت وكالة "أبنا" خادم أهل البيت (ع) الحاج «جواد الکاشي» (ابوزهرة) من أهالي مدينة النجف الأشرف حول زيارة أربعينية الإمام الحسين(ع).
وهو نجل المرحوم الشهيد الحاج "عبد الزهرة الكاشي، وله عشرة أشقاء وخمس شقيقات، وأنهى دراسته في الابتدائية، وخدم في الجيش 4 سنوات، وشهرين في النجف الأشرف.
في بداية اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، طالبوه بالمشاركة في الحرب، ولكنه هَرب الى سوريا، بعد ان قضى 6 أيام في الصحراء حتى وصل الى الحدود السورية، وأقام قرابة سنة في سوريا، هاجر بعد ذلك الى إيران، واستقر فيها وتزوج وله أبنان وبنتان.
وعمل في مخيم الأسرى العراقيين في مدينة مشهد، وكان يدير 5 مخيمات، كما انه خدم 3 سنوات و8 أشهر في قسم العقيدة السياسية بالجيش الإيراني، واخيرا استقر به المقام بالعمل في مكتب آية الله السيد محمد الشاهرودي مدة 23 عاما بمدينة قم المقدسة.
تحدث الحاج «جواد الکاشي» (ابوزهرة) في بداية حواره مع وكالة "أبنا" عما جرى لأسرته من الظلم والعذاب والقهر، في عهد صدام المقبور وحزبه الكافر قائلا: كنا في النجف الأشرف ولم نلتحق بحزب البعث، مع الإصرار السلطات على أبي ليكون أحد أشقائي عضوا في حزب البعث، لكنه رفض ذلك، وعلى إثر ذلك أصبحنا تحت المراقبة والمتابعة وطالبتنا السلطات بإنضمام الى حزب البعث، ولكن رفضنا ذلك، وكنت في تلك الفترة قد هربت الى سوريا لعدم مشاركتي في الخدمة العسكرية آنذاك، ثم بعد ذلك سجنوا أبي وأشقائي وأمي وشقيقاتي وزوجات أشقائي، لقد قتل البعثيون أبي أمام أعين أمي وشقيقاتي، وأرسلوا أشقائي الى سجن "أبو غريب" وسجون أخرى في بغداد، ولم أعلم ما حدث لهم في فترة تواجدي بسوريا، وما كنت أعلمه انهم معتقلون فقط، وبعد سقوط صدام لعنه الله تعالى، سمعت أن أفراد أسرتي قد استشهدوا ودفنوا في مقابر جماعية، ومن بينهم أحد أشقائي فقط له قبر، والذي عذبوه بثقب رأسه بآلة الثاقبة وقلعوا أظافر يديه ورجليه، حيث رأى أحد أقربائي الشهيد المهندس عباس أثناء غسله في مدينة النجف الأشرف على هذه الحال. ولم أك أعلم شيئًا عن الآخرين وما حدث لهم، ولا أعلم قبورهم أين تكون، فشهداء أسرتي ثمانية، فهم أبي وسبعة من أشقائي. وأثنان من أشقائي يصغراني سنا وهما صادق وحيدر وشقيقاتي الأربع يعيشون جميعا في طهران والخامسة وهي فاطمة توفيت بالنجف الأشرف، وفي الوقت الحاضر يدير صادق وحيدر أحد أكبر مواكب حسينية في حي "دولت آباد" بطهران، واسم موكبه «ابي الفضل العباس علیه السلام».وتابع الحاج«جواد الکاشي» (ابوزهرة) بالقول ان السلطات البعثية قد صادرت ممتلكات شخصية تعود لأسرته وقال: ان السلطات الأمنية قامت بمصادرة جميع أثاث المنزل وكل ما نملكه، من معمل ثلج وبيت، وقد حولوه فيما بعد الى مخفر للشرطة وفترة الى مركز اعتقال الإيرانيين الذين يسفرونهم الى جمهورية إيران الاسلامية.
وأضاف (ابوزهرة) في جزء آخر من حديثه فيما يتعلق بزيارة الأربعين وكيف كان يعدّ العدة قبل إنطلاق المشاية: كنا مثل باقي أصحاب مواكب نستعد لنخدم الزوار، وكنا آنذاك 15 نفرا الى 20 نفرا في موكب واحد وننطلق نحو كربلاء المقدسة، وكان كل موكب يتبع مجموعة، وكنت أنفق من أموالي الخاصة ونوزع الحليب والخبز والسكر بين الزوار ونخدمهم، كما كانت المواكب الأخرى تفعل ذلك، وكل ما يملكونه ينفقونه في سبيل خدمة الزائر وبأحسن شكل ممكن وبأكبر قدر من ادخار جمعوه في صندوق خاص خلال سنة. وكان في أغلب دكاكين مدينة النجف صندق خاص يجمع فيه الدخل الشخصي من أجل أنفاقه في خدمة زوار الإمام الحسين (ع) في أربعينيته (ع) بأحسن صورة.
وتابع (أبوزهرة) قائلا: كانت هناك مواكب تأتي من جنوب العراق، والتي تشاهدها الآن، ولم تكن موجودة آنذاك، وكانت أكثر المواكب لأهل النجف الأشرف، ومواكب أهل الجنوب يلتحقون بالنجفيين ويتجهون الى مدينة كربلاء المقدسة. وكان أغلب المشاركين من أهالي مدينة الكوفة. وكنت أتذكر جعل جرات فيه الماء في باطن الأرض ثم تغطيتها بحصيرة، لكي يبرد الماء الذي في الجرات في الرمال، ويضعون أقداحا حولها، وكانت هذه الجرات موجودة في جميع الطرق، والمواكب تنطلق من النجف بأجراء مراسمها حتى مدينة كربلاء.
وأضاف (أبوزهرة): ان مراسم الأربعين في الوقت الحاضر أخذت تكبر والخدمات تتسع. واليوم ترى أهالي البصرة والناصرية وغيرهم يقومون بالخدمات في هذه المراسم. وهناك مائدة لأهالي الناصرية في طريق النجف الأشرف طولها يصل الى الفي متر، أعدت من أجل خدمة زوار أبي عبد الله الحسين(ع).
وأشار (أبو زهرة) الى فترة من ذكرياته كانت محفورة في داخله وانه كان في بداية عقده الثاني من عمره (12) تقريبا، بدأ يخدم زوار الإمام الحسين(ع) وكان له موكب اسمه «خدمة الزهراء سلام الله علیها»، وعربة صغيرة يحمل عليها الخبز والحليب والسكر، واللافت في الأمر انه كان يوزع نحو 140 كليو من الحليب بين الزوار، منطلقا من النجف وعند الصبح في منطقة "خان الربع" كان يقدم وجبات الفطور للزوار، وفي "خان النص" كذلك، ومازال يخدم زوار ابي عبد الله (ع) في مراسم زيارة الأربعين.
وقال (أبوزهرة) النجفي: لقد تحققت أمنيتي لأخدم زوار الإمام الحسين(ع) في أحد مجالس عزاء يوم استشهاد أمير المؤمنين(ع)، حيث كنت ألطم على صدري وسألت الامام علي (ع) أن يجعلني استمر في خدمة زوار الإمام الحسين(ع)، وقد رزقني الله تعالى ذلك الى اليوم وأحمده على هذه النعمة العظمة. ويشهد الناس كافة، وخاصة أهالي النجف الأشرف، على سجل خدمتي في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ومجالسه وجميع الأئمة (عليهم السلام) ومراقدهم المقدسة من سامراء إلى الكاظمين وكربلاء والنجف إلى مرقد مسلم بن عقيل (ع)، وقد دخلت في مراقدهم المقدسة وقمت بتنظيفها، وافتخر بذلك، كما أشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة التي وهبها لي، وسأواصل وأطفالي ان شاء الله تعالى في خدمة زوار ابي عبد الله الحسين(ع) مادمت حيا، وقد أكرمني الله تعالى أن أحد أطفالي الصغير يخدم في مجالس الامام الحسين(ع) بتوزيع الماء بين المعزين.
وقد ذكر الحاج (أبوزهرة) قصة تخص شقيقه أكبر منه، كان يعاني من اضطرابات نفسية طول الوقت، ولم يكون دواء لداءه قائلا: أينما ذهبنا لعلاج مرضه لم يفتح لنا بابٌ، وعندما قصدتُ الذهاب الى كربلاء مع موكب قلت له: يا أخي علي، تعال معي لنذهب سويا مشيا على الأقدام إلى كربلاء، ومع أنه كان مريضا جاء معي، وفي الطريق قام علي بمسح أحذية الزوار، ووصلنا الى كربلاء، وبعد زيارة الإمام الحسين(ع)، قد احتضنني وبدأ يبكي وقال: أخي العزيز الحمد لله لقد شُفيت ولا حاجة لي الى الطبيب، ثم رجع علي الى النجف لوحده، وكنا خائفين عليه ان يرجع لوحده الى النجف، ولكن قد نال شفاءه في خدمة زوار الأربعين، والحمد لله تعافى وكان بصحة جيدة قبل أن يعتقله البعثيون ويسجنونه.
وكذلك من ذكريات زيارة الأربعين، التي تحقق فيه المراد، قال الحاج (أبوزهرة): كانت أمي تعاني من ألم مُزم شديد في قدمها، وكانت تتألم وتشكو، لبست جورب مترب لأحد الزوار، ونالت الشفاء وزالت آلامها، بلا حاجة الى طبيب.
ومن كرامات أخرى لزيارة الأربعين قال (أبو زهرة): كانت الساعة تشير الى ثانية ونصف بعد منتصف الليل، قال أحد أصحاب مواكب كان يريد أن يطبخ ليوم غد: لا يوجد لدينا شيء لطبخه، وكنا جالسين في الخيمة، وإذا سيد طويل دخل الخيمة والقى تحية، وسأل: ما مقدار لحم تريدونه ؟ وأردف قائلا: سأجلب لكم نعجة، عندها خرجنا من الخيمة ورأينا شاحنة كبيرة واقفة تحمل نعاجا، وأخذ منها سبع نعاج على حب أبي الفضل العباس(ع)، ووضعها في المطبخ، عندها، تسائلنا من هذا السيد ؟ ومن أين كانت هذه النعاج ؟ أن يأتي شخص ويحيينا ثم يهدي كل هذه النعاج !
وقال (أبو زهرة) فيما يتعلق بعهد نظام البعث القمعي: لقد منع النظام البعثي المقبور كل ما يتعلق بمجالس عزاء للإمام الحسين (ع) التي كانت تقام في مناسبات عدة، وكان يعتبر صدام اللعين ان مدينة النجف الأشرف رأس الأفعى بالعراق، فإذا قضى عليه، فأنه يتمكن من القضاء على باقي المواكب والهيئات الحسينية التي تقيم مجالس العزاء، وكان النظام يعتقل كل من يقيم مجالس عزاء أو يذهب ماشيا الى كربلاء، أو يلبس ثوبا أسود، أو يكون ملتحيا، وقد اعتقلتني القوات الأمنية في تلك الفترة وسجنتني لفترة، وقد قمع النظام انتفاضة عام 1977 التي اندلعت في النجف الأشرف، استخدم فيها طائرات ودبابات وقوات مسلحة، لمنع الناس من إقامة شعائر حسينية في مناسبات تخص الأئمة (ع)، وأعدم النظام الكثيريين الذين كانوا يشاركون في مشاية ابي عبد الله الحسين (ع) ومجالسه.
وختم حديثه (ابوزهرة) بالقول: بعد الشكر والامتنان لجميع المواكب والهيئات الحسينية التي تخدم زوار الإمام الحسين(ع) في زيارة الأربعين، أوصي الزوار ان لا يرتدوا ثيابا ملونة فأنها لا تتناسب مع موسم الأربعين الحسيني، وعليهم ارتداء ثيابا سوداء فقط، وعلى أصحاب المواكب أن يخدموا الزوار بنية خالصة ومن صميم فؤادهم والحزن بادية على وجههم لأن هذه الأيام، أيام حزن وبكاء وليس الفرح والسعادة، وكانت العادة في النجف الأشرف انهم لا يتناولون المكسرات الخاصة بالأعياد ومناسبات الفرح والنزهة في أيام شهر محرم حتى انتهاء شهر صفر، وكانت دكاكين المدينة التي تبيع المكسرات تغلق أبوابها ولا تبيع؛ لذلك أوصي الزائرين جميعا ان يضعوا فرحهم جانبا ويعيشوا مصائب وحزن آل البيت (ع)، فهذا الطريق طريق زينب (ع) وطريق أصحاب الامام الحسين(ع) فالذي يسير الى الإمام الحسين (ع) ماشيا فهو يسير الى الجنة.
..................
انتهى / 232