وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص أبنا
الخميس

٢٢ أغسطس ٢٠٢٤

٧:٣٠:٥١ ص
1479917

مدير ممثلية المجمع العالمي لأهل البيت (ع) في العراق

في حوار خاص مع وكالة "أبنا"..السيد «آل ايوب»: ان زيارة الأربعين جزء من حياة العراقيين ويعيشون معها

قال السيد «آل ايوب»: ان العراقيين يسعون دائما على طول السنة لإقامة الأربعينية، فهي أصبحت جزءا من حياتهم ولا يمكن ان يتخلوا عنها، فهم يعشقونها كثيرا؛ لذلك ترى ان صاحب سيارة الأجرة ومالك دُكان أو تاجرا يدخرون أموالهم لأيام الأربعين.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ بالتزامن مع اقتراب أربعينية الإمام الحسين (ع) ومشاركة ملايين زوار ابي عبد الله (ع) في مشاية الأربعين، قامت وكالة "أبنا" للأنباء الدولية بسلسلة حوارات مع شخصيات علمائية حول أهمية هذا الحدث العظيم الذي يتجدد كل عام.
وقد حاورت وكالة "أبنا" للأنباء الدولية مدير ممثلية المجمع العالمي لأهل البيت (ع) في العراق، حجة الاسلام والمسلمين السيد «محمد رضا آل ايوب».
وتحدّث السيد «آل ايوب» عن اهمية زيارة الأربعين الحسيني لدى الشيعة المسلمين، بعد أن ثمّن جهود وكالة "أبنا" للأنباء الدولية، مُشيدا بما تقدمه الوكالة من إيصال علوم ومعارف أهل البيت (ع) للعالم، وأخبار تخص حقائق غفل عنها الكثيرون أو استدل ستار عليها، قال: هناك نوعان من الروايات، منها مجموعة تخص زيارة الإمام الحسين(ع)، والتي قال في شأنها الإمام الصادق (ع)، ما مضمونها إذا علم الناس ما مقدار ثواب الزيارة «لَماتُوا شَوقاً»؛ لذلك أكد أهل البيت (ع) على زيارة أبي عبد الله الحسين(ع)؛ لأنها رسائل إلهية للتنوير والبصيرة، وكذلك البكاء عندما جعله الإمام الرضا (ع)ذو هدف وقال:«يَا بنَ شَبيبٍ، إن كُنتَ باكِيا لِشَيءٍ فَابكِ لِلحُسَين»، فلا بد أن يكون بكاءنا ذو هدف يُقظ الهمم ويزيد في البصيرة.
وأكد السيد «آل ايوب» ان زيارة الأربعين الحسيني، هي حركة عظيمة، مُستندا بقول الإمام الحسن(ع) عندما قال ان زيارة الأربعين إحدى خصائص الإنسان المؤمن، وانها نقطة تحول في العالم الإسلامي أو المجتمع الإنساني؛ وقد التحق بمعسكر الإمام الحسين(ع) المسيحي -مثل وهب بن عبدالله بن حباب کلبي الذي اسلم واستشهد مع شهداء كربلاء- والحر بن يزيد الرياحي (التميمي اليربوعي): قائد الفرقة التي بعثها عبيد الله بن زياد لمحاصرة الإمام الحسين(ع) وغيرهم، وهذا يعني ان شخصية الإمام الحسين (ع) عالمية للجميع دون استثناء، من أجل الحفاظ على دين الله الحقيقي.
وتحدّث السيد «آل ايوب» في جانب آخر من حديثه أثناء إشارته الى فترة حزب البعث وحكومة "صدام" المقبور، الذي تسلط على رقاب الناس، وجعل أجواء العراق مليئا بالرعب والخوف، ولذلك منع من ممارسة شعائر دينية، أو تكون تحت رقابة أجهزته الأمنية القمعية في حدود شروط تفرضها السلطات، لافتا الى ان النظام كان يُجبر الخطباء على الثناء ومدح صدام وحكومته، وعمد الكثيرون على إثر ذلك بترك المنبر، وكان النظام البعثي يعتقل من يشارك في مجالس عزاء بعد الكشف عن هويتهم، ولكن رغم ذلك لازم الناس عند الاستطاعة في أماكن بعيدة عن أنظار البعثيين بإقامة مجالس حسينية للحفاظ على درب الإمام الحسين(ع)، إلا انه لم يتمكنوا من السير في زيارة الأربعين بسبب هذه التشديدات والعقوبات.
وذكر السيد «آل ايوب» قصة محزنة قائلا: عندما صمم هو ومن معه في السير مشيا على الأقدام بزيارة الإمام الحسين(ع) على الطريق الذي كان يسلكه العلماء، فكان قد غربت الشمس آنذاك، وقال: كنا 15 شخصا وبدأنا السير مشيا على الأقدام لزيارة الإمام الحسين(ع)، وفي نصف الطريق، أوقفنا رجل عجوز وطلب منا ليستضيفنا في بيته، لغرض خدمتنا وتناول وجبة العشاء، وأخبرناه اننا انطلقنا قبل قليل ونريد أن نواصل الطريق ليلا حتى نصل في آمان وألا نتأخر، ولكن ألحّ الرجل العجوز كثيرا، وقال رئيس مجموعتنا الشيخ مهدي الفاضلي(ره) الذي أعدمه صدام: ما رأيكم، قلنا الأفضل ان نسير ليلا، واعتذرنا من الرجل العجوز لكي نسير، لكنه فجأة سألنا سؤالا وقال: اين تذهبون، قلنا: لزيارة الإمام الحسين(ع)، قال: هل تعلمون يا أخوان ان الامام الحسين(ع) في بيتي الآن؟، لقد تعجبنا كثيرا من كلامه ولم نستطع الحركة، عندها قال الشيخ مهدي: اخوان علينا ان نقبل استضافته، وننزلنا عند طلبه، وذهبنا الى بيته الذي كان بين الاشجار في احد بساتين، وفور دخولنا في بيته هرع مسرعا ليحضر ابريقا فيه ماء وصحنا كبيرا لغسل أيدينا وأرجلنا، ثم بسط مائدة تحوي أنواع الطعام، وتناولنا العشاء، ثم اردنا ان نستريح، ولكن ظهر فجأة الرجل العجوز باكيا، سألناه ماذا حدث؟ أخبرنا: اعتذر كثيرا لقد بلغني، انه قالوا لي: "عليك أن تُخرج الزوار من بيتك، فإن لم تفعل سنعتقلك وأولادك، وفور سماعنا لهذا النبأ اجتمعنا لنتخذ القرار. تبين فيما بعد "اننا تحت المراقبة"، واستقرّ رأينا على مغادرة المنزل وتوكلنا على الله تعالى، ولا حيلة لنا فيما يحدث لنا، حتى لا يتورط هذا الرجل العجوز المسكين في مشكلة، وأثناء الخروج أخبرنا الرجل العجوز انّ هناك بابا خلف الدار المطل على البستان، وفعلا قصدنا المكان وخرجنا من ذلك الباب، وقد حلّ الظلام، وقررنا ان نتفرق الى مجاميع صغيرة، وتنطلق كل مجموعة الى اتجاه معين، وهكذا فعلنا ما قررناه وسرنا الى كربلاء بهذه الصورة، ولكن قبل وصولنا الى كربلاء بلغنا ان الأجهزة الأمنية اعتقلت بعض الأخوة، وقامت السلطات البعثية فيما بعد بإعدامهم للأسف. مثل هذه أجواء كانت تخيم على أهالي كربلاء والعراقيين، وهكذا كانوا يضحون في طريق الإمام الحسين(ع). وكل ذلك يُضرب به الأمثال، مضيفا ان حركة الأربعين ليست حركة حديثة، ولكنها أحييت وجددت، ووصلت الى مرحلة نفتخر بها، وان مثل هذه العظمة توجد في مدرسة اهل البيت (ع). ويمكن القول ان الإمام الحسين (ع) عندما نادى قائلا «هل من ناصر ینصرني» في يوم عاشوراء سنة 61 هـ، ان نطلق عليه اليوم "لبيك". وهي من بركات الإمام الحسين (ع).
وفي الإجابة عن كيفية استعدادات العراقيين قبل انطلاق موسم زيارة الأربعين قال السيد «آل ايوب»: انّ العراقيين ليسوا سواسية في المال، فمنهم يفترش الأرض بمقدار متر واحد مع منضدة صغيرة عليها الماء وبعض الأكل أو الشاي يكون موكبا يخدم زوار الأربعين الحسيني، فكما جاءت في رواية تقول:«إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ»، أوجدت حرارة الحب الحسين (ع) في قلوب الناس والتي تهدي حركتهم بصورة عفوية.
وتابع قائلا: ان العراقيين يسعون دائما على طول السنة لإقامة الأربعينية، فهي أصبحت جزءا من حياتهم لا يمكن ان يتخلوا عنها، فهم يعشقونها كثيرا؛ لذلك ترى ان صاحب سيارة الأجرة ومالك دُكان أو تاجرا يدخرون أموالهم لأيام الأربعين. وكان شخص أخبرنا انه يملك بيتا غير مكتمل، قال انه اشترى أعمدة حديد لإكمالها، ولكنه في أيام الأربعين، لم يُكمل البناء وباعها لأجل إنفاقها لزوار أربعينية الإمام الحسين(ع). مضيفا ان العراقيين لديهم ايمان عميق ونظرتهم الكريمة لزوار الامام الحسين (ع) لا مثيل لها. يعيش أحد أصدقائي في محيط مدينة الكوفة، ويشتري ثلاث نعجات أو أربع ثم يذبحها ويضعها في الثلاجة، ثم يذهب ويدعو زوار أمير المؤمنين (ع) الى بيته ليستضيفهم مدة 3 أيام أو أسبوع يخدمهم طوال هذه المدة، ويتوسل لكي لا يغادورا منزله، مضیفا ان العراقیین يخدمون الزوار جيدا.
وقال السيد «آل ايوب» حول آفات زيارة الأربعين: علينا ان نحرص ان لا تكون زيارة الأربعين العظيمة سفرة سياحية، أي لا يكون سفرنا لزيارة الامام الحسين(ع) سفر استجمام ومتعة، ويكون القصد من السفر هو انه هناك آكلات متنوعة مجانية وسوائل لذيذة وغيرها، وفي جانب آخر تكون معرفتنا بالإمام الحسين (ع) ضعيفة أو تنعدم.
ولفت السيد «آل ايوب» الى احترام عادات وتقاليد العراقيين، فلكل دولة عادة خاص بها، وخاصة ان مناطق جنوب العراق هم عشائر عربية ولهم تقاليد خاصة بهم، وهم يحترمون الضيوف فضلا عن زائر الامام الحسين(ع)؛ مؤكدا على انه في المقابل على الزائرين ان يحترموا هذه العادات والتقاليد الموجودة عندهم، وأن يثمنوا احترامهم لهم، وأن لا يتصرفوا بصورة غير لائقة.
وشدد السيد «آل ايوب» على نقطة هامة تخص زيارة الأربعين قائلا: يجب ان تكون لزيارة الأربعين أثر في نفوسنا، حتى نتخلص من الاخلاق الذميمة الطالحة، ونهذب أنفسنا ونصلحها عن طريق هذه الزيارة الأربعينية المباركة؛ لأن الإمام الحسين(ع) خرج لإصلاح الأمة جميعا. مضيفا انه يجب على الأخوات ان يلتزمن بالحجاب واللباس الإسلامي، وعلى الشباب حسن السلوك الاخلاقي أثناء الزيارة، مؤكدا انه يجب الاهتمام بهذه الأمور في الزيارة الأربعينية للإمام الحسين(ع).
وفي الختام ثمّن السيد «آل ايوب» جهود ونشاطات وكالة "أبنا" للأنباء في هذه المناسبات العظيمة، والعالم يمر من ظروف راهنة، حيث تتعرض قطاع غزة للإبادة الجماعية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، متمنيا التوفيق والسداد في هذا العمل الصالح للوكالة.

.....................

انتهى  /  323