وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ تشغل الاهوار في العراق مساحات مائية واسعة وتسكنها مئات الالاف من العائلات التي تعتمد معيشتها على صيد السمك وتربية الجاموس والابقار ومنتجات الالبان، وتتميز بيوتها بانها تبنى من القصب والبردي، ولكل عشيرة او شيخ عشيرة او وجيه عشائري مضيف كبير تقليدي مبني من مادة القصب، وتسمى في اهوار ميسان وذي قار بالمضيف، وهو مقر الشيوخ وجلسات العشيرة، لكنه في نفس الوقت مكانا لاقامة واحياء الشعائر الحسينية منذ مئات السنين، وفي اهوار الجبايش كان لبيت القصب علاقة وثيقة بالامام الحسين (عليه السلام) حتى اصبح مدرسة حسينية خرجت اجيالا تحمل عقيدة ايمانية بالقضية الحسينية، مثلما خرجت مقاتلين اشداء دافعوا عن العراق عند الشدائد.
تاريخ قديم
يوضح السيد "قاسم السيد حداد البطاط" المولود عام (1969) دور بيت القصب عبر قرون مضت في صناعة اجيال مختلفة قائلا" ان اهوار الجبايش سابقا كانت تسمى "الجزائر" لكثرة ما فيها من اراضي صغيرة تطفوا على الماء وشيد الاهالي عليها بيوت الطين او القصب واصبحت مجموعة جزر فاطلق عليها اهوار الجزائر، وبعد ذلك عندما اراد هؤلاء الساكنون توسعة مساحة سكنهم قاموا برص القصب والبردي وعمل قواعد لتشييد المنازل عليها وسميت هذه العملية باللهجة الدارجة عند ساكني الاهوار "بجبش القصب" فاطلق عليها اسم الجبايش، ونحن من سكنة هذه الاهوار ابناء واباء واجداد الاجداد حتى يصل عمق عائلاتنا الى حوالي (500) سنة، وبيت القصب يشيد بشكل منعزل عن بيت العائلة وبأبعاد مختلفة لانه المضيف الذي يستقبل فيه الضيوف وتعقد فيه الجلسات العشائرية، وجميع بيوت القصب في الاهوار هي المكان الذي تحيى فيها الشعائر الحسينية في شهري محرم وصفر، وتلقى فيها المحاضرات الدينية في شهر رمضان، والاهوار تمتد على مساحات شاسعة على مئات الكيلومترات، وفيها قرى كثيرة، ومنها نزحت (54) قرية بعد ارتكاب النظام المقبور لجريمة تجفيف الاهوار".
الشعائر الحسينية
ويسرد البطاط علاقة اهالي الاهوار وبيوت القصب بالقضية الحسينية قائلا" كل عشيرة تخول شخصا منها يذهب الى مدينة النجف الاشرف للاتفاق مع خطيب منبر يحيي الشعائر الحسينية ويلقي محاضرات دينية في شهر رمضان، ويبيت عندنا لمدة شهر او اسبوعين ويتنقل بين بيوت القصب "المضائف" يلقي المحاضرات وتصل احيانا الى خمس محاضرات يومية، ويحضر اهالي الاهوار الى المجالس بواسطة زوارقهم المسماة بـ "المشحوف و الطرادة" وتتنقل مع الخطيب على بيوت القصب، كما تتضمن المجالس الحسينية محاضرات دينية ونعي وبكاء ومجالس اللطم، ومنها ترسخت عقيدتنا بحب الحسين منذ نعومة اظفارنا، ونقلت لنا من ابائنا واجدادنا كما نقلت لهم من ابائهم واجدادهم جيلا بعد آخر، وتلك البيوت هي مدارس حسينية خرجت اجيالا من الخدام والمحبين، واعطتنا الشجاعة والتحدي حيث كانت دوائر الامن ترسل على كل صاحب بيت قصب يقيم الشعائر وتوقعه على تعهدات بعدم وضع مكبرات صوت خارج بيت القصب واخرى كثيرة جائرة، الا اننا كنا نتحملها لاحياء الشعائر الحسينية، بالرغم من ان الاهوار مناطق بعيدة جدا عن المدن وتعتبر منقطعة ولا تؤثر على غيرها الا ان النظام المقبور كان مرعوبا من الحسين وثورته، وكان لكل عشيرة خطيبها الحسيني مثل قبيلة بني اسد والعشائر الساكنة بقربها، ويعتبر امرا معيبا على كل عشيرة ليس لها خطيب خاص بها ولا تقيم الشعائر الحسينية".
ابطال وشهادات
ويصف البطاط الحال سابقا بقوله" لم يكتفي مسؤولو الامن حينها بالتعهدات بل كانوا يرسلون عناصرهم لحضور المجالس ومراقبة كلام الخطيب وما ينطق عنه وكل امر يعتقدونه ضد نظامهم الفاشي يتعرض صاحب المجلس والخطيب الى عقوبات شديدة، كما فرضوا على الخطباء الدعاء للطاغية المقبور في نهاية المجلس لكن الاعم الاغلب من الخطباء لم يلتزم بذلك، وبيوت القصب هذه خرجت اجيال تلو الاجيال من خريجي الجامعات وخدام الحسين (عليه السلام) ومقاتلين اشداء تصدوا لحكم الطاغية ولبوا فتوى الجهاد الكفائي بعد تفجير المرقدين العسكريين ودحروا العصابات الارهابية وحرروا المحافظات المغتصبة بعقيدة حسينية خالصة، وكذلك عاد الكثير من الشباب الى جادة الصواب وطريق الله بعد مشاركتهم في معارك التحرير، وقدمنا الشهداء والجرحى، وكثير من كبار السن درسوا عند الكتاتيب والملائية صاروا يقرأون ويكتبون، ومن ناحية اخرى فإن للعشائر طاعة عمياء في البت بالنزاعات العشارية لشخص ابي الفضل العباس (عليه السلام) فهو الفاصل بين القاتل والمقتول، وتنتهي جميع النزاعات اذا "شدينه راية العباس".
موكب القصب
وبعد زوال حكم الطاغية والمسيرة المليونية التي انطلقت من البصرة باتجاه الجبايش كان لبيت القصب الاولوية يصفها البطاط قائلا" لم نكن نعرف ان هذا السيل البشري سيمر من عندنا نحو كربلاء الشهادة، ولم نستعد للخدمة فقمنا على الفور ببناء موكب من اعواد القصب على غرار المضيف "بيت القصب" وباشرنا بتقديم الخدمة للزائرين، وفي البداية المواكب كانت محدودة، ووصلت الان الى (300) موكب خدمي متراصة في الجبايش، وكان لبيت القصب الدور الكبير في ايواء الزائرين للمبيت في اجواء يفرح بها الزائر المتعب من السير، وهذا البيت القصبي مدرسة ومركز ديني وعشائري وفقهي واخلاقي وعلمي، وللحسين (عليه السلام) الكعب المعلى في ادامة دور هذه البيوت، ولا ننسى دور النساء في احياء الشعائر بمجالس خاصة والمساهمة باعداد الطعام والحرص على الالتزام بالحجاب الشرعي وخدمة النساء اثناء مبيتهن في بيوتنا، وتخرجن من نفس المدرسة الحسينية، كما خرجت بيوت الطين خطباء ورواديد حسينيون، لاسيما ان الكثير من ابناء الاهوار اصواتهم شجية كانت تستخدم في اغراض اخرى وتحولت الى اصوات حسينية".
.....................
انتهى / 323
تاريخ قديم
يوضح السيد "قاسم السيد حداد البطاط" المولود عام (1969) دور بيت القصب عبر قرون مضت في صناعة اجيال مختلفة قائلا" ان اهوار الجبايش سابقا كانت تسمى "الجزائر" لكثرة ما فيها من اراضي صغيرة تطفوا على الماء وشيد الاهالي عليها بيوت الطين او القصب واصبحت مجموعة جزر فاطلق عليها اهوار الجزائر، وبعد ذلك عندما اراد هؤلاء الساكنون توسعة مساحة سكنهم قاموا برص القصب والبردي وعمل قواعد لتشييد المنازل عليها وسميت هذه العملية باللهجة الدارجة عند ساكني الاهوار "بجبش القصب" فاطلق عليها اسم الجبايش، ونحن من سكنة هذه الاهوار ابناء واباء واجداد الاجداد حتى يصل عمق عائلاتنا الى حوالي (500) سنة، وبيت القصب يشيد بشكل منعزل عن بيت العائلة وبأبعاد مختلفة لانه المضيف الذي يستقبل فيه الضيوف وتعقد فيه الجلسات العشائرية، وجميع بيوت القصب في الاهوار هي المكان الذي تحيى فيها الشعائر الحسينية في شهري محرم وصفر، وتلقى فيها المحاضرات الدينية في شهر رمضان، والاهوار تمتد على مساحات شاسعة على مئات الكيلومترات، وفيها قرى كثيرة، ومنها نزحت (54) قرية بعد ارتكاب النظام المقبور لجريمة تجفيف الاهوار".
الشعائر الحسينية
ويسرد البطاط علاقة اهالي الاهوار وبيوت القصب بالقضية الحسينية قائلا" كل عشيرة تخول شخصا منها يذهب الى مدينة النجف الاشرف للاتفاق مع خطيب منبر يحيي الشعائر الحسينية ويلقي محاضرات دينية في شهر رمضان، ويبيت عندنا لمدة شهر او اسبوعين ويتنقل بين بيوت القصب "المضائف" يلقي المحاضرات وتصل احيانا الى خمس محاضرات يومية، ويحضر اهالي الاهوار الى المجالس بواسطة زوارقهم المسماة بـ "المشحوف و الطرادة" وتتنقل مع الخطيب على بيوت القصب، كما تتضمن المجالس الحسينية محاضرات دينية ونعي وبكاء ومجالس اللطم، ومنها ترسخت عقيدتنا بحب الحسين منذ نعومة اظفارنا، ونقلت لنا من ابائنا واجدادنا كما نقلت لهم من ابائهم واجدادهم جيلا بعد آخر، وتلك البيوت هي مدارس حسينية خرجت اجيالا من الخدام والمحبين، واعطتنا الشجاعة والتحدي حيث كانت دوائر الامن ترسل على كل صاحب بيت قصب يقيم الشعائر وتوقعه على تعهدات بعدم وضع مكبرات صوت خارج بيت القصب واخرى كثيرة جائرة، الا اننا كنا نتحملها لاحياء الشعائر الحسينية، بالرغم من ان الاهوار مناطق بعيدة جدا عن المدن وتعتبر منقطعة ولا تؤثر على غيرها الا ان النظام المقبور كان مرعوبا من الحسين وثورته، وكان لكل عشيرة خطيبها الحسيني مثل قبيلة بني اسد والعشائر الساكنة بقربها، ويعتبر امرا معيبا على كل عشيرة ليس لها خطيب خاص بها ولا تقيم الشعائر الحسينية".
ابطال وشهادات
ويصف البطاط الحال سابقا بقوله" لم يكتفي مسؤولو الامن حينها بالتعهدات بل كانوا يرسلون عناصرهم لحضور المجالس ومراقبة كلام الخطيب وما ينطق عنه وكل امر يعتقدونه ضد نظامهم الفاشي يتعرض صاحب المجلس والخطيب الى عقوبات شديدة، كما فرضوا على الخطباء الدعاء للطاغية المقبور في نهاية المجلس لكن الاعم الاغلب من الخطباء لم يلتزم بذلك، وبيوت القصب هذه خرجت اجيال تلو الاجيال من خريجي الجامعات وخدام الحسين (عليه السلام) ومقاتلين اشداء تصدوا لحكم الطاغية ولبوا فتوى الجهاد الكفائي بعد تفجير المرقدين العسكريين ودحروا العصابات الارهابية وحرروا المحافظات المغتصبة بعقيدة حسينية خالصة، وكذلك عاد الكثير من الشباب الى جادة الصواب وطريق الله بعد مشاركتهم في معارك التحرير، وقدمنا الشهداء والجرحى، وكثير من كبار السن درسوا عند الكتاتيب والملائية صاروا يقرأون ويكتبون، ومن ناحية اخرى فإن للعشائر طاعة عمياء في البت بالنزاعات العشارية لشخص ابي الفضل العباس (عليه السلام) فهو الفاصل بين القاتل والمقتول، وتنتهي جميع النزاعات اذا "شدينه راية العباس".
موكب القصب
وبعد زوال حكم الطاغية والمسيرة المليونية التي انطلقت من البصرة باتجاه الجبايش كان لبيت القصب الاولوية يصفها البطاط قائلا" لم نكن نعرف ان هذا السيل البشري سيمر من عندنا نحو كربلاء الشهادة، ولم نستعد للخدمة فقمنا على الفور ببناء موكب من اعواد القصب على غرار المضيف "بيت القصب" وباشرنا بتقديم الخدمة للزائرين، وفي البداية المواكب كانت محدودة، ووصلت الان الى (300) موكب خدمي متراصة في الجبايش، وكان لبيت القصب الدور الكبير في ايواء الزائرين للمبيت في اجواء يفرح بها الزائر المتعب من السير، وهذا البيت القصبي مدرسة ومركز ديني وعشائري وفقهي واخلاقي وعلمي، وللحسين (عليه السلام) الكعب المعلى في ادامة دور هذه البيوت، ولا ننسى دور النساء في احياء الشعائر بمجالس خاصة والمساهمة باعداد الطعام والحرص على الالتزام بالحجاب الشرعي وخدمة النساء اثناء مبيتهن في بيوتنا، وتخرجن من نفس المدرسة الحسينية، كما خرجت بيوت الطين خطباء ورواديد حسينيون، لاسيما ان الكثير من ابناء الاهوار اصواتهم شجية كانت تستخدم في اغراض اخرى وتحولت الى اصوات حسينية".
.....................
انتهى / 323