وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
السبت

٣ أغسطس ٢٠٢٤

٧:٤١:٥٥ ص
1476225

اغتيال هنية..من زاوية نظرة أخرى

إن عملية اغتيال القائد الشهيد اسماعيل هنية، وبحسابات العقل الاستراتيجي، هي مجرد قفزة انتحارية في الهواء من نتنياهو.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ لن نرد على القطيع الطائفي الذي يتهم إيران بتقديم هنية كقربان للعدو من أجل تحقيق مآرب خاصة، لأن هؤلاء لايملون من تخوين الجمهورية الإسلامية وكيل الاتهامات الجزافية لها ولمحور الممانعة الذي تدعمه في المنطقة منذ نجاح ثورتها  رغم تقديم آلاف الشهداء من القياديين والعلماء على مدى نصف قرن تقريبا من المواجهة المفتوحة مع أمريكا واسرائيل وعملاءهما في المنطقة، منهم من استهدف داخل إيران نفسها كما حدث للعالم النووي محسن فخري زاده، والذي سقط بعملية شبيهة بما وقع للقائد الشهيد هنية..لكننا سنجيب فريقا آخر ممن توقف عند هذه العملية الغادرة، ليستنتج فجأة بأن المنظومة الأمنية والاستخباراتية في إيران ضعيفة جدا وهشة، وبالتالي فلن تستطيع التغلب على اسرائيل القوية جدا والقادرة على الوصول إلى أهدافها في كل مكان..ولعل هذا كان هو الهدف والرسالة التي أراد الكيان إيصالها إلى العالم..فهل هذا صحيح؟

بداية، لو تتبعنا مسلسل اغتيالات القادة والشخصيات خلال التاريخ الحديث فقط، لتوقفنا عند المئات من الإغتيالات التي وقعت في دول عظمى منها أمريكا نفسها مع جون كندي، وحيث لازالت أذن ترامب تردد دوي الرصاصة التي كادت تودي بحياته خلال إحدى خطبه في الحملة الانتخابية الأخيرة. واغتيال السفير الروسي سنة 2016 في تركيا التي تعد ضمن القوى الإقليمية النافذة أيضا على المستوى العسكري والاستخباراتي، من طرف الحارس الذي كان مكلفا بحمايته لخير دليل على أن مثل هذه الخروقات الأمنية واردة جدا، خصوصا وأن إيران مستهدفة من طرف دولة جد متقدمة تكنولوجيا، وهي أمريكا التي ترعى الكيان الصهيوني في المنطقة وتقدم له ما لذ وطاب من آخر صيحات الأسلحة وتكنولوجيا الرصد والتجسس في العالم ..

رغم كل هذا  فقد استطاعت إيران إحراج أمريكا ومعها طبعا اسرائيل خلال السنوات الأخيرة في المنطقة العربية والعالم. وذلك بإفشال مخطط الشرق الأوسط الجديد الأمريكي، الذي بشرت به إدارة بوش الإبن، والذي كان يبغي تغيير خريطة المنطقة بتقسيم عدد من دول الممانعة خصوصا سوريا والعراق إلى ولايات طائفية وعرقية يسهل التحكم فيها عبر وكلاء جدد، كما وحافظت في نفس الآن على النظام العربي الوحيد الذي كان ولازال يساندها دون قيد أو شرط منخرطا في محور الممانعة بسوريا، حيث استطاعت عبره  تحقيق توازن الردع لحزب الله الذي صار عينا لإيران على اسرائيل وحصل مؤخرا عبر عمليات الهدهد على صور لمواقع استراتيجية وعسكرية مهمة داخل الكيان، فضلا عن مد أنصار الله الحوثيين باليمن بأسلحة نوعية من صواريخ باليستية ومسيرات وزوارق انتحارية قد تحمل لمسات روسية، باتت من خلالها تتحكم في حركة الملاحة بالبحر الأحمر وبحار أخرى لتمنع السفن الإسرائيلية ومن يواليها من السفن البريطانية والأمريكية من المرور إلى حد التسبب بخسائر فادحة للشركات التابعة لها وتضييق الخناق على الكيان اقتصاديا..وبهذا تكون إيران قد فازت فعلا في هذه المواجهة بالنقاط وكسبت أيضا تعاطفا كبيرا لشعوب المنطقة من خلال موقفها البطولي في نصرة غزة عبر جبهات الإسناد بعد الحنق الكبير الذي كان موجها ضدها خلال تدخلها في سوريا..

لذلك فعملية اغتيال القائد الشهيد اسماعيل هنية، وبحسابات العقل الاستراتيجي، هي مجرد قفزة انتحارية في الهواء من نتنياهو، لا أدري كيف أقنع بها صاحب القرار الأمريكي، للخروج من عنق الزجاجة بعد أن ضاق عليه الخناق في الداخل بعد انقسام مؤسسة الجيش والشارع على حكومته، وقد صار معرضا للمسائلة والمحاسبة بعد أن فشل في تحقيق وعوده واستئصال حماس كما كان يردد كالببغاء، وفي الخارج بعد أن تم فرض طوق ناري على اسرائيل من خلال جبهات الإسناد من العراق واليمن ولبنان الذي أفرغ منطقة الشمال من المستوطنين، خاصة بعد أن باتت مسيرات وصواريخ الحوثي الذي كان مهددا بالأمس فقط بالاجثتات من طرف التحالف العربي المدعوم أمريكيا، تصل إلى عمق تل أبيب..

الکاتب: الدکتور محمد اکدید رئيس لجنة الاعلام والعلاقات للاتحاد العالمي للاساتذة الجامعيين
........
انتهى/ 278