وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الأحد

٢١ يوليو ٢٠٢٤

١:٥٦:٥٩ م
1473485

قصة الشاب "علي" الذي أصبح خادما حسينيا !

يقول علي "مع اقتراب موسم عاشوراء عام 1443هـ، شعرت برغبة كبيرة في خدمة زائري الإمام الحسين (عليه السلام)، حين تذكرت كلمات والدي عن فضل خدمة الزائرين، الذي كان يتمنى أن يكون خادمًا في أحد المواكب الحسينية.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ وقف علي بجانب أحد مواكب خدمة زائري الإمام الحسين (عليه السلام) مترددًا في مفاتحة صاحب الموكب ليوزع الماء على المارة، باحثًا عن أيّ محتاج ليقدم له المساعدة.
يعيش علي في العقد الثالث من العمر (تم التحفظ على الاسم الحقيقي بناء على طلبه) في منزل سقفه من الصفيح في كربلاء المقدسة مع والدته المريضة، بعد أن فقد والده قبل سنوات، ليدفعه هذا الظرف الى ترك دراسته الجامعية ويتجه نحو عمل متواضع لم تكن أجوره كافية ليعيل أسرته عبره.

نداءٌ من القلب
يقول علي "مع اقتراب موسم عاشوراء عام 1443هـ، شعرت برغبة كبيرة في خدمة زائري الإمام الحسين (عليه السلام)، حين تذكرت كلمات والدي عن فضل خدمة الزائرين، الذي كان يتمنى أن يكون خادمًا في أحد المواكب الحسينية، إلا أنّ مرضه حال دون ذلك، فقررت أن أكرّس أيامي في خدمتهم مُتّكلاً على بركة الله تعالى".
توجه علي نحو المواكب الخدمية تاركًا عمله، واقترب صوب المواكب الخدمية مترددًا في طرح نفسه كخادم في أحدها، وما إن تكلم مع صاحب الموكب، رحبَّ به مشيرًا إليه بالقول: إنّ خدمة الحسين (عليه السلام) هي للجميع، فتفضل!.

عطاءٌ بلا حدود
لم يمنع الفقر علي من تقديم كل ما يملك، فيذكر "كنت أشارك في الأعمال التطوعية المختلفة التي تُقدم في الموكب، من توزيع الطعام والشراب، إلى تنظيف الشارع ومكان الموكب، وتجهيز أماكن استراحة الزائرين، ومساعدة كبار السن والمرضى والأطفال، وكنت أحلم في أن يكون لي موكبًا خاصًّا، إلا أنّ حالتي المادية لا تسمح بذلك".
لحظاتٌ لا تنسى
تغمر مشاعر الفرح والسعادة قلب علي كلّما ساعد زائرًا، يتذكر بالدموع اللحظات المؤثرة، مثل مساعدة رجل مسن مرهق قدّم له الماء والطعام، وتهدئة فتاة صغيرة أضاعت والدتها في الزحام، وغيرها من المواقف المتعارف عليها في مواكبنا الحسينية.

بركةٌ من الحسين (عليه السلام)
مع انتهاء مراسم زيارة عاشوراء 1443هـ، شعر علي بفراغ كبير في قلبه، فعاد إلى عمله ليتفاجأ برفض صاحب العمل؛ كونه تركه في موسم الذروة (العشرة الأولى من شهر محرم الحرام)، إذ توافد ملايين الزائرين، فعاد حاملًا هم المعيشة إلى قبر الإمام الحسين (عليه السلام) ليشكو الحال، وما إن وصل إلى (باب قاضي الحاجات) الواقع من جهة بين الحرمين الشريفين ليشرع بالدخول إلى الصحن الشريف ذارفًا دموعه، وبينما هو كذلك حتى صادف رجلًا مسنًّا وكأنّه يعرفه من سنين طويلة، فتكلم معه عن حياته ومصاريف علاج والدته التي تنتظره بأن يأتي ببعضه كما في كل مرة، ليبادر الرجل بعرض وظيفة ذات راتب مجزي في شركته، يوضّح علي "بعد هذا الموقف تيّقنت من أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لا يترك أحدًا، وهذه إحدى بركاته (عليه السلام)".

حياةٌ جديدة
لم يكن علي يصدق ما حدث، شعر أنّ هذه الوظيفة هي هدية من الله تعالى بفضل خدمة الزائرين وبركات الإمام الحسين (عليه السلام)، إذ وفّر له هذا العمل راتبًا مكّنه من معالجة والدته في أحد أهم المراكز الطبية وأفضلها في العراق، مع تحقيق حلمه وحلم أبيه في افتتاح موكب خاص به بعد مرور ثلاثة أعوام، من العمل والمثابرة ليقدم خدماته للزائرين الكرام في عاشوراء 1446هـ.
فموكب علي الذي اسماه (موكب خدّام العترة الطاهرة)، يقدم العصائر، والمياه الباردة، والشاي، والقهوة العربية، إلى جانب وجبات طعام في أوقات مختلفة، وخدمات إرشادية للزائرين الوافدين من خارج محافظة كربلاء، الذين يسألون عن مناطق محددة، وخدمات أخرى كما حدثنا علي.

رسالةٌ من كربلاء
تُجسد قصة علي مثالًا للتضحية والإيثار، وتُلهم الناس على مساعدة المحتاجين ونشر روح الخير والعطاء في المجتمع، وبذل النفس في سبيل القضية الحسينية، كما تؤكد على بركة الله تعالى لمن يخدم عباده، وتُظهر أنّ كربلاء ما زالت تنير دروب المظلومين والمحتاجين، وإنّ هذه القصة مصداق لقوله تعالى في سورة الإسراء (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا).

..................

انتهى / 232