وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : الجزيرة
الاثنين

١١ مارس ٢٠٢٤

٦:٥٩:٥٠ ص
1443570

رغم الحصار والعدوان الصهيوني..الغزيون يواصلون تعليمهم

أبت أم يامن (35 عاما) أن تذهب أوقات أطفالها الـ4 سدى دون فائدة، ووجدت في التعليم الذاتي فرصة لتتابع معهم دروسهم، وتقول هذه الأم التي كانت تعمل في صيدلية وانقطعت عن العمل منذ اندلاع العدوان "الحمد لله تشجع أطفالي على المبادرة والتعليم ووجدوا في الكتب متنفسا من الضغوط ويهربون معها من تداعيات الحرب".

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ أمام مستودعات تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، عثرت "أم يامن" على بعض كتب المنهاج الدراسي لأطفالها، كانت بالنسبة لها كنزا وساعدتها في متابعة دروسهم بعد انقطاع عن الدراسة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
لأم يامن أبو عجينة 5 أطفال، أصغرهم رضيع، والآخرون في سن المدرسة، ونزحت بهم مع زوجها من منزلهم في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع في الأسبوع الثالث للحرب، وقالت"طال بنا المقام في هذه الخيمة، ولا نعلم متى تنتهي الحرب، ومستقبل الأطفال والطلاب في علم الغيب".
كانت الكتب الدراسية التي عثرت عليها أم يامن في طريقها للنيران، التي التهمت الكثير منها طوال شهور الحرب وقد أصبحت وسيلة الغزيين لإعداد ما يتوفر لديهم من طعام شحيح.

دراسة في خيمة
أبت أم يامن (35 عاما) أن تذهب أوقات أطفالها الـ4 سدى دون فائدة، ووجدت في التعليم الذاتي فرصة لتتابع معهم دروسهم، وتقول هذه الأم التي كانت تعمل في صيدلية وانقطعت عن العمل منذ اندلاع العدوان "الحمد لله تشجع أطفالي على المبادرة والتعليم ووجدوا في الكتب متنفسا من الضغوط ويهربون معها من تداعيات الحرب".
فاطمة بالصف الثامن أساسي وهي كبرى أشقائها، شعرت بسعادة غامرة عندما رأت الكتب لأول مرة منذ أن تركت منزلها ومدرستها في شمال القطاع.
تقول والدتها أم يامن إن "فاطمة متفوقة في دراستها وحافظة للقرآن الكريم كاملا، وكذلك إخوتها يامن بالصف السابع، وعائشة بالثالث، ومؤمن بالأول، جميعهم من المتفوقين في دراستهم، وكانوا سعداء بالعودة إلى الدراسة ولو مؤقتا داخل خيمة".
ومع الحماس الذي وجدته السيدة الغزية لدى أبنائها وسعادتهم بمتابعة دروسهم التعليمية، تشجعت مع زوجها وجابا ما تبقى من مكتبات تعمل في مدينة رفح بحثا عن كتب مساعدة وشارحة للمنهاج الدراسي، وتضيف "الحمد لله يعتمدون على أنفسهم ويستغلون أوقاتهم ويساعدهم زوجي أبو يامن فيما يستعصي عليهم من دروس".
وتعطلت الحياة التعليمية المدرسية والجامعية في القطاع الساحلي الصغير، وتبدو العودة إليها ضبابية مع استمرار الحرب الضارية التي دمرت كل الجامعات والمعاهد المتوسطة، ومئات المدارس الحكومية والتابعة للأونروا.
ومن بين مبادرات تعليمية فردية وجماعية باتت منتشرة في مراكز الإيواء في المدارس وفي الخيام، تبرز مبادرة المعلم النازح محمد الخضري (38 عاما)، التي بدأت بتعليمه الذاتي لأطفاله الـ3 في مركز إيواء بمدينة دير البلح وسط القطاع.
وللخضري واحدة من حكايات الحرب المثيرة، فقد كان في عداد الشهداء لنحو 9 ساعات، ووثقته مستشفى الشفاء كشهيد في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل أن يعود إلى الحياة من جديد بنجاح الدفاع المدني في انتشاله من تحت أنقاض منزله المدمر في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وبعد 3 أيام قضاها يتلقى العلاج ومع تقدم الدبابات نحو المستشفى، نزح الخضري مع أسرته إلى وسط القطاع، وقال "الحياة موقف ولابد للإنسان من بصمة، وعدم الركون لليأس والخنوع، ومن هنا كانت مبادرتي لتعليم الأطفال والتفريغ النفسي عنهم".
ويحمل هذا المعلم درجة الماجستير في مناهج طرق التدريس، ويعمل محاضرا في جامعات غزة، وفي إطار مبادرته التعليمية الطوعية يتجول في مدارس النزوح ومخيمات الخيام في مناطق جنوب القطاع على مدار الأسبوع، مستهدفا الأطفال في سن التعليم الأساسي من الأول حتى السادس.
تركز مبادرة الخضري على تعليم مادة اللغة العربية، والتفريغ النفسي، باستخدام أساليب حديثة كانت كفيلة بإقبال عدد كبير من الطلبة والأهالي عليها، كالحكواتي والأسلوب القصصي والدمى والرسم بالألوان، مقدرا عدد المستفيدين -منذ إطلاق مبادرته قبل نحو شهر ونصف- بزهاء 4 آلاف طفل.
وفي محاكاة للبيئة التعليمية الواقعية، يبدأ الخضري يومه مع الطلبة بطابور الصباح وتحية العلم، وتضم المجموعة الواحدة نحو 60 طالبا وطالبة، يفترشون الأرض داخل الخيام ومراكز الإيواء والنزوح، ويقول الخضري إن "التفاعل الذي أجده من الأطفال يُظهر الجانب المشرق والأمل في مستقبل أفضل، وأننا شعب يستحق الحياة".
وفي مدرسة الطائف وهي واحدة من مراكز الإيواء في غرب رفح، استلهم أمين المكتبة فيها رائد أبو طعيمة من إقبال الأطفال على استعارة الكتب، فكرة مبادرته "نضوي شمعة"، وقال "كان إقبال أطفال النازحين على المكتبة ملفتا، وأردت تعزيز شغفهم بالقراءة والمطالعة، ومن هنا كانت المبادرة".
ومع مبادرين ومتطوعين تم تخصيص صف تعليمي وآخر ترفيهي للتفريغ النفسي، يوفر للأطفال - على مدار 3 أيام أسبوعيا- تعلم المواد الدراسية الأساسية والانخراط في أنشطة غير منهجية بهدف تخليصهم من ضغوط الحرب وآلامها، بحسب أبو طعيمة.
ليان أبو سعد (9 أعوام) طالبة نازحة من مدينة غزة، تحرص على المشاركة في أنشطة المبادرة، وقالت "كنت فاقدة الأمل بالعودة للتعليم، والحرب طولت والسنة ضاعت، لكن هذه المبادرة أعادت لي بعض الأمل".

.....................

انتهى  /  323