وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : اكنا
السبت

٩ مارس ٢٠٢٤

٩:٢٨:٤٦ ص
1443117

مواقف معرفة حسن مواساة الصديق

إن من أهَمِّ الاختبارات التي يختبر بها الصديق والرفيق أن ترى كيف يتعامل معك حين تعصِف بك الأزمات، وتحلُّ بك النوائب والنكبات.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "في الضِّيقِ يَتَبَيَّنُ حُسْنُ مُواساةِ الرَّفيقِ".

وفي حياتنا نرتبط بكثير من الأشخاص، نصاحبهم، ونصادقهم، ونشارك بعضهم الآخر في أعمالنا، منهم من تطول صُحبته، ومنهم من يصير مِنَّا كأنفسنا، ولكن بعضهم الآخر نقطع معهم أو يقطعون معنا، والذي يدعونا أو يدعوهم إلى ذلك التجربة التي نعيشها معهم أو يعيشوها معنا، والتجربة برهان صادق يكشف للإنسان جوهر من يخالط ويصاحب ويصادق.

إن من أهَمِّ الاختبارات التي يختبر بها الصديق والرفيق أن ترى كيف يتعامل معك حين تعصِف بك الأزمات، وتحلُّ بك النوائب والنكبات، فإن واساك بماله، أو بنفسه، أو بكلامه وهذا أضعف الإيمان فتمَسَّك بصداقته ودُم على صحبته، وإن أَسلَمَكَ إليها، وتركك وحدك في مواجهتها، ولم يمُدَّ إليك يَدَ المساعدة والمواساة، فلا تحزن على ابتعاده عنك، فلقد أظهَرت لك أزمتك أن صداقته كانت عابرة، ومن الخطأ بعد ذلك أن تمحضه الثقة، وتراهن عليه في مُلِمّاتك.

أقلُّ ما يجب للأخ على أخيه وللصديق على صديقه أن يواسيه في أزماته، ويقف إلى جانبه في مصاعبه، ويعينه حين يحتاج إلى عونه، ويخفف عنه عندما تتراكم عليه الهموم وتجثم على صدره الأحزان، وإن من أصدق صور المواساة أن يواسيه بماله دون أن يضطرَّه إلى الطلب منه، فإن اضطرَّه إلى ذلك فقد قصَّر في حقه، بل يكون قد أَذَلَّه، فإن في السؤال ذُل، ومن صور المواساة أن يجعله كنفسه فيشاركه في ماله.

فقد رُوِيَ عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) أنه قال لأحد أصحابه: "هَلْ يُدْخِلُ أَحَدُكُمْ يَدَهُ فِي كُمِّ أَخِيهِ وكِيسِهِ فَيَأخُذ مِنهُ ما يَريدُ بِغَيرِ إِذْنِهِ؟ قال: لا، قال: فَلَسْتُمْ بِإِخْوان". وهذه مرتبة من المواساة أعلى من المرتبة السابقة، وهناك مرتبة أعلى منهما، ولا يفعلها إلا ذو حَظٍّ عظيم من الإيمان والصدق والإخلاص والإيثار، وهي أن يُؤثِرَه على نفسه، ويقدِّم حاجته على حاجته.

ومن المواساة أن يدفع عنه الضَّيم، والظلم، والأذى، وأن يدافع عن سمعته، وكرامته، وعِرضه، وأن يُبَيِّن مظلوميته، وحَقَّه، وأن يُنفِّسَ كُربته، ويستمع إلى شِكايته، ويخفف من وطأة الحُزن عليه، وأن يطيب خاطره بالكلام الطيب الجميل، الذي يدعمه نفسياً، ويَجبُر خاطره، ويُظهِر تعاطفه معه، فإن لم يفعل فليس بصديق صدوق،

ولَنِعْم ما قيل: إذا احتجتَ إلى أخيك فلم يُجهِد نفسه في مواساتك فكَبِّر عليه خمس تكبيرات وعُدَّه من المَوتى.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
...........
انتهى/ 278