وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الاثنين

٩ أكتوبر ٢٠٢٣

٨:٠٥:٠٨ ص
1399210

طوفان الأقصى؛ صفعة الخمسين عام

قبل اكثر من سنة و نصف بدأت اطراف محور المقاومة في التحضير لعملية كبرى لم يتم تحديد موقع انطلاقها بالضبط.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ كتب الكاتب العراقي الدكتور "احمد علي" في حسابه علي شبكة X مجموعة من المقالات التحليلة حول عملية "طوفان الاقصى" الذي بدأت يوم السبت الموافق 2023/10/07 من قبل كتائب عزالدين قسام الجناح العسكري للمقاومة الاسلامية في فلسطين (حماس) برفقة كتائب سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي جاء فيها ما يلي: 

التحضير للطوفان :

قبل اكثر من سنة و نصف بدأت اطراف محور المقاومة في التحضير لعملية كبرى لم يتم تحديد موقع انطلاقها بالضبط.
كانت اهداف تحالف القوى المنضوية في ما يعرف ب (محور المقاومة) والذي تتزعمه ايران تستهدف تنفيذ عملية عسكرية كبرى تسبقها تكتيكات ومناورات في لبنان و سوريا الهدف من ورائها استدراج الكيان الصهيوني و اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية والامريكية والغربية بعيد عن الاراضي المحتلة والتي ستكون في تاريخ لاحق موقع لعمليات عسكرية لم تشهدها منذ حرب تموز عام 1973.
العملية تقوم على اساس الخدعة بالكامل قبيل تنفيذ على الارض , و الهدف فضح نقاط الضعف العسكرية والسياسية لإسرائيل و تدمير سمعتها بالكامل و لسنين قادمة , وبدأت هذه العملية في التنفيذ قبل ستة اشهر بالضبط عندما قام #حزب_الله بنشر الالوف من قوات النخبة التابعة له (قوات الحاج رضوان) على طول الحدود مع الكيان الصهيوني , وهذا ما دفع الاسرائيليين على ان حزب الله لا ينشر قواته لأجل استعراض القوة بل انه علامة على عدوان عسكري محتمل على تل ابيب , ونتيجة لذلك , اضطر رئيس وزراء الكيان نتنياهو إلى زيادة الوجود العسكري الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية وتقليصه في الجنوب، حول غزة. وكان القلق الأساسي هو أن «حزب الله» قد ينفذ تهديداته بعبور الحدود ومحاولة السيطرة على المستوطنات القريبة. كان الهدف هو تحويل انتباه الجيش الإسرائيلي وتقسيم قواته وتركيزه.
نجح حزب الله وايران و حماس في تضليل القيادة الإسرائيلية للاعتقاد بأن أي صراع محتمل سيندلع من الحدود اللبنانية , وقبل شهر و نصف من تاريخ اندلاع عملية طوفان الاقصى , كان ثمة مناورات في غرفة عمليات بين جهات محددة من محور المقاومة (ايران, حزب الله , حماس , بعض القيادات السورية) , وقد احيطت هذه المناورات بسرية كبيرة جدا و لم تشرك كثير من الاطراف الاخرى المنضوية في تحالف محور المقاومة كفصائل عراقية و سورية , بل ان بعض القيادات التي تقدم نفسها على انها مقاومة و جزء من المحور لم تعلم بعملية طوفان الاقصى الا عبر الفضائيات او منصات التواصل , وهذا يؤكد على حساسية هذه العملية و عمر تخطيطها و التحضير لها الطويل .
 ولم يكن إطلاق حزب الله رشقات صاروخية ضد مواقع في شمال الاراضي المحتلة  قرارا فوريا، بل كان تتويجا لاستراتيجية وضعت بعناية.

المباشرة بتنفيذ طوفان الاقصى 7 اكتوبر 2023

بينما كانت عيون إسرائيل مركزة على الشمال (لبنان) ، تم تنفيذ الضربة الحاسمة ببراعة من الجنوب (غزة).   وقد سلطت مصادر داخلية الضوء على التخطيط الدقيق لقادة محور المقاومة. ويقال إنهم يعملون من مركز قيادة منسق، وعلى استعداد للانطلاق إلى العمل عبر الحدود بمجرد إعطاء الإشارة. ويعتقد أن هذا التحويل الاستراتيجي هو السبب في أن الثكنة العسكرية الإسرائيلية بالقرب من غزة كانت تعاني من نقص ملحوظ في الموظفين. وقد حولت القوات الإسرائيلية إلى الحدود اللبنانية تحسبا لتهديد من الشمال.   
تبدو قوة الروابط والاتصال بين حزب الله مع القيادة العسكرية في غزة أعمق مما كان يعتقد سابقا. وتشير المعلومات الاستخباراتية الأخيرة إلى أن الاثنين على اتصال دائم، ويتبادلان الخبرات والمعلومات الاستراتيجية. كان هذا التعاون واضحا عندما أشار محمد الضيف، القائد العسكري لحماس، إلى بدء الأعمال العسكرية. ويبدو أن الأساس لهذا الجهد المنسق قد وضع قبل وقت طويل من مواجهة مسلحي غزة للمستوطنين الإسرائيليين على بعد 40 كيلومترا من غزة، واحتلال العديد من الثكنات الإسرائيلية وأسر عشرات الإسرائيليين للعودة إلى غزة.

بحسب مصادر خاصة جدا في محور المقاومة أن الاستراتيجية هي توجيه ضربة قاسية وعنيفة لإذلال إسرائيل وإجبارها في النهاية على المفاوضات. الرسالة الأساسية واضحة: القوة العسكرية الإسرائيلية تتضاءل، ومشهدها السياسي متصدع. وهذا يعطي محور المقاومة فرصة ذهبية لتنفيذ خطته. وعلاوة على ذلك، فإن أي محاولة لتطبيع العلاقات مع هذه إسرائيل التي يفترض أنها ضعيفة لن تؤدي إلا إلى تشويه سمعة الدول العربية المطبعة او التي تريد التطبيع.   وقد سلطت المصادر الضوء على الهجمات الصاروخية الأخيرة التي شنها حزب الله على تلة الرادار وتلال كفر شوبا ومزارع شبعا المحتلة. على عكس بعض التكهنات، لم يكن هذا الهجوم مجرد إلهاء عن الوضع المستمر في غزة. بدلا من ذلك، إنه تحذير شديد من حملة عسكرية مستمرة يمكن أن تتصاعد إلى حرب واسعة النطاق.   

ومن المثير للاهتمام أن حزب الله سرعان ما تدخل في الأمر، في حين عزت إسرائيل التصعيد من جنوب لبنان إلى الفصائل الفلسطينية. ولم يدعم بيانها الفصائل الفلسطينية فحسب، بل ألقى بالقفاز على إسرائيل. وبعيدا عن إظهار علامات الخوف من تصعيد محتمل، كانت رسالة حزب الله واضحة: إنه ليس مستعدا للتصعيد فحسب، بل ربما يسعى بنشاط إلى تصعيده.

القبة الحديدة خارج الخدمة

لم تستطيع القباب الحديدية والتي تفخر تل ابيب بصناعتها في ردع صواريخ المقاومة، ولعل احد اهم الاسباب ورائها هو تعدد الجبهات، فلا يمكن للقبة الحديدية من السيطرة بالكامل على كامل جبهات غزة , لبنان , سوريا ...
ادت خطوة حزب الله والمناورات التي قام بها سببا في توزيع منظومات القبة الحديدية، الامر الاخر تكلفة صواريخ القبة الحديدية ( 150,000) الف دولار عن الصاروخ الواحد في قبال صواريخ تستخدمها الفصائل الفلسطينية تكلفة الواحد تتراوح بين 800$ - 5000$ دولار.
لا يمكن للقبة الحديدية الوقوف امام رشقة من 2000 صاروخ في دفعة واحدة و لا يمكن ان تستخدم دفاعات الكيان الصهيوني كل عتادها في اول يوم و على جبهة واحدة.
يبدو أن الكرة الآن في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي. وإذا لم يعترف بالانتكاسات، وظل غير راض عن الهجمات على غزة ورفض الدخول في محادثات سلام، فقد تكون المنطقة على شفا صراع أوسع.   

حكومة نتنياهو المتشددة  

لقد كان لمجيً حكومة متطرفة يترأسها نتنياهو سباً اضافياً دفع الفلسطينيين الى حالة من الشعور بعدم الجدوى و لعل اهم اجندة هذه الحكومة المتشددة هي مزيد من عزل و محاصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومحاولتها انشاء منطقة عازلة من خلال تهجير عدد كبير جديد من السكان الفلسطينيين بالقرب من حدود غزة .   وفقا لمصادر مطلعة ، فإن المشهد الجيوسياسي الحالي مليء بعدم اليقين. لكن هناك شيء واحد يبدو واضحا: حرب شاملة في الشرق الأوسط ليست في مصلحة الولايات المتحدة، خاصة في وقت تنشغل فيه إدارة الرئيس جو بايدن بشدة بشن حرب ضد روسيا والتحديات التي تفرضها الصين.   وعلاوة على ذلك، يبدو أن المصير السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معلق في الميزان. إن مقتل ما لا يقل عن 700 إسرائيلي، وإجلاء 50 ألف إسرائيلي من جميع المستوطنات المحيطة بغزة، وفشل أجهزة استخباراته في توقع الهجوم، يمكن أن يؤدي إلى نهاية ولاية نتنياهو وفترة حكومته المتشددة، خاصة إذا ظل الصراع محصورا في غزة. وقد تحدد تداعيات هذه المعركة مستقبل نتنياهو السياسي.
يشير السيناريو الحالي إلى توازن غير مستقر. تواجه إسرائيل خيارا قاسيا: الاعتراف بالضرر الكبير في سمعتها الناجم عن مجموعة مصممة من الفلسطينيين الذين يسعون لاستعادة أراضيهم أو الاستمرار في تصعيدها الحالي.

هل المفاوضون في الطريق

حتى الان لم يدخل المفاوض المصري (المعبر ) و المفاوض القطري (الاموال) والسبب ان اطراف الصراع لم تحسم امرها للذهاب الى التفاوض , فالكيان الصهيوني يستحيل ان يذهب للتفاوض وسط هذه الهزائم الكبيرة جدا , و الفلسطيني المتحالف مع محور المقاومة لديه بنك اهداف و توقيتات اخرى لا تخضع لقرارات انية ...

ختاما

المعركة لم تبوح بكل اسرارها حتى الان و المستقبل لازال غير معلوم ولكن ما هو معلوم ومعروف ان طوفان الاقصى هذه المعركة قد احدثت انقلاباً تاريخياً واستراتيجياً لاكثر من خمسين عام في المستقبل المنظور.

الکاتب: الدكتور احمد علي
x @ahmedali_ali70