وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الخميس

٢٠ يوليو ٢٠٢٣

١:٠٣:٥٣ م
1380801

معالم الدور الإعلامي للعقيلة زينب عليها السلام في نهضة عاشوراء

لقد كتب الكثير عن خطب العقيلة زينب(سلام الله عليها) في واقعة عاشوراء، ودراسة مداليلها ومعانيها، ولكنّي لم أعثر على دراسة خاصّة تُعنى بالأبعاد الإعلامية لكلمات وخطب العقيلة زينب(سلام الله عليها)، ولم أعثر كذلك على بحوث تحليلية مستقلة تهتم بالجانب الإعلامي لحضور حُرم الإمام الحسين(عليه السلام) وعياله في عاشوراء، سوى إشارات متفرّقة هنا وهناك، أبرزها ما كتبه الشهيد مرتضى المطهري(رحمه الله) في كتابه (الملحمة الحسينية).

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ يحتلّ الإعلام في النهضة الحسينية أهمية بالغة ومكانة بارزة؛ وذلك لأنّها حركة إصلاحية اجتماعية بامتياز، فهي تهدف إلى إيجاد هزّة وجدانية وعاطفية لتوعية الأُمة دينياً وسياسياً، فكان لا بدّ من سبيل يضمن وصول الرسالة الإعلامية لهذه النهضة المبدئية للأُمة، ولا سيّما أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) كان متيقناً من الشهادة، وأنّه سيلاقي ربّه مظلوماً في هذا الطريق، فكان السبيل هو الدور الإعلامي لموكب السبايا من آل البيت(عليهم السلام)، وكان لا بدّ لهذا الموكب المفجوع من موجّه حكيم يتحكم بإدارة المرحلة الإعلامية بعد وقوع الفاجعة، ولم يكن أجدر من العقيلة زينب(سلام الله عليها) للقيام بهذه المهمّة الخطيرة.

وبالفعل؛ فلقد ساهمت(سلام الله عليها) مساهمة فعّالة في النهضة الحسينية، وذلك من خلال أدائها للدور الإعلامي والترويجي لمبادئ واقعة عاشوراء بنجاح، وحملها لرسالة إعلامية سامية نجحت نجاحاً باهراً في إقناع المتلقين بها؛ لاستخدامها الأساليب الإعلامية المقنعة والمؤثرة، ومن خلال توفّر سمات فريدة في شخصيتها، مكّنتها من تغيير الرأي العام، وأداء دورها الإعلامي بنجاح.

ولقد كتب الكثير عن خطب العقيلة زينب(سلام الله عليها) في واقعة عاشوراء، ودراسة مداليلها ومعانيها، ولكنّي لم أعثر على دراسة خاصّة تُعنى بالأبعاد الإعلامية لكلمات وخطب العقيلة زينب(سلام الله عليها)، ولم أعثر كذلك على بحوث تحليلية مستقلة تهتم بالجانب الإعلامي لحضور حُرم الإمام الحسين(عليه السلام) وعياله في عاشوراء، سوى إشارات متفرّقة هنا وهناك، أبرزها ما كتبه الشهيد مرتضى المطهري(رحمه الله) في كتابه (الملحمة الحسينية).

ولقد تمّت دراسة المنهج الإعلامي في خطب النبي محمد(صلى الله عليه وآله) في عدّة أبحاث وكتب ومقالات، أبرزها كتاب (الجوانب الإعلامية في خطب الرسول(صلى الله عليه وآله))، للدكتور سعيد بن ثابت، بالإضافة إلى بعض الكتابات القيّمة الأُخرى في مبادئ الإعلام الإسلامي، ولقد استفدت من كلّ تلك الخبرات في هذه الدراسة، لكي أتناول (معالم الدور الإعلامي للعقيلة زينب(سلام الله عليها) في نهضة عاشوراء) بالدراسة والتحليل العلمي والموضوعي.

تعريف الإعلام

مفردة الإعلام: مأخوذة من لفظة (العلم)، ومشتقة من معناه؛ لأن الإعلام في الحقيقة هو عملية إيصال المعلومة ونشر الخبر، ويمكن تعريفه بـ: «عملية توجيه الأفراد بتزويدهم بالمعلومات والأخبار والحقائق؛ لمساعدتهم على تكوين رأي صائب في واقعة محدودة، أو مشكلة معيّنة»([2]).

أركان الإعلام وأبعاد العملية الإعلامية

بما أنّ الإعلام هو عملية اتصال وارتباط بين شخص يمتلك فكرة، أو خبر، أو رأي معين، وبين طرف آخر يراد إقناعه بها، فله أركان أساسية لا يقوم إلّا بها، وهي:

1ـ المصدر أو المرسِل: وهو صاحب الفكرة وحامل الرسالة، وتتوقف العملية الإعلامية في نجاحها على شخصية المصدر وقوّته، ومدى ثقته بنفسه وبرسالته، ومدى مصداقيته وجدّيته في حمل الرسالة وإيصالها إلى المتلقين.

2 ـ الرسالة: وهي ـ كما ذكرنا ـ قد تكون خبراً، أو فكرةً، أو رأياً، ينبغي إيصاله إلى المتلقي أو المتلقين، وقد عدّها المختصون في الدراسات الإعلامية بمثابة العمود الفقري للعملية الإعلامية.

3ـ  المتلقي أو المستقبِل: وهو الشخص أو الأشخاص المخاطبون المراد إيصال الرسالة إليهم.

4ـ وسيلة الاتصال: وهي الآلية التي تتم فيها عملية الاتصال الإعلامي، فقد تكون غير مباشرة عن طريق مكاتبة، أو عن طريق فعل عملي، أو استعراض فني، أو  تكون وسيلة مباشرة، عن طريق خطاب موجّه، أو حوار مشترك.

لذا؛ فالعملية الإعلامية ذات بُعد نفسي يتمثّل بكلّ من المصدر والمستقبل، ولها بُعد فكري ـ أيضاً ـ قائم على أساس العلم الذي بواسطته تتم عملية الإقناع والاقتناع، ولها أيضاً بعد آلي(فني) يتمثّل في وسيلة الاتصال([3]).

أهميّة عنصر الإعلام في النهضة الحسينية

للإعلام مكانة مميّزة ودور كبير في حياة الناس، فقد يساهم في إسقاط ملوك وحكومات، وقد يهدّ أنظمة و يُشيّد أُخرى، وبإمكانه تغيير أنماط الحياة؛ بسبب تأثيره المباشر والفعّال في الناس، ودوره في ضبط مشاعرهم وآرائهم وتوجهاتهم؛ لذا، فالملاحظ في النهضات الفكرية والمبدئـية أنّ الإعلام يتقدّم على أولوياتها ويتصدر اهتماماتها، بل ويشكّل أخطر وأهم أسلحتها.

ولا تكون الثورات والحركات الاجتماعية والمبدئـية مثمرة، ولن يُكتب لها النجاح إلّا من خلال إيصال مضامينها ومبادئها إلى أكبر عدد ممكن من الناس، عبر اعتماد سلاح الإعلام، فهو كلمة السرّ في نجاح الثورات... وإذا نظرنا إلى تاريخ الثورات وحركات التحرر ورفض الاستعباد، فلن نجد حركة أو نهضة نالت من الشهرة والمجد والخلود مثلما نالته حركة الإمام الحسين(عليه السلام) في عاشوراء، ومثلما حازت عليه من سعة وامتداد على صعيد الزمان والمكان([4]).

والحقيقة المبدئـية والرسالية لنهضة الإمام الحسين(عليه السلام) في عاشوراء، تجعل من الإعلام ضرورة حيوية لا يمكن إغفالها، فقد قرر الإمام(عليه السلام) تكثيف المجهود الإعلامي؛ لأجل توضيح الأُمور للأُمّة الإسلامية، والتركيز على نشر الحقائق بين المسلمين، فاختار المكان والزمان بدقة وحنكة لبثّ رسالته الإعلامية، فسافر إلى مكّة المكرّمة حيث اجتماع المسلمين وقدومهم من كلّ صوب لأداء مراسم الحج والعمرة، ووصل إليها في غرّة شعبان، فمكث(عليه السلام) في مكّة مدّة أربعة أشهر تقريباً، يدعو ويُعلن ويُبلّغ إلى أن اختار الوقت الأنسب لبدء نهضته والتحرّك نحو الكوفة، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة عام (61هـ).

يقول الشهيد المطهري: «إنّ لخروج الإمام الحسين(عليه السلام) في يوم التروية (8 ذي الحجة)، أكبر صدى إعلامي وأكثر تأثيراً وإبلاغاً لنداء الإسلام، وأشدّ وقعاً في نفوس المسلمين؛ لأنّ مفهوم الحج تحت نير الحكومة الأُموية يفقد روحه ومصداقيته، ويعود ليصبح كحج الجاهليّة الأُولى ما قبل الإسلام»([5]).

الأبعاد الإعلامية لحمل الحسين(عليه السلام) عائلته وأهل بيته إلى العراق

 لقد كان لحمل الحسين(عليه السلام) عياله وأهل بيته معه في نهضته ضدّ الظلم والطغيان الأُموي ـ بالرغم من المعارضات التي أبداها بعض، ومراجعة بعض شيوخ الهاشميين له بأن يرجع عن قراره هذا ـ دلالات وأبعاد إعلامية كثيرة نستشفّها من خلال ردّه(عليه السلام) وردّ أُخته العقيلة زينب(سلام الله عليها) على بعض هذه الاعتراضات.

أهم الدلائل الإعلامية لحضور العائلة في نهضة الحسين(عليه السلام)

يمكن أن نستظهر عدّة أُمور من حضور عائلة الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء، نستعرضها فيما يلي:

1- الدفاع عن الدين

إنّ نزوح عائلة الحسين(عليه السلام) كان بحد ذاته إعلاماً بخطورة الموقف، وإيذاناً للأُمّة بأنّ المرحلة هي مرحلة دفاع عن بيضة الإسلام وحرمة الدين، وهي مرحلة يشترك فيها النساء والرجال والشيوخ والشباب، حتى الأطفال الصغار، وكفى بهذا إعلاماً بعظم المسؤولية، وتنبيهاً على خطورة الموقف، وتحريكاً لـمَن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد؛ وأيُّ دلالةٍ أبلغ من استنفار النساء والأطفال للذود عن مبادئ الدين.

2- المشيئة والإرادة الإلهية

حينما سأل محمد بن الحنفية الإمام الحسين(عليه السلام) عن السبب وراء حمل النساء والعيال معه إلى العراق، أجابه الإمام قائلاً: لقد رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المنام، وقال لي: «إنّ الله قد شاء أن يراهنّ سبايا»([6]).

وفي كلام الإمام الحسين(عليه السلام) دلالة واضحة وإشارة بارزة على أنّ اصطحابه لأهل بيته وحُرم رسول الله(صلى الله عليه وآله) معه أمر إلهي، وتكليفٌ دينيٌ لا نقاشَ فيه، ومسألة حتميّة لا مناص منها، وأنّه من إرادة الله تعالى ومشيئته أن يكون للنساء بقيادة العقيلة زينب(سلام الله عليها) دورٌ وشأنٌ عظيمٌ في الدين والرسالة.

3- موقف السيدة زينب(سلام الله عليها) من حمل النساء والعيال

لقد كلّمت العقيلة زينب(سلام الله عليها) عبد الله بن عباس، عندما راجع الإمام الحسين(عليه السلام) في مسألة حمل العيال معه في سفره الخطير هذا، حيث ذكر الشيخ النقدي أنّ السيدة زينب(سلام الله عليها) عندما سمعت نصيحة عبد الله بن عباس للإمام الحسين(عليه السلام) ـ بأن لا يأخذ النساء والعيال معه إلى العراق ـ اعترضت عليه باكية، وقالت: «يا بن عباس، تُشير على شيخنا وسيدنا أن يخلّفنا ها هنا ويمضي وحده؟! لا والله، بل نحيى معه، ونموت معه، وهل أبقى لنا الزمان غيره؟!»([7]).

إنّ ردّ العقيلة هذا فيه إشارة واضحة إلى الاستنفار التام، والتسليم الكامل لأمر الله تعالى، وفيه دلالة واضحة على أنّ شأن النساء ودورهنّ في نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) لا يقلّ أهميّة وخطورة عن دور الرجال؛ وذلك أنّهن اُنتدِبْنَ للجهاد، وللذود عن حياض الدين بالكلمة والموقف والإعلام الهادف الجريء، فلقد قرّرنَ الجهاد مع إمام الأُمّة وسبط رسول الله(صلى الله عليه وآله) للذود عن مبادئ الدين الحنيف، مهما كانت التضحية، ومهما كان الثمن، ولا يثنيهن عن عزمهن هذا بُعد طريق ولا شقّة سفر.

 

الأساليب والطُّرق الإعلامية في خُطب العقيلة(سلام الله عليها) في نهضة عاشوراء

الأساليب: جمع لمفردة (أُسلوب)، و «الأُسلوب: (الطريق)... يقال: أخذنا في أساليب من القول: (فنون متنوعة)»([8]). وعلى الإعلامي أن يُحسن توظيف فنون القول، ويُجيد استخدام طُرق وأساليب الإعلام من خلال التشخيص الصحيح لحاجة المتلقين.

ولقد أحسنت سيّدتنا العقيلة زينب(سلام الله عليها) تشخيص طبيعة المتلقين، وأبدعت في استخدام الأساليب الإعلامية المؤثرة في خطابها الإعلامي. وسنستعرض أبرز هذه الأساليب في خطبها التي ألقتها في كلّ من كربلاء والكوفة والشام.

 الأساليب الإعلامية في كلمات العقيلة(سلام الله عليها) في كربلاء

تروي كتب التاريخ التي نقلت أحداث عاشوراء: أنّ العقيلة زينب(سلام الله عليها) ندبت أخاها في كربلاء بُعيد الواقعة، وذلك في اليوم الحادي عشر من المحرّم، وكان مصابها بأخيها الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيتها لم يزل جديداً، ورزيتها حديثة، ولم تزل فاجعتها طرية؛ حيث كانت تنظر إلى الأجساد الطاهرة الزكية بلا رؤوس، مقطعة على رمضاء كربلاء، وكان قلبها يعتصر غُصّةً وألماً، وكان الأعداء يُحيطونها من كلّ جانب ومكان، فخطبت خُطبتها المشهورة، وكانت في مقام الشكاية والتظلّم، فأخذت تندب أخاها الشهيد، يقول ابن طاووس في اللهوف: «... ثمّ أُخرِج النساء من الخيمة، وأشعلوا فيها النار، فخرجن... باكيات، يمشين سبايا في أسر الذلّة، وقلن: بحق الله إلّا ما مررتم بنا على مصرع الحسين(عليه السلام). فلمّا نظر النسوة إلى القتلى صِحنَ وضربنَ وجوههنَّ، قال: فو الله، لا أنسى زينب بنت علي(عليه السلام) تندب الحسين(عليه السلام)، وتنادي بصوت حزين، وقلب كئيب: يا محمداه، صلّى عليك مليك السماء، هذا حسين مرمّل بالدماء، مقطّع الأعضاء، وبناتك سبايا، إلى الله المشتكى، وإلى محمد المصطفى، وإلى علي المرتضـى، وإلى فاطمة الزهراء، وإلى حمزة سيد الشهداء. يا محمداه، هذا حسين بالعراء، تسفي عليه ريح الصبا، قتيل أولاد البغايا، وا حزناه، وا كرباه! اليوم مات جدّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)، يا أصحاب محمداه، هؤلاء ذرّية المصطفى يُساقون سوق السبايا... وفي رواية: يا محمداه، بناتك سبايا، وذرّيتك مقتّلة، تسفي عليهم ريح الصبا، وهذا حسين محزوز الرأس من القفى، مسلوب العمامة والرداء»([9]).

لقد استخدمت العقيلة زينب(سلام الله عليها) هنا عدّة أساليب إعلامية بليغة ومؤثرة، نستعرضها على التوالي:

1ـ أُسلوب الاستهلال المؤثر

 لقد أثارت العقيلة زينب(سلام الله عليها) انتباه الحاضرين وأثّرت في نفوس المتلقين، من خلال استخدام مقطع استهلالي مميّز، قرعت به أذهان السامعين، واخترقت ضمائرهم، من خلال ندبها لجدّها رسول الله محمد(صلى الله عليه وآله) قائلة:  «يا محمداه!»، موقظة بذلك للمشاعر، ومؤنبة للضمائر، فقد ذكّرت القتلة بأنّ الضحايا هم أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وذريّته، وأنّ السبايا هم حُرم رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) الذين كان جدّهم يؤكّد كثيراً على محبتهم، ووجوب إكرامهم، والتمسّك بهم، وإذا بأُمّته تعدو عليهم لتقتلهم، وتمثّل بأجسادهم، وتنتهك حُرماتهم، وتسبي حرائرهم.

2ـ أُسلوب الندب والرثاء

ثمّ تشرع(سلام الله عليها) باستخدام أُسلوب تصوير الحقائق، ورسم المشهد الواقع، فأخذت تبيّن المشهد الحاضر بكلمات معبّرة بليغة، ممزوجة بالندب والرثاء، عبر كلمات تنفطر لها الجبال، وتتشقق الصخور، فقد تكلّمت(سلام الله عليها) مصورة المشهد المروّع الذي حدث في واقعة الطفّ، وما جرى على حُرم وعيال الإمام الحسين(عليه السلام) من بعد مقتله قائلة: «بأبي مَن أضحى عسكره في يوم الإثنين نهباً، بأبي مَن فسطاطه مقطّع العرى، بأبي مَن لا غائب فيُرتجى، ولا جريح فيداوى... بأبي مَن شيبته تقطر بالدماء»([10]).

3ـ الإكثار من الرثاء

وأكثرت(سلام الله عليها) من استخدام أُسلوب الرثاء؛ لعظم الفاجعة وهول المصاب، وأخذت تبيّن فضل الإمام الحسين(عليه السلام) ومكانته وقربه من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهي تقول: «بأبي مَن جدّه محمد المصطفى، بأبي مَن جدّه رسول إله السماء، بأبي مَن هو سبط نبي الهدى، بأبي[ابن] محمد المصطفى، بأبي [ابن] خديجة الكبرى، بأبي [ابن] علي المرتضـى، بأبي [ابن] فاطمة الزهراء سيدة النساء، بأبي [ابن] مَن رُدّت له الشمس وصلّى»([11]).

فلم يكن من أُولئك القتلة الجفاة، وهم على ما بهم من غلظة وقسوة إلّا أن تفجّرت عيونهم بالدموع.

وعن التأثير الإعلامي الذي أحدثته هذه الخطبة (المتفجعة المفجعة)، يقول الراوي: «فأبكت والله كلّ عدوّ وصديق»([12])، فكأنّ هذه الخطبة قد أحدثت هزّة قوية في نفوس أُولئك القتلة المتوحشين، الذين انسلخوا من إنسانيتهم، فضلاً عن تنصّلهم عن دينهم، فأصبحوا بعد سماعهم لكلمات العقيلة زينب(سلام الله عليها) كأنّهم قد أدركوا توّاً بشاعة ما اقترفوه من جرائم، وفداحة ما وقعوا فيه من مآثم، فأُسقط في أيديهم، وأيقنوا بهلاكهم، وأدركوا سوء عاقبتهم.

 

الكاتبة: نُهى القطراني

مجلة الإصلاح الحسيني – العدد الثالث عشر

مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

__________________________________________________

([2]) سبتان، محمد، تقويم أساليب تعليم القرآن الكريم وعلومه في وسائل الإعلام: ص8.

([3]) اُنظر: ثابت، سعيد، الجوانب الإعلامية: ص140.

([4]) اُنظر: مطهري، مرتضى، حماسه حسيني(الملحمة الحسينية): ج1، ص190.

([5]) المصدر السابق: ج1، ص347.

([6]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص364.

([7]) البحراني، هاشم، مدينة المعاجز: ج3، ص485.

([8]) إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط: ص441.

([9]) اُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف على قتلى الطفوف: ص78.

([10]) المصدر السابق: ص78 ـ 79.

([11]) المصدر السابق: ص79، بإضافة كلمة (ابن).

([12]) المصدر السابق.