وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ أمام سمع وبصر "قوات حفظ السلام الدولية" وقعت جرائم الإبادة الجماعية في رواندا من 6 أبريل إلى 18 يوليو عام 1994، وأودت بحياة مئات الآلاف من الأبرياء.
في ذلك الجحيم المستعر، قتل من سكان رواندا الذين كان يبلغ عددهم حينها 7.7 مليون نسمة، ما بين 800000 إلى 1000000 شخص، وتوفى علاوة على ذلك آلاف آخرون بسبب تفشي الأوبئة في مخيمات اللاجئين.
عمليات الإبادة الجماعية التي نفذتها شعب الهوتو ضد شعب التوتسي.. من المفارقات أن الشعبين ينتميان إلى مجموعة عرقية واحدة، وما يفرق بينهما اختلافات طبقية وتقسيمات وفقا للحياة الاقتصادية، وكان يمكن أن يصبح الهوتو من التوتسي والعكس صحيح.
بمرور الوقت، أصبح التوتسي سلالة ملكية وبدأوا في شغل المناصب الحاكمة، وبعد الحرب العالمية الثانية وبدعم من المستعمر البلجيكي ووفقا لسياسة "فرّق تسد" حدثت ثورة اجتماعية في رواندا، وانتقلت مقاليد السلطة إلى الهوتو.
بعد استقلال رواندا في عام 1962، فرض نظام إثنوقراطي في البلاد من قبل الرئيس غريغوار كايباندا، ومن بعده جوفينال هابياريمانا، الذي اعتمد على أغلبية الهوتو، وهضم حقوق أقلية التوتسي.
البلاد شهدت في نهاية عام 1980 أزمة اقتصادية، ارتبطت بالتغيرات في أسعار البن في السوق العالمية، وبدأت الحياة تضيق، ولم يعد بإمكان النظام رشوة السكان، وبدأ الصراع على الموارد داخل النخب الحاكمة.
تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي للسكان، وبالتزامن مع ذلك حدث الغزو الشهير للجبهة الوطنية الرواندية عام 1990، كما تشكلت أحزاب معارضة داخل معسكر الأغلبية الحاكمة "الهوتو"، وانتقل كل ذلك إلى مستوى الصراع المسلح.
بنهاية سبتمبر 1990، فر 4000 من التوتسي من الجيش الأوغندي واستولوا على أسلحة من المستودعات العسكرية المحلية، وغزوا رواندا، إلا أن ذلك الغزو الذي يفترض أن يكون خطيرا على النظام الإثنوقراطي الضعيف، فشل بسرعة، بسبب تدخل لاعبين خارجيين هم بلجيكا وزائير وفرنسا.
سمح التدخل العسكري الأجنبي المباشر للقوات الحكومية بدفع مقاتلي الجبهة الوطنية الرواندية إلى المناطق الحدودية وحصرهم هناك.
كان الغزو الذي قامت به الجبهة الوطنية الرواندية بمثابة هبة من السماء لنظام هابياريمانا، سمح له بتعزيز موقفه من خلال اللعب بالورقة العرقية، وشن على الفور حملة ضد التوتسي.
بدء عمليات الإبادة الجماعية:
بدأت عمليات الإبادة ضد أقلية التوتسي حين جرى اغتيال رئيس رواندا، جوفينال هابياريمانا في 6 أبريل 1994.
تم إسقاط طائرة رئيس البلاد بصاروخ عند اقترابها من العاصمة كيغالي. ألقى الراديكاليون من الهوتو بالمسؤولية عن الجريمة على مفارز التوتسي ورفضوا الانصياع لأوامر رئيسة الوزراء أغاثا أوفيلينجيمانا، التي كان من المفترض بموجب الدستور أن تتولى مهام الرئيس بالإنابة.
تمرد هؤلاء المتطرفون من الهوتو وأعلنوا أنهم سيستعيدون النظام في البلاد بأنفسهم. وسرعان ما قتلت رئيسة الوزراء وزوجها و10 جنود بلجيكيين كانوا يرافقونهما.
قتل أيضا العديد من السياسيين الآخرين الذين فضلوا السلام مع التوتسي وحاولوا تهدئة الجيش وقادته المتطرفين.
بعد ساعات قليلة، اجتمعت حكومة الهوتو وأصدرت الأمر بقتل التوتسي، وشاركت في عمليات التحريض شخصيات ونجوم.
اجتاح التطهير العرقي الجماعي البلد بأكمله تقريبا بحلول منتصف أبريل 1994. في بعض المناطق، تم تنظيمها من قبل الجيش، وفي مناطق أخرى أخرى بإشراف مسؤولين محليين أو نشطاء من الحزب الحاكم، لكن المذابح جرت في كل مكان بسيناريو واحد.
تشكلت مليشيات من الهوتو مضت إلى جانب قوات الجيش لتصفية الحساب مع "التوتسي"، وحتى مع من اعتبروا "خونة " من أبناء الهوتو.
نقل الضحايا عادة إلى أماكن تعتبر آمنة، مثل المعابد أو المستشفيات أو مقار تابعة لبعثات حفظ السلام.
اعتبر التوتسي مثل هذه الأماكن ملاذات آمنة وتجمعوا هناك بالآلاف، من دون أسلحة وصحبة النساء والأطفال.
أصبحت حينها الكنائس والمستشفيات مصائد للموت. في بعض الأحيان لم تقتحمها قوات الجيش والميليشيات، بل قاموا بهدمها بالجرافات، ودفنوا من فيها تحت الأنقاض، أو أشعلوا بها النيران بعد صد أبوابها.
قبل القتل كانت الضحايا تتعرض للاغتصاب أو التعذيب أو ابتزاز أموالهم وحُليهم، النساء والأطفال والرجال، قتلوا بدم بارد من دون تفريق.
تجاوزت جريمة الإبادة الجماعية للتوتسي كل الحدود حتى أن المسلحين كانوا يجمعون "ضريبة" من أبناء جلدتهم الهوتو الذين لم يشاركوا في "عمليات التطهير".
كانت تتمركز في رواندا منذ عام 1993 قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة تتكون من 2500 عسكري، معظمهم من بنغلاديش وبلجيكا وعدد من الدول الأفريقية، علاوة على تمركز وحدة صغيرة من الجيش الفرنسي هناك.
في أكتوبر 1993، أبلغ الجنرال الكندي روميو دالير، الذي قاد قوات حفظ السلام، الأمم المتحدة عن خطط المتطرفين الهوتو ومخابئ أسلحتهم. رفضت الأمم المتحدة، التي لم تكن راغبة في توتير العلاقات مع كيغالي، جميع مقترحات الجنرال الكندي لمنع جرائم القتل.
قوات حفظ السلام تلقت تعليمات بصيغ غامضة مثل العمل على "تعزيز القانون والنظام" أو "مراقبة الأمن" أو "ضمان المصالحة".
عمليا منعت الأوامر استخدام القوة من جانب المكلفين بحفظ السلام في رواندا، حتى من أجل منع قتل المدنيين، وكانت تلك الوحدات تشاهد في كثير من الأحيان عمليات الإبادة ولا تحرك ساكنا.
بعض العسكريين من قوات حفظ السلام قاموا من تلقاء أنفسهم بمحاولة إنقاذ الأبرياء. واحد من هؤلاء هو النقيب السنغالي مباي ديان. هذا العسكري قدم رشاوي للمسلحين بالسجائر والنبيذ، وأنقذ أرواح المئات، لكنه قتل بقذيفة هاون في 31 مايو 1994.
انتشرت أنباء عمليات القتل الجماعي في رواندا في جميع أنحاء العالم، ولم يتحرك الغرب الذي كانت لدى أعضاء منه قوات في هذا البلد وما جاورها، وتواصلت المذابح ولم تنته إلا بانتصار متمردي التوتسي وسيطرتهم على البلاد في يوليو من نفس العام.
بعد انتهاء الحرب، قتل التوتسي حوالي 100000 شخص من خصومهم بدافع الانتقام، وفر حوالي مليوني شخص من الهوتو خارج البلاد.
في ذلك الجحيم المستعر، قتل من سكان رواندا الذين كان يبلغ عددهم حينها 7.7 مليون نسمة، ما بين 800000 إلى 1000000 شخص، وتوفى علاوة على ذلك آلاف آخرون بسبب تفشي الأوبئة في مخيمات اللاجئين.
عمليات الإبادة الجماعية التي نفذتها شعب الهوتو ضد شعب التوتسي.. من المفارقات أن الشعبين ينتميان إلى مجموعة عرقية واحدة، وما يفرق بينهما اختلافات طبقية وتقسيمات وفقا للحياة الاقتصادية، وكان يمكن أن يصبح الهوتو من التوتسي والعكس صحيح.
بمرور الوقت، أصبح التوتسي سلالة ملكية وبدأوا في شغل المناصب الحاكمة، وبعد الحرب العالمية الثانية وبدعم من المستعمر البلجيكي ووفقا لسياسة "فرّق تسد" حدثت ثورة اجتماعية في رواندا، وانتقلت مقاليد السلطة إلى الهوتو.
بعد استقلال رواندا في عام 1962، فرض نظام إثنوقراطي في البلاد من قبل الرئيس غريغوار كايباندا، ومن بعده جوفينال هابياريمانا، الذي اعتمد على أغلبية الهوتو، وهضم حقوق أقلية التوتسي.
البلاد شهدت في نهاية عام 1980 أزمة اقتصادية، ارتبطت بالتغيرات في أسعار البن في السوق العالمية، وبدأت الحياة تضيق، ولم يعد بإمكان النظام رشوة السكان، وبدأ الصراع على الموارد داخل النخب الحاكمة.
تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي للسكان، وبالتزامن مع ذلك حدث الغزو الشهير للجبهة الوطنية الرواندية عام 1990، كما تشكلت أحزاب معارضة داخل معسكر الأغلبية الحاكمة "الهوتو"، وانتقل كل ذلك إلى مستوى الصراع المسلح.
بنهاية سبتمبر 1990، فر 4000 من التوتسي من الجيش الأوغندي واستولوا على أسلحة من المستودعات العسكرية المحلية، وغزوا رواندا، إلا أن ذلك الغزو الذي يفترض أن يكون خطيرا على النظام الإثنوقراطي الضعيف، فشل بسرعة، بسبب تدخل لاعبين خارجيين هم بلجيكا وزائير وفرنسا.
سمح التدخل العسكري الأجنبي المباشر للقوات الحكومية بدفع مقاتلي الجبهة الوطنية الرواندية إلى المناطق الحدودية وحصرهم هناك.
كان الغزو الذي قامت به الجبهة الوطنية الرواندية بمثابة هبة من السماء لنظام هابياريمانا، سمح له بتعزيز موقفه من خلال اللعب بالورقة العرقية، وشن على الفور حملة ضد التوتسي.
بدء عمليات الإبادة الجماعية:
بدأت عمليات الإبادة ضد أقلية التوتسي حين جرى اغتيال رئيس رواندا، جوفينال هابياريمانا في 6 أبريل 1994.
تم إسقاط طائرة رئيس البلاد بصاروخ عند اقترابها من العاصمة كيغالي. ألقى الراديكاليون من الهوتو بالمسؤولية عن الجريمة على مفارز التوتسي ورفضوا الانصياع لأوامر رئيسة الوزراء أغاثا أوفيلينجيمانا، التي كان من المفترض بموجب الدستور أن تتولى مهام الرئيس بالإنابة.
تمرد هؤلاء المتطرفون من الهوتو وأعلنوا أنهم سيستعيدون النظام في البلاد بأنفسهم. وسرعان ما قتلت رئيسة الوزراء وزوجها و10 جنود بلجيكيين كانوا يرافقونهما.
قتل أيضا العديد من السياسيين الآخرين الذين فضلوا السلام مع التوتسي وحاولوا تهدئة الجيش وقادته المتطرفين.
بعد ساعات قليلة، اجتمعت حكومة الهوتو وأصدرت الأمر بقتل التوتسي، وشاركت في عمليات التحريض شخصيات ونجوم.
اجتاح التطهير العرقي الجماعي البلد بأكمله تقريبا بحلول منتصف أبريل 1994. في بعض المناطق، تم تنظيمها من قبل الجيش، وفي مناطق أخرى أخرى بإشراف مسؤولين محليين أو نشطاء من الحزب الحاكم، لكن المذابح جرت في كل مكان بسيناريو واحد.
تشكلت مليشيات من الهوتو مضت إلى جانب قوات الجيش لتصفية الحساب مع "التوتسي"، وحتى مع من اعتبروا "خونة " من أبناء الهوتو.
نقل الضحايا عادة إلى أماكن تعتبر آمنة، مثل المعابد أو المستشفيات أو مقار تابعة لبعثات حفظ السلام.
اعتبر التوتسي مثل هذه الأماكن ملاذات آمنة وتجمعوا هناك بالآلاف، من دون أسلحة وصحبة النساء والأطفال.
أصبحت حينها الكنائس والمستشفيات مصائد للموت. في بعض الأحيان لم تقتحمها قوات الجيش والميليشيات، بل قاموا بهدمها بالجرافات، ودفنوا من فيها تحت الأنقاض، أو أشعلوا بها النيران بعد صد أبوابها.
قبل القتل كانت الضحايا تتعرض للاغتصاب أو التعذيب أو ابتزاز أموالهم وحُليهم، النساء والأطفال والرجال، قتلوا بدم بارد من دون تفريق.
تجاوزت جريمة الإبادة الجماعية للتوتسي كل الحدود حتى أن المسلحين كانوا يجمعون "ضريبة" من أبناء جلدتهم الهوتو الذين لم يشاركوا في "عمليات التطهير".
كانت تتمركز في رواندا منذ عام 1993 قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة تتكون من 2500 عسكري، معظمهم من بنغلاديش وبلجيكا وعدد من الدول الأفريقية، علاوة على تمركز وحدة صغيرة من الجيش الفرنسي هناك.
في أكتوبر 1993، أبلغ الجنرال الكندي روميو دالير، الذي قاد قوات حفظ السلام، الأمم المتحدة عن خطط المتطرفين الهوتو ومخابئ أسلحتهم. رفضت الأمم المتحدة، التي لم تكن راغبة في توتير العلاقات مع كيغالي، جميع مقترحات الجنرال الكندي لمنع جرائم القتل.
قوات حفظ السلام تلقت تعليمات بصيغ غامضة مثل العمل على "تعزيز القانون والنظام" أو "مراقبة الأمن" أو "ضمان المصالحة".
عمليا منعت الأوامر استخدام القوة من جانب المكلفين بحفظ السلام في رواندا، حتى من أجل منع قتل المدنيين، وكانت تلك الوحدات تشاهد في كثير من الأحيان عمليات الإبادة ولا تحرك ساكنا.
بعض العسكريين من قوات حفظ السلام قاموا من تلقاء أنفسهم بمحاولة إنقاذ الأبرياء. واحد من هؤلاء هو النقيب السنغالي مباي ديان. هذا العسكري قدم رشاوي للمسلحين بالسجائر والنبيذ، وأنقذ أرواح المئات، لكنه قتل بقذيفة هاون في 31 مايو 1994.
انتشرت أنباء عمليات القتل الجماعي في رواندا في جميع أنحاء العالم، ولم يتحرك الغرب الذي كانت لدى أعضاء منه قوات في هذا البلد وما جاورها، وتواصلت المذابح ولم تنته إلا بانتصار متمردي التوتسي وسيطرتهم على البلاد في يوليو من نفس العام.
بعد انتهاء الحرب، قتل التوتسي حوالي 100000 شخص من خصومهم بدافع الانتقام، وفر حوالي مليوني شخص من الهوتو خارج البلاد.
استقرت الأوضاع بعد ذلك في رواندا. نجح البلد في تضميد جراحه الغائرة، إلا أن شبح تلك المجازر الرهيبة والدور السلبي للأمم المتحدة لا يزال شاهدا على هشاشة المنظومة الدولية وازدواجية المعايير، باستخدام القانون الدولي بنشاط وحماسة، فقط حين يكون للغرب مصلحة.
.....................
انتهى/185