وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
السبت

٢٥ فبراير ٢٠٢٣

٤:٥٥:٣٠ م
1348878

الإمام علي(ع) وأقواله عن الصديق الجيد

المعيار الذي يذكره الإمام علي (ع) أن يكون الأخ مفيداً لنا في الدارين، ولا نعرف ذلك إلا إذا اختبرناه، واطَّلَعنا على مختلف شؤونه ومواقفه وتصرفاته، واكتشفنا أخلاقه في المواقف المختلفة، في الهدوء وفي الغضب، في الراحة وفي التعب، في الفرح وفي الحزن، في الفقر وفي الغنى.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَخٌ تَسْتَفيدُهُ، خَيْرٌ مِنْ أَخٍ تَسْتَزيدُهُ".

ليس المهم أن يكون لك الكثير من الإخوان والأصدقاء، العدد ليس مهماً، فليكن لك ألف أو ألفين منهم لا يهم، المهم نوعيتهم، وصفاتهم، وتعاملهم معك، ومقدار استفادتك منهم، ألفان من الأصدقاء لايفيدونك لا خير في صداقتهم، وواحد منهم يفيدك، ويساندك، ويدعمك معنوياً وروحياً، ويقف إلى جانبك في المُهمّات والمُلِمّات، ويزيد في علمك ومعارفك، ويقوي إيمانك، ويحملك على فعل الصالحات، واكتساب الحسنات خير لك منهم جميعاً.

والإمام أمير المؤمنين (ع) يعلمنا المعيار الأهم الذي نختار على أساسه الشخص الذي نريد أن نتخذه أخاً لنا، ومعلوم لك قارئي الكريم أن اختيار الأخ من أهم القرارات التي نتخذها في حياتنا، لأنه سيكون ألصق الناس بنا، وأشدهم تأثيراً في خطواتنا ومساراتنا في الحياة، بل هو المؤثِّر في دنيانا وآخرتنا، وهناك في الآخرة عندما تظهر آثار قراراتنا وأعمالنا إما أن نشكر له أخوته، أو نعض أصابعنا من الندم ونقول: "يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا"﴿28/ الفرقان﴾.

ونقلا عن وكالة اكنا، المعيار الذي يذكره الإمام علي (ع) أن يكون الأخ مفيداً لنا في الدارين، ولا نعرف ذلك إلا إذا اختبرناه، واطَّلَعنا على مختلف شؤونه ومواقفه وتصرفاته، واكتشفنا أخلاقه في المواقف المختلفة، في الهدوء وفي الغضب، في الراحة وفي التعب، في الفرح وفي الحزن، في الفقر وفي الغنى، في السلطة.

وعندما يكون شخصاً عادياً، فإذا وجدناه مَحمودَ الطباع، مرضِيَّ الأفعال، مُحِباً للخير، آمراً به، كارهاَ للشَّرِّ والسوء، ناهياً عنهما، حافظاً لعهده، مُتَمَسِّكاً بمودته، متوافقاً معنا في العقيدة والفكر، يحترم القيم التي نحترمها، ملتزماً أخلاقياً ودينياً، حريصاً على النُّمُوِّ والزِّيادة فيهما، مُطيعاً لله، ومُعيناً لنا على الطاعة، مجتنباً لمعاصيه ومعيناً لنا على اجتناب المعاصي، إيجابياً في تعامله، طَموحاً، هادفاً، متفائلاً، عاملاً، كادحاً، صادِقاً، أميناً، نَصوحاً، مُعَلِّماً، داعِماً، مُحَفِّزاً، وفيّاً، مواسياً، يبعث الثقة في نُفوسنا، مسانداً لنا في الأزمات، وظهيراً لنا في الشدائد، يقوِّي نقاط ضعفنا، ويزيد في نقاط قوتنا، ويحب النجاح لنا، ويشاركنا همومنا، ويجهد لحل مشاكلنا، ويقبل ما نختلف فيه عنه، يصدق معنا في أقواله وأفعاله ومودَّته، ويصوننا من العيوب، ويدفع عنا الأذى، ويرشدنا إلى الصواب، ويتجاوز عن زلاتنا، ويغفر خطايانا، ويحترمنا في خلواتنا وأمام الناس، وقدوة نقتدي بها فذلك يجب أن نختاره أخاً، ووالله ثم والله إن الفوز بأخٍ هذه صفاته وسجاياه لَنِعمَة كُبرى، بل من أجَلِّ نِعَم الله تعالى، ومن أعظم التوفيقات.

فقد رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقِر (ع) أنه قال: "مَنِ استَفادَ أَخاً فِي اللّهِ، عَلى إيمانٍ بِاللّهِ، ووَفاءٍ بِإِخائِهِ، طَلَباً لِمَرضاةِ اللّهِ، فَقَدْ استَفادَ شُعاعاً مِنْ نُورِ اللّهِ، وأَماناً مِنْ عَذابِ اللّهِ، و حُجَّةً يُفلِجُ بِها يَومَ القِيامَةِ، وعِزّاً باقِياً، وذِكراً نامِياً، لِأَنَّ المُؤمِنَ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ لا مَوْصُولٌ ولا مَفْصُولٌ. قيلَ لَهُ: ما مَعنى لا مَفصولٌ ولا مَوصولٌ؟ قالَ: "لا مَوْصُولٌ بِهِ أنَّهُ هُوَ، ولا مَفصولٌ مِنهُ أنَّهُ مِن غَيرِهِ". ومن نختاره أخاً يصبح جزءاً منا، بل جزءاً أصيلاً من كياننا، بحيث يكون في تعامله معنا، وعلاقته بنا كأنه نسخة أخرى عنّا، بل كأنه نح.

وقد رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "الصَّدِيقُ إِنْسَانٌ هُوَ أَنْتَ إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُك" نعم كأنه نحن إلا أنه في جسم آخر، فالأَخَوان روح واحدة في بدنين، قال (ع): "الْأَصْدِقَاءُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ فِي جُسُومٍ مُتَفَرِّقَةٍ".

لذلك يجب علينا أن نعرف من نختاره لأخُوَّتنا، ووفق المعايير التي سبقت الإشارة إليها، وأن نتشدَّد في ذلك كما نتشدد في اختيار ما نأكل ونشرب، وإذا كان أبداننا تتأثر بما نأكل فإن نفوسنا تتأثر بمن تؤاخي وتصادق، وآثار ذلك تمتد إلى الآخرة ولا تقتصر على الدنيا والسعادة والشقاء في الآخرة هما الأكثر أهمية.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278