وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الثلاثاء

٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢

١٠:٣١:٢٢ ص
1333681

معارض سعودي : آل سعود يحاربون رجال الدين لدورهم في الحفاظ على الحركة الاجتماعية

قال الشيخ جاسم المحمد علي: "كما لا يخفى، أن النظام السعودي يكافح أي نشاط يشتغل على توحيد الهموم السياسية والثقافية والإسلامية بين المكونات المتعددة؛ ويصر على ابقائها متشظية بل ومتعارضة؛ خوفا من أن هذا التلاحم يكون قاعدةً بنيوية للانطلاق نحو النهضة التغييرية لواقع السلطة البائس واستبدادها السياسي والاجتماعي والثقافي".

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ لطالما شكل رجال الدين في الأحساء والقطيف هدفا محوريا في سياسة وإجراءات حرب النظام السعودي على الهوية الشيعية لأبناء المنطقة.
يشمل ذلك تغييب تاريخ ودور العلماء الكبار من المشهد الثقافي والإعلامي، منع ومحاربة صوت العلماء وخطابهم وصولا الى الاعتقال والتعذيب والتصفيات الدموية.
وفي هذا السياق، اعتبر القيادي في لقاء المعارضة في الجزيرة العربية الشيخ جاسم المحمد علي في حديثه لـ”مرآة الجزيرة” أن “الأنظمة الظالمة وعلى رأس قائمتها النظام السعودي تدرك أن رجل الدين يشكل في المجتمع الشيعي دورًا بنيويا في توجيه الإنسان وهدايته وتصويب مساراته الأخلاقية والفكرية والاجتماعية والسياسية، وتعي أن محددات الدور ورسم معالمه ليس ابداعا بشريا، بل هو يتبدى من عمق النظرية الدينية، الأمر الذي يجعل من أبرز أدوار رجال الدين في المجتمع هو دور المراقبة لحركة المجتمع والتحديات والمخاطر التي يعيشها في كل المجالات ذات الصلة بالدين ومفاهيمه الأساسية من التوحيد الإلهي، والعقائد الدينية والحريات الفكرية والسياسية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وغيرها من المعاني والقيم .. ليحفظوا الحركة الاجتماعية من الانحراف والتحريف، و الارباك والابهام، والانشغال عن الأولويات الدينية بالظواهر الشكلانية”.
ولفت القيادي في “لقاء” المعارضة بالجزيرة العربية إلى أن “النظام السعودي وجد أن رجال الدين في الكثير من المحطات والتهديدات كانوا حصنا منيعا للحركة الاجتماعية من انزلاقها في متاهات الانحراف، أو الانصهار في مشاريع التمييع والتطبيع مع الفساد والانحلال والتغريب، أو تحولها إلى أدوات لأجندة السلطة الظالمة ومخططاتها الاستبدادية”.
وتابع الشيخ المحمد علي “وجدنا أن النظام السعودي الجائر في كل مراحله، وخصوصا في هذه المرحلة السلمانية اشتغل على إزالة كل الموانع المعيقة لبرامجه ومخططاته ذات الطابع السلطوي والاستئثاري.. وكان من أقوى هذه الموانع في تقييم الحكم السعودي البائس هو الخط الديني الذي يتموضع بحسب أدبياته العقائدية والأخلاقية في موقع الحارس للدين، والحافظ لهويته، والمجسد لمبادئه وقيمه وأهدافه.
فاحتاج النظام السعودي من أجل أن ينزل مشروعاته التغربيية والتطبيعية والتحريفية إلى استئصال رجال للدين وابعادهم عن المشهد الأخلاقي والاجتماعي والسياسي، حتى يحضّر المناخ الملائم لكل مايرمي إليه من تفتيت الهويات، وتشظية المكونات، وتمزيق المنظومات الأخلاقية والدينية، وصولا الى الهيمنة على كل مقدرات الأمة وثرواتها وحرياتها .. وانتهاءً باستعباد الإنسان وتحييده عن التمحض في الذوبان في الإرادة الإلهية ومركزيتها الوجودية”.
تكريس المنطق الانحصاري للهوية تشكل المواسم والمناسبات الدينية كعاشوراء والنصف من شعبان وشهر رمضان ومواليد النبي وأهل بيته ووفياتهم جزء أصيلا في الهوية الشيعية عبر برامج الإحياء المختلفة التي يتداخل فيها العنصر الديني والثقافي والتاريخي والفلكلور الشعبي لتشكل المشهد الهوياتي العام للمنطقة، الأمر الذي دفع النظام السعودي لتبني سياسة التضييق على غحياء هذه المناسبات.
وفي هذا الإطار أكد القيادي في “لقاء” على أن إجراءات النظام السعودي، “هي تعضيدٌ لما أسلفنا ذكره، أي أنها تمظهر جلي لاستهداف الحكم السعودي للمكونات المجتمعية وهوياتها الدينية؛ من جهة من أجل أن يكرّس المنطق الانحصاري في تحديد هوية واحدة رسمية ومرجعية تتلاءم مع ثقافة الحكم السعودي ووتوفير المداميك الأساسية لمشروعه الاستبدادي والآحادي، فكانت هذه الرؤية السياسية عند الجهاز السعودي تدعوه إلى تجذير الهوية النجدية والوهابية والقبلية، وتفتيت الهويات الأخرى المتعددة ذات الصلة بالمكونات الشعبية المتنوعة.
وتابع الشيخ جاسم حديثه بالقول “من جهة أخرى وجدنا النظام السعودي الجائر -كما تثبته الاحداث التاريخية والتطورات الحالية بشكل جلي- كانت اغلب استهدافاته تنصب على المكون الشيعي، لأن هذا المكون الديني في نظر النظام السعودي، هو من المكونات الفاعلة والنشيطة والقائمة في اُسسها التحتية العقائدية والإسلامية على رفض الظلم ومواجهة الجور، والسعي في دنياها إلى اعمار الوجود بالعدل والحرية والكرامة، وهذه العناوين لم تكن شعارات شكلانية، بل هي قيم ومبادئ لعبت دورًا رئيسا بأشكال متفاوتة حسب الظروف والسياقات في كل مراحلها التاريخية”.
وأضاف “اذا خضنا جولةً في تاريخ المكون الشيعي في الجزيرة العربية، سنجد أنه كان من أنشط تيارات المعارضة وأوعاها وأقدمها في رفض الظلم السعودي والتصدي لأدائه الديكتاتوري، رغم ما يواجهه الشيعة من صعوبة وقمع وتنكيل، إلا إن عناوين مثل العزة والاباء تشكل عمق هويتها الدينية والأخلاقية؛ لذلك كثّفت السلطة السعودية من استهدافها لهذه الطائفة؛ لأن السلطة ترفض أي لون من ألوان المطالبة بالحقوق الإنسانية والدينية والسياسية وفقا لعقيدة العائلة الحاكمة بأنها تملك الأرض ومقدراتها وناسها ملكا شاملا كاملا يشبه تصوير العلاقة بين السيد والعبد القن !!” وفي تطرقه لدوافع النظام السعودي لاستهداف كل مايتصل بالتعبير الهوياتي للطائفة الشيعية، اعتبر الشيخ جاسم أن النظام “يرى هذه الانعكاسات لعملية الابراز والتظهير هي نحو إثبات وجود للمكون الديني والسياسي في قبال وجود السلطة الشمولي”.
وتابع “كما لا يخفى، أن النظام السعودي يكافح أي نشاط يشتغل على توحيد الهموم السياسية والثقافية والإسلامية بين المكونات المتعددة؛ ويصر على ابقائها متشظية بل ومتعارضة؛ خوفا من أن هذا التلاحم يكون قاعدةً بنيوية للانطلاق نحو النهضة التغييرية لواقع السلطة البائس واستبدادها السياسي والاجتماعي والثقافي”.
هدم المساجد: السيناريو المتجدد يستمر النظام السعودي في نهج استهدافه الحجر كما البشر في القطيف والأحساء، حيث أقدم في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، على هدم مسجد الحريف التاريخي الواقع بين مدينتي العوامية والقديح، بعد إفراغه من محتواياته.
وردت السلطات الأسباب لضرورات توسعة الطرق الممتد من العوامية إلى القطيف والذي يسمى بشارع التحدي. زكان قد شيّد لخدمة القادمين من خارج القطيف، على مجرى ماء تسمى “عين الوسائع”.
هذا وأقدمت السلطات السعودية، العام الماضي، على هدم مسجد “العهد” بين بلدتي أمّ الحمام والملاحة غربي محافظة القطيف، وفي استهتار صارخ بقدسية وحرمة وكرامة بيوت الله ومساجد الصلاة والذكر أطاحت بمنارته وقبته وبكل حجرة فيه وسوّته بالأرض وحولته إلى ركام متناثر، ركام من شأنه تعرية الوجه الاقبح للطائفية البغيضة التي تتعامل بها السلطة مع أهالي القطيف والأحساء، وتنقض على مساجدهم وبيوتهم واراضيهم من غير وجه حق، إذ تذرعت باعتدائها الغاشم على مسجد العهد بمخطط توسعة الطريق الرابط بين بلدات الجش وأم الحمام وعنك، وادعت بأن مخطط التوسعة يهدف لتحويله إلى طريق مزدوج.
هدم مسجد الحريف وقبله العهد، يأتى ضمن حملة طائفية تعسفية وممنهجة ضد مساجد القطيف والأحساء حيث تتعمد السلطة السعودية الانقضاض على الإرث الثقافي والديني للمنطقة تحت ذرائع واهية بحجة التطوير والإنماء الذي لا يتم بمفهوم النظام كما يبدو، سوى بهدم المساجد ودور العبادة، وهذه العمليات التدميرية للمساجد تستهدف ما تحمله من إرث وثقافة ودلائل على روح الانتفاضة السلمية والفكر الثقافي النهضوي الذي حمل لواءه الشيخ الشهيد نمر باقر النمر.
في ديسمبر2020 استهدفت السلطات السعودية الماضي بآلات الهدم والتجريف جامع الإمام الحسين ع في حي الزارة في العوامية، ودمرته وأزالته كونه كان إرثا دالاً على رمزية الشيخ الشهيد نمر باقر النمر الذي كان منبر جامع الإمام الحسين”ع” مركز شحذه للوعي وبث الفكر والرؤى في أوساط الجماهير والمجتمع، وكان أساس في انطلاق التوعية بالحقوق والواجبات، بل أصبح رمزا أساسيا في حراك القطيف 2011، وانطلاق شعلة انتفاضة الكرامة الثانية، فلم تحتمل السلطة بقاءه وهدمته، دون أدنى اعتبار لحرمة وقدسية المساجد بيوت الله المطهرة التي جعلت مكانا لعبادته.
وفي تعدي صريح ومفضوح على شرائع الله وحرمة مساجده واستهتار بقدسية الأوقاف فقد عرضت السلطات السعودية أرض المسجد للبيع في مزاد علني تحت اشراف المحكمة العامة. في خطوة تدحض مزاعم النظام حول تنفيذ الهدم بهدف توسعة الطرق او تطوير وتنمية المنطقة.
ما تشهده المساجد من اعتداءات، عد فصلا من سيناريو محبك تستهدف السلطة عبره هدم مساجد القطيف بكل رمزيتها كمعاقل لبث الوعي والتأصيل للثورة على الظلم والعدوان ورفض الفساد والباطل، إذ أضحت كل المساجد التي كان لها دور وموقف في الحراك السلمي في مرمى نيران السلطة السعودية.
السلطة التي تدعي أن ما تقدم عليه تحت ذريعة عدم الترخيص أو بحجة توسعة الطرقات، فإن هذه الذرائع لم تكن موجودة قبل أيام الحراك، ولم تبد السلطة اهتماما في بناء وتشييد وتوسعة الطرقات قبل الانتفاضة أو خلالها، إلا أن كل ذلك بدأ يظهر مؤخرا تحت شعارات رسمية واهية.
..................
انتهى / 232