وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الجمعة

١٨ نوفمبر ٢٠٢٢

٤:٥٣:٢٨ م
1324288

التوازن في الإنفاق هو المسموح به، وسواه ممنوع، التوازن هو القاعدة الكبرى التي يقوم عليها المَنهج الإسلامي في كل شيء، أما الزيادة عن الحد أو الإنقاص عنه فهما لا يتلاءمان مع منطق الاسلام.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الاقْتِصادُ نِصْفُ المَؤونَةُ"، والمراد من الاقتصاد: الاعتدالُ والتَّوَسُّط بين الإفراط والتَّفريط. والقَصْدُ في الشيء: ضد الإفراط. والمُقتصد: هو الذي يعتدل في جميع أموره. والمُقتصد في معيشته ونفقاته هو الذي لا يكون منه إسراف وتبذير وتقتير.

وقد دعانا الله تعالى إلى الاقتصاد في كلِّ شيء، وأن نكون وَسَطاً فلا يكون منا إفراط ولا تفريط، ووصفنا بأننا الأمة الوسط، كما دعانا إلى التوسُّط في الإنفاق، فقال تعالى: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا"*﴿29/ الإسراء﴾.

فالتوازن في الإنفاق هو المسموح به، وسواه ممنوع، التوازن هو القاعدة الكبرى التي يقوم عليها المَنهج الإسلامي في كل شيء، أما الزيادة عن الحد أو الإنقاص عنه فهما لا يتلاءمان مع منطق الاسلام، إذ كلاهما يخُلّان بالتوازن، فالبخيل الذي يغُلُّ يده عن الإنفاق الواجب بل والمستحب ينتهي به الحال إلى أن يعيش الفقر الذي يفرُّ منه بالبخل، وكذلك المُسرِفُ ينتهي به السَّرَف إلى أن يفقد كل شيء فيقف وقفة الحسير العاجز الضعيف الذي لا يمكنه أن يتقدم خطوة.

ونقلا عن اكنا، مما مدح الله به عباده أنهم متوسطون في إنفاقهم لا يُسرفون ولا يُقَتِّرون على أنفسهم، قال تعالى: *"وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا"*﴿67/ الفرقان﴾. فالقرآن الكريم يجعل الاعتدال سِمَة رئيسية من سِمات الإيمان، فلا يكون الشخص من عباد الرحمن المقرَّبين إن أسرف أو قَتَّرَ، لأن الإسراف مَفسَدة للمال إذ يتمّ إنفاقه في غير ما يحتاج إليه، كما أنه مفسدة للنفس التي لا تُقَدِّر قيمة المال، ومفسدة للمجتمع الذي ينفق ثرواته كيفما اتفق، والتقتير مثله في المفسدة والإفساد وإن كان عكس الإسراف، وكلاهما يُحدِثان خللاً في المحيط الاجتماعي والمحيط الاقتصادي، ويؤسِّسان لأزمات جَمَّة تنتهي بالمجتمع إلى الهلاك.

*مما سَبَق يتضح لنا معنى ما قاله الإمام أمير المؤمنين (ع): "الاقْتِصادُ نِصْفُ المَؤونَةُ" فإن كلَّ شخص يحتاج في معيشته إلى مَؤونة، وهي تشمل جميع ما هو ضروري لحياته ونفقاته، بحيث لو توفَّرت له لاستقامت حياته وهنأ عيشه، ولما كانت المَؤونة ضرورية لعيشه وجب عليه أن يقتصد في إنفاقه منها، فينفقها باعتدال وتوسُّط، ويراعي في إنفاقه الأولويات، فيقدّم الأهَمَّ على المُهِمّ، فإن فعل ذلك كفاه ما في يديه ولم يحتج إلى الاستدانة والاقتراض.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278