وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الجمعة

٤ نوفمبر ٢٠٢٢

٢:٥٦:٤٤ م
1320181

في ذكرى وفاة سليلة الشجرة النبوية المطهرة وشقيقة الإمام الرضا (ع)؛

السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام كريمة تضيء طريق الهداية

يوافق العاشر من شهر ربيع الثاني ذكرى وفاة السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم عليهما السلام، فبهذه المناسبة الأليمة نسلط الضوء على مختصر من سيرتها وحياتها المباركة.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام، هي بنت الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع)، وسليلة الدوحة النبوية المطهرة، وغصن يافع من أغصان الشجرة العلوية المباركة، وحفيدة الصدّيقة الزهراء عليها السلام، المحدِّثة، العالمة، العابدة.

اختصّتها يد العناية الإلهية فمنّت عليها بأن جعلتها من ذرية أهل البيت المطهّرين عليهم السلام. حدّثت عن آبائها الطاهرين عليهم السلام، وحدّث عنها جماعة من أرباب العلم والحديث، وقد ورد في بعض التواريخ أنّ الإمام الرضا (ع) لقّبها بالمعصومة عليها السلام. توفيت السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام في العاشر من ربيع الثاني 201 هـ.ق. دون أن ترى أخاها، نقدّم لكم اشراقات من حياة هذه السيدة الكريمة في ذكرى وفاتها.

نسبها الشريف

السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام، هي بنت الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي ابن أبي طالب عليهم السلام، سليلة الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية، وثمرة من ثمار الشجرة العلوية، وبنت فاطمة وخديجة، والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة صلوات الله عليهم أجمعين، وتنتسب السيدة إلى الإمام الحسن (ع) عن طريق جدتها اُمّ الإمام محمّد الباقر(ع) فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (ع).

نشأتـها المباركة

أشرق نورها في مدينة جدها رسول الله (ص) في الأول من ذي القعدة عام 173 ه.ق، وترعرعت في بيت الإمامة ومهبط الملائكة ومنزل الوحي، عند أبيها الإمام موسى بن جعفر (ع) كاظم الغيظ، وأخيها علي الرضا (ع) الإمام الرؤوف، فكانت مثالاً للصبر والرأفة، والعطاء والبركة، وهي أخت الإمام الرضا (ع) من أم واحدة، وإسم أمهما نجمة  أو "تكتم".

وقد مرَّ على العلويين أقسى المحن وأشد الظلم، من خلفاء الجور، فكانوا مشردين ومبعدين عن ديارهم، وخصوصا ما أصاب الإمام الكاظم من السجن، وأولاده من التشريد، فكان ذلك سببا لعدم زواج الكثير من بنات الرسالة، لذا لم   تتزوج السيدة حتى  فارقت الدنيا،  والتحقت   بالرفيق الأعلى .

هجرتها

اُبعد الإمام الرضا (ع) في سنة 200 ه.ق، من المدينة المنورة الى مدينة مرو بأمر المأمون العباسي، وبعد مدة من الزمن تجهزت قافلتان إلى خراسان للإلتحاق بالإمام الرضا (ع)، إحداهما سلكت طريق مدينة شيراز وكانت تحمل أخوة الإمام الرضا (ع)، والأخرى سلكت طريق مدينة قم المقدسة السيدة حاملة فاطمة المعصومة عليها السلام، وعندما وصلت القافلة إلى مدينة ساوة مرضت السيدة عليها السلام فسألت عن المسافة بين ساوة وقم المقدسة، ثم أمرت خادمها فذهب بها إلى مدينة قم المقدسة.

نزولها في مدينة قم المقدسة

لما وصل خبر وصول السيدة إلى آل سعد خرجوا إليها مستقبلين طالبين منها النزول في بلدة قم، فخرج من بينهم موسى بن خزرج زعيم الاشعريين، فلما وصل إليها أخذ بزمام ناقتها ليتشرف بخدمتها وقادها إلى قم وأنزلها في داره، في محلة تسمى اليوم (ميدان مير) في 23 ربيع الأول سنة 201 ه.ق، وما زال أهل قم حتى عصرنا الحاضر يخلدون ذكرى قدومها الى قم المقدسة، ويجتمعون بمسيرات لزيارتها.

وفـاتها

بقت السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام في هذه الدار سبعة عشر يوما ثم مضت إلى رحمة الله ورضوانه ومجاورة أجدادها الطاهرين في 10 ربيع الثاني سنة 201 ه.ق، وروي في تاريخ قم أنه لما توفيت فاطمة عليها السلام وغسلوها وكفنوها، ذهبوا بها إلى أرض لموسى بن خزرج تسمى بابلان، ووضعوها على سرداب حفروه لها، فاختلف آل سعد بينهم في من يدخل السرداب ويدفنها فيه، فاتفقوا على خادم لهم شيخ كبير صالح، فلما بعثوا إليه رأوا راكبين سريعين متلثمين يأتيان من جانب الرملة، فلما قربا من الجنازة نزلا وصليا عليها ودخلا السرداب وأخذا الجنازة فدفناها، ثم خرجا وركبا وذهبا ولم يعلم أحد من هما.

محرابها وكراماتها

بقعة مباركة يقصدها المؤمنون للعبادة والدعاء وطلب البركة، وهي المحراب الذي كانت فاطمة ع تصلي إليه وتتعبد فيه في دار موسى بن الخزرج، وقد أُوقفت هذه البقعة بعد وفاة السيدة عليها السلام، وعُرفت ببيت النور، وبُني موضع الدار مسجد  ومدرسة لطلاب العلوم  الدينية سميت المدرسة بالستية، وظهرت لها (عليها السلام) كرامات كثيرة، نقل بعضها مؤلّف كتاب (كرامات معصومية).

ينقل المرحوم الديني السيد شهاب الدين النجفي المرعشي صاحب المكتبة العظيمة في قم والمدفون فيها: أنّ أباه آية الله العلامة السيد محمود المرعشي الذي كان يسكن في النجف الأشرف كان يودّ كثيراً أن يعلم بمكان قبر جدّته الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام؛ ولهذا السبب انزوى للعبادة والتوسل في حرم أمير المؤمنين الإمام علي (ع) مدة أربعين ليلة.

في الليلة الأربعين رأى في المنام الإمام وقد خاطبته بأنّي لا أقدر مخالفة وصية الزهراء عليها السلام بإخفاء قبرها، وإذا أردت أن تحصل على ثواب زيارة فاطمة الزهراء عليها السلام فعليك بكريمة أهل البيت عليها السلام، فاستفسر السيد المرعشي: ومن هي كريمة أهل البيت عليهم السلام؟ فأجابه الإمام عليه السلام: فاطمة بنت موسى بن جعفر (ع) المدفونة بمدينة قم المقدسة.

ثم يقول آية الله شهاب الدين المرعشي: أمرني والدي أن أذهب إلى زيارة جدّتي في قم المقدسة، فهاجرت من النجف إلى إيران لزيارة ثامن الأئمة الإمام الرضا (ع) وأُخته السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام، ثم بإصرار مؤسس الحوزة العلمية الشيخ عبد الكريم الحائري سكنت بقم المقدسة، وطاب لي المقام بجوار السيدة المعصومة عليها السلام وها أنا منذ ستين سنة من زوّارها على الدّوام.

مرقدها

بعدما دفنت السيدة عليها السلام، بنى موسى بن خزرج على قبرها سقفا من البواري، ثم بَنت السيدة زينب بنت الإمام الجواد في سنة 256 أول قبة على قبر عمتها عرفت بالقبة الزينبية ع، وبعد فترة من الزمن دُفنت بعض السيدات بجوارها فبُنيت قبتان بجنبها، وكانت هذه القبب الثلاث مخروطية الشكل، وفي سنة 447 أبدلت القبب الثلاث بقبة واحدة مدورة، عالية مزينة بالنقوش الملونة والطابوق والكاشي المزين من دون إيوان وحجرات وتـضم تـحتها قبور جميع العلويين لاسيما قبر السيدة المعصومة (ع)، وفي سنة 925 هجري جُدّد بناء القبة، وزُين السطح الخارجي لها بالفسيفساء، وبُني إيوان عالٍ مع منارتين في الصحن العتيق، وزُينت القبة المطهرة  بالصفائح الذهبية في سنة 1218.

رثاؤها

 رثاها الشيخ محمّد سعيد المنصوري (رحمه الله) بقوله:

لَهفَ نَفسي لِبنتِ موسى سَقاهَا

                    الدَّهرُ كأساً فَزادَ مِنهُ بَلاهَا

فَارَقَتْ وَالِداً شَفيقاً عَطوفاً

                   حَاربَتْ عَينها عَليهِ كراها

أَودَعَتْهُ قَعرَ السُّجونِ أُناسٌ

                   أنكرَتْ رَبَّها الذي قَدْ بَراهَا

وإلى أَنْ قَضَى سَميماً فَراحَتْ

                 تُثكلُ النَّاسَ في شَديدِ بُكاهَا

وَأتَى بَعدَهُ فِراقُ أخِيها

              حِينَ في مَروَ أسْكنَتْهُ عِدَاهَا

كلُّ يومٍ يمرُّ كانَ عَليها

             مِثلُ عَامٍ فَأسرَعَتْ في سراهَا

أقبَلَتْ تَقطعُ الطَّريقَ اشتياقاً

            لأخيها الرِّضَا وحَامِي حِماهَا

ثُمَّ لمّا بِها الظَّعينةُ وَافَتْ

            أرضَ قُمٍّ وَذَاك كانَ مُناهَا

قَامَ مُوسَى لَها بِحُسنِ صَنيعٍ

           إذْ ولاءُ الرِّضا أخيها ولاهَا

نَزَلَتْ بَيتَهُ فَقامَ بِما اسطاعَ

               مِن خِدمةٍ لها أسداهَا

ما مَضَتْ غيرُ بُرهةٍ مِن زَمانٍ

              فَاعْتَراهَا مِن الأَسَى مَا اعْتَراهَا

وَإلى جَنبِهِ سقامٌ أذابَ الجِسمَ

                مِنها وثقلُهُ أضناها

فقضت نحبَها غريبةَ دارٍ

              بعدَما قطّعَ الفراقُ حشاها
........
انتهى/ 278
اخبار مرتبط