وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ
روى الحاج الايراني "خليل دردمند" الذي احتجز 80 يوما في السجون السعودية بسبب التقاط صورة عند الكعبة المشرفة ، في مقابلة مع وكالة انباء فارس ، معاناته في السجون السعودية وما تعرض له من اجراءات تعسفية هناك .
الحاج خليل دردمند تم اعتقاله هو وحاج ايراني في ختام مناسك الحج وقبل ان يزور مسجد النبي (ص) لانه قام بالتقاط صورة لهاتفه النقال وفيها صورة للشهيد الحاج قاسم سليماني قرب الكعبة المشرفة ، على يد القوات الامنية في المسجد الحرام وزج في السجون.
وقضى الحاج الايراني دردمند 80 يوما في السجون السعودية حيث مكث عدة ايام في المعتقل الخاص بالحرم المكي الشريف ومن ثم في سجن امن الدولة وانقطعت اخباره وهو ايضا لم يعلم بما يدور خارج السجن ، وصحيح ان السعوديين لم يعذبوه جسديا خشية من الرد الايراني لكنه عانى كثيرا بسبب مضايقات واجراءات تعسفية تعرض لها والتي تعتبر تعذيبا نفسيا.
ويشرح خليل دردمند البالغ من العمر 38 عاما تفاصيل اعتقاله وما جرى له ، كما يلي:
لماذا اعتقلت على يد قوات امن المسجد الحرام ؟
بعد انتهاء مناسك الحج كنت استغل اية فرصة سانحة لزيارة بيت الله الحرام وكنت انوي الطواف والزيارة نيابة عن سماحة قائد الثورة الاسلامية والشهداء وخاصة الشهيد الحاج قاسم سليماني وفي ليلة عيد الغدير الأغر كنت بجوار الكعبة المشرفة وكان بيدي هاتفين نقالين اولهما وضعت على شاشته صورة الحاج قاسم سليماني والثاني كنت اصور به وبعد التقاط صورة لصورة الحاج قاسم سليماني مع الكعبة المشرفة اقترب مني احد عناصر الامن التابعة للحرم المكي الشريف وقادني الى مكان احتجاز كان يسمى "شعب علي" بالقرب من الكعبة المشرفة وكلما سألتهم عن سبب احتجازي لم يجيبوني واخيرا قال لي احدهم ان التصوير ممنوع . في الوقت الذي كان الجميع يلتقطون الصور ولا احد يعترضهم.
اين تم نقلك بعد الاحتجاز ؟ وبسبب أي جريمة ؟
مكثت 11 يوما في معتقل الحرم المكي الشريف ، في غرفة مساحتها اقل من 20 مترا مربعا يقبع فيها 50 شخصا بتهم مختلفة ، انهم كانوا يحتجزون أي شخص يعتقلونه قرب الحرم المكي الشريف في تلك الغرفة سواء كان مجرما او متهما ومن ثم كانوا ينقلوننا الى المحكمة للبت في ملفنا، وهناك خصصوا لي مترجم افغاني وكلما طلبنا منهم ان نأتي نحن بمترجم ايراني لم يقبلوا ، لقد خضعت لـ 3 جلسات استجواب في محتجز الحرم المكي الشريف وكانت التهمة الموجهة الي هي الاخلال بالنظم العام للمسجد الحرام.
هل يمكنك التحدث عن اوضاع المعتقل وكيفية نقلك للسجون السعودية ؟
هناك في المحتجز القريب من الحرم المكي الشريف رأيت الحاج دهقاندار وهو حاج ايراني آخر تم اعتقاله لكنه لم يكن في غرفتنا ورايته عدة مرات فقط وعلمت ان اوضاع غرفتنا هي اسوأ من غرفتهم وفي زاوية الغرفة كانت هناك مرفق صحي من دون باب ولا خرطوم مياه فقط كان هناك ظرف بلاستيكي (غالون) قد قصوه من النصف وكان المحتجزون يستخدمونه لغسل انفسهم . الغرفة كانت تحتوي على حنفية مياه واحدة والجميع يستخدمونه لكل استخدامات المياه من الطهارة والغسل وغيرها . حتى مواد التنظيف والغسل ايضا لم تكن متواجدة وكانت اوضاع مزرية . وفي الايام الاخيرة من احتجازي هناك جلب المسؤولون الايرانيون الذين زاروني معهم مواد التنظيف وبعض الفواكه.
عندما كنت في محتجز الحرم المكي الشريف انقطعت عني اخبار عائلتي ، ووالدتي التي أتت الى مراسم الحج برفقتي ذهبت الى المدينة المنورة من دوني وانا بقيت في الحجز. في اليوم الـ 11 من احتجازي نادوا باسمي وعندما تقدمت قيدوا يداي وعصبوا عيناي ونقلوني الى مكان آخر . وقالوا لي انهم يريدون نقلي الى ايران . لقد فرحت بهذا النبأ وصليت سجدتي الشكر . قالوا لي سنذهب الى مطار جدة . وازالوا عصبة العين لكي نذهب الى جدة . وكانت اليافطات على جانب الطريق تشير ايضا باننا نتجه الى جدة . في البداية نقلوني بواسطة سيارة عسكرية مشبكة كالقفص واساؤوا معاملتي . وعندما وصلنا الى جدة قاموا بعصب عيوني من جديد . عندما نزلنا من السيارة ذهبنا الى مكان كان يشبه المستشفى وهناك خضعت لفحص الكورونا وكنت اظن ان سبب اخضاعي للفحص هو نيتهم للافراج عني وارسالي الى ايران.
ان هذه الوقائع التي اتذكرها الان وتمر من امام عيني كانت تماما كافلام الرعب ، دخلنا الى ممر وعندما انتهى الطريق الذي مررنا به استدرنا نحو ممر آخر ونظرت من تحت عصبة العين فرأيت زنازين وفتحوا بابا كبيرا ودفعوني الى داخل غرفة مساحتها 6 امتار فسالتهم اين هنا ؟ هل هنا السجن ؟ فاجابني رجل الامن "لا هنا فندق" وثم دفعني نحو الداخل . وكنت فاقدا لعدة ساعات . كنت في داخل غرفة صغيرة كيفما اتجه يرتطم رأسي بالجدار . كنت اظن بانني نائم وانتظر الاستفاقة لارى نفسي في الفندق او الحرم الشريف لكنني حينما استعدت تركيزي علمت بانه ليس حلما وانا قابع في السجن .
عندما كنت في الزنزانة الانفرادية كانت هناك حنفية للمياه قطرها رفيع جدا وكلما اردت الماء كان يجب ان اضغط على زر وانتظر لتنزل منها قطرات قليلة من المياه فقط , لقد امضيت اياما صعبة هناك لوحدي.
عندما كنت في السجن هل كانت تصلك اخبار عن عائلتك ؟
لقد امضيت 40 يوما في السجن الانفرادي . في مكان مغلق ومحصور وكانت هناك فقط نافذة صغيرة بمقياس ورقة محارم . في هذه المدة لم يكن هناك أي اتصال بيني وبين احد . طلبت عدة مرات من السعوديين السماح بالاتصال بعائلتي لاخبرهم بحالتي لكنهم رفضوا رفضا باتا ولم اكن ادري هل المسؤولين الايرانيين يعلمون اين انا ام لا ؟
في الصباح كانوا يفتحون هذا الباب الكبير الذي فيه نافذة صغيرة وكانت امامي 15 ثانية لاخذ طعام بمواصفات معدومة واذا امتنعت عن ذلك كنت اواجه تعاملا خشنا وغير لائق . كانوا يديرون الارز في اكياس نايلون صغيرة والمرقة ايضا ز وبعض الاوقات كانوا يعطونني بعض الخضروات مثل البقدونس المقطع وفي بعض الاحيان فيه قشور الخيار كسلطة طعام . ومن دون ملاعق . ووجبة العشاء كانت عبارة عن قطعتي خبز افرنجي مع 4 شرائح صغيرة من البطاطا وقليل من البصل المقلي . وبعض الاوقات عبوة صغيرة عصير فواكه او لبن . لكن الفطور كان افضل ويتضمن عبوة حليب .
هل تعرضت للتعذيب الجسدي ؟
عندما كنت في الزنزانة الانفرادية كان هناك مصباح لونه اصفر وكان يضوي على الدوام وكان السعوديون يراقبونني ويرونني بالكاميرات بشكل مستمر . انهم قالوا لي بأنه يمنع علي ان امشي في داخل زنزانتي . وحينما كنت امشي كانوا ينبهونني ويمنعونني من المشي وبعض الاوقات كانوا يقيدون يدي ويقولون بأنه يجب علي ان اجلس فقط في الزنزانة واذا اكرر المشي فانهم سينقلونني الى مكان اسوأ . في احدى المرات كنت متضائقا كثيرا ومشيت لوحدي في زنزانتي فتم معاقبتي واخذوا الفراش الموجود في الزنزانة وارجعوه بعد 10 ايام . 30 يوما من الحجز الانفرادي قضيتها في الزنزانة الاولى وبعدها نقلني امن السجن الى زنزانة انفرادية اخرى وليس فيها سجادة او موكيت وقاعها بارد جدا و لكن كانت هناك مخدة وفراش وبطانية وعرفت بعد حين انهم يبردون الغرفة لتعذيب السجين او يدفئونها كثيرا للتعذيب . ومكثت في تلك الزنزانة 8 ايام وتم استجوابي هناك عدة مرات بحضور مترجم افغاني وقاض.
لقد كنت انا وزنزانة وباب وجدار والاخبار مقطوعة عني وكل 10 ايام كانوا يسمحون لنا بالمشي 10 دقائق في فناء . لقد كان تعاملهم سيء للغاية اثناء نقلنا . لقد كان تعاملهم غير اسلامي وغير انساني ويمكن القول انه كان أسوأ من حيواني . كانوا يعذبوننا نفسيا ويقولون انه يمكن ان نبقى هناك لسنوات . ولم يطلعوني على تفاصيل ملفي وسير البت فيه . والاسوأ من هذا كله جهلي بعلم عائلتي بي وعدم اطلاعي ان كانت هناك جهود لاطلاق سراحي .
بعد مضي 40 يوما في السجن الانفرادي نادوني وقالوا نريد نقلك الى مكان آخر . وهذا المكان كان في المكان نفسه لكن في القسم الاجتماعي ، لقد نقلوني انا وشخص آخر وفي البداية دخلنا غرفة مساحتها 50 مترا مربعا وفيها مرفقين صحيتين وايضا كان هناك 7 اشخاص وقد انضممنا اليهم ، كان هناك سجناء من طاجيكستان ولبنان وباكستان وغيرها من البلدان وكلهم من الحائزين على الاقامة في السعودية .
مكثت هناك اقل من شهر واحد والجميع كانوا يتكلمون عن قضايا مختلفة لكنني التزمت الصمت في اغلب الاحيان ولم اثق باحد. ولكل منهم تهم مختلفة ، احدهم كانت تهمته التجسس والاخر سجين سياسي . احدهم كان معتقلا منذ 5 سنوات . ورغم انني لم اكن وحيدا هناك وكان بامكاني رؤية اشخاص آخرين وحتى التكلم معهم لكن هناك ايضا وجدت صعوبات ، اما ميزة هذا المكان كانت السماح لنا بالمشي في باحة لمدة حوالي نصف ساعة في الاسبوع.
كيف علمت بقرب اطلاق سراحك ؟ حدثنا عن يوم الخروج من السجن
بعد ان امضيت حوالي 80 يوما في السجون السعودية نادوني عصر يوم السبت وقالوا لي ان اخرج ، ورغم وجودي في السجن كنت حافظا للايام والتاريخ الهجري القمري وحينما ذهبت الى القسم الاداري من سجن امن الدولة خضعت لاختبار السلامة الطبية وسلموني اغراضي الشخصية وجواز سفري وانطلقنا بسيارة نحو مكة المكرمة وفي منتصف الطريق انزلوني من السيارة في صحراء وقالوا لى "انت حر" كنت قلقا جدا ، لقد انتهت صلاحية جواز سفري وهاتفي النقال ايضا كان مطفئا ، ولم اكن اعلم اين انا وحينما اعترضت قالوا لي "اذا كنت منزعجا نعود الى السجن " ، لقد انزلوني من السيارة وذهبوا ، انهم قاموا بتصوير كل مراحل اطلاق سراحي وانا كنت قلقا من ارتكابهم جريمة بحقي في تلك الصحراء وعدم تقبل المسؤولية بعد ان اطلقوا سراحي وقاموا بتسجيل المشاهد ايضا.
كانت هناك سيارتان مركونتان لكن حينما رأوني بذلك المظهر الخارجي ابتعدوا عني . خلال هذه المدة لم اقصر شعر رأسي ولحيتي وكان مظهري فظيعا ، اينما اتجهت لم يقبل احد ان يقلني بسيارته، وبعد مضي ساعات جاءت سيارة من بعيد وتوقفت امامي ونقلتني الى المسجد الحرام . لقد سألني السائق اين كنت ؟ فجاوبته في سجن أمن الدولة فتعجب فنصحني بان لا اقول لأحد اين كنت . وحينها علمت بان ذلك السجن في السعودية مكان خطير جدا يحتفظ فيه سجناء سياسيون واشخاص متهمين بجرائم كبرى . حينما وصلت الى المسجد الحرام قمت بشحن بطارية هاتفي النقال وارسلت رسالة نصية لشقيقتي بأنني تحررت ومن ثم ارسلت رسالة نصية ايضا الى احد المسؤولين الايرانيين الذين اعطاني رقم هاتفه ووضعه في جيبي بعد اعتقالي وهو ايضا ارسل لي رسالة نصية وعنوانا لاذهب اليه . من المستغرب انه بعد تلقي هذه الرسالة النصية توقفت شريحة هاتفي النقال عن العمل .
وبصعوبة وصلت الى ذلك العنوان وامضيت ليلة هناك ومن ثم انتقلت الى قطر ومن ثم الى طهران وامضيت عدة ايام في طهران ثم عدت الى اصفهان ومدينتي "درجة" وعدت الى أسرتي.
امضيت اياما عصيبة في السجون السعودية وحدثني بعض نزلاء السجن بأنهم تعرضوا للتعذيب لانتزاع الاعترافات منهم وصدموهم باسلاك الكهرباء لكن نظرا الى قوة ايران كانوا يهابون الايرانيين . ان زميلي في السجن الاجتماعي كان قد تعرض لعدة جلسات تعذيب.
لقد قام السعوديون بتفتيش محتوى هاتفك النقال ونظرا لنشاطاتك في الفضاء الافتراضي وجهوا اليك تهما اخرى كيف اثبتت لهم براءتك ؟
عندما عدت الى ايران لم اكن افكر بأن المسؤولين قد بذلوا هذه الجهود الهائلة لاطلاق سراح مواطن عادي ، لقد وقف نظامنا بكامل قامته من اجل اطلاق سراحي . انه من دواعي الفخر والاعتزاز ان اعيش في بلد يهتم مسؤولوه بمواطن عادي بهذا القدر من الاهتمام . لقد سمعت ان أي محام لم يقبل الدفاع عن قضيتي رغم جهود مسؤولينا والسبب الرئيسي هو وجودي في سجن امني وسياسي والجميع كانوا يخافون من ذلك السجن وذلك المكان .
قبل عودتي الى ايران علمت بأن السعوديين يخافون من ذلك السجن كثيرا في جلسة الاستجواب الاولى أي الليلة الاولى التي اعتقلت فيها قام المترجم الافغاني بتلقين السعوديين وافهامهم بانني شخص عسكري واتردد في المنطقة ، لكنني اوضحت في الاستجواب بانني ازاول مهنة حرة واعمل في شركة نسيج وان علاقاتي واضحة في هاتفي النقال . لكنهم كانوا يصرون بأنني عنصر امني وعسكري وفي الجلسة الاخيرة لاستجوابي وضعوا صفحة التويتر الخاص بي امامي وقالوا "لديك بعض النشاطات" ، انهم قبلوا بأنني لم اكن شخصا سياسيا ولم اتردد في تلك المنطقة التي يقصدونها . قالوا انني ذهبت للعراق فقط وهكذا تم تبرئتي من تهمة الانتماء الى السلك العسكري ايضا . ثم تم طرح قضية نشاطي في وسائل التواصل الاجتماعي وفي النهاية اعلن القاضي بأن الامر طبيعي وبسبب عدم وجود علاقات ودية بين الدولتين يكتبون قضايا ضد بعضهم البعض في الفضاء الافتراضي . كان قاضيا جيدا وقال انه ايضا يكتب في الفضاء الافتراضي ضد ايران . وقال لي ان الذنب الذي ارتكبته هو فقط التصوير والاخلال بالنظم العام . انهم كانوا يصرون بأنني أنتمي الى السلك العسكري لكن حينما ادركوا بأنني لست عسكريا قاموا باطلاق سراحي.
هل من كلام أخير ؟
الحاج خليل دردمند تم اعتقاله هو وحاج ايراني في ختام مناسك الحج وقبل ان يزور مسجد النبي (ص) لانه قام بالتقاط صورة لهاتفه النقال وفيها صورة للشهيد الحاج قاسم سليماني قرب الكعبة المشرفة ، على يد القوات الامنية في المسجد الحرام وزج في السجون.
وقضى الحاج الايراني دردمند 80 يوما في السجون السعودية حيث مكث عدة ايام في المعتقل الخاص بالحرم المكي الشريف ومن ثم في سجن امن الدولة وانقطعت اخباره وهو ايضا لم يعلم بما يدور خارج السجن ، وصحيح ان السعوديين لم يعذبوه جسديا خشية من الرد الايراني لكنه عانى كثيرا بسبب مضايقات واجراءات تعسفية تعرض لها والتي تعتبر تعذيبا نفسيا.
ويشرح خليل دردمند البالغ من العمر 38 عاما تفاصيل اعتقاله وما جرى له ، كما يلي:
لماذا اعتقلت على يد قوات امن المسجد الحرام ؟
بعد انتهاء مناسك الحج كنت استغل اية فرصة سانحة لزيارة بيت الله الحرام وكنت انوي الطواف والزيارة نيابة عن سماحة قائد الثورة الاسلامية والشهداء وخاصة الشهيد الحاج قاسم سليماني وفي ليلة عيد الغدير الأغر كنت بجوار الكعبة المشرفة وكان بيدي هاتفين نقالين اولهما وضعت على شاشته صورة الحاج قاسم سليماني والثاني كنت اصور به وبعد التقاط صورة لصورة الحاج قاسم سليماني مع الكعبة المشرفة اقترب مني احد عناصر الامن التابعة للحرم المكي الشريف وقادني الى مكان احتجاز كان يسمى "شعب علي" بالقرب من الكعبة المشرفة وكلما سألتهم عن سبب احتجازي لم يجيبوني واخيرا قال لي احدهم ان التصوير ممنوع . في الوقت الذي كان الجميع يلتقطون الصور ولا احد يعترضهم.
اين تم نقلك بعد الاحتجاز ؟ وبسبب أي جريمة ؟
مكثت 11 يوما في معتقل الحرم المكي الشريف ، في غرفة مساحتها اقل من 20 مترا مربعا يقبع فيها 50 شخصا بتهم مختلفة ، انهم كانوا يحتجزون أي شخص يعتقلونه قرب الحرم المكي الشريف في تلك الغرفة سواء كان مجرما او متهما ومن ثم كانوا ينقلوننا الى المحكمة للبت في ملفنا، وهناك خصصوا لي مترجم افغاني وكلما طلبنا منهم ان نأتي نحن بمترجم ايراني لم يقبلوا ، لقد خضعت لـ 3 جلسات استجواب في محتجز الحرم المكي الشريف وكانت التهمة الموجهة الي هي الاخلال بالنظم العام للمسجد الحرام.
هل يمكنك التحدث عن اوضاع المعتقل وكيفية نقلك للسجون السعودية ؟
هناك في المحتجز القريب من الحرم المكي الشريف رأيت الحاج دهقاندار وهو حاج ايراني آخر تم اعتقاله لكنه لم يكن في غرفتنا ورايته عدة مرات فقط وعلمت ان اوضاع غرفتنا هي اسوأ من غرفتهم وفي زاوية الغرفة كانت هناك مرفق صحي من دون باب ولا خرطوم مياه فقط كان هناك ظرف بلاستيكي (غالون) قد قصوه من النصف وكان المحتجزون يستخدمونه لغسل انفسهم . الغرفة كانت تحتوي على حنفية مياه واحدة والجميع يستخدمونه لكل استخدامات المياه من الطهارة والغسل وغيرها . حتى مواد التنظيف والغسل ايضا لم تكن متواجدة وكانت اوضاع مزرية . وفي الايام الاخيرة من احتجازي هناك جلب المسؤولون الايرانيون الذين زاروني معهم مواد التنظيف وبعض الفواكه.
عندما كنت في محتجز الحرم المكي الشريف انقطعت عني اخبار عائلتي ، ووالدتي التي أتت الى مراسم الحج برفقتي ذهبت الى المدينة المنورة من دوني وانا بقيت في الحجز. في اليوم الـ 11 من احتجازي نادوا باسمي وعندما تقدمت قيدوا يداي وعصبوا عيناي ونقلوني الى مكان آخر . وقالوا لي انهم يريدون نقلي الى ايران . لقد فرحت بهذا النبأ وصليت سجدتي الشكر . قالوا لي سنذهب الى مطار جدة . وازالوا عصبة العين لكي نذهب الى جدة . وكانت اليافطات على جانب الطريق تشير ايضا باننا نتجه الى جدة . في البداية نقلوني بواسطة سيارة عسكرية مشبكة كالقفص واساؤوا معاملتي . وعندما وصلنا الى جدة قاموا بعصب عيوني من جديد . عندما نزلنا من السيارة ذهبنا الى مكان كان يشبه المستشفى وهناك خضعت لفحص الكورونا وكنت اظن ان سبب اخضاعي للفحص هو نيتهم للافراج عني وارسالي الى ايران.
ان هذه الوقائع التي اتذكرها الان وتمر من امام عيني كانت تماما كافلام الرعب ، دخلنا الى ممر وعندما انتهى الطريق الذي مررنا به استدرنا نحو ممر آخر ونظرت من تحت عصبة العين فرأيت زنازين وفتحوا بابا كبيرا ودفعوني الى داخل غرفة مساحتها 6 امتار فسالتهم اين هنا ؟ هل هنا السجن ؟ فاجابني رجل الامن "لا هنا فندق" وثم دفعني نحو الداخل . وكنت فاقدا لعدة ساعات . كنت في داخل غرفة صغيرة كيفما اتجه يرتطم رأسي بالجدار . كنت اظن بانني نائم وانتظر الاستفاقة لارى نفسي في الفندق او الحرم الشريف لكنني حينما استعدت تركيزي علمت بانه ليس حلما وانا قابع في السجن .
عندما كنت في الزنزانة الانفرادية كانت هناك حنفية للمياه قطرها رفيع جدا وكلما اردت الماء كان يجب ان اضغط على زر وانتظر لتنزل منها قطرات قليلة من المياه فقط , لقد امضيت اياما صعبة هناك لوحدي.
عندما كنت في السجن هل كانت تصلك اخبار عن عائلتك ؟
لقد امضيت 40 يوما في السجن الانفرادي . في مكان مغلق ومحصور وكانت هناك فقط نافذة صغيرة بمقياس ورقة محارم . في هذه المدة لم يكن هناك أي اتصال بيني وبين احد . طلبت عدة مرات من السعوديين السماح بالاتصال بعائلتي لاخبرهم بحالتي لكنهم رفضوا رفضا باتا ولم اكن ادري هل المسؤولين الايرانيين يعلمون اين انا ام لا ؟
في الصباح كانوا يفتحون هذا الباب الكبير الذي فيه نافذة صغيرة وكانت امامي 15 ثانية لاخذ طعام بمواصفات معدومة واذا امتنعت عن ذلك كنت اواجه تعاملا خشنا وغير لائق . كانوا يديرون الارز في اكياس نايلون صغيرة والمرقة ايضا ز وبعض الاوقات كانوا يعطونني بعض الخضروات مثل البقدونس المقطع وفي بعض الاحيان فيه قشور الخيار كسلطة طعام . ومن دون ملاعق . ووجبة العشاء كانت عبارة عن قطعتي خبز افرنجي مع 4 شرائح صغيرة من البطاطا وقليل من البصل المقلي . وبعض الاوقات عبوة صغيرة عصير فواكه او لبن . لكن الفطور كان افضل ويتضمن عبوة حليب .
هل تعرضت للتعذيب الجسدي ؟
عندما كنت في الزنزانة الانفرادية كان هناك مصباح لونه اصفر وكان يضوي على الدوام وكان السعوديون يراقبونني ويرونني بالكاميرات بشكل مستمر . انهم قالوا لي بأنه يمنع علي ان امشي في داخل زنزانتي . وحينما كنت امشي كانوا ينبهونني ويمنعونني من المشي وبعض الاوقات كانوا يقيدون يدي ويقولون بأنه يجب علي ان اجلس فقط في الزنزانة واذا اكرر المشي فانهم سينقلونني الى مكان اسوأ . في احدى المرات كنت متضائقا كثيرا ومشيت لوحدي في زنزانتي فتم معاقبتي واخذوا الفراش الموجود في الزنزانة وارجعوه بعد 10 ايام . 30 يوما من الحجز الانفرادي قضيتها في الزنزانة الاولى وبعدها نقلني امن السجن الى زنزانة انفرادية اخرى وليس فيها سجادة او موكيت وقاعها بارد جدا و لكن كانت هناك مخدة وفراش وبطانية وعرفت بعد حين انهم يبردون الغرفة لتعذيب السجين او يدفئونها كثيرا للتعذيب . ومكثت في تلك الزنزانة 8 ايام وتم استجوابي هناك عدة مرات بحضور مترجم افغاني وقاض.
لقد كنت انا وزنزانة وباب وجدار والاخبار مقطوعة عني وكل 10 ايام كانوا يسمحون لنا بالمشي 10 دقائق في فناء . لقد كان تعاملهم سيء للغاية اثناء نقلنا . لقد كان تعاملهم غير اسلامي وغير انساني ويمكن القول انه كان أسوأ من حيواني . كانوا يعذبوننا نفسيا ويقولون انه يمكن ان نبقى هناك لسنوات . ولم يطلعوني على تفاصيل ملفي وسير البت فيه . والاسوأ من هذا كله جهلي بعلم عائلتي بي وعدم اطلاعي ان كانت هناك جهود لاطلاق سراحي .
بعد مضي 40 يوما في السجن الانفرادي نادوني وقالوا نريد نقلك الى مكان آخر . وهذا المكان كان في المكان نفسه لكن في القسم الاجتماعي ، لقد نقلوني انا وشخص آخر وفي البداية دخلنا غرفة مساحتها 50 مترا مربعا وفيها مرفقين صحيتين وايضا كان هناك 7 اشخاص وقد انضممنا اليهم ، كان هناك سجناء من طاجيكستان ولبنان وباكستان وغيرها من البلدان وكلهم من الحائزين على الاقامة في السعودية .
مكثت هناك اقل من شهر واحد والجميع كانوا يتكلمون عن قضايا مختلفة لكنني التزمت الصمت في اغلب الاحيان ولم اثق باحد. ولكل منهم تهم مختلفة ، احدهم كانت تهمته التجسس والاخر سجين سياسي . احدهم كان معتقلا منذ 5 سنوات . ورغم انني لم اكن وحيدا هناك وكان بامكاني رؤية اشخاص آخرين وحتى التكلم معهم لكن هناك ايضا وجدت صعوبات ، اما ميزة هذا المكان كانت السماح لنا بالمشي في باحة لمدة حوالي نصف ساعة في الاسبوع.
كيف علمت بقرب اطلاق سراحك ؟ حدثنا عن يوم الخروج من السجن
بعد ان امضيت حوالي 80 يوما في السجون السعودية نادوني عصر يوم السبت وقالوا لي ان اخرج ، ورغم وجودي في السجن كنت حافظا للايام والتاريخ الهجري القمري وحينما ذهبت الى القسم الاداري من سجن امن الدولة خضعت لاختبار السلامة الطبية وسلموني اغراضي الشخصية وجواز سفري وانطلقنا بسيارة نحو مكة المكرمة وفي منتصف الطريق انزلوني من السيارة في صحراء وقالوا لى "انت حر" كنت قلقا جدا ، لقد انتهت صلاحية جواز سفري وهاتفي النقال ايضا كان مطفئا ، ولم اكن اعلم اين انا وحينما اعترضت قالوا لي "اذا كنت منزعجا نعود الى السجن " ، لقد انزلوني من السيارة وذهبوا ، انهم قاموا بتصوير كل مراحل اطلاق سراحي وانا كنت قلقا من ارتكابهم جريمة بحقي في تلك الصحراء وعدم تقبل المسؤولية بعد ان اطلقوا سراحي وقاموا بتسجيل المشاهد ايضا.
كانت هناك سيارتان مركونتان لكن حينما رأوني بذلك المظهر الخارجي ابتعدوا عني . خلال هذه المدة لم اقصر شعر رأسي ولحيتي وكان مظهري فظيعا ، اينما اتجهت لم يقبل احد ان يقلني بسيارته، وبعد مضي ساعات جاءت سيارة من بعيد وتوقفت امامي ونقلتني الى المسجد الحرام . لقد سألني السائق اين كنت ؟ فجاوبته في سجن أمن الدولة فتعجب فنصحني بان لا اقول لأحد اين كنت . وحينها علمت بان ذلك السجن في السعودية مكان خطير جدا يحتفظ فيه سجناء سياسيون واشخاص متهمين بجرائم كبرى . حينما وصلت الى المسجد الحرام قمت بشحن بطارية هاتفي النقال وارسلت رسالة نصية لشقيقتي بأنني تحررت ومن ثم ارسلت رسالة نصية ايضا الى احد المسؤولين الايرانيين الذين اعطاني رقم هاتفه ووضعه في جيبي بعد اعتقالي وهو ايضا ارسل لي رسالة نصية وعنوانا لاذهب اليه . من المستغرب انه بعد تلقي هذه الرسالة النصية توقفت شريحة هاتفي النقال عن العمل .
وبصعوبة وصلت الى ذلك العنوان وامضيت ليلة هناك ومن ثم انتقلت الى قطر ومن ثم الى طهران وامضيت عدة ايام في طهران ثم عدت الى اصفهان ومدينتي "درجة" وعدت الى أسرتي.
امضيت اياما عصيبة في السجون السعودية وحدثني بعض نزلاء السجن بأنهم تعرضوا للتعذيب لانتزاع الاعترافات منهم وصدموهم باسلاك الكهرباء لكن نظرا الى قوة ايران كانوا يهابون الايرانيين . ان زميلي في السجن الاجتماعي كان قد تعرض لعدة جلسات تعذيب.
لقد قام السعوديون بتفتيش محتوى هاتفك النقال ونظرا لنشاطاتك في الفضاء الافتراضي وجهوا اليك تهما اخرى كيف اثبتت لهم براءتك ؟
عندما عدت الى ايران لم اكن افكر بأن المسؤولين قد بذلوا هذه الجهود الهائلة لاطلاق سراح مواطن عادي ، لقد وقف نظامنا بكامل قامته من اجل اطلاق سراحي . انه من دواعي الفخر والاعتزاز ان اعيش في بلد يهتم مسؤولوه بمواطن عادي بهذا القدر من الاهتمام . لقد سمعت ان أي محام لم يقبل الدفاع عن قضيتي رغم جهود مسؤولينا والسبب الرئيسي هو وجودي في سجن امني وسياسي والجميع كانوا يخافون من ذلك السجن وذلك المكان .
قبل عودتي الى ايران علمت بأن السعوديين يخافون من ذلك السجن كثيرا في جلسة الاستجواب الاولى أي الليلة الاولى التي اعتقلت فيها قام المترجم الافغاني بتلقين السعوديين وافهامهم بانني شخص عسكري واتردد في المنطقة ، لكنني اوضحت في الاستجواب بانني ازاول مهنة حرة واعمل في شركة نسيج وان علاقاتي واضحة في هاتفي النقال . لكنهم كانوا يصرون بأنني عنصر امني وعسكري وفي الجلسة الاخيرة لاستجوابي وضعوا صفحة التويتر الخاص بي امامي وقالوا "لديك بعض النشاطات" ، انهم قبلوا بأنني لم اكن شخصا سياسيا ولم اتردد في تلك المنطقة التي يقصدونها . قالوا انني ذهبت للعراق فقط وهكذا تم تبرئتي من تهمة الانتماء الى السلك العسكري ايضا . ثم تم طرح قضية نشاطي في وسائل التواصل الاجتماعي وفي النهاية اعلن القاضي بأن الامر طبيعي وبسبب عدم وجود علاقات ودية بين الدولتين يكتبون قضايا ضد بعضهم البعض في الفضاء الافتراضي . كان قاضيا جيدا وقال انه ايضا يكتب في الفضاء الافتراضي ضد ايران . وقال لي ان الذنب الذي ارتكبته هو فقط التصوير والاخلال بالنظم العام . انهم كانوا يصرون بأنني أنتمي الى السلك العسكري لكن حينما ادركوا بأنني لست عسكريا قاموا باطلاق سراحي.
هل من كلام أخير ؟
اقدم شكري لجميع الاشخاص المتابعين لقضيتي ، واشكر وكالة انباء فارس التي نظمت حملة من اجل اطلاق سراحي . عندما عدت من السعودية علمت بمدى الود والحنان الموجود لدى شعبنا، الجميع قد احنوا على عائلتي واسأل الله ان يجازيهم خيرا ، ان دعاء المواطنين وأسرتي انقذتني من ذلك الجحيم الذي كنت فيه. ان الخلاص والعودة كانت غير متوقعة بالنسبة لي ، لقد كان السجن فترة جيدة لاراجع حياتي . هل فكرتم يوما بنعمة الشمس وأشعتها ؟ وبالطعام الجيد ؟ وبماء الشرب ؟ كنت اعيش الحسرة على قطرة ماء هناك . هناك نعم كثيرة في حياتنا العادية . كنت اتمنى وجود شخص اتكلم معه في الزنزانة الانفرادية . يجب ان نشكر هذه النعم ، لقد تحسرت على عدم زيارة مقبرة البقيع هذا العام وربما هذا بسبب عدم جدارتي بذلك . انني اتلوع لذلك طوال حياتي لكن كل الصعاب قليلة امام نظرة واحدة نحو الكعبة المشرفة.
......................
انتهى/185