وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الاثنين

٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢

٧:١٨:٠١ م
1316759

ما بين زينب عصام ومهسا أميني... ازدواجيّة المعايير الأمريكيّة!

تثير أمريكا الضجيج إزاء وفاة شابّة في إيران ولا تنتظر انكشاف ظروف الحادثة، وتدعم بقوّة أعمال الشغب في إيران بينما تلتزم الصمت تجاه أعمال الشغب في الدول الأوروبية والغربية وتدعم إنهائها بشتّى الأساليب.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقریراً يُلقي الضوء على حقوق الإنسان والمعايير الأمريكيّة الازدواجيّة، ويذكر نماذج على ذلك منها صمت واشنطن إزاء جريمة قتل الفتاة العراقيّة زينب عصام ودفاعهم عن قتل الصهاينة المراسلة شيرين أبو عاقلة واغتيال السعوديّة الصحافي والناقد السعودي جمال خاشقجي وغيرها من النماذج الأخرى، بينما تثير الضجيج إزاء وفاة شابّة في إيران ولا تنتظر انكشاف ظروف الحادثة، وتدعم بقوّة أعمال الشغب في إيران بينما تلتزم الصمت تجاه أعمال الشغب في الدول الأوروبية والغربية وتدعم إنهائها بشتّى الأساليب.

ربما سمعت قلة من الناس على مر الأيام الماضية باسم زينب عصام، الفتاة العراقية البالغة 15 عاماً، التي قتلها جنود أميركيون، لكن لم يذكر اسم زينب بصفتها ضحية قط. فما حقيقة القصة؟ منذ مدة، كان الجنود الأمريكيون المتمركزون في قاعدة «فيكتوريا» بمنطقة أبو غريب في بغداد يجرون تدريبات عسكرية بالقرب من المناطق السكنية. في الوقت نفسه، كانت زينب عصام تمشي في شوارع أبو غريب، مع تصوّرها أنها تقضي يوماً عادياً كما العادة. مع ذلك، لم يمضِ وقت طويل قبل أن يتحول هذا اليوم الذي يبدو عادياً إلى نقطة النهاية لأحلام هذه الفتاة. كانت رصاصة طائشة أطلقها الجيش الأمريكي كافية لإحداث مأساة إنسانية مريرة في ثوانٍ معدودة وإنهاء حياة زينب. حدث كل شيء بهذه البساطة!

صمت واشنطن على جريمة قتل زينب المأسوية

بينما كان من المتوقع أن يكون لهذه الجريمة تداعيات واسعة في المنطقة والعالم، فإن هذا لم يحدث أبداً. لم يُظهر مسؤولو الحكومة الأمريكية أدنى رد فعل على هذه الجريمة واختاروا الصمت. في هذا الصدد، صرّح أحد أعضاء تحالف «الفتح» العراقي، أبو ميثاق المساري، بالقول: «للأسف، قُتلت فتاة عراقية تبلغ من العمر 15 عاماً برصاص الاحتلال الأمريكي والتزمت وسائل الإعلام المأجورة الصمت»1. لم يقتصر الأمر على التزام الأمريكيين الصمت حيال هذه الجريمة بل لم يسمحوا للعالم بسماع صوت تحطم أحلام هذه الفتاة.

الدفاع عن الصهاينة في مقتل أبو عاقلة

نعود إلى الخلف قليلاً: في 11 أيار/مايو من العام الجاري، أطلق جنود صهاينة النار على الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة أثناء إجرائها تقريراً عن الهجوم الصهيوني على جنين بالضفة المحتلة وأردوها شهيدة. منذ اللحظات الأولى لانتشار خبر استشهاد شيرين أبو عاقلة، شكك المسؤولون الأمريكيون في رواية الفلسطينيين لهذه الحادثة وفضّلوا النظر في رواية السلطات الصهيونية، ولم يدينوا هذه الجريمة، إنما صرحوا أنّ من أجل إزالة الغموض يجب البحث في هذا الصدد.2 وفي موقف رسمي، انحازت الخارجية الأمريكية إلى الصهاينة في مقتل أبو عاقلة، وأعلنت: «بعد التحقيق الذي أجريناه بشأن الرصاصة التي أطلقت على أبو عاقلة، توصلنا إلى نتيجة مفادها أن لا دليل لنعتبر أن الرصاصة أُطلقت لقتلها عمداً»3.

دفاع واشنطن عن السعودية بعد اغتيال خاشقجي

مشهد آخر من مشاهد المقاربة الانتقائية للسلطات الأمريكية لانتهاكات حقوق الإنسان يعود إلى مقتل جمال خاشقجي، الصحافي والناقد للسعودية، في 2/10/2018، حين دخل خاشقجي القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا ولم يعد أبداً. رغم نفي السلطات السعودية دورها في مقتل خاشقجي، فإن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية ذكرت: «اعتبر محمد بن سلمان خاشقجي تهديداً فوافق على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإسكاته»4. ومع أن السلطات الأمريكية تبنت مواقف ضد السعودية انطلاقاً من استعراض في حقوق الإنسان، لم تتخذ عملياً خطوة لمواجهة فِعلة الرياض.

في هذا الصدد، قال مسعود شجرة، وهو رئيس «الجمعية الإسلامية لحقوق الإنسان» في لندن، في مقابلة خاصة مع موقع KHAMENEI.IR الإعلامي: «يمكن لدولة مثل السعودية - لأنها قبلت القوة العظمى الأمريكية - إرسال فريق (إلى إسطنبول) وتقطيع خاشقجي إرباً إرباً دون أن تتحمل أي ثمن. حكمت محكمة سعودية (قبل نحو شهرين) على طالب سعودي في بريطانيا بالسجن أكثر من ثلاثين عاماً بتهمة نشره تغريدة ضد سياسات الرياض! مثل هذا الإجراء لم يسبب أي ضجة ولم يكبّد الرياض شيئاً. ارتكب السعوديون أكبر مذبحة بالإعدام في يوم واحد ولم يكلفهم هذا العمل أي ثمن. في الوقت نفسه، ليس أن السعودية لم تدفع أي ثمن بسبب جرائم الحرب في اليمن، بل قُدِّم الدعم إلى الرياض في ارتكاب هذه الجرائم».

إن المقارنة بين رد فعل أمريكا وحلفائها الغربيين على انتهاك حقوق الإنسان في ما يتعلق بزينب عصام وشيرين أبو عاقلة وجمال خاشقجي، وبين رد فعلهم على الموت المفاجئ لمهسا أميني في إيران، يكشف مرة أخرى السياسة والإستراتيجية الشهيرة (الكيل بمكيالين) لواشنطن وحلفائها. فعقب وفاة الشابة الإيرانية أميني، التي حدثت في وقت جريمة زينب عصام تقريباً، وضعت السلطات الأمريكية والغربية ووسائل الإعلام التابعة لها مشروع تسليط الضوء على هذه الحادثة على جدول أعمالها. أدت هذه المسألة إلى وضع علامة استفهام كبيرة أمام شعاراتهم الرنانة لحقوق الإنسان.

في هذا السياق، يقول مسعود شجرة: «حقوق الإنسان (في نظر أمريكا والغرب) أداة للضغط على العدو. تركز أمريكا والغرب على حادثة لاستخدامها في الضغط على البلدان التي لديهم مشكلات معها. مشكلة واشنطن مع دول مثل إيران أنها لم ترزح للقوة العظمى الأمريكية. لهذا، نشهد دائماً السلوك الازدواجي لأمريكا والغرب تجاه حقوق الإنسان».

قلة المبالاة تجاه اختطاف شابة في بريطانيا وقتلها

في مساء 3/3/2021، اختطف ضابط في شرطة لندن شابة تبلغ 33 عاماً وتدعى سارة إيفيرارد، وعُثر على جثتها في 10/3/2022. مع ذلك، لم تبدِ أمريكا وحلفاء بريطانيا الغربيون رد فعل على هذا الحدث. يقول شجرة في هذا الصدد: «خطف ضابط شرطة في بريطانيا سيدة واغتصبها ثم قتلها، ومع ذلك، لم يكن هناك أي رد فعل على هذا الفعل. قُتل في بريطانيا على مدى سنوات عدد من الأشخاص الذين اعتقلوا وكانوا تحت السيطرة التامة للشرطة في سجون هذا البلد. تظهر كاميرات المراقبة بوضوح كيف تعرض هؤلاء للضرب المبرح والقتل. رغم هذا كله، لم يُستدعَ حتى الآن أي عنصر شرطة إلى المحكمة للإجابة عن الأسئلة حول جرائم القتل هذه».

بالطبع، تمكن مشاهدة المعايير المزدوجة لأمريكا والغرب في مجالات أخرى أيضاً، سيُشار إليها توالياً في هذا التقرير.

السلوك المتناقض تجاه أعمال الشغب

يتابع شجرة: «الازدواجية في ردود الفعل الغربية في هذا المجال واضحة تماماً. عندما يخرج الناس إلى الشوارع في أمريكا والغرب، وفي اللحظة التي تصل فيها الاحتجاجات إلى مرحلة الشغب تماماً، تتغير أيضاً طريقة التعامل مع المشاغبين. على سبيل المثال، فتح البريطانيون محاكم على مدار 24 ساعة في العام الماضي للتصرف مع مثيري الشغب وحكموا على الذين هاجموا ونهبوا المتاجر بالسجن ما بين 5 و6 سنوات. في هذه الحالة، لم يقتل المشاغبون شرطياً أو شخصاً بريئاً لكن السلطات البريطانية عاملتهم على ذاك النحو. لذلك، إن مقاربة (الغربيين) تجاه أعمال الشغب في إيران ذات ازدواجية تامة».

تشكيل «السترات الصفراء» في فرنسا وصمت أمريكا

بعد وفاة أميني، اندلعت أعمال شغب متفرقة في أنحاء إيران. لم تمرّ أيام قليلة على أعمال الشغب هذه حين أصدر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بيان تدخل قال فيه: «نواصل محاسبة السلطات الإيرانية وندعم حق الإيرانيين في الاحتجاج بحرية»5. هذا في حين أن الأمريكيين لم يؤيدوا أياً من أعمال الشغب المنتشرة في الدول الأوروبية خاصة في فرنسا. لقد وقعت إحدى أعمال الشغب الكبرى في فرنسا أثناء إطلاق حركة «السترات الصفراء». انطلقت هذه الحركة بعد ارتفاع أسعار المحروقات وتكاليف المعيشة لكنها تحولت تدريجياً إلى انتفاضة عامة ووطنية ضد الرئيس الفرنسي.6 في ذلك الوقت، جلبت القوات الفرنسية أيضاً معداتها العسكرية الثقيلة إلى الشوارع للسيطرة على أعمال الشغب. صارت باريس، عاصمة فرنسا، كأنها محاطة بمدرعات الجيش. إضافة إلى ذلك استخدمت قوات الجيش الفرنسي خراطيم المياه لقمع الاحتجاجات وأعمال الشغب. في الوقت نفسه، فتشت القوات الفرنسية محطات النقل العام والطرق والأماكن العامة على نطاق واسع باستخدام المعدات العسكرية الثقيلة. رغم الإجراءات الأمنية المشددة لاحتواء «السترات الصفراء»، وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات الفرنسية والمتظاهرين عام 2018. 7 ورغم انتشار «السترات الصفراء»، فإن الأمريكيين لم يدعموا المتظاهرين ومثيري الشغب في فرنسا، حتى مرة واحدة.

«حقوق الانسان»؛ أداة الغرب لتحقيق الأهداف

يظهر الغرب دائماً أن لديه وجهة نظر أداتية تجاه حقوق الإنسان وهو يتخذ موقفاً منها وفقاً لمصالحه. وهنا يرى مسعود شجرة أن «الغرب لا يرى حقوق الإنسان أيديولوجيا بل أداة لتحقيق أهدافه، فعندما تكون ظاهرة أو حدث ما في مصلحتهم، يشيرون إليها على أنها من حقوق الإنسان، وعندما لا تكون في مصلحتهم، ينكرونها. اليوم، يمكننا أن نرى بوضوح أن الغرب بقيادة أمريكا يقتل الأبرياء في سوريا والعراق وليبيا واليمن... فعندما غزا الأمريكيين العراق عام 2003، قُتل نصف مليون طفل عراقي. في تلك الأثناء، سُئل وزير الخارجية الأمريكي آنذاك: "هل من المبرر قتل نصف مليون طفل عراقي لمجرد إزاحة صدام من السلطة؟"، فأجاب: "نعم". وعليه، حقوق الإنسان في نظرهم ليست سوى وسيلة لتحقيق أهدافهم».

المصادر

1ـ شبكة نهرين نت الإخبارية

https://nahrainnet.net/?p=72187

2ـ الجزيرة

https://www.aljazeera.net/news/politics/2022/5/14/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D8%AC%D8%B2-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%B9%D9%86-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B4%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D9%86%D8%9F

3ــ فرانس 24 عربي

https://f24.my/8kX9

4ـ سبوتنيك عربي

https://sputnikarabic.ae/20210227/%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%83%D8%B4%D9%81-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87-%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%AE%D8%A7%D8%B4%D9%82%D8%AC%D9%8A-1048225230.html


5ـ البيت الأبيض

https://www.whitehouse.gov/briefingroom/statementsreleases/2022/10/03/statement-by-president-biden-on-the-violent-crackdown-iniran/

6ـ DW عربي

https://p.dw.com/p/3TA8b

7ـ مونت كارلو الدولية

https://mc-d.co/1Ggv

.......
انتهى/ 278