وقد سافرت إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمشاركة في المؤتمر السابع للجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)، وعن تعرفها على دين الإسلام قالت: إني بعد 15 سنة من النشاط في الخدمة الاجتماعية تعرفت على مشكلات النساء في فرنسا، وعلى سبيل المثال هذه المشكلات كانت: الطلاق، والشعور بالوحدة، وضربهن وشتمهن من قبل أزواجهن الذين كانوا مدمنين على الكحول، وإن كانت هذه الأمور ليست تشمل جميع المجتمع لكنها كانت موجودة.
وتابعت هذه السيدة الفرنسية: بعد فترة ولأسباب انشغالي في الحياة لم أتمكن من الاستمرار في نشاطي، لكن بعد مرور فترة من زمن شعرت أنه يجب علي إحداث تغيير وتحول في حياتي، فما كنت أعلم ما هو السبب في كآبتي، لكن ظروف المجتمع الفرنسي كان يزعجني.
وأضافت: ثم التحقت بالجامعة، وبدأت بتكميل الدراسة في فرع اللسانيات وعلم الاجتماع، حتى حصلت على شهادة الدكتوراه في هذين الفرعين، وفي فترة دراستي في الجامعة تعرفت على عدد من الطلاب الجامعيين الإيرانيين الثوريين. وكان هؤلاء يوميا يعطون كتبا للإعارة أمام الجامعة، فرغبت إلى هؤلاء الطلاب، وقمت بأخذ الكتب منهم، وبعد قراءتها كنت أعيد الكتب إليهم، ثم آخذ كتبا جديدة، وكانت مواضيع هذه الكتب حول الثورة الإسلامية، والإمام الخميني، وخطاباته، والعلامة الطباطبائي، والشهيد مطهري، والحجاب.
زيارتي لإيران
وصرحت زهراء غيوم: بدأت أتعرف على الإسلام شيئا فشيئا بعد قراءتي لهذه الكتب، وعزمت على السفر إلى هذا البلد، ولم تكن هناك نظرة إيجابية آنذاك إلى إيران بسبب انتصار الثورة، وكان الجميع يوجه لي هذا السؤال، لماذا تريدين السفر إلى إيران؟ لكني سافرت إلى إيران مرة واحدة، ورجعت ثم أكملت دراستي. وفي هذه الفترة تعرفت على الإسلام، واعتنقته في الثانية والثلاثين من عمري.
وحول نشاطاتها بعد زيارتها لإيران قالت: عملت لمدة ثلاث سنوات كسكرتيرة للسفير الإيراني في بلجيكيا، وقد ساعدني السفير كثيرا؛ لأنه كان بإمكاني أن أعمل كسكرتيرة، وكذلك كانت لدي فرصة أن أفكر حول الثورة الإسلامية، أو الصهاينة، أو السياسية الدولية.
وفي هذه الفترة تزوجت مع طالب جامعي إيراني، وسافرنا معا إلى إيران، وبقينا ثلاث سنين هناك، وفي تلك الفترة عملت كمدرسة في الجامعة ومراسلة في القسم الفرنسي لإحدى المجلات الفصلية باسم "بيام الإسلام" (أي: نداء الإسلام).
وتابعت: وللأسف الذريع وبعد ثلاث سنوات وبسبب بعض المشكلات الأسرية أجبرت أن أرجع إلى فرنسا، ومن تلك الفترة فلاحقا بدأت أعمل للإذاعة والتلفزيون الإيراني وقناة سحر الفضائية فحسب، وكنت في كل يوم أقوم بإعداد تقرير باللغة الفرنسية، ثم أرسله إلى الإذاعة والتلفزيون.
وبعد عشر سنين من النشاط ولبعض المشكلات المالية غيّرت عملي وبحثت عن عمل آخر، فبدأت عملي كخدمة اجتماعية في قسم مرضى الأعصاب والنفس في إحدى المستشفيات.
الفصل من العمل بسبب الحجاب
وصرحت زهراء غيوم أنها كانت محجبة وكانت تقوم بجميع نشاطاتها بالحجاب، وذلك منذ اعتناقها للإسلام، وتابعت: وقد عملت في إحدى المستشفيات التي كان يراجع إليها مرضى المسلمين كثيرا، وكان المراجعين قد أدركوا بأني مسلمة دون أن يتحدثوا معي، وذلك من خلال الحجاب الذي كنت أرتديه، ثم وشي بي عند رئيس ذلك المركز الذي كنت أعمل وقد طردوني من العمل وأصبحت عاطلة مرة أخرى، وذلك بعد عملي في ذلك المكان لمدة سنتين والذي كنت على أعتاب أن يصبح عملي دائمي في ذلك المكان.
الأعمال
يعتبر إعداد فلم حول عاشوراء، وانتاج فلم وثائقي حول الرسام المعاصر الإيراني "شارل حسين زنده رودي"، وإعداد برنامج حول الإيرانيين المقيمين في فرنسا بالتعاون مع قناة جام جم الفضائية، وانتاج عدد من الأفلام بالتعاون مع "مصطفى دالائي" تتعلق بالمسلمين والنساء المسلمات في أروبا، وفلم حول شيعة فرنسا بالتعاون مع همايونفر، وتأسيس لجنة للتعريف بإيران و إقامة المعرض، وتعليم الموسيقى، وتعليم اللغة الفارسية والعربية، وتعليم الخط، وانتاج فلم حول الشهيد قاسم سليماني، وانتاج فلم حول تواجد أهل السنة في إيران، فجميع ما تقدم يعد من أعمال هذه السيدة الناشطة الجليلة.
العدالة ومكافحة الظلم كانتا جاذبيتي الإسلام لي
وفيما يتعلق بسبب رغبتها إلى دين الإسلام صرحت هذه السيدة: كنت امرأة مسيحية ولم أذهب إلى الكنيسة كثيرا، كما لم أرغب إلى السياسة كثيرا، لكن ما دفعني أن أرغب إلى الإسلام والمذهب الشيعي هو العدالة ومكافحة الظلم في كلمات الإمام الخميني (ره).
وفي قسم آخر من حديثها حول القيم الدينية في المجتمع الفرنسي قالت هذه المنتجة الفرنسية للأفلام الوثائقية: كشفت حركة السترات الصفراء في فرنسا أن الشعب الفرنسي يسعى إلى إعادة القيم المسيحية والدينية إلى هذا البلد؛ لأن الحكومة العلمانية والنسوية قد محت القيم الدينية من المجتمع، فإنها تملك أموالا كثيرة وطائلة، وتقدم إعلانات ودعايات كثيرة؛ ولهذا السبب علينا أن نعمل جيدا جدا.
دور الإعلام في مكافحة الإسلاموفوبيا
وصرحت عضوة المجمع العالمي لأهل البيت (ع) حول دور الإعلام في مواجهة الإسلاموفوبيا في أروبا: أعتقد أن الإعلام مهم للغاية؛ إذ يعد من أشكال المقارعة والمقاومة، كما يمكننا أن نقوم بأعمال كبيرة، ونقدم معلومات كثيرة حول الإمام الحسين (ع) والأربعين، والإمام علي (ع) وأهل بيت (ع) والشعب الفرنسي، والغرب، والشعوب الأروبية.
وأضافت: إنهم لم يملكوا معلومات في هذا الخصوص، وحتى إذا كان لديهم معلومات لا يرغبون إلى التحدث حولها؛ وعليه، يجب علينا أن نعمل كثيرا ونعرفهم بهذه القضايا من خلال استخدام الرسم والموسيقى.
وتابعت زهراء غيوم: إن الموسيقى كموسيقى الراب والذي نحن لا نرغب إليه، له دور فعال ومؤثر على الشباب هناك؛ لأننا لم نملك نوعا من الموسيقى الذي يحبه الشباب، وعلينا أن نبحث عن فنون يحبها الشباب ويرغبون إليها.
التعليم والتربية من العوامل المهمة في توجه التلاميذ نحو الدين
واعتبرت التعليم والتربية كنقطة مهمة للغاية، ولفتت إلى أن التعليم والتربية لها دور هام في فرنسا، ويحاول الوزير أن يسمح لمختلف الجماعات والجهات أن يقدموا آراءهم، حتى يبعدوا تلاميذ المدرسة من الدين، لكن الشعب الفرنسي يطالب بمكافحة هذه الآراء والنظرات؛ كي تبقى معتقدات أطفاله سليمة.
وأضافت: فلم يبق للوالدين الذين يرغبون في إبعاد أولادهم عن الآثار غير المناسبة للتربية الجنسية سوى طريق واحد، وهو عدم إرسال أولادهم إلى المدرسة.
وأشارت هذه الفرنسية المنتجة للأفلام الوثائقية إلى "فريدا بلغول" كشخصية هامشية ومؤسسة منذ سنة 2014 م لحملة تحت عنوان "أيام عدم الذهاب إلى المدرسة"، وصرحت: والغاية من وراء هذه الحملة هي الاحتجاج على تطبيق نظرية تدريس القضايا الجنسية في المدرسة.
ولفتت إلى أن هذا الناشط الاجتماعي تعرض كذبا إلى العديد من التهم، ولكن على أي حال، فقد دق جرس الخطر في هذا الخصوص.
تعليم الأطفال في البيت الطريق الوحيد للحفاظ عليهم أمام العلل الأخلاقية
وتعتقد غيوم: إن جميع النظرات التعليمية حول القضايا الجنسية في المدارس التي تنبثق من أمريكا، ولها جذور في بعض الكتب الدينية كالتلمود، لم تترك أمام الآباء سوى طريق واحد، وهو عدم إرسال أطفالهم إلى المدرسة والقيام بالدراسة المنزلية.
وتابعت هذه المرأة المسلمة الفرنسية: إن التعليم المنزلي للأطفال يأخذ من الوالدين طاقة كثيرة؛ لأن هذه التعليمات يجب أن تكون على غرار تلقي التعليم في المدرسة، فكانت هذه الفرصة متوفرة للوالدين، وقد قللت الدولة الفرنسية مؤخرا من إمكانية التعليم المنزلي للوالدين. فكان في الماضي يكفي أن يعلن الوالدين أنهما يعلما أولادهم في البيت، لكن الدولة صادقت أخيرا على قانونا يجب على الوالدين أن يقدما طلبا للتعليم المنزلي إلى وزراة التربية، وعند موافقة الحكومة يمكنهما القيام بهذا العمل والوظيفة.
وتابعت: فلذا تحاول الدولة الفرنسية أن تحافظ على قوتها في تعليم الأطفال في المدرسة، حتى أن بعض وزراء التربية صرحوا بأننا نملك أطفالكم، فإذا رجع الأمر أن يصبح التعليم في المدرسة كتلقي اللقاح، وبات تعليم القضايا الجنسية يوما بعد يوم يعود إلى مؤسسات دولية كمنظمة الصحة العالمية ويونسكو، فحينئذ نرى الوالدين والآباء ليس لهم أي سلطة وقوة على التحكم بوضع التربية، وعليه، تتضاءل سلطة الأب وقوته في الأسرة وتصبح ضعيفة، ويستبدل مكانها سلطة الأم، وطبعا لم تتمكن سلطة الأم أن تؤدي دور الأب بصورة صحيحة، فيتضاءل دور الآباء ودور المدرسين في المدرسة.
وتابعت زهراء غيوم قائلة: إن وزراء التعليم الوطني الذين كانوا فيما مضى وزراء التربية يرغبون إلى التمكن على الأطفال والأولاد الذين سيصبحون لاحقا من خدام الدولة. لكن بات الأمر أن نشاهد الأطفال يوما بعد يوم يعصون المدرسين، فالمدرسون ليس لديهم أي سلطة، وبعضهم رفعوا أيديهم استسلاما لهذا الأمر، فهناك مناصب شاغرة كثيرة في المدارس الفرنسية في الوقت الراهن، وهناك من المدرسين استقالوا عن عملهم بسبب عدم التمكن من إدارة حصصهم الدراسية وأيضا لم تتحملهم شريحتهم، فكان المطلوب منهم أن يعطون الدرجة للتلامذة حسب كُتُب عدد محدد من الكتّاب، وبناء عليه يجب علينا ولمواجهة مثل هذه الوتيرة أن نربي الأولاد أكثر استقلالية، ونعلمهم مواجهة مثل هذه التحديات في المجتمع.
وفي ختام حديثها أكدت: إن دور المراسلين المسلمين، ودور منتجي الأفلام الوثائقية، وحتى دور كتّاب السيناريوهات مهم للغاية؛ إذ أن العالم غدا هو عالم الصورة، وعالم اللحظة.
.........
انتهى/ 278