وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ أكد قسم الدولي في مكتب الدراسات الإسلامية للفضاء الافتراضي، أنه أقيمت الجلسة الحادية عشرة من سلسلة جلسات الدين والفضاء الافتراضي، بعنوان «حل للتعامل مع الأخبار المزيفة في الفضاء الافتراضي».
تم عقد الجلسة في مكتب الدراسات الإسلامية للفضاء الافتراضي عبر الانترنت وباللغة العربية، بالتعاون مع وكالة أهلالبيت للأنباء ـ ابنا وممثلية الولي الفقية في فرع فارابي التابع لجامعة طهران.
في بداية الجلسة، سعيد مهديان، سكرتير الجلسة العلمي قام بتعريف المكتب ونشاطاته، ثم تناول موضوع الجلسة وقال: إن الهدف من نشر أخبار المزيفة غالباً للتشويش والفوضی وتحقيق مكاسب سياسية ومالية.
وأردف خبير قسم الدولي لمكتب الدراسات الإسلامية للفضاء الافتراضي بتعريف المدير العام لوكالة ابنا وأضاف: ضيفنا في هذه الجلسة هو المدير العام لوكالة أهلالبيت(ع) للأنباء ـ ابنا، سماحة حجة الإسلام والمسلمين الدكتور سيد عليرضا حسینی، ولديه نيف وثلاثون سنة من الخبرة في مجال الإعلام والصحف والمجلات.
في بدايه الجلسة، شكر سماحة حجة الإسلام والمسلمين الدكتور حسيني، مكتب الدراسات الإسلامية للفضاء الافتراضي علی عقد هذه الجلسة واقترح للمكتب كمركز علمي أن يقوم بعقد ندوات خاصة مع الأخصائيين بمسألة التربية الإعلامية أو التعليم الإعلامي الهامة.
ثم أشار المدير العام لوكالة ابنا إلی أهمية موضوع «حل للتعامل مع الأخبار المزيفة في الفضاء الافتراضي» وقال: هذا البحث مهم جداً، وتزداد أهميتها يوماً بعد يوم، مع تغيرات كثيرة فرضها الفضاء الافتراضي في صميم حياتنا الفردية والاجتماعية والأسرية والعلمية والعملية والثقافية والسياسية والاقتصادية وفي كل جوانب حياتنا.
والآن مع الأسف الشديد، كثرة الأخبار المزيفة تصعّب علی الناس ـ وفي بعض الأحيان حتی علی النخب والخبراء والصحفيين وأصحاب القنوات الإخبارية ـ تمييزها عن الأخبار الحقيقية والمشروعة. الأخبار المزيفة كثيرة جداً، لا فرق في مصدر الأخبار، القنوات الفضائية، المواقع الخبرية، الصحف، الجرائد، لا فرق بينها. كثرة الأخبار المزيفة تصعّب علی الناس تمييزها عن الأخبار الحقيقية والمشروعة جداً.
ولا فرق في هذا المضمار بين الدول المتقدمة والبلاد المستنمية، حتی في الولايات المتحدة كأحد الدول المتقدمة أجريت دراسة عام ألفين وستة عشر، أفضل عشرين خبراً مزيفاً حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية حصل علی مشاركة أكبر علی الفيسبوك من أكبر عشرين خبراً واقعية من منافذ الإعلام الرئيسية.
وقال المدير العام لوكالة ابنا: إنه لابد لنا من مقدمات، للورود في البحث، ثم نتناول كيفية التعامل مع هذه الأخبار وحلها.
المقدمة الأولی: طبيعة الأخبار المزيفة وضرورة التعرف عليها تناول الدكتور حسيني في المقدمة الأولی طبيعة الأخبار المزيفة وضرورة التعرف عليها وقال:" الأخبار المزيفة أو الأخبار الزائفة أو الأخبار الكاذبة أو الأخبار الخادعة أو الأخبار المخادعة أو كما يقال في الإنجليزية fake news، هي أخبار تتكون من معلومات غير واقعية أو مضلّلة ".
لا تختص هذه الأخبار، بالوسائط الإخبارية التقليدية، كالصحف والإذاعة والتلفاز، بل إنها تُنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت أكثر من الوسائط التقليدية ووسائل الإعلام الرئيسية.
ثم وفي نهاية هذه المقدمة، أشار إلی أنه بسبب الأسلوب المشين الذي اختاره «دونالد ترامب» الرئيس السابق للولايات المتحدة لاستخدام مصطلح «الأخبار الكاذبة fake news»، أصبح هذا المصطلح محظوراً لفترة.
كما قررت الحكومة البريطانية عدم استخدام مصطلح «الأخبار الكاذبة» في الوثائق الرسمية بتبرير أنه «مصطلح سيّئ التعريف ومضلّ، يُخلِط بين مجموعة متنوعة من المعلومات الخاطئة، بدءاً من الخطأ الحقيقي مروراً بالتدخل الأجنبي في العمليات الديمقراطية». جاء ذلك بعد توصية من اللجنة الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية التابعة لمجلس العموم البريطاني بتجنب المصطلح. كما تعلمون هذا، مسألة الأخبار الكاذبة أثّرت كثيراً في الانتخابات الرئاسية الدورة السابقة والدورة الحالية في الولايات المتحدة وأيضاً الانتخابات التي أجريت في بريطانيا وفي الدول الأروبية.
المقدمة الثانية: دواعي نشر الأخبار المزيفة
ثم أردف أستاذ الجلسة كلامه في المقدمة الثانية حول دواعي مصادر هذه الأخبار من نشر أخبار الكاذبة والأخبار المزيفة وfake news؟ وقال: هذا النوع من الأخبار تُنشر عادة بهدف التضليل من أجل إلحاق ضرر بكيان أو شخص، أو تحقيق أهداف سياسية أو مكاسب مالية.
المقدمة الثالثة: أنواع الأخبار الكاذبة والمزيفة
تناول مدير وكالة ابنا في هذه المقدمة أنواع الأخبار المزيفة وقال: هناك أنواع مختلفة من الأخبار المزيفة، ذكر بعض الأخصائيين في مجال الإعلام أنه هناك أكثر من سبعة أنواع من الأخبار الكاذبة. لكني أعتقد أنه هناك خمسة أنواع من الأخبار الكاذبة والمزيفة:
أخبار مضللة؛ أخبار تهكم أو سخرية؛
أخبار بسياق خاطئ، أي ليست المشكلة في المحتوی، بل في معلومات سياقية خاطئة؛ الشائعات، أي أخبار يروّجها الناس بشكل شفهي، مع أن لا علم لهم بمصدرها؛
أخبار مُفبركة، عندما يتم التلاعب بالمعلومات أو الصور الحقيقية. وقد رأيتم كثيراً ما في مواقع التواصل الاجتماعي أو في فيسبوك أو في واتساب وفي مثلها، الصور المفبركة، أی الصورة متعلقة بالشخص ولكن بشكل مفبرك.
المقدمة الرابعة: الأخبار الزائفة من منظور الشريعة الإسلامية
تناول سماحة حجة الإسلام والمسلمين حسينی في المقدمة الرابعة الأخبار الزائفة والأخبار المفبركة أو الأخبار الكاذبة والمخادعة وأعم من ذلك أي مسألة المواضيع الكاذبة والمقولات الكاذبة في الشريعة الإسلامية وقال: يحتاج هذا البحث إلی مجال أوسع وندوة مختصة بها، ولكن أشير إلی بعض الآيات والروايات في هذا المضمار.
إنه من المعلوم أن الكذب من كبائر الذنوب، ويجر الإنسان إلی ارتكاب باقي الذنوب الكبيرة؛ لهذا، ورد هذا الحديث المشهور والذي سمعتمونه كثيراً: «جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفتاحه الكذب».
والآيات القرآنية المنهية عن الكذب والإفك كثيرة، كما جعل الله لعنته علی الكاذبين. مثلاً نقرأ في الآية الثالثة من سورة الزمر: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ يعني الكاذب محروم من هداية الله.
وفي سورة الإسراء ينهانا الله عن متابعة الأخبار المزيفة ويقول: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً﴾، هذه الآية بالصراحة مرتبطة ببحثنا في هذه الندوة.
كما يهدد الله المرجفين ـ المرجفون، هم الذين يبثون الشائعات والأخبار الكاذبة في المجتمع لتضعيف معنويات المسلمين ـ يهددهم الله في سورة الأحزاب بهذه الآية المباركة: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا﴾.
إذن يستفاد من الآيات والأحاديث، أن الكذب لا ينسجم إطلاقاً مع الإيمان. كما نقرأ في الحديث الشريف والمهم، انتبهوا كثيراً: «سئل رسول الله(صلی الله عليه وآله) هل يكون المؤمن جباناً؟ قال: نعم. قيل: ويكون بخيلاً؟ قال: نعم. قيل يكون کذاباً؟ قال: لا».
ونفس هذا المضمون ورد بصورة أخری عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیهما السلام) حيث يقول: «لا يجد العبد طعم الإيمان حتی يترك الكذب، هزله وجدّه»، أی لا فرق بين الكذب کان هزلاً أو جداً. والكذب كان هزلاً أو جداً لا ينسجم مع الإيمان إطلاقاً.
والمعلوم أن الكذب عندما ينتشر في المجتمع، يكون ذنبه أكثر، بل في أضعاف مضاعفة بمقدار توسيعه ونشره. بعد هذه المقدمات الأربعة، تناول ضيف الندوة موضوع الجلسة الرئيسي وهو: «حل للتعامل مع الأخبار المزيفة في الفضاء الافتراضي» وذكر بعض الحلول.
الحل الأول:
اعتبر ضيف الجلسة كسب قدرة التمييز بين الأخبار المزيفة والأخبار الواقعية، كأول حل للتعامل مع هذه الأخبار وقال: هناك أساليب وضوابط تساعدنا في التعرف علی الأخبار المزيفة وبالتالي تساعدنا في تجنب التأثر بها.
أول الأساليب وأهمها: هو «التربية الإعلامية» أو «التعليم الإعلامي». بالانجليزية: Media literacy أو في الفارسية «سواد رسانهای».
وبالمناسبة تمنی مدیر وكالة ابنا أن يقوم مكتب الدراسات الإسلامية للفضاء الافتراضي، كمركز علمي بندوة خاصة مع الأخصائيين بهذه المسألة الهامة جداً في عالمنا اليوم وهي مسألة التربية الإعلامية أو التعليم الإعلامي.
ثم أردف بحثه وقام بتعريف التربية الإعلامية أو التعليم الإعلامي وقال: تعريف التربية الإعلامية ببساطة: أنها مهارة التعامل مع الإعلام. أي الدراية بوسائل الاتصال ومعرفة القراءة ومهارة الاطلاع ومراجعة البيانات علی الإعلام، حيث يعرف المتربي ـ يعني المتربي بتربية الإعلامية ـ يعرف مثلاً كل صحيفة أو قناة أو وكالة أنباء، ينتمي إلی أيّ جهة أو حزب أو محور أو كتلة، مثلاً فاكس نيوز ينتمي إلی أي جهة، بي بي سي ينتمي إلی أي بلد، العالم ينتمي إلی أي محور. ثم إن هذه التربية تتيح للمتربي أن يكون مفكراً وناقداً لا ينفعل أما الأخبار المزيفة. بمعنی أن المتربي عندما كانت عنده التربية الإعلامية أو التعليم الإعلامي لا ينفعل أمام أخبار المزيفة.
علی هذا الأساس من له التربية الإعلامية، لديه القدرة علی تحليل الوسائل الإعلامية بكافة أشكالها، وتقييم أخبارها، بدءاً من الوسائل المطبوعة وانتهاءاً بالشبكة العنكبوتية والانترنت والفضاء الافتراضي.
ثم تناول أهمية مصدر الخبر وقال: من معطيات التربية الإعلامية لتقييم الأخبار وتمييز المزيفة منها عن الحقيقية، «النظر في المصدر». وذكر بعض الأمثلة لها وقال: نسمع بخبر مثلاً حول حادث حدث في العراق. ما هو مصدر هذا الخبر؟
أو مثلاً عندما نقرأ خبراً في صحيفة إسرائيلية عن الشهيد الحاج قاسم سليماني أو أحد من قيادات محور المقاومة، لابد لنا أن لا نصدّقه في بداية الأمر، بل علينا أن نتابع الخبر في وسائل الإعلام الأخری والمضادة لها، لكشف الحقيقة.
مثلاً عندما نقرأ خبراً في صحيفة هاآرتص مثلاً الإسرائيلية لابد أن نبحث عن نفس الخبر أو نفس الحادث في صحيفة في العراق المنتمي إلی محور المقاومة علی سبيل المثال. أو قناة في الجمهورية الإسلامية المنتمي إلی إيران لكشف الحقيقة.
واستمر الناشط في مجال الإعلام بحثه حول داعمي مصادر الأخبار وقال: وفي إطار هذا الأسلوب، أي أسلوب التربية الإعلامية، تقييم المنظمات الداعمة لمصادر الخبر. هذا المصدر، مثلاً هذه القناة أو هذه الصحيفة من يدعمها.
مثلاً عندما تعمل وكالة أنباء أو قناة فضائية بدعم من وزارة الدفاع الأمريكية، لا نتوقع منها أخباراً غير مزيفة حول العالم الإسلامي أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ثم أشار إلی دور التربية الإعلامية في تمييز مواقع الإخبارية الساخرة عن الجادة وقال: كما تعلمون هناك كثير من المواقع أو الصحف أو مجلات ساخرة. فكثيراً ما أدرجت خبر أو موضوع بقصد الهزل أو السخرية في موقع أو مجلة ساخرة، ثم نقلته صحيفة أو موقع جاد، فاعتبره القارئ خبراً جاداً واقعياً. ثم تنشر، ثم تنشر، ثم تنشر وتصبح خبراً مزيفاً.
إذن معرفة وسائل الإعلام والتعرف علی مصادر دعم هذه الوسائل، تؤدي إلی فهم مهمتها والغرض من نشر أخبارها.
واعتبر هذا الحل، الحل الرئيسي وقال: هذا الحل الأول والحل الرئيسي، مسألة التربية الإعلامية أو التعليم الإعلامي أو Media literacy أو في الفارسية «سواد رسانهای» مسألة هامة للغاية.
الحل الثاني:
واعتبر هذا الناشط في مجال الإعلام، قراءة الخبر بأكمله ولا اقتصار بعنوانه، هي الحل الثاني وقال: اقرأ ما وراء العنوان الرئيسي لفهم القصة تماماً. كثير من الناس، كثير منّا يقرؤون العنوان الرئيسي؛ تيتر، ولا يقرؤون نفس الخبر وهذا يؤدي إلی تزييف الخبر.
الحل الثالث:
تناول هذا الكاتب في مجال الإعلام في الحل الثالث التحقيق حول مؤلفي الخبر وقال: التحقيق حول المؤلفين، لمعرفة أنهم حقيقيين وذوي مصداقية؟ أو أشخاص غير واقعية. كثير من المواضيع وكثير من الأخبار يكون عندهم اسم مؤلف. مثلاً المحلل الاستراتيجي الفلاني أو بقلم الفلاني. ولكن لا يوجد ذلك الفلاني في العالم، ليس له وجود خارجي حقيقي. وعندما حققنا حول المؤلفين وما وجدنا هذا المؤلف أو هذا المحلل أو هذا الشخص نستطيع أن نعرف بأن هذا الموضوع أو هذا الخبر أيضاً مثل صاحبه يكون كاذباً أو مزيفاً أو خادعاً.
الحل الرابع:
واعتبر التحقيق حول تاريخ الخبر هي الحل الرابع وقال: تعرف من تاريخ الخبر أن القصة حديثة؟ أو قديمة؟ كما تعلمون الكثير من الأخبار المزيفة والكاذبة، في الحقيقة واقعية ولكن حدث في زمن آخر مثلاً قبل سنوات، حدث في زمن آخر و في مكان آخر، ومن قِبل أشخاص آخرين. ولكن الآن نشروها بتغيير زمنه وبتغيير مكانه وبتغيير أشخاصه وأصبح خبراً مزيفاً.
الحل الخامس:
وأردف حجة الإسلام حسيني بحثه عن الحلول بأن مراجعة أشخاص الخبراء في المجال المرتبط بالخبر هي الحل الخامس وقال: وهذا أمر قرآني.
أمرنا الله في كتابه الكريم: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ أي أهل العلم. مثلاً الآن نحن نری هذا جائحة كورونا كوفيد في العالم كثير، وكثير في العالم من الذين ماتوا بأثر هذا الكورونا للأسف الشديد. فأنت تواجه خبراً من معالجة جديدة لإصابة كورونا.
إذن عندما واجهت مثلاً خبراً عن معالجة جديدة لإصابة كورونا، لا تقم بممارستها بمجرد قراءة الخبر، بل عليك أن تسأل الأطباء والباحثين في علم الطب. هل هذا الخبر صحيح؟ هل يكون هذه المعالجة؟ أو الخبر مزيف؟بأغراض مختلفة. أغراض مضللة، أغراض مالية، أغراض ضارة بالناس، وبزوار هذا الموقع مثلاً الذي فيه هذا الخبر المزيف. إذن مراجعة الأشخاص الخبراء في المجال المرتبط بالخبر سواء كان الخبر سياسياً أو طبياً أو علمياً أو ثقافياً.
الحل السادس:
يعتبر مدير وكالة ابنا الحل السادس هو البحث في الانترنت ويقول: هذا حل بسيط بسيط جداً وفي متناول أيدينا.
في أكثر الأوقات، بحث بسيط في جوجل مثلاً، يمنعنا أن ننخدع بالأخبار المزيفة في الفضاء الافتراضي. لماذا يمنعنا هذا البحث القصير عن أن ننخدع؟ لأن الآخرين أيضاً قرأوا ذاك الخبر قبلنا وقاموا بالفحص حوله، والبعض منهم نشروا ما وجدوها حول مدی مصداقيته. مثلاً كما قلت في الحل الخامس، معالجة جديدة لإصابة كورونا، مثلاً جاء حب لمعالجة إصابة كورونا. أنت تكتب، تسأل في جوجل، هل يوجد حب فلان لمعالجة كورونا؟ بهذا البحث البسيط تستطيع أن تفهم هذا الخبر مزيف أو الخبر صادق وله مصداقية.
والحل السابع والأخير:
وفي نهاية المطاف اعتبر سماحة حجة الإسلام حسيني الحل السابع والأخير هو تبيين الخبر وبعد الإشارة إلی هذه الآية الشريفة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ قال: وهذا مفهوم قرآني واضح.
كما تعرفون بعد ممارستنا بمفهوم خبر مزيف، الندامة تأتي إلينا وقال عز من قائل في هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا … فَتَبَيَّنُوا﴾ لماذا؟ حتی لا ﴿تُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
ثم أشار إلی نقطة في شأن نزول هذه الآية وقال: عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: بعث رسول الله(صلی الله عليه وآله) «الوليد بن عقبة» إلی قبيلة بني وليعة. كما تدرون هذا في بداية الإسلام كان رسول الله(صلی الله عليه وآله) يبعث الأشخاص كمبلغين إلی قبائل وإلی البلاد لدعوتهم إلی الإسلام وأيضاً لجمع الزكوات ولموارد أخری. فأرسل رسول الله الوليد بن عقبة إلی قبيلة بني وليعة. كانت بين الوليد وبين تلك القبيلة شحناء في الجاهلية، أي الخصومة.
فلما بلغ الوليد إلی محل بني وليعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه، لينظروا ما خطبه، ما شغله، فخشي الوليد القوم. فرجع إلی النبي(صلی الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله! إن بني وليعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة! أي الزكاة. وهذا كان خبر مزيفاً.
فلما بلغ بني وليعة الذي قال لهم الوليد بن عقبة عند رسول الله، جاؤوا إليه ولقوا رسول الله فقالوا: يا رسول الله لقد كذب الوليد ولكن كان بيننا و بينه شحناء في الجاهلية، فخشينا أن يعاقبنا بالذي بيننا وبينه.
فقال النبي(صلی الله عليه وآله): لتنتهن يا بني وليعة أو لأبعثن إليكم رجلاً عندي كنفسي… إلی آخر الحديث، ثم ضرب بيده علی كتف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام).
ثم أنزل الله في الوليد هذه الآية من سورة الحجرات: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
نستفيد من الآية أن الشحناء والخصومة بين المخبر وموضوع الخبر، أي بين مصدر الخبر وموضوع الخبر، يؤدي إلی تزييف الأخبار.
وفي زماننا الحاضر نعلم أن كثيراً أو أكثر المصادر الإخبارية متصف بالفسق. كما كان الوليد متصفاً بالفسق، الآن أكثر أو كثير من المصادر الإخبارية متصف بالفسق. وبينهم وبين غيرهم يوجد الشحناء والخصومة.
الآن يوجد بين المحور الإسلامي أو بين محور المقاومة الإسلامية وبين المحور الغربي أو المحور العبري الشحناء والخصومة. إذن علينا أن نقوم بتبيين الأخبار قبل تصديقنا.
..................
انتهى / 232