وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ التقى الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) آية الله "رضا رمضاني" بالكتل الشيعية في فرنسا، وذلك أثناء رحلته إلى أروبا للمشاركة في بعض الاجتماعات الدينية، والتقريبة بين الأديان.
وأكد الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) في هذا اللقاء على أن "أعداء الإسلام يسعون كالماضي أن يبينون الإسلام بشكل مزيف ومقلوب"، وقال: أهم واجبنا اليوم كمسلمين أن نعرّف الإسلام بصورة شاملة، وبناء على الفهم الصحيح للروايات والآيات القرآنية أن الإسلام دين شامل، يحتوي على المواضيع الفردية، كما أن لديه نظرة اجتماعية.
وفي شرح كلمة "شامل" قال سماحته: معنى الشامل أن الإسلام يمتلك النظرة الدنيوية والنظرة الأخروية، وقد ورد في القرآن: وَلَا تَنسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنیا» أي: نحن عندنا حصة من الدنيا، وعلينا الانتباه إليها لاكستاب الآخرة، وهناك من يهتم بظاهر الدنيا، والبعض الآخر أيضا يهتمون بالآخرة، فكلا النظريتان خاطئتان، إذ هذه الآية: «يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ» هي مكملة لهذا البيان والمعنى.
* مجالات وساحات التواصل في الإسلام
وفيما يتعلق بـ"مجالات وساحات التواصل في الإسلام: صرح آية الله رمضاني: يعد "التواصل مع النفس"، و"التواصل مع الله"، و"التواصل مع المجتمع"، و"التواصل في الساحات الدولية"، و"التواصل مع الطبيعة"، خمسة أنواع من التواصل، ومن منظور الإسلام لكل منها ورد أحكام خاصة.
وتابع هذا المفكر الإسلامي: تطرق فکر "الإسلام الليبرالي" إلى علاقة الإنسان مع الله وعلاقة الإنسان مع نفسه فحسب، وهذا على خلاف ما ورد في الآيات والروايات؛ إذ أن الإسلام لديه أحكام وقوانين تشمل مجال الاجتماع والاجتماعيات، وعلاقة الإنسان بالآخر.
وأكد سماحته أن "أعمال العنف التي ينسبونها إلى الإسلام أنها غير صحيحة وليس أي نسبة بينها وبين هذا الدين"، وأضاف: إن الذين يذبحون الناس بعبارات لا اله الا الله والله اكبر، من المؤكد أن الإسلام بريء منهم ولا نسبة بينهم وبين الإسلام، كما أن هؤلاء هم صناعة أعداء الإسلام، وعندما نلقي نظرة على الآيات القرآنية نشاهد أن القرآن لم يسمح بالقتل.
* التأكيد على ضرورة وحدة الأمة الإسلامية
وأشار الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) إلى "ضرورة وحدة الأمة الإسلامية"، وصرح: إن ما يهمنا وخاصة أتباع أهل البيت (ع) هو نظرة أمة الإسلام إلى وحدة الأمة الإسلامية، هناك من يصرح بهذا القول: الأمة السنية والأمة الشيعية، في حين مثل هذه المصطلاحات هي صناعة أعداء الإسلام، وما ينبغي علينا أن نسعى من أجله هي وحدة الأمة الإسلامية، وهذا ما يعتقد به كبار قادة وزعماء الشيعة.
وتابع عضو الهيئة العليا للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية: لم يؤيد علماء أهل السنة "الفكر الداعشي وسلوكه"، ويرفضونه بالإجماع، فنحن أيضا نحارب هذه الأفكار المتطرفة والخطيرة في العمل أيضا؛ وبناء عليه كان الشهيد الحاج "قاسم سليماني" هو الرجل الذي وقف أمام هؤلاء الوحشيين، وانتصر عليهم.
وأشار آية الله رمضاني إلى "نقاق من يدعي مقارعة الإرهاب"، وقال: إن إدارة أمريكا تزعم أنها تحارب الإرهاب في العالم، في حين أنها تربي الإرهاب في بلدها، ومن ثم ترسله إلى سوريا، والعراق، وأفغانستان، والأماكن الأخرى، وما هذه الإ سيناريوهات تم صناعتها من قبلهم.
* سمات الإسلام وخصائصه
وحول أنه "يمكن للوحدة والانسجام أن يلعب دورا مؤثرا في تبيين مدرسة أهل البيت (ع)"، صرح سماحته: تعد العقلانية من القضايا الرئيسة التي تعتبر ركنا لخصائص الإسلام؛ إذ أن الإسلام هو دين التفكير والعقلانية والتعقل والبرهان، حتى أن الأعمال التعبدية في الإسلام كالصلاة والصيام يجب أن يؤيدها العقل.
وعرّف هذا الأستاذ في الحوزة والجامعة "المعنوية كسمة ثانية من خصائص الإسلام، وقال: جميع آيات القرآن والروايات وكلمات أهل البيت (ع) تدعو البشرية إلى عالم المعنى، وينوهون بأن المعنوية التي نسعى من أجلها في مقدمتها الله تبارك وتعالى حيث يعد سبحانه هو الكمال، فالمعنوية التي نسعى لها تحمل طابع المسؤولية تجاه أنفسنا وتجاه الشريعة الإلهية، ولم تكن تحارب المعنوية أو تشرد منها، فبالتالي يجب أن ندرج وندمج المعنوية بين تعاليمنا.
* المجتمع البشري يعاني من عدم العدالة والفقر والبؤس
وفيما تتعلق ب"العدالة" كسمة ثالثة من خصائص الإسلام، وحول مكانة العدالة في الإسلام صرح آية الله رمضاني: إن العدالة أمنية جميع الأنبياء، وهذا واضح تماما في قوله تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ"، وما يعاني منه المجتمع البشري هو عدم العدالة الذي تؤدي إلى الفقر والبؤس.
وأضاف الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): فيمكننا أن نعرّف الإسلام بـ "دين الرحمة، ودين العقلانية، ودين المعنوية، ودين العدالة، ودين المداراة"، والمراد من المداراة مداراة بين البشر، وعليه يقول نبي الإسلام: "وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ لَقَد اَمَرَني بِمُداراة النَّاس".
* حضور أتباع أهل البيت (ع) في الدول الغربية يعد فرصة ثمينة
وأكد سماحته على معرفة مدرسة أهل البيت (ع) بشكل شامل وتعليمها، وأضاف: ما يجب أن يلتفت إليه حكام الغرب أن حضور أتباع أهل البيت (ع) تعد فرصة ثمينة لهم؛ إذ أن أتباع أهل البيت (ع) يعارضون التطرف والعنف والأعمال المخالفة للقانون.
وعلى سبيل المثال حول "تبعية الشيعة للقوانين المدنية في المجتمعات الغربية" قال آية الله رمضاني: عندما كان الإمام الخميني (ره) في "نوفل لوشاتو" الفرنسية، أراد رفاق الإمام أن يذبحوا شاة في المنزل ليطبخوا طعاما، وعندما قدموا للإمام الخميني (ره) وجبة من ذلك الطعام، استفسر (ره) منهم قائلا: "من أين جلبتم لحم هذا الطعام، وأين ذبح الشاة؟ فأجابوا أنه ذبح في هنا، وأتوا بمبررات لفعلهم، فقال الإمام: "هل تسمح الدولة الفرنسية أن يُذبح حيوان في هذا المكان أم هناك مكان محدد للذبح؟ فأجابوا: لعلها (أي: فرنسا) لم تسمح بالذبح، فقال الإمام: "إذن أنا لم آكل من هذا الطعام". فهذه من النقاط المهمة جدا يجب الانتباه إليها، وأنا أيضا ولمدة 13 سنة عندما كنت في أروبا، كانت تهمني هذه القضايا وكنت التزم بها.
* حراسة حرية الرأي مع الحفاظ على حرمة المقدسات
صرح الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): بناء على خبراتي، أعلم أنه يجب أن نعرف مدرسة أهل البيت (ع) جيدا، ونعرّفها، ثم نترك الأمر للآخرين حتى يحكموا عليه؛ إذ أنهم يميلون ويرغبون إلى أهل البيت (ع)، فإن علماء الشيعة لا يكرهون المسيحيين على اعتناق الإسلام، بل يسعون جاهدين أن يعرّفوا مدرسة أهل البيت (ع) بشكل صحيح.
وفي الختام شدد سماحته على "حراسة حرية الرأي مع الحفاظ على حرمة المقدسات"، وقال: في رسالتنا التي كتبناها للباب الفاتيكان، استذكرنا له أن "حرية الرأي والتعبير تختلف تماما عن الإساءة إلى المقدسات حتى لا يتم الإساءة إلى المقدسات بذريعة حرية الرأي، بل علينا أن نبذل غاية جهدنا حتى لا توجه إساءة لأي كتاب مقدس ولأي نبي، فرسم صور تسيء إلى الشخصيات المقدسة والإساءة إلى مقدسات الآخرين، يرفضه العقل البشري وفطرته السليمة.
..........
انتهى/ 278