وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : العربية
الاثنين

١٥ يونيو ٢٠٠٩

٧:٣٠:٠٠ م
119675

شُبّان البلقان.. جيل جديد من المسلمين ينحدرون من أسر شيوعية

توقفت ميلا سوفتيتش عن احتساء المشروبات الكحولية قبل شهر في اطار استعداداتها لصوم شهر رمضان الذي بدأ الاثنين قبل الماضي.

وقالت سوفتيتش (24 عاما) وهي مديرة تسويق "هذه هي العطلة الدينية الوحيدة التي التزم فيها بكل القواعد" ومزحت قائلة انها "مسلمة تعمل بالبطاريات" حيث انها لا تتصرف تصرفات المؤمن الحق الا مرة في العام.

وتنتمي سوفتيتش الى جيل جديد من مسلمي البوسنة الذين يعيشون في المدن والذين بدأوا الالتزام بتعاليم دينهم خلال وبعد الحرب التي دامت بين عامي 1992 و1995 وعانى المسلمون فيها اكبر الخسائر.

وينحدر هذا الجيل من أسر مسلمة معتدلة معظمها كانت علمانية في الحقبة الشيوعية حين كانت البوسنة جزءا من يوغوسلافيا الاشتراكية السابقة.

والتزاما بالابتعاد عما حرمه الاسلام يتجنب الكثير تناول لحم الخنزير الذي نادرا ما يرى عند القصابين او على قوائم المطاعم في سراييفو. لكن في غير شهر رمضان ما زالت الاغلبية تحتسي المشروبات الكحولية، وأضافت سوفتيتش "جميع أصدقائي المسلمين صائمون".

وعرفت العاصمة البوسنية سراييفو بالتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين من الروم الكاثوليك والارثوذكس فضلا عن اليهود على مدار القرون الخمسة الماضية.

لكن منذ الحرب أصبحت مدينة يغلب على سكانها المسلمون. ويمكن تلمس العودة الى الدين في جميع مناحي الحياة لأن ساسة ورجال دين مسلمين روجوا للقيم الإسلامية.

وتقول زيلكا سباهيتش سيلياك منسقة الدراسات الاسلامية بجامعة سراييفو "التعريف على أساس الهوية الدينية زاد كثيرا بعد التسعينيات وبعض الدراسات أظهرت أن نحو 90 في المئة من سكان البوسنة يعرفون أنفسهم وفقا لدياناتهم".

وأرجعت السبب في هذه الظاهرة الى الحرب الى جانب النظام السياسي والاجتماعي الجديد الذي أعقب تفكيك يوغوسلافيا.

وقبل الحرب كان المسلمون من سكان المدن يحافظون على الدين في منازلهم كجزء من تقاليدهم العائلية وثقافتهم لكن نادرا ما كانت الشعائر الدينية تمارس.

وأضافت "خرج الدين من الساحة العلنية قبل التسعينيات ثم جاءت الحرية واختار الناس أن يعبروا عن هويتهم الدينية علنا".

وذكرت سوفتيتش أن جميع التلاميذ المسلمين في مدرستها الثانوية كانوا يصومون شهر رمضان وأن هذا كان اشبه بنزعة احترمها التلاميذ من الديانات الاخرى.

ومضت تقول "أعرف الكثير من الناس المنتمين لديانات أخرى يحترمون شهر رمضان بحق وأنا أجد هذا رائعا... لي أصدقاء كاثوليك وارثوذكس لا يحتسون الخمر في شهر رمضان".

في البانيا القريبة حيث تم محو الدين فعليا في ظل الدكتاتورية الشيوعية لانور خوجة لا تزال الاغلبية المسلمة من السكان تهيمن عليها العلمانية لكن أئمة وعلماء دين مسلمين يقولون ان أعدادا متزايدة من الشبان تتردد على المساجد.

 ارتفاع أعداد ممارسي الشعائر

وقال احمد كالاجا امام مسجد في وسط تيرانا حيث كان يؤدي مصلون شبان وفي منتصف العمر الصلاة او جلسوا يتحدثون بعد أدائها "خلال السنوات العشر التي قضيتها هنا أرى أعدادا متزايدة من الناس تأتي كل يوم جمعة بل وأعدادا اكبر خلال شهر رمضان".

وأشار العالم المسلم والصحفي الالباني اجيم باتشي الى أنه حتى الناس الذين لا يصلون بانتظام يصومون رمضان.

وقال باتشي "أصوم رمضان منذ 11 عاما شهدت ارتفاع أعداد ممارسي الشعائر. رأيت شبانا يأتون في جماعات. انهم مهندسون وصحفيون ومحاضرون."

وأضاف أن معظم الناس لا يصومون الا ليلة القدر في العشر الاواخر من رمضان ويقول "حتى المسيحيين يصومونها في البانيا لجلب الحظ السعيد لانها خير من الف شهر".

والاستثناء لهذه النزعة هو اقليم كوسوفو الذي أعلن استقلاله عن صربيا في فبراير شباط بعد أن خضع لحماية الامم المتحدة لتسع سنوات.

ومعظم البان كوسوفو مسلمون علمانيون ومشهد احتساء الناس الجعة في شهر رمضان شائع في الحانات بالعاصمة بريشتينا.

وقال اسماعيل حسني استاذ علم الاجتماع انه لا توجد أرقام يمكن الاعتماد عليها بشأن أعداد المؤمنين بالاسلام في كوسوفو لكنه أضاف أنه لم يلحظ أي زيادة في الشعور الديني.

 وكان انور باجرامي الوحيد الصائم ضمن مجموعة من ستة أشخاص يحتسون القهوة ويدخنون في مقهى في بريشتينا في يوم مشمس مؤخرا.

وقال باجرامي "الجميع في عائلتي صائمون باستثناء ابنتي البالغة من العمر عامين. هذه مسألة شخصية. أحترم قرارات الاخرين. لا أسأل أحدا قط لماذا يتناول الطعام او الشراب في رمضان."

وفي البوسنة أصبح اعداد ولائم الافطار من قبيل الوجاهة الاجتماعية بين الساسة ورجال الاعمال المسلمين على حد سواء ومناسبة اجتماعية للمسلمين العاديين.

ويستعد التجار لشهر الصوم ويعدلون طلباتهم حيث يقللون من المشروبات الكحولية والسجائر ويزيدون من الفواكه المجففة والسكر والمكسرات مثل اللوز والبندق والمكونات اللازمة لخبز الحلويات الشرقية مثل البقلاوة.

ويقول زيلها زورنيك مدير مركز كبير للتسوق في سراييفو "هناك تغيرات كبيرة في مبيعات بعض المنتجات. لا نبيع الا دزينة من عبوات التمر خلال العام وفي شهر رمضان نبيع حقائب مليئة بها."

ويفطر المسلمون عادة على التمر بعد أن يصوموا حتى اذان المغرب قبل أن يتناولوا وجبة كاملة.

وقالت سوفتيتش "رمضان شهر له خصوصية بالنسبة لي. أربطه بنوع خاص من الطيبة من قبل الناس. أشعر أننا حينه فقط نحترم بعضنا بعضا بحق".

 انتهى/114