وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ وقد اظلمَّت الدُنيا واسوَدَّ الكونُ برحيل من خُلِقَ لأجله كلُّ مخلوق، وأجدبت الأرضُ بعد انقطاع ينبوع الوحي برحيل جبرائيل، واستوحشت البقاعُ الطاهرة بعد أن كانت تأنس بحفيف جناحيه، واختُتِمت الرّسالاتُ فلا نبوّة بعد اليوم، فيا له من يومٍ عظيم.
كان عليٌّ(عليه السلام) أقرب الناس لرسول الله؛ فهو الذي كان إلى جانبه في لحظات وفاته، يقول: "...ولَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإِنَّ رَأْسَه لَعَلَى صَدْرِي. ولَقَدْ سَالَتْ نَفْسُه فِي كَفِّي فَأَمْرَرْتُهَا عَلَى وَجْهِي فَضَجَّتِ الدَّارُ وَالْأَفْنِيَةُ، مَلَأٌ يَهْبِطُ وَمَلَأٌ يَعْرُجُ وَمَا فَارَقَتْ سَمْعِي هَيْنَمَةٌ مِنْهُمْ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى وَارَيْنَاهُ فِي ضَرِيحِهِ"... هنا أراد أميرُ المؤمنين علي(عليه السلام) بيان اشتراك الملائكة مع المسلمين في تأبين الرسول الأعظم، إذ ضجّت الدار وأفنيتها بهم، حيث أنّ هذه الأفواج من الملائكة كانت تصيح مستغيثةً من شدّة المشقّة بفقد النبيّ الأكرم(صلّى الله عليه وآله).
ويختم أميرُ المؤمنين عند تجهيز رسول الله ودفنه بقوله: "إنّي كنت آخر الناس عهداً برسول الله ودلّيتُه في حفرته"، فحفر له لحداً، ودخل أميرُ المؤمنين ليتولّى دفن رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، فنزل القبر ووضع أميرُ المؤمنين رسول الله(صلّى الله عليه وآله) على يديه، فكشف عن وجه رسول الله(صلّى الله عليه وآله) ووضع خدّه على الأرض موجَّهاً إلى القبلة على يمينه، ثمّ وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب.
وبعد هذه النهاية المُفجِعة تتساقطُ قطراتُ الدمع من عليٍّ(عليه السلام) حزناً منه علىٰ فراق أخيه محمَّد بن عبدالله الرسول الأمين (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فيضجُّ صدره بالآلام والمحن، ويقف علىٰ شفير قبر أخيه مطأطئاً رأسه، والدمع يجري كحبَّات لؤلؤٍ تناثرت علىٰ خدَّيه، وهو يقول: «بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْإِنْبَاءِ وأَخْبَارِ السَّماءِ، خَصَصْتَ حَتَّى صِرْتَ مُسَلِّياً عَمَّنْ سِوَاكَ، وَعَمَمْتَ حَتّى صَارَ النَّاسُ فِيكَ سَواءً، وَلَوْ لاَ أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالصَّبْرِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْجَزَعِ، لَأَنْفَدْنَا عَلَيْكَ مَاءَ الشُّؤُونِ»
وتشير الرواياتُ إلى أنّ أميرَ المؤمنين الإمامَ علي(عليه السلام) قد رثى الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بقوله:
أمِن بعدِ تكفينِ النبيِّ ودفنِهِ بأثوابِهِ نأسى على هالكٍ ثوى
رُزئنا رسولُ اللهِ فينا فلن نرى بذاكَ عديلاً ما حيينا من الورى
ورثته ابنتُه فاطمةُ الزهراء(عليها السلام) بقولها:
قُل للمغيّبِ تحتَ أطباقِ الثرى إنْ كُنتَ تسمعُ صرختِي وندائيا
صُبّت عليَّ مصائبٌ لو أنَّها صُبّت على الأيّامِ صرنَ لياليا
فلأجعلنَّ الحُزنَ بعدَكَ مُؤنسي ولأجعلنَّ الدمعَ فيكَ وشاحيا
ماذا على مَن شمَّ تربةَ أحمدٍ ألّا يشمَّ مدى الزمانِ غواليا
......
انتهى/ 278
المصدر : ابنا
الأربعاء
٦ أكتوبر ٢٠٢١
١٠:٥٩:٣٥ ص
1186316
في ذكرى وفاة النبي الأكرم محمد (ص)؛
اظلَمَّت الدُنيا واسوَدَّ الكونُ برحيل من خُلِقَ لأجله كلُّ مخلوق
يوافق الثامن والعشرون من شهر صفر ذكرى رحيل أشرف المخلوقات وسيّد الأنبياء والمرسلين محمد(صلّى الله عليه وآله)، وذلك سنة 11 للهجرة وكان عمره الشريف 63 عاماً.