احترامه الشديد لشريكة حياته:
زوجة الإمام(قده): كان الإمام يحترمني بشدة ويولي مشاعري أشد العناية، فلم يوجّه لي طوال حياتنا المشتركة أي كلمة جارحة تخدش مشاعري، وتضيف قائلة: ذات يوم تسلقت اثنان من بناته أعلى السطح المشرف على جار لنا، فغضب بشدة لاعتقاده بأن المنزل المجاور كان مسكونا، ولكني أخبرته بأن المنزل خال من السكان، ومع أنه كان في حالة غضب شديد لكنه لم يجرح مشاعري بأي كلمة.
في المنزل كان يقدّمني على نفسه ويجلسني في أفضل مكان في الغرفة، ولا يبدأ بتناول الطعام إلا بعد أن أجلس على المائدة، ويدعو أبنائنا للانتظار حتى أصل الى المائدة، وينبغي أن أشير إلى أن هذا الوضع لم يكن يعني أننا كنا نعيش حياة مترفة ذلك لأنّ سماحته لم يكن إلا طالب علم يأبى أن يمد يده لكائن من الناس، بل كان يود أن يعيش على ذلك المقدار من دخله المحدود، ومع ذلك لم يفرّط أبدا في احترامي، فلم يكن يرضى أن أقوم بأي عمل في المنزل، ويقول لي باستمرار لا تكنسي المنزل.
وما أن يراني منشغلة بغسل ملابس أبناءنا حتى يقول لي: (اتركي عنك هذا فلا أحب أن ترهقي نفسك)، ولذلك كنت أنجز الأعمال المنزلية عند غيابه عن المنزل.
في فترة من الفترات لم يكن معي من يعينني على الأعمال المنزلية، حيث كنا نسكن في منطقة (إمام زادة قاسم) وكان أبناؤنا قد تزوجوا، وذات يوم وبعد أن تناولنا وجبة الغداء عمدت للقيام بغسل الأواني، وما أن رآني حتى وجه كلامه لابنتنا فريدة – التي كانت تزورنا في ذلك اليوم – قائلا: إن أمك تهم بغسل الأواني، فجاءت فريدة مسرعة وأنجزت العمل بدلا عني.
هل تسمحين لي:
مرضية حديده جي: منح الإمام زوجته مطلق الحرية داخل المنزل ويكن لها أشد الاحترام فنراه عندما تدعو ضيفا للمنزل يأتي إليها مستأذنا فيقول: ( أيمكنني أن آتي اليوم إلى هذه الغرفة وأتناول طعامي فيها) أو يقول: (هل أستطيع أن أتمشى في ساحة المنزل).
إن كنت ترغبين:
السيدة زهراء مصطفوي (بنت الإمام): منح الإمام زوجته مطلق الحرية في المنزل، فقد أولاها كل الصلاحيات في اختيار أوقات تناول الطعام والخلود إلى النوم، فلو شعرت السيدة بالتعب في أحد الأيام فإنه رغم دقته في مواعيده يقول إلا أنه كان يقول لها: إذا كنت راغبة أن نتناول الطعام الآن وأن نأوي إلى الفراش قبل الموعد المقرر فلا مانع لدي، كل ذلك مراعاة لها كي لا يكون قد ضغط عليها أبدا.
ليس من حقي إصدار الأوامر:
السيدة زهراء مصطفوي (بنت الإمام): لم أسمع الإمام طوال حياتي ولو مرة واحده يقول لوالدتي (زوجته) أغلقي الباب. فقد لاحظتها ولعدة مرات كانت تجلس بالقرب منه لكنه كان ينهض ليوصد الباب بنفسه، ولم يكن يكلفني أنا أيضا بغلق الباب ، وذات يوم قلت له يا أبتي لماذا لا تطلب من والدتي أن تغلق الباب وهي مقبلة حيث تمر بالقرب منه فقال: (ليس من حقي أن أصدر لها الأوامر). فلم يكن يطلب منها أن تقوم بشيء فضلا عن أن يأمرها.
هل يمكن أن تخيطوه لي:
السيدة فاطمة طباطبائي (زوجه ابن الإمام): أن الإمام لم يكن يصدر أوامر لزوجته أبدا، زوجته: عندما كان يسقط أحد أزرار ملابسه يقول: (هل يمكنكم أن تخيطوا لي هذا الزر) ولا يقول لي اذهبي وخيطيه لي، وفي اليوم التالي إذا لم يجده الملابس قد أصلحت فلا يقول لي لماذا لم تفعلي ذلك، بل يقول: ألم يوجد من يخيط لي ملابسي، وطوال حياته لم يأمر زوجته بشيء ولو أن يطلب منها قدحا من الماء، بل كان يفعل ذلك بنفسه.
الرجاء أن تقدموا لي الشاي إن أمكن:
السيدة فريدة مصطفوي (بنت الإمام): كانت علاقة الإمام بزوجته يسودها جو عميق من الاحترام المتبادل، ولم نسمع منه ونحن أولاده ونعيش معه أي كلام قاس موجه إلى أمنا، ولم نره يصدر لها أي أمر، فلم نسمعه يقول ناوليني كوبا من الشاي، بل إذا أراد الشاي فانه يقول: (ان أمكن أن تخبريهم أن يقدموا لي الشاي رجاءا).
كنت رفيقتي إلى هنا جزيت خيرا:
السيدة زهرا مصطفوي (بنت الإمام): سمعت من والدتي أنها قالت للإمام ذات مرة: لقد رافقتك في مسيرتك في حلو الأيام ومرها، وأنا أريد منك طلبا، فإذا ذهبت إلى الجنة فخذني معك، ولما لم يكن الإمام من أهل المجاملات الكاذبة فإنه أجابها: (لقد كنت خير رفيقة لي فجزاك الله خيرا، ولكن في الآخرة كل يجازى بعمله فليس باستطاعتي أن أفعل لك شيئا).
البقية في الحلقة القادمة/114