النتيجة: الجيش خسر الحرب في لبنان.. التوصيف: كنا كالإوز في حقل الرماية!.. جملتان من بين جمل كثيرة معبّرة على لسان ضباط صهاينة كبار عن الحرب في لبنان. الجملة الاولى قالها ضابط التثقيف في الجيش الصهيوني ايلان هراري، والثانية لأحد كبار الضباط الذي قادوا وقائع الحرب. تقاذف مسؤولية، استقالات بالجملة، ارتباك سياسي، انتقادات اعلامية لاذعة.. صورة اظهرت ان ما حصل للعدو اثناء الحرب لم يكن عاديا وان الاثر لن يكون عاديا ايضا.انها هزة قوية بل زلزال ضرب كيان العدو على مستويات عدة بالهزيمة التي مني بها الاحتلال في حرب تموز . الزلزال ترك اثارا كبرى على المستوى القيادي والعسكري والداخلي نظرا لنتائجه الواضحة على المدى الاستراتيجي وفي صورة الجيش الصهيوني كأقوى جيش في المنطقة وفي منظومة الردع وفي الجبهة الداخلية، وهو ما اقر به تقرير لجنة التحقيق في نتائج الحرب وكذلك تصريحات مسؤولين صهاينة. وقد اقر المسؤولون الإسرائيليون في شهاداتهم في لجنة فينوغراد بالفشل والارتباك وعدم وضوح الصورة خلال الحرب وهو ما يظهر صعوبة المواجهات ويؤكد الواقع الهزيل الذي ظهر عليه الجيش الاسرائيلي وهو ما سيترك اثارا كبرى ولسنوات على خطط الجيش واسس عمله. رئيس أركان الحرب، دان حالوتس، كان وصف جيشه في الحرب بأنه كان ينقصه التصميم والمبادرة والمسؤولية. فالجيش الذي كان يتفاخر بالانتصارات قد فضح بهذه الحرب في يومياتها، ودبابة الميركافا المطورة بمساعدة اميركية والمحصنة بتدريع قوي ابيدت بالعشرات في وادي الحجير وسهل الخيام وغيرهما. البوارج الحربية كان ضربها احدى المفاجآت الكبيرة للعدو حيث ضربت البارجة ساعر قبالة بيروت وكذلك عدد من الزوارق الحربية والطائرات المروحية لم تسلم من الضربات وشلت حركتها على نطاق واسع . سلاح الجو لم ينفع في حسم المعارك او توجيه ضربات مؤلمة للمقاومة رغم كثافة القصف. وعلى مستوى المواجهات مع المقاومين على ارض الجنوب حدّث ولا حرج، حيث ظهر الجيش الصهيوني ونخبته بصورة هزيلة ومترددة . وفي نموذج على ذلك سوء التنسيق بين الجنرالات قادة الفرق حيث في حالات عدة وجد جنودهم انفسهم مشتبكين مع جنود اخرين زملاء بسبب الارتباك في قيادتهم. معركة بنت جبيل كانت احداثها شاهدة على الهزائم حيث كان الهدف احتلالها لتوجيه ضربة معنوية للمقاومة الا ان كل مجموعة كانت تدخل كانت تتعرض للضرب ثم تاتي مجموعة اخرى لمساندتها فتلقى المصير نفسه الى ان كان الانتقام بالقصف الجوي لتدمير بيوت المدينة. ومعركتا مارون الراس وعيتا كذلك كانتا مثالا، حيث صمد المجاهدون لايام طويلة ومنعوا العدو من التقدم وتصدوا لجنود العدو بل ولاحقوا مجموعاته. هذا اظهر عدم قدرة الجيش على التقدم عبر الحدود، وتكبد خسائر فادحة، وكانت مشاهد الجنود العائدين خير دليل على قساوة المعركة .سيناريوهات الحرب والفشل في تحقيق الاهداف الموضوعة ادى الى استقالة كل الجنرالات العسكرية التي شاركت في حرب تموز اثناء الحرب وبعدها. واول الضحايا كان الجنرال اودي ادم قائد المنطقة الشمالية لتتوالى "دحرجة رؤوس " قادة الحرب العسكريين ومنهم قائد فرقة الجليل العميد غال هيرش ثم قائد هيئة الاركان الجنرال دان حالوتس ثم قائد القوات البحرية الأدميرال بن باسات. وقد جرت مناقشات كثيرة في القيادة البحرية وعوقب الكثيرون بدءا بنائب قائد الأسطول، مرورا بقائد وحدات لنشات الصواريخ وقائد البارجة ساعر.هذه الاستقالات اكدت الاقرار بالفشل واظهرت القيادات العسكرية بحالة يرثى لها امام الجمهور حتى باتت عرضة للسخرية والتهكم من الاعلام والصحافة.الامر نفسه كان على مستوى القيادات السياسية حيث استقال وزير الحرب عمير بيريتس وتوالى الضغط على رئيس الوزراء اولمرت الذي ازداد ضعفه السياسي شيئا فشيئا منذ الحرب وصولا الى اعلان تنحيه مؤخرا عن المنافسة على رئاسة الحزب والعزم على الاستقالة بعد الانتخابات الحزبية وسط ضغط تهم الفساد ايضا التي لم يستطع مواجهتها نظرا لضعفه السياسي الذي المّ به منذ نهاية الحرب.على الصعيد الشعبي سقوط الصواريخ يوميا وبانواع مختلفة وضرب مناطق حساسة اظهر ضعف الجبهة الداخلية بشكل كبير حتى ان المناورة المدنية الاكبر بتاريخ الكيان الصهيوني التي حصلت في الاشهر الماضية ركزت على تقوية الجبهة الداخلية وكيفية تعامل المستوطنين والمسعفين والمستشفيات والامن امام سقوط الصوايخ. الا ان نتائجها لم تكن على المستوى المأمول بحسب اقرار قيادات صهيونية.مئات الاف الصهاينة الذين فروا اثناء الحرب ولم يعد كثيرون منهم يبدو انهم سيواجهون الحالة نفسها واكثر وهذا ما يتخوف منه المسؤولون بشكل كبير، بحيث ان التاثير يصبح وجوديا اذا تكرر ظهور ضعف وفشل الجبهة الداخلية وبشكل متزايد. بالخلاصة ظهر كيان العدو فاقد الردع والعمق الاستراتيجي اثناء الحرب، غير قادر على حماية مواطنيه وجنوده على حد سواء، مرتداً من حالة الهجوم والاهداف الكبرى الى حالة الدفاع التي لم ينجح فيها ايضا.. وهذا كله انشأ تداعيات وجودية وترك اثرا عميقا في بنية هذا الكيان، وضرب في الصميم ثقة الصهاينة بقيادتهم وكيانهم.
انتهی / 115