وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت(ع) للأنباء ـ ابنا ـ أصدر آیة الله الشیخ «رضا رمضانی» الأمین العام للمجمع العالمي لأهل البیت(ع) نداء تهنئة لمسلمي العام بمناسبة حلول عيد الاضحى المبارك.
هنأ الشیخ رمضاني الأمة الإسلامیة - خاصة أتباع أهل البیت(ع) - بمناسبة حلول هذا العید العظیم؛ کما أنه أشار فیه إلی حقیقة الأضحیة و ذکّر بما یمکن أن یستلهم أبناء الأمة من سیرة إبراهیم النبي(ع).
وفیما یلي نص ترجمة هذا النداء الجمیل:
بسم الله الرحمن الرحیم
﴿وَإذِ ابْتَلىٰ إِبراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماما...﴾(۱)
إنّ عيد الاضحى العظيم هو ذكرى تحرر "الانسان الصالح الكامل" من نير قيوده التي إن غل بواحدة منها جعلته سجيناً أبدياً ؛ هذه القيود التي تتجلى في تعقيد الطلبات النفسانية، أو الوساوس التي تستهدف الاطمئنان القلبي أو العلق التي تتجذر في أعماق وجود الإنسان.
لقد اختُبر أبو الانبياء «إبراهيم» بأصعب الابتلاءات التي كانت في طريقه للوصول الى الخلاص ليثبت في مقام العمل حقيقةَ ﴿لا أحبّ الآفِلین﴾(۲) ؛ ولما بلغ بـ"المحبوب الآفِل" إلى مسلخ "المعشوق الباقي" جاءه النداء ﴿... یا إبراهیمُ ٭ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیَا﴾(۳) ؛ فما إن بلغ مقامَ الخلة وأمسى "خليلَ الرحمن" حتى أصبح من الممكن له أن ينال مرتبة "إمام العالَمين".
لذلك لم يبعث بعده رسولاً من الرسل إلا وأُمر أن يكون من أتباع دينه ﴿ثمَّ أوْحَينا إلَيكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهيمَ حَنيفا...﴾(۴)؛ ولم تأت أمة إلا وكان هذا الإمام أسوة حسنة لها ﴿قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في إبراهيم...﴾(۵).
وفي هذا المضمار فإن أمة محمد خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله) هي الأولى بالتأسي بهذه الأسوة، التي قال عنها الله تعالى: ﴿إنَّ أوْلَى النّٰاسِ بِإبراهيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هٰذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّٰهُ وَلِيُّ المُؤمِنِين﴾(۶).
إنّ حقيقة الاضحية تتجلى في ترك أي من أنواع التعلق، والتضحية بـ «اسماعيل» الذات، ليرشد البشر إلى مسير التوحيد؛ فلا يمكن إدراك رسالة المؤسس الكبير للتوحيد كما هي، إلا من خلال الوصول الى هذه الحقيقة؛ ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتي وَ نُسُكي وَ مَحْيايَ وَ مَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمِين﴾(۷).
الآن، في عصرنا الحاضر، عصر هجوم الشهوة والشيطان والشبهات علی الإنسان، فلا سبيل إلى حرية أبناء الأمة إلا من خلال اتّباع ميثاق وملة ذلك الأب ومن طریق الجهاد على منهاجه؛ ﴿وَجاهِدوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجتَباكُم وَما جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبيكُم إِبراهيمَ هُوَ سَمّاكُمُ المُسلِمين...﴾(۸).
في هذا اليوم المبارك ادعو الجميع الى اتّباع سيرة وسنة صاحب هذا العيد العزيز اي ابراهيم خليل الله كما وأبارك لجميع ابناء الامة الاسلامية - وخصوصاً أتباع أهل البيت (عليهم السلام) - هذا العيد العظيم وكذا الاعياد اللاحقة التي ستوصل "الامامة الابراهيمية" بـ"المباهلة المحمدية" و"الولاية العلوية".
إنّ من جملة المصاديق البارزة لسيرة ابراهيم النبي (عليه السلام) والتي إن عمل المسلمون بها امتنع على اي قوة وجبروت أن يتغلب عليهم ما يلي:
"بناء الذات" و"تأصيل الإيمان" و"الانقطاع عن التعلقات الدنيوية" و"مقارعة الطاغوت" و"مواجهة الاستكبار" و"الجهاد والمقاومة في طريق الهدى" و"عدم الانصياع لعبادة الشهوات" و"رمي الشيطان والمتصفين بصفات الشیطان" و"إعمار المساجد لعبادة الرحمن".
إنّ عيد الاضحى هو عود الانسان إلى فطرة الله الطاهرة وعودة الإنسان إلى الذات، ليستشرف تفسير ﴿إِنّي جاعِلٌ فِي الأرضِ خَليفَة﴾(۹) في محضر ﴿وَ فَدَیناهُ بِذِبْحٍ عَظِیم﴾(۱۰) ليعرج بـ"النفس المطمئنة"(۱۱) في عظمة كربلائية، فيبلغ بها سمواً یغبطه علیه الملائكة المسوّمون.
إنّ هذا الطريق هو الطريق الذي إن سلكه الإنسان بلغ في الدنيا مقام الخلة والاصطفاء؛ ونال في العقبى مصاحبة الصالحين والمقربين.
﴿وَ لَقَدِ اصْطَفَيْنٰاهُ فِي الدُّنْيٰا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّٰالِحِين﴾(۱۲)
رضا رمضاني
الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
عيد الأضحى المبارك لسنة ١٤٤٢
المصادف للحادي والعشرين من شهر تموز سنة 2021
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
۱. سورة البقرة، الآیة ۱۲٤
۲. سورة الانعام، الآیة ۷۶
۳. سورة الصافات، الآيتان ۱۰٤ و ۱۰۵
۴. سورة النحل، الآية ۱۲۳
۵. سورة الممتحنة، الآیة ٤
۶. سورة آل عمران، الآیة ۶۸
۷. سورة الانعام، الآیة ۱۶۲
۸. سوره الحج، آلایة ۷۸
۹. سورة البقره، الآية ۳۰
۱۰. سورة الصافات، الآیة ۱۰۷
۱۱. سورة الفجر، الآیة ۲۷
۱۲. سورة البقرة، الآیة ۱۳۰
.........................
انتهی/ 101