وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : العتبة الحسينية المقدسة
الأربعاء

٢١ يوليو ٢٠٢١

٧:٢٢:٥٦ م
1162111

هاشم الكعبي نبذة عن حياته وشعره

هاشم بن حردان بن إسماعيل الكعبي الدورقى، من كبار شعراء أهل البيت (ع) الذين طالما ردّدت ولا تزال تردّد خطباء المنبر الحسيني أشعاره لقوتها وبلاغتها وحجتها.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (87) بيتاً:

قُـلِ لـلـمـطـهــرَّةِ الــبـتو لِ وأمِّـهـا ذاتِ الـســدادِ

تأتي الحسينَ بـ (كربلا) مـلـقـىً تـكـفّـنه البوادي

أشـلاؤهُ فــوقَ الـصـعـيـ ـدِ ورأسُه فوقَ الصعادِ

ومنها:

تأتـي أبـيَّ الـضـيمِ را حَ بـ (كربلا) سلسَ القيادِ

تـأتـي شريعةَ جدِّهِ الـ ـبـيـضـاءَ لابـسـةَ الـسـوادِ

تأتي الدمَ المسفوحَ قد صبغَ الثرى صبغَ الجسادِ

وقال في رثائه (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (87) بيتاً:

فاعجبْ لهمْ كيف حلّوا (كربلاء) وكمْ كانـتْ بهمْ تُفرجُ الغمَّاءُ والكربُ

فأيـنَ تـلـكَ الـبـدورُ الــتــمُّ لا غــربوا وأينَ تلكَ البحورُ الفعمُ لا نضبوا

قـومٌ لـهـمْ شـرفُ الــعـلـياءِ مِن مضرٍ والـمرءُ يُؤخذُ في تجويدِه النسبُ

ومنها:

ولا كـيـومِهمُ فـي (كربلاء) وقـد جدَّ البلا وارجحنّت عندها الكربُ

وفيه قد وردوا مـاءَ الـمـنونِ بها وِردَ الـمفاضةَ ظمآنَ الحشا سَغبُ

مِن كلِّ أبيضِ وضّاحِ الجبينِ له نورانِ مـن جانبيهِ الفضلُ والنسبُ

ومنها:

واللَه مــا (كربلا) لولا الـسـقـيـفـةُ والـ أحياءُ تدرى ولولا النارُ ما الـحطبُ

يـفـنـى الـزمـانُ وفـيـكَ الحزنُ مُتّصلٌ بـاقٍ إلــى ســرمــدِ الأيـامِ يـنـتـسبُ

كأنَّ حزنَكَ في الأحشاءِ مجدكَ في الـ أحـيـاءِ لـم تـبـلِـه الأعــوامُ والـحُقبُ

وقال من حسينية أخرى تبلغ (88) بيتاً:

ولا يـومـهـمْ وابـنُ النبيِّ بـ (كربلا) ولـلـنـقعِ فـي جوِّ السماكينِ قسطلُ

يـكـرُّ فــتــنــحــو نــحــوه هــاشميةٌ فـوارسُ أمـثـالُ الـضـراغــمِ ترفلُ

فوارسُ أمثالُ الضراغمِ في الوغى مِن الحزمِ لا من خيفةِ الطعنِ جُفّلُ

ومنها

غداةَ التقى الجمعانِ في طفِّ (كربلا) وما (كربلا) عن يومِ بدرٍ بمعزلِ

وقـد سُـدّتِ الآفــاقُ بـالـنـقـعِ والوغى فـلـمْ تـرَ إلّا جـحـفـلاً تحتَ قسطلِ

وقد زعـزعـتْ ريـحُ الـجـلادِ فهيَّجتْ ركـامَ سـحـابٍ بـالـمـنـيَّــةِ مُـسـبلِ

ومنها:

وقال من أخرى تبلغ (88) بيتاً:

إن تـكن (كربلا) فحيُّوا رُباها واطـمــئـنـوا بـهـا نشمُّ ثراها

والثموا جوَّها الأنيقَ عـلى ما كانَ في القلبِ حريقُ جواها

واغمروها بأحمرَ الدمعِ سُقياً فـكـرامُ الـورى سقتها دماها

ومنها:

إنها (كربلا) فقالَ استقلّوا فـعـلـيـنا قد كرَّ حـتمُ بلاها

فلديها قبورُ مختلفِ الزوا رِ فيها صـبـاحُـها ومساها

وبـهـا تـهـتـكُ الكرائمُ مِنّا ورؤوسُ الكرامِ تعلو قناها

ومنها:

ما كـفـاهـا أكـلُ الـكـبـودِ بـأحدٍ عن حسينٍ في (كربلا) مُذ أتاها

لـيـتـهـا إذ رمـتـه بالقتلِ أمسى غـيـرَ قـطـعِ الـكـريـمِ منه شفاها

وارتضتْ ذبحَه شفاءً عن الرأ سِ يُـعـلـى عـلـى رؤوسِ قـنـاها

وقال من أخرى تبلغ (97) بيتاً:

وكفاكَ لو لمْ تـدرِ إلّا (كربلا) يومَ ابنِ حيدرَ والسيوفُ عواري

أيـامُ قـادَ الـخـيلَ توسعُ شأوَها مِـن تـحـتَ كـلِّ شـمـردلٍ مغوارِ

هيجٌ إلى الحربِ العوانِ كأنّما تـبـدي لـهـم عـذراءَ ذاتِ خـمــارِ

ومنها:

لولا الأولى من قبلِ ذاكَ تبرَّموا نـقـضـاً لـحـكــمِ الواحدِ القهَّارِ

لـم يلفَ سبطُ محمدٍ في (كربلا) يوماً بـهـاجرةِ الظهيرةِ عاري

تــطـأ الـخـيولُ جبينَه وضلوعَه بـسـنـابـكِ الإيــرادِ والإصـدارِ

كـلا ولا راحتْ بــنـاتُ مـحـمـدٍ يُشهرنَ في الفلواتِ والأمصارِ

الشاعر

هاشم بن حردان بن إسماعيل الكعبي الدورقى، (وفاة: 1231 هـ / 1816 م) عالم وشاعر كبير من كبار شعراء أهل البيت (عليهم السلام) الذين طالما ردّدت ولا تزال تردّد خطباء المنبر الحسيني أشعاره لقوتها وبلاغتها وحجتها، ولد في (الدورق) مسكن عشائر كعب في الأهواز، ثم سكن كربلاء ودرس فيها على يد علمائها، وكانت كربلاء آنذاك تزخر بالحركة العلمية التي يقودها كبار علماء الشيعة أمثال: الوحيد البهبهاني، والشيخ يوسف البحراني، والسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض، كما أقام الكعبي في النجف لفترة، ثم رجع إلى مسقط رأسه وتوفي فيه.

قال عنه السيد محسن الأمين: (شاعر مُفلق مُتفنّن، حسن الأُسلوب، طويل النفس، يُعدّ في طليعة الشعراء، نظم في مدح أهل البيت (عليهم السلام) ورثائهم، فأكثر وأطال وأبدع وأجاد واحتجّ وبرهن وأحسن وأتقن، وجميع شعره من الطبقة العالية، اشتهر شعره في أهل البيت (عليهم السلام) في عصره وبعده إلى اليوم في العراق وجبل عامل والبحرين وغيرها، وحفظته الناس، وتُلي في مجالس العزاء، ولابدّ أن يكون له شعر في فنون أُخرى لكن لم يصل إلينا شيء منه). (1)

وقال عنه السيد جواد شبر: (من فحول الشعراء وفي طليعتهم نظم في رثاء أهل البيت عليهم‌ السلام فأكثر وأبدع وأجاد، واحتج وبرهن وأحسن وأتقن، وكل شعره من الطبقة الممتازة، تحفظ الخطباء شعره وترويه في مجالس العزاء وتشنف به الأسماع. له ديوان أكثره في الأئمة عليهم ‌السلام ومن شعره المقصورة وكأنه عارض بها مقصورة ابن دريد التي تنيف على مائتين وخمسين بيتاً يذكر في أولها حكماً وأمثالاً وفي وسطها حماسة وفي آخرها مديح أهل البيت عليهم ‌السلام واحداً بعد واحد...) (2)

وقال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (من العلماء الفضلاء والشعراء والمشاهير، هاجر من الدورق إلى كربلاء فحضر على علمائها عدة سنين وصار من أهل والفضل والعلم البارزين وبرع في الشعر وفنون الأدب حتى عُد في مصاف شيوخه والمشاهير من أعلامه وله ديوان كبير ومعظم شعره في رثاء أهل البيت عليهم ‌السلام، ولا سيما مراثي سيد الشهداء عليه ‌السلام وشعره رقيق منسجم، ولم أقف على مشايخه ويحتمل أن يكون من تلاميذ الشيخ حسين العصفوري....) (3)

وقال عنه الشيخ محمد السماوي في الطليعة: (كان أديباً شاعراً بارعاً، شديد العارضة، جزل اللفظ والمعنى، منسجم التركيب سهله، مقتدراً في فنون الأغراض، متصرّفاً في المطالب، مشبع الشعر من الحكم والأمثال، مقرّباً عند حكّام البصرة، محترم الجانب، له ديوان أكثره في الأئمّة (عليهم السلام). (4)

وقال السيد محمد علي الحلو في ترجمته: (حينما نزح من خوزستان، حمل معه شاعريته الجنوبية الابداع، المفعمة بالولاء ليزاوجها مع الأدب الفقهي الذي زخرت به الحواضر العلمية حينئذ، وقد حل في كربلاء أديباً ليتخرج من مدرستها فقيهاً.

كان الشعر الحسيني يوم ذاك هوية الشاعر المنتمي إلى مدرسة آل البيت (عليهم السلام)، وشهد الشعر الحسيني إبداعاً رائعاً في أواخر القرن الثاني عشر على يد المدرسة النجفية، ولم ينتقل بعدُ إلى مدرسة الحليين، ولعل كربلاء قد اتخذت حين ذاك شخصيتها الفقهية الصرفة التي ميّزتها بأعلامها المجددين كالوحيد البهبهاني المتوفي سنة 1208 هـ والشيخ يوسف البحراني المتوفي 1187 هـ وكذلك السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض المتوفي سنة 1231 هـ، وغيرهم من أهل التجديد والتحقيق. إذن لم يكن في كربلاء إبّان القرن الثاني عشر خط أدبي متميز، أو حركة شعرية لامعة فما الذي دفع الشيخ هاشم الكعبي الأديب لترك بلاده الخصبة بالشعر والشعراء ليحط رحاله في كربلاء الفقه والعلم والتحقيق؟

لعل الاجابة عن ذلك هو ما يستشفّه المتتبع لشعره الذي احتل منه الرثاء الحسيني مساحة واسعة جداً حتى كاد أن يتميز بكربلائياته عن غيره من شعراء عصره، فهذا الهاجس الحسيني الذي يعيش في ضمير الشاعر الكعبي ترجمهُ إلى مراث حسينية بديعة، ولم يكتفِ بذلك بل توّجه برحلته إلى كربلاء نازحاً عن بلاده، وكأنه أراد أن يعيش المأساة الحسينية بكل دقائقها فاستوطن كربلاء ليستلهم المأساة عن كثب وهو يتصوّر مسير الواقعة وحركتها المفجعة. وإذا كانت كربلاء بلد الفقه والفقهاء فليكن الشيخ هاشم الكعبي في خضّم هذه الحركة العلمية الدؤوبة فيغوص في أعماقها ليأتي شعره ملتزماً بكل ما للفقيه من مسؤولية شرعية، وتحرّج ديني.

كان نزوح الشاعر إلى كربلاء عاملاً مهماً في تحريك الوسط الأدبي الراكد بسبب التوجّه الأصولي الجديد الذي أثاره الوحيد البهبهاني والمسلك الفقهي المتميز الذي تزعمه الشيخ يوسف البحراني، ولم تبق لكربلاء سمتها الأدبية كالحواضر العلمية الأخرى من النجف والحلة بل التزمت مدرسة علمية متميزة، فكان حلول الشيخ هاشم الكعبي في الوسط العلمي الكربلائي قد أضاف إلى المدرسة الكربلائية التجديدية لوناً خاصاً من الإبداع الذي أحدثاه العلمان الوحيد البهبهاني والشيخ يوسف البحراني ليضيف إليهما الشاعر الكعبي إبداعه الأدبي المتجدد إلى الإبداعيين الأصولي والفقهي الجديدين.

كان شاعراً مُفلقاً مُتفنناً حسن الأسلوب طويل النفس نظم في مدح أهل البيت (عليهم السلام) ورثائهم ....) (5)

كما ترجم له الشيخ محمد هادي الأميني (6) وكتب عنه الأستاذ نعمة هادي السماوي دراسة بعنوان (الكعبي .. شاعر الثأر)

شعره

كان الكعبي شاعراً مكثراً طويل النفس وأكثر قصائده ما يفوق أو يقارب المائة بيت ويقع ديوانه في 451 صفحة وهو يعد تراثاً أدبياً رائعاً وعطاءً شعرياً زاخراً يقول السيد جوا شبر: (لقد مضى على وفاة الشاعر الكبير أكثر من مائة وستين عاماً وشعره يُعاد ويُكرر في محافل سيد الشهداء ويحفظه المئات من رجال المنبر الحسيني وهو مقبول مستملح بل نجد الكثير يطلب تلاوته وتكراره وكأن عليه مسحة قبول وهذا ديوانه الذي يضم بين دفتيه عشرين قصيدة حسينية أو أكثر لقد طبع وأعيدت طبعاته والطلب يتزايد عليه).

والجدير بالذكر أن هذا الديوان الذي ذكره شبر والذي يحتوي على عشرين قصيدة حسينية هو مستل من ديوانه الكبير الذي لا يزال مخطوطاً

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (87) بيتاً:

فـأنـتَ كـالـشــمـسِ ما للعالمينَ غنىً عنها ولم تجزهمْ من دونِها الـشـهـبُ

تـاللهِ مـا سـيـفُ شـمـرٍ نـالَ منكَ ولا يـدا سـنـانٍ وإن جــلَّ الــذي ارتكبوا

لولا الألى أغضبوا ربَّ العُلى وأبوا نصَّ الولاءِ وحقَّ المرتضى غصبوا

أصـابَـكَ الـنفرُ الماضى بما ابتدعوا ومـا الـمُـسـبِّـبُ لـو لـمْ يـنجحِ السببُ

ولا تـزالُ خـيـولُ الــحـقـدِ كـامـنـةً حـتـى إذا أبـصـروها فـرصـةً وثـبـوا

كـفٌّ بـهـا أمُّكَ الزهراءُ قد ضربوا هـيَ الـتـي أخــتُـكَ الحـورا بها سلبوا

وإنَّ نارَ وغـىً صـالـيـتَ جـمـرتَها كـانـتْ لـهـا كـفُّ ذاكَ البغي تحتطبُ

يفنى الزمانُ وفـيـكَ الحزنُ مُتّصلٌ بـاقٍ إلـى سـرمــدِ الأيـــامِ يـنـتـســبُ

وقال من أخرى في رثائه (عليه السلام) أيضاً تبلغ (99) بيتاً:

وأقبلَ ليثُ الغابِ يـهـتـفُ مُطرقاً عـلى الجمعِ يطفو بالألوفِ ويرسبُ

إلى أنْ أتاهُ الـسـهمُ من كفِّ كافرٍ ألا خـابَ بـاريـهـا وخـابَ المُصوِّبُ

فـخـرَّ عـلـى وجهِ الترابِ لوجهِه كما خرَّ من رأسِ الشناخيبِ أخشبُ

ولمْ أنسَ مهما أنسَ إذ ذاكَ زينباً عـشـيّـةَ جـاءتْ والـفـواطـمُ زيـنــبُ

تحنُّ فـيجري دمعُها فـتـجـيـبُـهـا ثـواكـلُ فـي أحـشـائِـهـا الـنـارُ تلهبُ

نوائحُ يـعـجمنَ الشجى غيرَ أنّها تـبـيـنُ عـن الـشـجـوِ الخفيِّ وتعربُ

نوائحُ يُـنـسـيـنَ الـحَـمـامَ هديلَها إذا ما حدى الحادي وثـابَ الـمُـثوِّبُ

وما أمُّ عـشرِ أهلكَ البينُ جمعَها عداداً يـقـفّـي الـبعضُ بعضاً ويعقبُ

بأوهى قوىً منهنّ ساعةَ فارقتْ حـسـيـناً ونادى سائقُ الركبِ ركِّبوا

إلى اللهِ أشكو لوعةً عندَ ذكرِهم تـسـحُّ لـهـا الـعـيـنـانِ والـخدُّ يشربُ

وقال من أخرى تبلغ (55) بيتاً:

تخوِّفُه الـمـنونَ جنودُ حربٍ وهلْ يخشى المنونَ ابنُ الحروبِ

أبـيُّ الـضـيـمِ حاملُ كلَّ ثقلٍ عـن الـعـلـيـاءِ كـشّـافُ الـكروبِ

أبو الأشبالِ في يومِ التعادي أبـو الأيـتـامِ فـي يـومِ الـسـغـوبِ

يدافعُ عن مكـارِمِـه ويحمي بـصـارِمِـه عـن الحسبِ الحسيبِ

خطيبٌ بالأسنّةِ والـمواضي وقـرَّتْ ثـمَّ شـقـشـقــةُ الـخـطـيبِ

فـأحـمـدُ حين تلقاهُ خـطـيـباً وحــيـدرةٌ تــراهُ لـدى الـخـطوبِ

وظلَّ مُـجـاهداً بالنفسِ حتى أتـى فـعـلُ ابـنِ مـنـجـبةِ النجيبِ

وولّـى مهرُه يـنـعـاهُ حـزنـاً بـمـقـلـةِ ثـاكـلٍ وحــشــى كـئـيبِ

ونادتْ زينبٌ منها بـصوتٍ يـصـدّعُ جـانـبَ الـطودِ الصليبِ

أخي يا سـاحـبـاً فوقَ الثريّا ذيـولَ عُلاً نــقــيَّــاتِ الجـيـــوبِ

ويا مُـتـجمعاً لنعوتِ فـضلٍ سـلـيـمَ الـنـقـصِ مـعـدومَ العيوبِ

ويا سرَّ المهيمنِ في البرايا وشـاهـدَه عـلـى غـيـبِ الـغـيـوبِ

وقال من قصيدة تعد من أروع قصائده والتي يقول عنها السيد جواد شبر: (فهذه رائعته التي عدد فيها مواقف الإمام أمير المؤمنين البطولية تهتز لها القلوب وتدفع بالجبناء ليكونوا شجعاناً وتنهض بهممهم ليصبحوا فرساناً وهي تزيد على ١٥٠ بيتاً).

يقول منها يصف مفاداة الإمام عليه ‌السلام للرسول (صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله) ومبيته على فراشه ليلة الهجرة:

ومواقفٌ لكَ دونَ أحمدَ جاوزتْ بمقامِكَ التعريفَ والتحديدا

فـعـلـى الـفـراشِ مبيتُ ليلِكَ والعِدى تـهـدي إلـيـكَ بوارقاً ورعــودا

فـرقـدتَ مـثـلـوجَ الــفـؤادِ كـأنّــمـــا يـهـدي القراعُ لسمعِكَ التغريدا

فـكـفـيـتَ لــيـلـتَـه وقـمـتَ مُـفـاديــاً بالـنـفسِ لا فـشـلاً ولا رعـديـدا

واسـتــصبحوا فرأوا دوينَ مرادِهمْ جـبـلاً أشـمَّ وفــارســاً صـنـديداً

رصدوا الصباحَ لينفقوا كنزَ الهُدى أوما دروا كنزَ الهُدى مرصودا

ومنها في بطولة الإمام في الحروب التي خاضها (عليه السلام) مع النبي (صلى الله عليه وآله) بدر وأحد والخندق وخيبر:

وغــداةَ بــدرٍ وهـــيَ أمُّ وقــائـــــعٍ كــبرتْ وما زالتْ لهنَّ ولودا

فـالـتـاحَ عـتـبـةُ ثـاويـاً بـيـمـينِ مَن يـمــنـاهُ أردتْ شــيـبـةً ووليدا

فـشـددتَ كـالـلـيثِ الهِزبرِ فلمْ تدعْ ركـنــاً لـجيشِ ضلالةٍ مشدوداً

ولـخـيـبرٍ خـبـرٌ يـصـمُّ حـديـــثُـــه سـمعَ الـعِدى ويفجِّرُ الجملودا

يـومٌ بـه كـنتَ الـفـتـى الـفـتّاكِ والـ ـكـرارَ والـمـحـبوَّ والصنديدا

مِـن بـعـدِ ما ولّى الجبانُ برايةِ الـ إيـمـانِ يـلـتحفُ الهوانَ برودا

ورأتـكَ فـابـتـشـرتْ بـقربِكَ بهجةً فـعـلَ الـودودِ يـعاينُ المودودا

فـغـدوتَ تـرقـلُ والقلوبُ خـوافقٌ والـنصرُ يرمي نحوكَ الإقليدا

وتـبـعـتـهـا فـحـلـلـتَ عقدةَ تـاجِها بيدٍ سمتْ ورتاجَها الموصودا

وجـعـلـتـه جسراً فقصَّر فاغتدتْ طولى يمينِكَ جسرَها الممدودا

وأبحتَ حصنهمُ المشـيدَ ولم يكنْ حصنٌ لهمْ مِن بعدِ ذاكَ مشيدا

وعـشـيـةَ الأحـزابِ لـمَّا أقـبـلـتْ كـالـسـيـلِ مـفـعـمةً تقودُ القودا

عدلتْ عن النهجِ الـقـويمِ وأقبلتْ حـلـفُ الـضلالِ كتائباً وجنودا

فأبحتَ حرمتَها وعُدتَ بكـبـشِـها في القاعِ تطعمُه السباعَ حنيدا

وبني قريضةَ والـنـضـيرَ وسلعمٍ والـواديينِ وخـثـعـمٌ وزبــيــدا

مـزَّقـتَ جـيـبَ نـفاـِقهمْ وتركتهمْ أمـمـاً لـعاريةِ السيوفِ غمودا

وشللتَ عشراً فاقتنصتَ رئيسَهمْ وتركتَ تـسـعـاً لـلفرارِ عبيدا

وعـلـى حـنـيـنٍ أينَ يذهبُ جاهدٌ لـمَّــا ثبتَّ بهِ وراحَ شــريــدا

ثم يقول في بطولة سيد الشهداء (عليه السلام) ورثائه:

للهِ مـطـروحٌ حوتْ منه الـثـرى نـفـسَ الـعُـلـى والـسـؤددَ المفقودا

ومـجــرَّحٌ مـا غـيَّـرتْ منه القنا حـسـنـاً ولا أخـلـقـنَ مــنـه جـديدا

يـا ابـنَ الـنـبـيِّ ألـيةٌ مِن مُدنفٍ بـعُـلاكَ لا كـذبــاً ولا تــفـنـيـــــدا

ما زالَ سُهدي مثلَ حزني ثابتاً والغمضُ مثلَ الصبرِ عنكَ طريدا

تأبى الجمودَ دموعُ عيني مثلما يـأبـى حـريـقُ الـقـلـبِ فيكَ خُمودا

وقال من أخرى تبلغ (88) بيتاً:

مـا بـعـدَ يـومِ ابنِ النبيِّ سـوى الـمـدامعِ والسهادِ

والـثـكـلِ والويلِ الطويـ ـلِ ولـبسِ أثوابِ السوادِ

قُـتـلَ ابـنُ بـنـتِ مـحـمدٍ لـرضـا يـزيـدٍ عن زيادِ

لرضـا أمـيّـةَ عن سميـ ـةَ بـالـمـولـدِ عـن فـسـادِ

لـرضـا ابـنِ آكـلةِ الكبو دِ ونـصـبِـها علمَ الـفسادِ

قـتـلـوهُ فـرداً وهـو يــا جــدّاهُ بـيـنـهــمُ يُــنــادي

وسـقوهُ من وِردِ الـفرا تِ العذبِ أطرافَ الحِدادِ

حتى قضى والماءُ يجـ ـري وهـوَ ملهوفُ الفؤادِ

قُـلْ لـلـنـبيِّ المصطفى يا خـيـرَ مـبـعـوثٍ وهـادِ

هذا الـحـبيبُ مُعفّرُ الـ ـخـدّيـنِ فـي عـفـرِ المهادِ

شلواً تُـرضُّ ضـلوعُه بـحـوافـرِ الـخـيلِ الصلادِ

قُلْ للجيادِ عسى درتْ لا أمُّ لـلـخـيـلِ الــجــيـــادِ

وقال في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام):

ألـمْ يـعـلـمِ الـجـانـي عـلى الليثِ أنّه أتى الليثَ في محرابِهِ وهوَ ساجدُ

ولو جاءه من حيثُ ما الليثُ مُبصرٌ لخانته عن حملِ الحسامِ السواعدُ

لـقـد فَـلَّ فـي ذاكَ الـحـسـامِ مُـهـنّـداً تُـفـلُّ بـمـاضـي شـفـرتـيهِ الشدائدُ

وقال من أخرى تبلغ (97) بيتاً:

بأبي وأمي عافرونَ على الثرى أكـفـانُـهم نسجُ الرياحِ الذاري

تـصدى نحورُهمُ فينبعثُ الشذى فكأنّما تـصــدى بـمسكٍ داري

ومـطـرَّحـونَ يـكادُ من أنوارِهمْ يـبـدو لـعـيـنِـكَ باطنُ الأسرارِ

بالبيتِ أقسمُ والـركـابُ تـحـجُّـهُ قصداً لأدكنَ قـالـصِ الأسـتـارِ

لولا الألـى من قبلِ ذاكَ تبرَّموا نـقـضـاً لـحـكــمِ الـواحدِ القهارِ

لم يلفَ سبطُ مـحـمـدٍ في كربلا يـومـاً بـهـاجـرةِ الـظهيرةِ عارِ

تطأ الـخيولُ جبينَه وضـلـوعَـه بـسـنـابـكِ الإيــرادِ والإصـدارِ

كلا ولا راحـتْ بـنـاتُ مـحـمـدٍ يُشهرنَ في الفلواتِ والأمصارِ

وقال من أخرى تبلغ (68) بيتاً:

تـحـفُّ بـه الأعـداءُ من كلِّ وجـهـةٍ فما قلَّ من عـزمٍ وان قلَّ أنــصــارا

يلاقي الـمـنـايـا كــالـحـاتٍ وجوهُها طـلـيـقَ الـمـحيّا باسمَ الثغرِ مِسعارا

عـلـى مُـقـبـلٍ لم تلفه الحربُ مُدبراً فـمـا انـفـكَّ كـراراً ومـا فــكَّ كرارا

كـأنَّ مـن الـحـربِ الـعِـوانِ لـعـيـنِه مـخـضّـبـة الأطرافِ هيفاءَ معطارا

تـراهُ ولا مِـن ناصرٍ غـيـرُ سـيـفِـهِ عرمرمَ جـيشٍ يُرهبُ الجيشَ جرَّارا

تـخـالُ إذا جـالَ الــمـجـالَ جــوادُه بـهِ الـبـحـرُ زخَّــاراً أو الـليثُ هدَّارا

حليفُ ندىً سـلماً وحـربـاً فـيـومُـه لـدى الـسـلمِ مـثلُ الحربِ منَّاً وإيثارا

ترى الطيرَ من حيثُ استقلَّ ركابَه ووحشُ الـفلا من حيث سارَ قد سارا

وأقـصـرُ شـيءٍ عنده عمرُ سـيـفِـه ولـكـنـه مــا زالَ يـسـقـيــهِ أعــمـارا

وخـرَّ عـلـى وجـهِ الـصـعيدِ كـأنّـه رعانَ هوىً من فارعِ الطودِ فانهارا

تحاماهُ صدرُ الـجـيـشِ وهوَ لما بهِ فـيـدبـرُ إصــداراً ويــقــبــلُ إدبـــارا

وقال من قصيدة تبلغ (103) أبيات:

أنـســيـتَ مـشهورَ الطفو فِ وما هـنــالكَ يُـذكرُ

يومٌ على الطرفِ الأغر عـلا أغــرُّ مـشـــهَّـــرُ

حامي الـحـقـيـقـةِ مـعـلمٌ طلقُ الذراعِ غـضـنـفرُ

ذو نـجـدةٍ عــن رأيــهـا تردُ المنونَ وتـصـــدرُ

الــجــدُّ أحـمـدَ حين يعـ ـزى والـمـضـاهي شبَّرُ

والأمُّ فـاطـمـةُ الــتــقـى والـفـحـلُ فـيـهِ حـيــدرُ

ومـضـمّخٌ بـدمِ الـــوريـ ـدِ وبـالـتـرابِ مُـعـفَّــرُ

الـجـوُّ مـن صـادي دمـا هُ مـمــسَّــكٌ ومُـعنـبـرُ

والـلـيـلُ مــن أنــــوارِهِ ضاحي الـعشيةِ مُـقـمرُ

لـبـسـتْ أشــعـتَــه الـليا لـي فهيَ بيضٌ تــزهرُ

للهِ مـــا مــنــه يـــقــــلُّ الـسـمـهــريُّ الأسـمـرُ

الـمـجـدُ أدنــى ما تحمّـ ـلَ والــجــلالُ الأكـبـرُ

والـمـكـرمـاتُ الغرُّ طـ ـرَّاً والــنـديُّ الأزهــرُ

ومــآتــمٌ فــيــهـــا البتو لـةُ والـنـبـــيُّ الأفـخـرُ

مِـن أجـلِـهـا دمعُ الوجو دِ على السوالفِ يقطرُ

والــعـالـمُ الـعـلــويُّ مفـ ـتـقـدُ الـســرورِ مُكدَّرُ

والـبـيـتُ بـــاكٍ والــمقا مُ وزمـــزمٌ والـمـشعرُ

وقال من أخرى تبلغ (93) بيتاً:

عـشـيـةَ أمــسـى الـديـنُ ديــنَ أمــيةٍ وأمـسـى يـزيـدٌ لـلـبـريـةِ مـرجــعـــا

وهـلْ خـبـرتْ فـيـمـا تـرومُ أمـيّــــةٌ بـأنّ الـعـلا لـم تـلـفَ لـلـضـيمِ مدفـعا

وقـدْ عـلـمـتْ أنَّ الـمـعـالي زعيمُـها حـسـيـنٌ إذا مـا عـنَّ ضـيـمٌ فـافـزعا

رأى الـديـنَ مـغـلـوباً فـمـدَّ لـنصـرِهِ يمينَ هدىً من عرصةِ الـدينِ أوسـعا

فأوغلَ يـطـوي الـكونَ ليسَ بشاغلٍ عـلـى مـا بـهِ مِـن كـفِّ عـلياهُ إصبعا

تـجـرُّ مـن الرمحِ الطويلِ مزعزعاً ويمضي من السيفِ الصقيلِ مشعشعا

مطلّاً على الأقدارِ لـو شـاءَ كـفّـهــا فـجـاءتـه تـتـرى حـسـبـمـا شاءَ طيِّعا

فـألـقـى بـبـيـداءِ الـطـفـوفِ مُشمِّراً إلـى الـمـوتِ لـن يـخشى ولنْ يتروَّعا

وقامتْ رجالٌ لـلـمـنـايا فـأرخصوا نـفـوساً زكتْ في المجدِ غرساً ومنبعا

تفرَّعَ من عُليا قـريـشٍ فـإنْ سطتْ رأيـتَ أخـا ابـنِ الـغـابِ عـنـها تفرَّعا

بـدورٌ زهـتْ أفـعـالُــهم كوجوهِهم فـسـرّتـكَ مـرأى إذ تــراهـا ومـسـمعا

أبوا جانبَ الوِردِ الذميمِ وأشرعوا مـنـاهـلَ أضـحى الموتُ فيهنَّ مشرعا

وقال من أخرى تبلغ (88) بيتاً:

إلى أن أتــاهُ فـي الحشى سـهمُ مارقٍ فـخـرَّ فـقـلْ فـي يذبلٍ قلَّ يذبلُ

وزلزلـتِ الأرضونَ وارتـجَّتِ السما وكـادتْ لـه أفـلاكُـهـا تـتـعـطّلُ

وأقبلَ نـحوَ الـمـحـصـنــاتِ حـصانُه يحنُّ ومِن عظمِ المصيبةِ يعولُ

فـاقـبـلــنَ ربّـاتُ الـحِـجــالِ وللأسى تفاصيلُ لا يُحصي لهنَّ مُفصِّلُ

فـواحــدةٌ تـحـنـو عـلـيــهِ تـضـمُّــــه وأخـرى عـلـيـهِ بـالـرداءِ تُظلّلُ

وأخرى بفيضِ النحرِ تصبغُ شعرَها وأخرى لما قد نالها لـيسَ تعقلُ

وأخـرى عـلـى خـوفٍ تـلـوذُ بـجنبِه وأخـرى تـفـدِّيـهِ وأخـرى تُـقبِّلُ

ومنها في ترقب دولة العدل الإلهي بظهور حجة الله في أرضه الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

متى نبصرُ النصرَ الإلهيِّ مُـشـرقـاً بـأنـوارِه تُـكـسـى الـرُّبـى وتُـجـلّــلُ

يـرومُ لـسـلـوى فـارغِ الـقـلـبِ مثله وذلكَ خطبٌ دونه الصعبُ يـسـهـلُ

حرامٌ على قلبي العزا بـعـدَ فـقـدِكـم وفرط الجوى فيهِ الـمُباحُ الـمُـحـللُ

ولولا الـذي أرجـوهُ مـن أخذِ ثأركِمْ أعـلّـقُ آمـــالـــي بـــهِ وأعـــلّـــــلُ

لمتُّ على ما كانَ من فوتِ نصرِكمْ أسىً وجوىً والموتُ في ذاكَ أمثلُ

ولـي سـيـئـاتٌ قـد عـرفـتُ مـكـانَها فـظـهـريَ منها أحدبُ الظهرِ مُثقلُ

ومـالـيَ فـيـها مِـن يـدٍ غـيـرُ أنــني عـلـيـكـمْ بـهـا بـعـدَ الإلـــــهِ أعـوِّلُ

وقال من قصيدة تبلغ (108) أبيات:

أو مـا سـمـعـتَ ابـنَ اـلبتو لةِ لو دريـتَ ابـنَ الـبـــتولِ

إذ قـادهـا شـعــثَ الــنـــوا صي عــاقـداتٍ لــلــذيـــولِ

شـرفٌ تــورَّثَ عـن وصـ ـيٍّ أو أخي وحـيٍ رســـولِ

ضـلّـتْ أمـيَّــةُ مــا تـــريـ ـدُ غـداةَ مـقـتـرعِ الـنـصولِ

رامتْ تسوقُ المصعبَ الـ ـهدّارِ مُـسـتـاقَ الــذلـــــولِ

ويـروحُ طـوعَ يـمـيـنـــهـا قودَ الـجـنـيبِ أبو الشــبولِ

وغـوى بـهـا جـهــلٌ بـــها والـغـيُّ من خُلقِ الجـهـولِ

لـفَّ الــرجــالَ بــمـثـلِــها وثنى الخيولَ على الخـيولِ

وأبـاحَـهـا عـضـبَ الـشـبا لا بـالـكـهـامِ ولا الـكـلـيــلِ

خـلـطَ الــبــراعــةَ بالشجا عــةِ فـالـصـلـيلُ عنِ الدليلِ

وقال من أخرى تبلغ (30) بيتاً:

ما انـتظارُ الدمـعِ أن لا يستهلّا أوما تـنـظـرُ عـاشـــوراءَ هـــلّا

كيفَ ما تلبسُ ثوبَ الحزنِ في مأتمٍ أحـزنَ أمــلاكــاً ورُســـــلا

كـيـفَ مـا تـحزنُ في شـهرٍ بهِ أصـبـحـتْ فاطمةُ الزهراءَ ثَكلى

كـيـفَ مـا تـحـزنُ في شهرٍ بهِ أصـبـحـتْ آلُ رسـولِ اللهِ قـتـلى

كيفَ ما تحزنُ فـي شـهـرٍ بـهِ رأسُ خيرِ الخلقِ في رمحٍ مُعلّى

يـومَ لا ســؤدُدَ إلّا وانــقـضى وحـســامٌ لـلـعـلــى إلّا وفـــــــلّا

يـا قـتـيـلاً أصبحتْ دارُ العُلى بـعـده قـفـراً وربــعُ الجودِ محلا

لا خـطـتْ بـعـدكَ فرسانٌ ولا جرَّدَ الشجعانُ يومَ الروعِ نصلا

بأبي المقتولُ عـطـشـانـاً وفي كـفِّـهِ بـحـرٌ يــروِّي الخلقَ جملا

ومن أخرى تبلغ (92) بيتاً:

بنو المصطفى الهادي وحسبُكَ نسبةً تـفـرّعَ عـن أسـمـى نـبـيٍّ ومرسلِ

سـحـائـبُ إفـضـالٍ بــدورُ فــضـائلٍ كـواكـبُ إجــلالٍ بـحـورُ تـفـضُّـلِ

غيوثُ ليوثٍ يومي الـسـلـمِ والوغى مـمـاتُ حـيـاةٍ لـلـمـعـادي ولـلولي

فـأكـنـافُـهـم خـضـرُ الرُّبى يومَ فاقةٍ وأسيافُهم حمرُ الـظـبا يـومَ معضلِ

إذا سُـوبـقـوا يومَ الفخارِ انتهتْ بهمْ ســوابـقُ لـلـمـجدِ الـقديمِ الـمُـؤثّــلِ

فسلْ بهمُ كربَ الـبـلا سـاعـةَ الـبلا أنـاخَ وألـقـى الـخـطـبُ فيها بكلكلِ

سروا يقطعونَ الخيلَ والليلَ والـفلا بعزمٍ متى يستسهلُّ الصعبُ يسهلِ

يـؤمُّ بــهـمْ طـلابُ مــجــدٍ مُـــؤثّـلٍ تـورّثــه عـن أمـثـلٍ بــعــدَ أمــثـلِ

طـلابـاً بـصـدرِ الرمحِ يرعفُ أنفُه دمـاً لا بـكـفِّ الــســائـلِ الـمُتوسِّلِ

ومن أخرى تبلغ (109) أبيات:

أ ولمْ يــرعــكَ الأكـرمو نَ وما قضـتْ لهمُ الـكـرامَة

وقـيـامــةٌ بــالــطـــفِّ قا مـتْ دونَ أدنـــاهــا الــقيامَة

زلزالـةٌ أهـــدتْ قـــــــوا رعُها إلى الكونِ اصطلامَه

طـارتْ فـأكـسـتِ الوجو دَ غـيـاهـبـاً أوهــتْ نـظـامَه

فـيَّـاضـةُ الـكـربــاتِ مثـ ـلَ الـبـحـرِ يـلـتـطمُ التطامَه

يـزجـي رحـاهـا سـاهـرٌ أن عـبَّ بـحرُ الحتفِ عامه

تـلـقـى الـجـبالَ تمرُّ مِن سـطـواتِـهِ مـــرَّ الــغُـمـامـة

مِن معشرٍ ضربَ الجلا لُ بـهـمْ عـلـى الـعُليا خيامَه

ومـوطـئـي الأقــدامِ منـ ـها الـنـسـرُ كــاهـلـه وهامَه

مِـنْ أحـمـدِ المختارِ منـ ـصـبُــه وحـيـدرةِ الـشـهامه

بـجـبـيـنِـه نــورُ الـنـبـوَّ ةٍ بـيـن عـيـنـيـهِ الإمـــامــة

يـعـلـوهُ عـنــوانُ الـجلا لِ بـهِ وسـيـمـاءُ الــفـخــامه

وقال في رثاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (72) بيتاً:

حتى حوى بحرُها الطامي فراتَهمُ الـ جـاري بـبـحـرٍ مـن الـهـنديِّ مُلتطمِ

فـكـفَّ كـفّاً عـن الـوِردِ الـمُـباحِ وفي أحـشـائِــه ضـرمٌ نـاهـيكَ مِن ضرمِ

وحـرّمـتْ أن تـنـالَ الـريَّ مـهـجـتُـه كـأنّـمـا الـريُّ فـيـهـا أشــهـرُ الحرمِ

ولـمْ تـهـمّ بـشـربِ الــمــاءِ هـــمَّــتُه وسـلـبُ ذا الـهـمِّ نـفـسـاً أكـبرُ الهممِ

وهـلْ تـرى صـادقــاً دعـوى أخوَّتِه روّى حشىً وأخوهُ في الهجيرِ ظمي

ومـا كـفـاهُ الـردى دونَ ابــنِ والـدِهِ حـتـى قضى مثله واري الفؤادِ ظمي

حـتـى مـلا مـطـمـئـنَ الجأشِ قربتَه ثـمَّ انـثـنـى مـسـتـهـلّاً قـاصـدَ الحرمِ

فـكـاثـروهُ فـألـفـوا غـيـرَ مـا نـكـسٍ مـاضـي الـشـبـا غيرَ هيَّـابٍ ولا أرمِ

فـردّهـا وسـيـوفُ الــهـنـدِ تـحسبُها بـرقَ الـحـيـا ورمـاحُ الـخـط كـالأجمِ

أكـمـى كـمـيٍّ ومَن كانَ الوصيُّ له أبـاً فــذاكَ كـمـيٌّ فـوقَ كــلِّ كــمــي

يـسـتـوعـبُ الجمعَ لا مُستفهماً بهلٍ عـنـه ولا ســـائـــلاً عــن عــدِّه بـكمِ

ومن أخرى تبلغ (84) بيتاً:

نفستْ بهمْ أرضُ الطفوفِ فلمْ تزلْ تجني العظيـمَ وتستفيدُ الأعظما

ولـعـتْ بـكـسـبِ الـنيِّراتِ فأكسبتْ شرفاً مدى الأيامِ تحسدُها السما

قـد كـنـتُ أحـسـبُ أنَّ غـايةَ كربِها يومٌ قضى ابـنُ مـحمدٍ فيها ظما

فـإذا الـرزايــا لا تـزالُ بــربـعِـهـا فإذا تطرّقُ بالـخـطـوبِ وتـؤلما

بـأبـي حـبـيــبَ مـحـمـدٍ وحـبـيـبَـه بأبي وقلَّ أبي وجـمـلـةُ مَن وما

لـم تـفـت قـارعـة تـحـلُّ بــربــعِـه حـيـاً وتـزعـجُه رمـيـماً أعظما

كُـتـبَ الـبـلاءُ عـلـى عـــلاهُ كأنَّما فُرضُ البلاءُ على عـلاهُ وحتّما

وقال من أخرى تبلغ (89) بيتاً:

وتـبـدَّتْ شـوارعُ الـخيلِ والـسمـ ـرِ وفــرســــانُـهـا يـرفُّ لـــواهـا

فـدعـا صـحـبَـه هــلّموا فقد اسـ ـمعَ داعي الـمنونِ نـفـسـي رداها

فأجابَ الجميعُ عـن صـدقِ نفسٍ أجمعتْ أمرَها وحـازتْ هــداهــا

لا ومـعـنـى بـهِ تـقــدّسـتَ ذاتــاً وجــلالاً بـه تـعـالــيـــــــتَ جـاها

لا نـخـلّـيـكَ أو نـخـلّي الأعادي تـتـخـلّـى رؤوسُـهـا عن طــلاهــا

واستبانتْ على الــوفا وتواصتْـ ـه وأضـحـى كـمـا تواصتْ وفاها

تـتـهـادى إلـى الــطعانِ اشتياقاً ليتَ شعري هلْ في فـناهــا بـقـاها

ذاكَ حتى ثوتْ مـوزَّعةَ الأشـ ـلاءِ صرعى سافي الرمالِ كساها

وامـتطى الندبُ مهرَه لا يبالي أشـأتْــه مــنــونَــــــه أمْ شــــآهـــا

يـتـلّـقـى الــقــنــا بـبـاســمِ ثغرٍ مـتـلـقــى الــعــفــاةِ حـيـن يــراها

محمد طاهر الصفار
....................
1 ــ أعيان الشيعة ج 10 ص 237

2 ــ أدب الطف ج 6 ص 219

3 ــ الكرام البررة

4 ــ الطليعة إلى شعراء الشيعة

5 ــ أدب المحنة ج 1 ص 173

6 ــ معجم رجال الفكر والأدب
.......
انتهى/ 278