وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : العتبة الحسينية المقدسة
السبت

١٢ يونيو ٢٠٢١

٥:٣٠:٠٢ م
1149870

محمد رضا الأزري نبذة عن حياته وشعره

ولد الأزري في بغداد، وكان أبوه من تجار بغداد وأثريائها، ودرس العلوم العربية على أخيه الأكبر الشيخ يوسف الأزري وغيره من أعلام عصره، كما درس في النجف الأشرف على يد علمائها.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (26) بيتاً:

فسلْ (كربلا) ماذا جرى يومَ (كربلا)      مصابٌ متى الأفلاكُ تذكرهُ ترعدِ

وأنّـى وتـلـكـمْ حـــمــرةٌ فـي جـبـيـنِها      إلى الآنَ مِن ذاكَ الجوى الـمتوقّدِ

ومـا ظـهـرتْ مـن قـبلِ ذلكَ في الألى      لـراءٍ ولـم تُـعـرفْ قـديـمـاً وتعهدِ

وقال من قصيدة في رثاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) تبلغ (52) بيتاً:

أو مـا أتـاكَ حـديـثُ وقعةِ (كربلا)      أنّـى وقـد بـلـغَ الـسـمـاءَ قـتـامُها

يومٌ أبو الفضلِ اسـتـجـارَ بهِ الهدى      والشمسُ من كدرِ العجاجِ لثامُها

والبيضُ فوقَ البيضِ تحسبُ وقعَها      زجلَ الرعودِ إذا اكفهرَّ غـمامُها

وقال من قصيدة تبلغ (65) بيتاً في الهجوم الوهابي الوحشي على مدينة كربلاء عام (1216 هـ / 1801 م) ونهبوها وقتلوا من أهلها ما يزيد على خمسة آلاف نسمة وقد كتب الأزري في هذه الحادثة ثلاث قصائد احتوت على مائتين وستين بيتاً، وتعد هذه القصائد وثائق تاريخية تدين هذه الجريمة النكراء يقول الأزري من إحداها:

أريحا فقد لاحتْ طلائعُ (كربلا)      لـنـقـبـرَ أشــــلاءً ونـسـعـدَ مُـرمـلا

لـنبكيَ دوراً راعها قارعُ الردى      فـأوجـفَ مـنــهـا ما تستقرُّ وما علا

لعـمري لقد عبَّت عليها مصائبٌ      وجلّى عليها الرعبُ للحتفِ قسطلا

ومنها:

فـثـمَّ ابـنُ سـعـدٍ سـنَّ أفعالَ حقدِه      ونـجـلُ سـعــودٍ قـد توطاهُ لا تلا

ونادى به ناعي الصلاحِ مؤرِّخاً      لقد عاودتنا الـيوم أرزاءُ (كربلا)

مبانٍ محى آياتِها الـويلُ فانمحتْ      وكـلّـلَ ثـاويـهـا الـردى فـتـكـلّـلا

الشاعر

محمد رضا بن محمد بن مراد بن مهدي بن إبراهيم بن عبد الصمد بن علي البغدادي التميمي،(1162 ــ 1240 / 1748 ــ 1824 م) عالم وأديب ومن كبار شعراء القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وهو الأخ الأصغر لشاعر أهل البيت (عليهم السلام) وصاحب الملحمة الأزرية الألفية المشهورة في أمير المؤمنين (عليه السلام).

لقّب بـ (الأزري) نسبة إلى أبيه الشيخ محمد بن مراد المتوفى في سنة (١١٦٢هـ / 1748 م)، وهو أول من لقّب بـ (الأزري) من هذه الأسرة لأنه كان يتعاطى بيع الأزر المنسوجة من القطن والصوف، وآل الأزري من أشهر بيوتات بغداد الثرية. وقد اشتهر من هذه الأسرة في العلم والأدب العديد من الأعلام منهم الشيخ كاظم، والشيخ محمد رضا، والشيخ يوسف الأول أبناء الشيخ محمد بن مراد، والشيخ مسعود بن يوسف، والشيخ مهدي.

وقد ذكر هذه الأسرة السيد محسن الأمين بقوله: (بيت الأزري بيت أدب وعلم وثراء. ويظهر من ورقة الوقف المشهور الآن بوقف بيت الأزري وبعض الحجج الشرعية القديمة أن أسرة هذا البيت كانت تقطن بغداد منذ أكثر من ثلاثة قرون، أما ما قبل ذلك فلا يعلم عنها شيء. وقد اشتهر من بين أفرادها من الأعلام: الشيخ محمد كاظم ــ صاحب الأزرية ــ والشيخ محمد رضا، والشيخ يوسف). (1)

ولد الأزري في بغداد، وكان أبوه من تجار بغداد وأثريائها، ودرس العلوم العربية على أخيه الأكبر الشيخ يوسف الأزري وغيره من أعلام عصره، كما درس في النجف الأشرف على يد علمائها، وقد عرف بشغفه بالأدب والشعر يقول السيد محسن الأمين في ترجمته: (وولع بحفظ القصائد الطوال من شعر العرب فقد رووا عنه أنه كان يحفظ المعلقات السبع وقسماً كبيراً من أشعار الجاهلية والإسلام مضافاً إلى الخطب والأحاديث المروية عن العرب. وكان نشيطاً مفتول الساعدين قوي البنية معدوداً من أبطال الفتوة بين أقرانه وهو أصغر أخوته).

وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً جامعاً مشاركاً، وأديباً بارعاً ناسكاً، وشاعراً صادعاً فاتكاً، قوي العارضة، فخم الألفاظ، جزل المعاني، مقتدراً على فنونه، ناظماً لمحاسنه وعيونه) (2)

كما ترجم له السيد جواد شبر (3) والشيخ محمد هادي الأميني (4)

توفي الأزري في بغداد ودفن في الكاظمية المقدسة إلى جنب أخيه الشيخ كاظم الأزري في مقبرة الشريف المرتضى

شعره

يقول السيد محسن الأمين عن شعره: (أهم شعره في رثاء أهل البيت (عليهم السلام) وهو المعوّل عليه وبه امتاز واشتهر أما الباقي من شعره ففي أغراض شتى .... وقد نهج به منهج المخضرمين. وإذا لاحظنا تواريخ قصائده رأينا أكثرها نظمت بعد وفاة أخيه الشيخ كاظم الأزري ومنها يظهر أنه لم يتصد إلى إظهار أدبه في زمن حياة أخيه. وقد تفرّد بنظم قصائد جعل كل شطر منها تاريخاً وهذا ليس بالعمل السهل)

ويحتوي ديوان الأزري على أكثر من ألف وخمسمائة بيت.

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (50) بيتاً:

خُـذ بـالـبـكـاءِ فـمـا دمـعٌ بمذخورِ      مـن بعدِ نازلةٍ في عشرِ عـــاشورِ

يـومٌ تـنـقّـبـتِ الـدنـيـا بـغـاشـــيــةٍ      من المُصابِ لفقدِ العالمِ الـنــوري

واردفَ الـمـلأ الأعـلـى بـراجــفةٍ      ألـلـعـوالـمِ آنـتْ نـفـخـةُ الــصــورِ

يومٌ سرى ابنُ رسولِ اللهِ يـجـلبُها      قبَّ البطونِ تهادى في المضامـيـرِ

ترغو عليها فحولٌ من بني مضرٍ      مـعـوَّدونَ عـلـى حـزِّ الـمـنـاحـيـرِ

مـن كـلِّ مـزدلـفٍ للروعِ يصحبُه      أنـفٌ حـمـيٌّ وجـأشٍ غـيرُ مذعورِ

حيثُ السلاهبُ تـنزو في شكائمِها      نـزوَ الـثـعـابـينِ في مشبوبةِ القورِ

وأصيدٍ مطمئنِ الـجأشِ لو جأشتْ      في الروعِ وعوعةُ الأسدِ المغاويرِ

ولـلجبالِ الرواسي فـي دكـادكِـهـا      مـورٌ بـدكـدكـةِ الـجـردِ المحاضيرِ

فـلـو تـراهـا وقـد شـالـتْ نـعامتُها      والـقـومُ مـا بـينَ مطعونٍ ومنحورِ

ومنها في الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف):

لولا انـتـظارٌ لـيــومٍ لا خـلافَ بـهِ      لشطّرَ الـوجـدُ قـلـبـي أيَّ تـشـطـيـرِ

يومٌ أرى الملّة الــبـيضاءَ مـسـفرةً      عـن كـلِّ أبيضَ ذي جـدٍ وتـشـمـيـرِ

ومـوكـبٌ تـحـمـلُ الأملاكُ رايـتَـه      أمـامَ مـلـكٍ عـلـى الأزمانِ منصورِ

مـلـكٌ إذا ركــبَ الـذيّــالُ تـحـسبُه      نوراً تجلّى لموسى من ذرى الطورِ

فـتـىً يـروقـكَ مـنـه حـينَ تـنـظرُه      لألاءُ فـرقٍ بـنـورِ اللهِ مــــحـــــبورِ

وكمْ أجالَ العقولَ الـعشرِ خـابـطةً      فـي كـنـهِــهِ بـيـنَ تـعـريــفٍ وتنكيرِ

وإنَّ من يقتدي عيسى الـمـسيحُ به      لـذاكَ يـكـبـرُ عـــن تــحــديـدِ تفكيرِ

كـأنـنـي بـجـنـودِ اللهِ مـــحـــدقـــةً      مـن حـولِـــه بـيـن تـهـلـيـلٍ وتـكبيرِ

والجنُّ والإنسُ والأملاكُ خاضعةً      لـه فـاكـبـرْ بـتـصـريـفٍ وتـسـخـيرِ

والـمـسـلـمـونَ أعــزَّ اللهُ جـانـبـهمْ      فـي ظـلّـهِ بـيـن مـغـبـوطٍ ومسرورِ

وقال من قصيدة تبلغ (105) أبيات في الرد على ابن سعود لمّا أرسل كتاباً إلى الشيخ جعفر كاشف الغطاء يدعوه فيه والعراقيين إلى اتباع مذهبه:

ألمْ يـأنَ أن يـصـغي إلى الحقِّ عاقلُ      ويـسـلكُ نهجَ الاســتـقـامــةِ عادلُ

ويصحو ذوو سكرٍ ويبصرُ ذو عمى      ويـبـرأ ذو سـقـمٍ ويـحـلـــمُ جاهلُ

فـهـاتـيـكَ سـبـلُ الـمـسـلـمينَ تفرَّقـتْ      وشطّتْ برأي المبدعينَ المخائـلُ

وجاءوا بها نـكـراءَ وعـراً سـبـيـلـهـا      سوامٍ بـها سِـيـدُ الغـوايـةِ عاسـلُ

فقلْ للألى حادوا عن الـديـنِ ضـلّـــة      وبدرُ الهدى في هالةِ الدينِ كاملُ

تــعــالـــوا إلــى قـولٍ سـواءٍ فـبـيننـا      وبـيـنـكــمُ مـا فيـهِ خلـفٌ وباطـلُ

نـراجـعُ مـا فـيـهِ اختـلـفنا من الهدى      مذاهبنا اللاتي بـهـا الـحقُّ شامـلُ

بأن تـجـنـحـوا لـلـسلمِ نجنحْ لها وإن      أبيتمْ فحدّ السيفِ بـالـحـقِّ فاصـلُ

ترى هل عـسـيــتمْ إن تـولـيّـتـمُ بـأن      تـسـنّوا سبيـلاً تـقـتـفـيــهِ الأراذلُ

ولمْ أدرِ ذا وحـي عـن اللهِ جــــاءكمْ      حـديـثـاً ولـم تدركْ مـداهُ الأوائـلُ

أمِ الأمرُ مـمَّــنْ قـد حـكمتمْ بشركِهمْ      أتاكمْ وكلٌّ فـي الـشـريـعـةِ باطـلُ

وقال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام) تعد من أروع قصائده وتبلغ (79) بيتاً:

يومٌ أبو الـفـضـلِ استجارَ به الهدى      والـشـمسُ من كدرِ العجاجِ لثامُها

والبيضُ فوقَ البيضِ تحسبُ وقعَها      زجـلُ الــرعودِ إذا اكفهرَّ غمامها

فمحا عرينتَـه ودمـدمَ دونـــهــــــــا      ويذبُّ من دونِ الشرى ضرغامُها

من بـاسـمٍ يـلـقـى الـكـتـيـبـةَ باسمـاً      والـشـوسُ يــرشـحُ بالمنيَّـةِ هامُهـا

وأشـمّ لا يـــــحتـلَّ دارَ هـضـيـمــةٍ      أو يستقلَّ على الـنـجــومِ رغامُهـا

أو لــم تـكــنْ تـدري قــــريـشٌ أنّـه      طــلاّعُ كـلِّ ثــنـــيّـةٍ مـــــقدامُهــا

بطلٌ أطلَّ عـلـى الــعـراقِ مــجـلّيـاً      فاعـصـوصبتْ فرقاً تمورُ شآمُها

وشـأى الــكــــرامُ فلا ترى من أمّةٍ      للفخرِ إلاّ ابــــنُ الوصـيِّ إمامُهـا

هوَ ذاكَ موئــلـهـــا يُرى وزعيمُهـا      لو جلَّ حادثها ولـدَّ خــــــصامُهـا

وأشدّها بأساً وأرجــحُــــــهـا حجىً      لو ناصَ موكبُها وزاغَ قـــوامُهـا

من مقدمٍ ضربَ الجبالَ بـمــثـــلِهـا      من عزمِه فتزلزلـتْ أعلامُـــــهـا

ولــكــمْ لــه مــن غضبـةٍ مضريّـةٍ      قد كادَ يلحقُ بالسحابِ ضــرامُهـا

وهذه القصيدة هي إحدى القصائد السبع الرثائية عن الإمام الحسين (عليه السلام) والتي وصفها السيد محسن الأمين بأنها احتوت على (فخامة الألفاظ وسلالتها، فكأنها السيل المتحدر من عل، والمدمع المرفض من جفن ولي).

محمد طاهر الصفار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٢٨٣

2 ــ الطليعة ص 599

3 ــ أدب الطف ص 260 ــ 266

4 ــ معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام
..........
انتهى/ 278