وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (97) بيتاً:
ساروا فوافوا في العشيَّةِ (كربلا) أرضَ الطفوفِ من البراري سلقعُ
قـال انـزلوا فـهنــا مــنـاخُ ركابِنا وهـنا مـحـــــط رحالِنا والمصرعُ
وأتـى ابنُ سعدٍ مُقبلاً في عصبـةٍ نـحوَ الأطـائبِ والعساكــــــرُ تتبعُ
وقال في رثائه (عليه السلام) أيضا من قصيدة تبلغ (45) بيتاً:
ألا لـيـتـنـي لا كــنـتُ أبصرتُ (كربلا) ولـيـتَ الـعمى من قبلُ كانَ بمقلتي
نـهـضـتُ إلـى حـربِ الـطـغــاةِ مجاهداً إلى أن ثوى تقديمُ روحي ومهجتي
فحجِّبَ ضوءُ الشمسِ والأرضُ زُلزلتْ ونـاحـتْ عـلـيـهِ الجنُّ في كلِّ بقعةِ
الشاعر
عضد الدين محمد بن نفيع الحلي، عالم كبير وشاعر فحل من أعلام القرن التاسع الهجري ومن علماء المدرسة الزينبية بالحلة، وقد ذكر البعض أنه من أعلام القرن الحادي عشر الهجري غير أن ذكره في كتاب (التوضيح الأنور بالحجج الواردة لدفع شبه الأعور) للشيخ نجم الدين خضر بن محمد بن علي الرازي الحبلرودي المتوفى سنة (850 هـ)، ينفي ذلك كما ذكر ذلك السيد محسن الأمين في ترجمته حيث قال:
(ذكره الشيخ خضر بن محمد بن علي الرازي الهول دودي خازن المشهد الشريف الغروي في كتابه (التوضيح الانور بالحجج الواردة لدفع شبه الاعور). وهو كتاب مخطوط رأينا منه نسخة في كرمانشاه في طريقنا لزيارة المشهد الشريف الرضوي في المحرم (1353 هـ) وهو رد على رجل واسطي أعور في رسالة سماها (العارضة في الرد على الرافضة) قال فيها: إني لما عزمت على زيارة الأربعين سنة (830 هـ) ووصلت إلى المدرسة الزينية مجمع العلماء والفضلاء بالحلة السيفية الفيحاء معدن الأتقياء والصلحاء أراني أعزّ الإخوان عليّ وأمهم في المودة والاخلاص لديّ وهو المستغني عن إطناب الألقاب بفضله المتين محمد بن محمد بن نفيع عضد الملة والدين أدام الله إشراق شمس وجوده وأغناه وإيانا عمن سوءه بجوده رسالة مشحونة بأنواع الشبه لواسطي أعور أعمى القلب ينكر فضائل آل الرسول ويبطلها بالتغيير والقلب إلى آخر ما ذكره.
ثم قال في أثناء الكتاب: قال الأعور: ولأنهم (أي الشيعة) تجري عليهم أحكامنا وتحت أيدينا وسلطاننا خصوصاً في مشهد علي رضي الله عنه وفي الحلة الذين هما تحت الرفض. ثم قال : قلت ما هي الأحكام الجارية على أهل البلدين الذين ذكرهما ثم ذكر عدة أحكام مستنكرة جارية بغيرنا إلى أن قال: وقد نظم هذا الجواب وأوضحه بما هو عين الصواب أخونا العالم الورع التقي عضد الدين محمد بن نفيع الذكي الألمعي نتيجة العلماء المجتهدين لا زال في نعم المولى ونافعاً للمؤمنين بقوله مخاطباً له: وهنا ذكر قصيدة جاء في مطلعها : (ألا أيها الجاهل الأحقر) ثم ذكر غيرها من الشعر ومما ذكره قوله :
في آيةِ النجوى تصــدّقَ حـيـدرٌ وله السوابقُ قبلَ كلِّ شـحـيــحِ
لمَّا تصـدَّقَ راكـعـاً فـي خـــاتـمٍ أثنـى عـليه اللهُ بـالــتــلـويــــح
قُل للذي وضعَ الـحـديثَ بجـهلِه ليـسَ الذي لفّـقتُــــه بـصحيـح
لو أن قوماً أحـسـنوا وتصـدّقـوا لا للـرياءِ لـشُـــرِّفوا بـمــديـحِ
اللهُ فضَّـلَ حــيـدراً ورســــولــه بالناسِ والتخصيصُ بالترجيحِ
صلّى عليهِ اللهُ ما صلّى الـورى بـالحمدِ والإخـلاصِ والتسبيحِ
وأورد له أيضاً:
زعـمــتــــكَ تطـفي نــورَ آلِ محـمدٍ وأنــوارُهم في شـرقِها والمــغـاربِ
وهيهاتَ قد شاعتْ وذاعتْ صفاتُهم وسارتْ بها الركبانُ في كلِّ جـانـبِ
عـليٌّ أمـيرُ الـمؤمنـينَ حقـيـــقــــــةً هوَ الأسدُ المقدامُ مُعطي الـرغـائـبِ
وأولادُه الـغرُّ الميـامـينَ في الـورى هـمُ مفزعُ المضطرِ عـنـدَ النــوائبِ
همُ العروةُ الـوثقى لمُستمـسِكٍ بــهـا هـمُ الآيةُ الــكـبرى كــبــارُ الـمناقبِ
هـمُ السادةُ الأعـلــونَ في كلِّ رتـبةٍ همُ بلغوا في الـمـجدِ أعـلـى المراتبِ
فمَنْ رامَ أن يرقى سماءَ صـفــاتِهـم لـيسـترقَ الـنـجـوى رُمي بـالـثواقبِ
عــلـــــيهمْ سـلامُ اللهِ مـا ذرَّ شـارقٌ وأمـطـرَ قــطـرٌ من ركامِ السـحائبِ
وبـانَ بــيــانُ الزورِ من قـولِ أعمَهٍ وأعورِ محجوبٍ عن الصدقِ كاذبِ
بـتـبـيـــانِ نجمِ الـدينِ خضرٍ وكشفِه قناعَ المـعــاني عن خدودِ الكواعبِ
أتـى بـكــــتــــــابٍ أحكـمتْ بيِّـناتـه فـأصـغى لها سمـع القضاة الرواتب
وآياتُه جـاءتْ تلـقِّــــــــفُ ما حـوى كــتـابُ الاعادي مـن ظنونٍ كواذبِ
فلا زالَ نجـمُ الــحـقِّ في لوحِ نفسِه يــضــيءُ ويعلو نجـمُه في الكواكبِ
ولا برحَ القـرطاسُ يــحـكي مـرادَه بـألـسـنةِ الأقــــــلامِ مـن كـلِّ كاتـبِ
وأورد له أيضاً في يوم براءة:
هوَ الفارسُ الكرَّارُ في كلِّ موطنٍ وباعُ الأعـادي عن علاهُ قصيرُ
أبو حـــسـنٍ كـــــشّافُ كـلَّ ملـمَّةٍ أخو المـصطفى ردءٌ له ووزيـرُ
رسولُ رسولِ اللهِ قارئُ وحــيـــهِ ينادي بــه والـمشركونَ حضورُ
فأبلـغهم جـهـراً رسالـةَ ربِّــــــــه قـويٌ أمـيـنٌ مـا اعـــــتراهُ فتورُ
وصيُّ رسـولِ اللهِ وارثُ عــلــمِه سفـيرٌ لــه في أمـرِهِ وظـــهـــيرُ
فقامَ يُنـادي لا يحـجَّنَّ مُـــشــــركٌ وسيفُ الهدى في راحتيهِ شهيرُ
عــلـــيـهِ سـلامُ اللهِ مـا ذرّ شارقٌ ولاحـت لنا عنـدَ الــكمالِ بدورُ) (1)
كما ترجم له السيد جواد شبر (2) وذكر أشعاره الطريحي في المنتخب والكرباسي في موسوعته، وقسم منه عن مجموعة حسينية بمكتبة الإمام الحكيم العامة بالنجف الأشرف ـ قسم المخطوطات ـ رقم 292، ورُوي أن له شعر كثير في أهل البيت (عليهم السلام) وقد جمع ديوانه وحققه الدكتور سعد الحداد.
شعره
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (60) بيتاً:
ضـرامٌ بقـــــــــلـبي والحـشا يتـــوقّـدُ وحزني على مـرِّ الزمانِ مُـــجــدَّدُ
وجـســمــي نحيلٌ والجـفونُ قـريــحةٌ وعينيَّ من طولِ البكا ليـسَ تـــرقدُ
لقــتــلِ شهـيــدٍ بالطـفـــــوفِ وجـــدّه نبيُّ الهدى خيـرُ الأنامِ مــحـــــمــدُ
قتيلٌ بكاهُ الطيرُ والوحشُ في الـفـضا فحــزنــي عــلــيـــهِ دائــماً يتــجدَّدُ
فوا لهف قلبي وهــوَ بــالـطفِّ قـائــلٌ ألا فاخبروني والــصِّـــفــاحُ تُـحدَّدُ
عـلـى أيِّ جــرمٍ تُــســتباحُ دمــــاؤنا ونــحـنُ إلــى سُـبِــلِ الـهدايةِ نـرشدُ
وإنّــي ولــيُّ الأمــــرِ يـــا قــومَ فيكمُ وحـقّــي مـــن اللهِ الــعـلــــيِّ مؤكدُ
فلا تسلكوا سُبلَ الضلالِ فـــتـهـلــكوا أما قالَ جدّي الطهرُ ما ليسَ يُجحَدُ
ســأتـركُ فــيـكــــمْ عترتي فتـمـسَّكوا بـهـمْ وكــتــابُ اللهِ يــا قـومُ تهتدوا
وإن رمتمُ غيرَ الــكـتــابِ وعـــترتي تـضـلّوا وفي النيرانِ أيضاً تُخلّدوا
فقالوا له يا سبطَ طه أقصرْ وإرتضي يـزيــداً أمــيــراً يـا بن أحمدَ تُحمدُ
وإلّا تـــذقْ كـــأسَ الــمـنـيَّـــةِ عـلـقماً وشـمـلـكـمُ يـا ابــنَ الــنـبــيِّ يُـبدَّدُ
فـآبَ إلــى نـحـوِ الــخــيــامِ مُــبــادِراً وأدمـعُـه فـوقَ الـــخــدودِ تُــجـرَّدُ
يـودِّعُــهـمْ يـا لـهـفَ قـلـبـي لــزيـنبٍ تـقـولُ ونـارُ الـحرِّ في القلبِ توقدُ
أخـي رُدّنــا نـحـوَ الـمـديـنــةِ قـبلَ ما نُـشـتَّـتُ مـا بـيـن الــورى ونُـرشَّدُ
فـقـالَ لـهـمْ هـيـهـاتَ أنّـى وكـيفَ لي إلـى يـثـربٍ عـودٌ ولـم يـبقَ مُسعدُ
فـقـومـوا جـمـيـعـاً لـلوداعِ وأسرعوا وإنّـي بـهـذا الـيـومِ لا شــكَّ أفـــقدُ
وصـبـراً جـمـيـلاً آلَ بـيـتِ مــحــمـدٍ فـمـا أحـدٌ فـي الـعـالـمـيـنَ يُـخـلّـدُ
وإن وصـيـي فـيـكـــمُ وخــلـيـفـــتـي عـلـيُّ الإمـــامُ الــسـاجــدُ الـمُـتعبِّدُ
وآتَ إلــى نـحـوِ الـــطــغــاةِ وقــلـبُه كـئـيـبٌ يـنـادي يــا لـــئـــامُ ويُنشدُ
أنـا ابنُ عليِّ المرتضى الطهرِ حيدرٍ وفـاطـمـةٌ أمّــي وجـــدّي مُــحــمدُ
أيـضـحـى يـزيدٌ شاربُ الخمرِ والياً عـلـيـنـا وإنَّـا لـلـبـريَّــةِ نُـــرشِـــــدُ
فـتـبّــاً لــكــمْ يـــا أهـــلَ كوفانَ إنّكمْ غـدرتـــمْ ولــي حـقٌّ عـلـيكمْ مؤيَّدُ
وصـالَ عـــلـيـهـمْ صـولـــةً هاشميةً وظـلَّ لأرقـــابِ الـملاعينِ يحصدُ
بـروحـي قـتـيـلَ الأدعـياءِ على ظما ومـن نـحـرِهِ لـلـمـشـرفـياتِ مُوردُ
فـيـا نـكـبـةً مـا مـــثـــلــهـا وفـجيعةً ويـا حـسـرةً لـي فـي الـفــؤادِ تُردَّدُ
يُـسـارُ بـرأسِ ابـنِ الـنـبيِّ على القنا وبـالـسـيِّـــدِ الـسـجَّـــادِ وهــوَ مُـقيَّدُ
وتُـحـمـلُ مـن فـوقِ الـمـطايا نـساؤه بـغـيـرِ وطــاءٍ والـخـلائــقُ تـشـهدُ
وجـدُّهــمُ يــومَ الــقـيـامـــةِ شـــافــعٌ وحـوضُ أبـيـهـمْ لـلـخـلائـقِ موردُ
ومنها في استنهاض الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
فيا حسرةً في القلبِ لـيـسَ يُـزيـلها سـوى حـجَّـةِ اللهِ الإمــــامُ المؤيَّدُ
سـمـيُ رســـولِ اللهِ مـن برِّ جـودِهِ وجودِ الورى بالعقلِ والنقلِ يشهدُ
فيأخذُ ثارَ السبطِ من عـصـبةٍ بغوا على آلِ بيتِ المصطفى وتمرَّدوا
ويـمـلـؤها بـالـعـدلِ شـرقاً ومغرباً وســائـرُ أقــطــارِ الــبــلادِ يُـمهدُ
وتخلو بقاعُ الأرضِ من كلِّ فاسقٍ ومـن كانَ أيضاً في المهامهِ يُلحِدُ
فـتـبـردُ نـارُ الـقلبِ من ألمِ الجوى ويـرقـدُ طــرفٌ بـاتَ وهوَ مسهَّدُ
فيا ذا العُلى عـجِّـلْ بـإظـهـارِ سـيِّدٍ بـطـلـعـتِــه جـمـعُ الــبـريةِ يسعدُ
ويقول في نهايتها مستشفعاً ومتوسِّلاً بالأئمة المعصومين (عليهم السلام):
لـئـنْ فـاتـنـي يومُ الطفوفِ فإنّني لكمْ يا بني الزهراءِ ما عشتُ أنشدُ
حزينٌ قريحُ القلبِ والنوحُ دائـماً إلى أن أوارى في الثرى وألحَّدُ
ولي فيكمُ يـا آلَ بــيــتِ مــحــمدٍ مراثٍ كـحــزني دائـماً يـتـجـدَّدُ
أيا جُنَّةَ العبدِ المسيءِ من اللظى ويا من بهمْ يومَ الــقـيـامـةِ أسعدُ
إلـيـكـمْ مـن الـعـبـدِ الفقيرِ محمدٍ مراثي كما الدرِّ الـثمينِ يُـنـضَّـدُ
فمنّوا عليهِ بالقبولِ وأعــطــفـوا بـإنـقـاذِهِ مــن حـــرِّ نــــارٍ تُوقَّدُ
عـلـيـكـمْ سلامُ اللهِ ما ذرَّ شارقٌ وما دامَ ورقٌ في الغصونِ يُغرِّدُ
وقال من أخرى تبلغ (97) بيتاً:
عـجباً لـقلبٍ فـيـــكـــمُ لا يُـفـــجــــعُ ولأنـفسٍ فـي رزئــكــمْ لا تــجزعُ
لـلـهِ درُّ مـراركـمْ بـــــــمــصــابِـكـمْ لـم تـنصدعْ ونـواظرٌ لا تــدمــــعُ
مـا هـلَّ عــاشـــــوراءُ إلاّ هــاجَ لـي حـزنٌ فـصرتُ كبــومــةٍ استبشعُ
لـمْ أنـسَ مــولايَ الــحُــسينَ بــمـكَّةٍ عـن بـيــعــةِ الـبـــاغي غدا يتمنّعُ
تـبـاً لـقــــــومٍ خـالـــفـــوهُ وخـالـفـوا أمـرَ الرسولِ وللوصيَّةِ ضيَّـعــوا
كـتبوا إليهِ من العراقِ وأجـمـــعـــوا أن يـنصروهُ فمُذ أتى لم يزمــعـوا
وتـقاعدوا عـن نصرِهِ وتـعاقـــــــدوا فـي خـذلِه وعلى الأذيَّةِ أجــمـعوا
فـأرادَ لـمّا أن تـبــيَّـــنَ غــــــــدرُهم جـزماً إلـى حرمِ الــمــدينةِ يرجـعُ
بـعثـــوا إلـيهِ الـحــرَّ عـنــدَ قــدومِـهِ فـبــقـــــي يـسـايرُ تـارةً ويُـجعجِعُ
ساروا فوافوا في العـشــــيَّـــةِ كربلا أرضَ الطفوفِ من البراري سلقعُ
قـالَ انـزلوا فـهنا مــنــاخُ ركـابِــنـــا وهـنا مـحطّ رحــالِــنـا والمصرعُ
وأتـى ابنُ سعدٍ مُــقـبـلاً فـي عـصـبةٍ نـحوَ الأطـائبِ والــعــسـاكرُ تتبعُ
وتـأهَّبوا لـلـحـــربِ بـعدَ تـــظــــاهرٍ والـعــلــجُ فــي إضـرامِها يتشجَّعُ
فـاستمهلَ الـسـبــطُ الـطـــغــــاةَ لعله يـدعــــــو إلـى اللهِ العليِّ ويضرعُ
فـأقـامَ لـيـلـــتِــــه يـنــاجـــــــي ربَّـه طـوراً ويــسجدُ في الظلامِ ويركعُ
ويـقولُ إنَّ الـقـــومَ لا بـغيـــاً لـهــــم غـيـري وإنـــي عـارفٌ من يرجعُ
فـأقــامَ بـيـــــن يـديهِ كـلُّ مـــوفَّــــقٍ وغـدا يـقــهـقـرُ كـلَّ مــن يـتـطمَّعُ
وأتـى الحُـسـيـنُ يــنـاشـدُ القومَ الذي لـم يـبـقَ فـيـهـمْ مـن يُنيبُ ويخشعُ
وغـدا ابـنُ سـعدٍ راشـقـاً بسـهـــامِــه قـومَ الإمـامِ وفي الأذيَّـــةِ يُــسـرعُ
وأتـتْ سـهـــامُ الـقـــومِ بـعدُ كــأنّــها مـطــرٌ تـدفّــعُـه الـرياحُ الــزعزعُ
ذادوهُ عـن مـاءِ الــفــراتِ بجـحـفــلٍ فـيــهِ الصــوارمُ والـســلاحُ يُقعقعُ
فـتـيـقَّـنَ الـســبـــــط الـلــقـــاءَ لـربِّهِ فـأتى الـخـيــامَ بـدرعِــهِ يـتــلــــفَّعُ
يـوصي سـكينةَ بـالــســكـيـنـةِ بـعـدَه بـالــصــبرِ عـنــدَ مـصابِهِ ويـودِّعُ
وبـقي رجالُ الـسبطِ يُــقــتـلُ واحـــدٌ مـنـهمْ وآخــرَ بـعدَه يـتـــوقّــــــــعُ
حـتى بـقي فـرداً وحـيـداً ظــامــيــــاً لا مـانـعٌ عـنه ولا مـنْ يـدفــــــــعُ
حملوا عـليهِ بـالطعانِ فـــصـدَّهــــــمْ بـالـسـيـفِ وهـوَ اللوذعيُّ الأشجعُ
مُـذ اثـخــنــوهُ بــالـجــراحِ وأضعفوا مـنهُ الـجوارحَ وهـوَ لا يــتـــروَّعُ
شكتِ النساءُ إلى الحُسـينِ من الظـما وأتـيـنَـه بـالـطـفـلِ مـضنىً يرضعُ
فـمـضـى بـه نـحــوَ الـطــغــاةِ كأنّـه بـدرٌ بـدا مـن بـرجِـــهِ يـتـــطـــلّــعُ
ودعــا لـه مـاءً يـبـــلُّ غـلــيــلــــــه ويـقــولُ هـلْ قـلــبٌ يـــرقُّ ويخشعُ
وأتـاهُ سـهـــمٌ مـارقٌ مـن مــــــارقٍ بــغـرورِهِ وبـكـفـــرِهِ يـتـمــــتــــــعُ
قـطعَ الـوريدَ مـن الولــيدِ وأقــبـلـتْ مـنــه الـدمــا واحـمــرَّ مـنه البرقعُ
أخـذَ الـدماءَ بـكــفِّـــــه فـرمى بــهــا نـحوَ الـسّما والـعــيـــنُ مـنـه تدمعُ
ومـضى يـجدِّلُ كلَّ صــلٍّ صــائـــلٍ ويـقـدُّ هـامـاً مـنــهـــمُ ويــــــــدرَّعُ
حـتى دنـا أجــلُ الـكـتـابِ ولــم يـكنْ مـن بـعــدِمـــا حـتــمُ الــمقدَّرِ يـنفعُ
أردوهُ عــــن ظـهـــرِ الـجـوادِ كــأنه جـبـلٌ لـخــشــيــةِ ربِّــهِ مُـتــصدِّعُ
لـهفي لـه يـبغي هـنــالــكَ شــــربــةً فـيُــجـابُ بـالــشــتمِ الـشنيعِ ويُـمنعُ
لهفي لمصرعِهِ الشريفِ على الثرى بـيــنَ الـلــئامِ وعـزَّ ذاكَ المصرعُ
لـهــفــي لـجــثّـتهِ الشريفةِ في الثرى مـطــروحــةً يـسفي عـليها الزوبعُ
لـهفي لـه إذ يـســتـغـيـثُ فــلـم يُـغثْ أفـلــمْ يـكــــنْ عـند الندا مَن يسمعُ
ذبـحـوهُ ظـمــآنـــاً وكـوثـــرُ جـــــدِّهِ بـالــمـاءِ فـي يـومِ الـقـيــامةِ مُترعُ
حـملوا الكريمَ على الـقـنـاةِ مُضمَّخاً والـنــورُ مـن أعـضــائِـــهِ يتشعشعُ
قـطعَ الـلــعـيـنُ سـنــانُ مـنه وريـدَه هـل كـان يــدري أيَّ عـضوٍ يَقطعُ
تـبَّـتْ يـــــــداهُ لـقد أسـاءَ بـفــعــلِــه ولـه جـهــنَّــمُ فـي الـقــيــامةِ تسفعُ
وأتـى الـجوادُ إلـى الــخـيـامِ مــنهِّماً بـصـهــيـلِـــه والـســرجُ مـنه بـلقعُ
وأتـتْ سـكينةُ وهيَ تـنـدبُ حــاسراً بـأبي الـشـجـاعُ الأريــحيُّ الأروعُ
وا سـيداهُ عُـدمتُ بـعـدكَ صـــحّـتي فـإلــى الإلـهِ الـمُـشـتكى والــمفزعُ
فـالدينُ أضـحى بـعد فـقــدِكَ ثــاكلاً والـدهـرُ أمـسى وهـو بـعدَكَ أجدعُ
أيـنَ الحماةُ وأينَ جـدّي الـمُصطـفى بـل أيـنَ حـيـدرةُ الـبـطـيـنُ الأنزعُ
الـيومَ مـاتَ مُـحـمّدٌ واسـتـوســـرت أولادُه مـن بـعدِه وتـضـعـضــعــوا
كـمْ حرمةٍ ظهرتْ محاسنَ وجـهـهـا وكـريــمـةٍ قـد مـالَ عـنـهـا البرقعُ
والـسيدُ الـسجَّـــادُ فــي أيـدي الـعـدا مـضنىً على حـمـلِ الـشدائدِ يُرفعُ
هـذا ومـا سـكـنـتْ بـه أضــغـانُــهـمْ وبـما جـرى فـي حــقّــه لـم يقنعوا
سـلبوهُ مـن أثـوابِــــــــــه ودروعِـه ولـنــزعِ خـاتــمِــه أبـيـــنَ الإصبعُ
رضّـوا جـنــاجـنَ صــدرِه بخيولِهمْ بـغــيــاً وعـن أحـقــادِهمْ لا يـقلعوا
ويـزيدُ يـنــكــثُ ثـغرَه بـقــضـيــبِـه مـتـمـثــلاً بـالـشــعــرِ لا يـتــتــعتعُ
فـلـيأتينَّ غـداً بــقبحِ صـنـــــيــعِـــه سـنَّ الـنـــدامــةِ فـي الـقـيامةِ يُقرعُ
تاللهِ لا عـــادٌ ولا فـرعـــــونُـــهــــا كـلا ولا فـعــلــتْ ثـمــودَ وتُـــــبَّعُ
كـفعالِ هـذا الـنــكــسِ ابـنِ أمـــيّــةٍ ومـقـامِـــهِ فــي غــــيِّـهِ يـتـــســكّعُ
أيـنَ الـصحـابةُ أيــنَ حـزبُ مُــحمّدٍ لا مـنـكرٌ مـنــهــــمْ ولا مـتــوجِّــعُ
خُـصَّ الـكرامُ بكلِّ خــطبٍ فــــادحٍ فـيــهِ الـعــقـولُ مـع الـقلوبِ تُروَّعُ
صبروا على البلوى بكلِّ كـريــهـةٍ والـســرُّ فـــيــهــمْ لا مـحـالةَ يـودعُ
طـوبــى لأرضٍ حـلَّ في أكـنــافِهـا جـسدُ الحُسينِ وطابَ ذاكَ الموضعُ
قد قُدّستْ أرضُ الطفوفِ وبُوركـتْ لـمّا اغـتـدى لكَ في ثـراها مضجعُ
لـكَ تـربةٌ فـيــهـا الـشــفــاءُ وقــبَّـةٌ فـيــهــــا الـدعاءُ إلى المهيمنِ يُرفعُ
هُـمْ سـادةُ الـدنيا ويـومُ مــعــادِنــــا فـي الـحشرِ مــنــهـــمْ شافعٌ ومُشفّعُ
ولـسوفَ يـدركُ ثـأرهمْ مــهــديُّـهمْ وأنــا لـيــومِ ظـهـــــورِهِ أتـوقّـــــــعُ
إن لـمْ أكـنْ أدركــتُ نـصـرةَ جـدِّهِ فـبـنــصــرِهِ فـيــمـــا بـقـــي أتـطمعُ
يـا بنَ الإمـامِ العـسكريِّ ومَـــن له صـيــدُ الـمــلـــوكِ إذا تـمثّلَ تخضعُ
يـا سـيّدي ظهرَ الـفـسادُ وأظـلـمتْ سُـبُــلُ الــرشــادِ فهلْ لنورِكَ مَطمعُ
وجـرتْ علينا في الـزمانِ مـلاحــمٌ لـمْ نـدرِ فـي تــدبــيــرِهـا ما نصنعُ
لــمْ يـبقَ إلاّ عـالمٌ مـتــصــنّــــــــعٌ أو جـاهـلٌ مـتــنــسِّــــكٌ أو مـبــدعُ
جـعلَ الـعلومَ على الفسادِ ذريــعـةً أكـلوا بـها الـدنـــيـــا ولــم يتورَّعوا
يبغونَ في الأرضِ العلوَّ وقصدهم قِـبــلَ الـعــوامِ إلــيـهــمُ كي يَخدعوا
كــلٌّ يـريدُ رئـاســـةً بوقــــاحـــــةٍ وإذا رأى أهـلَ الـنُـــهـــى لا يـتـبـعُ
يتنافسونَ على الـمنـاصبِ والعُلـى واللهُ يـخــفــضُ مَـن يــشـاءُ ويرفعُ
واللهُ يـصلحُ شـأنَهم ويـصـــدّهـــمْ عـن غـيِّـهمْ وعن المعاصي يرجعُوا
وبـقي رجالٌ أخلصوا في ودِّهـــمْ خُـصُّــوا بـبــلــوى لـلـجـبالِ تُصدِّعُ
أمَّـا طـريدٌ أو شـريـــدٌ ضـائـــــعٌ بـيــن الـبـــريَّـــةِ أو فـقــيـــرٌ مُـدقعُ
فاللهُ يـجـبـرُ كـســرَهـــم بـظهورِه يـا مَـنْ بـهمْ جُــلُّ الــمـكــارِهِ تُــدفعُ
ويـعينُ مـنّا الصالحينَ بـعـصـمــةٍ مِـن كـلِّ فـعلٍ مـــوثــقٍ يُــسـتـبـشعُ
وبـهِ نُـؤمَّلُ أن يـنــجِّــي كـلَّ مَــن يـبغي الـهدى ولـســبـــلِـــه يــتـتـبّعُ
ونـعوذُ مـن خطبٍ يهولُ وفـتـنــةٍ فـيــهـا الـمـعـارفُ والـحقوقُ تُضيَّعُ
يـا عترةَ الهادي النّبيِّ ومَــن هـمُ عـزَّي وكـنـزي والــرجـا والـمـفزعُ
والـيـتـكـمْ وبـرِئتُ مـن أعدائِــكـمْ وأنــا بـغيرِ ولاكـمُ لا أقـــــنـــــــــعُ
ونـظمتُ فـي عـلـياكمُ من مقـولي درَّاً لـها وشـــيُ الــقـريضِ يُرصَّعُ
عـلماً بـأنَّ مـديـحَـكـمْ لـيَ نـــافـعٌ ومـديــحُ قـومٍ غـيـــركـــــمْ لا يـنفعُ
وأنــا بـكمْ مـتـنـسِّــكٌ وبـحبِّــــكـمْ مـتـمـــسِّــكٌ وبـجــدِّكــمْ مُـســتـشفعُ
لـمْ أهـوَ ديـنـاً أصـله من غـيرِكم حـســبــي افـتــخــاري أنـنـي أتشيَّعُ
وإلـى نـفيعٍ نـسبتي ومـحــمــــــدٌ إسـمــي فـكـــمْ لــي مُـنـكِرٌ ومُضيَّعُ
لـم اسـتعنْ فـي نظمِها بسواكُــــمُ كـلا ولـســتُ لـمَـــنْ تـقـــدّمَ أتـــبـعُ
بـلْ هـذهِ بكرٌ أتتْ مـن فـكـرتــي وقـريــحـتـي لـلـبـكـرِ دومـاً تُــقرعُ
وقـبــولـها يـا سـادتي مـهــرٌ لها إن صـحَّ فـزتُ بــنـعـمـــةٍ لا تـقطعُ
صـلّى الإلـهُ عـلـيـكـمُ مـا أحيِيتْ فـكرٌ وأيــقِـظـــتِ الــعـيــونُ الهجَّعُ
أبـغي الشفاعةَ في معادي يوم لا مـالٌ هـنــاكَ ولا بـنـــونٌ يَـنـــفـــعُ
بـكمُ أؤمَّـلُ نـجحَ سعيي دائــمــاً وإلـى الإلـهِ بـحــــبِّـــكتـــــمْ أتـدرَّعُ
وقال من أخرى تبلغ (45) بيتاً:
أيا شهرَ عاشوراءَ أسـهـرتَ مُـقـلتي وأورثتني حزناً إلى يومِ حُفـرتــي
لقتلِ ابنِ بنتِ المصطفى فيكَ ظامئاً شــهـيـداً بـأســيــافٍ لآلِ أمـــــيَّــةِ
عـلـى غـيـرِ ظلمٍ يا لها من مصيبةٍ أذلــتْ رقــــابَ الــمـــسلمينَ فذلّتِ
ألا بأبي سـبـط الـنـبـــيِّ مـــحــمــدٍ ينادي إلى الأرجاسِ في الغاضريةِ
ألم تــكـتـبـوا يــا أهــلَ كوفانَ أنَّكمْ لـنـا شـيـعـةٌ مـــن دونِ كــلِّ البريةِ
وليسَ لنا مولىً ســواكَ فـعـجِّـلِ الـ ـقــدومَ فـقـد أقبلتْ قوموا بنصرتي
فـقـالـوا لـه هـيـهــاتَ يا ابنَ محمدٍ فــلا بــدَّ نـسـقـيـكـمْ كــؤوسَ المَنيَّةِ
ويقول منها:
فيا ربَّـنـا عـجِّـلْ بـــقـــــائمِ عـصـــرِنا خليفتِكَ الــكشَّافُ كــلَّ بــلـــيّــةِ
يـبـيـدُ جـيـوشَ الـمـشركـيـــنَ بــسـيـفِهِ ويرفعُ عن أشــيــاعِهِ كلَّ بدعةِ
مروِّي حدودَ السيفِ مِن كـــلِّ نـاكـــلٍ زنــيــمٍ خـــؤونٍ ناصبٍ للعداوةِ
أيا آلَ عمرانَ ويـــاســيــنَ والـضـحـى مصابكمُ أضنى صميمَ حشاشتي
وأورثَ قلبي حسرةً ليس تـنـــقـــضـي طوالَ الـمدى حتى ألاقي منيّتي
فوا أسفي لو كنتُ بــالــطــفِّ حـاضراً لأفــديــكــمُ آلَ الــنــبيِّ بمهجتي
وقـلـتُ لـهـم يـا مـن بـهـمْ وإلـيـــــهـــمُ هداني إلهي لاحتضانِ الشريعةِ
فـإنّــي أنـا الـعـبـــدُ الــفـــقــيرُ مـحـمـدٌ كــئـيـبٌ بكمْ يا عدّتي ووسيلتي
مــنــحــتكمُ مني الولا مــتــبــرِّئــــــــاً من أعدائكـمْ أهلِ الخنا والجنايةِ
فـمـنّـــوا وجــودوا سـادتـي وتــعطّفوا عــلــيَّ بإنقـاذي غداً في جنايتي
إذا ما أتيتُ العرضَ والطرفُ شاخصٌ فكونوا غداً عـندَ الصراطِ أدلّتي
ومــنّــوا عــلــى الــحضَّارِ يا آلَ أحمدٍ إذا مـا أتــوا يـومَ اللقا بـالشفاعةِ
عـلـيـكـمْ سـلامُ اللهِ يــا ســـــادة الورى ويا ملجئي يومَ الحسابِ وعُدّتي
محمد طاهر الصفار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ــ أعيان الشيعة ج 9 ص 413
2 ــ أدب الطف ج 5 ص 156
........
انتهى/ 278
المصدر : العتبة الحسينية المقدسة
الثلاثاء
٨ يونيو ٢٠٢١
٣:٣٦:٠٩ ص
1148476
عضد الدين محمد بن نفيع الحلي، عالم كبير وشاعر فحل من أعلام القرن التاسع الهجري ومن علماء المدرسة الزينبية بالحلة.